الحـــكــم المدني
القاضي بشار نمر قاضي محكمة بداية
تعــريـف الحكـم
الحكم هو ((القرار الصادر عن محكمة مشكلة تشكيلاً صحيحا ومختصة أو صارت مختصة بعدم الاعتراض على اختصاصها في الوقت المناسب في خصومة رفعت اليها وفق قواعد المرافعات، سواء اكان صادر في موضوع الخصومة او في شق منه او في مسألة متفرعة عنها)).
ويتضح من الحكم ما يلي:
1-يجب ان يصدر الحكم من محكمة تتبع الاختصاص القضائي ووفقاً لقانون تشكيل المحاكم فان صدور اي قرار خارج ما هو وارد في قانون تشكيل المحاكم لا يعد ذلك حكماً وانما هو قرار صادر عن الادارة المختصة فالقرار الصادر عن رئيس بلدية بالحجز على اموال المستفيد من الخدمات التي تقدمها البلدية للمواطنين لا يعد قراره حكما رغم انه يتخذ الشكل القضائي بالحكم الا انه يوجد استثناء على ذلك وهو الحكم الصادر عن المحكمين فهمو يعتبر بمثابة حكم رغم صدوره من اشخاص ليس لهم ولاية قضائية ولا يقدموا خدمة عامة وان المشرع اقر ذلك احتراما لادارة الخصوم فبعد ان يتم التصديق على حكم المحكم وفقاً لاحكام قانون التحكيم يصبح الحكم قابلا للتنفيذ
2-يجب ان يصدر الحكم وفقا لمحكمة مشكلة تشكيل صحيح ومختصة لا يكتفي ان يصدر الحكم من محكمة بل يجب ان تصدر من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا وفقا لقانون تشكيل المحاكم واذا لم تكن المحكمة مشكلة تشكيلا سليما يعتبر القرار الصادر عنها حكما باطلا وذلك لاعتبار قانون تشكيل المحاكم جميع نصوصه من النظام العام وان مخالفة احكام القانون تورث البطلان فمثلا ان تشكل محكمة البداية من قاضياً ، او ان يصدر من محكمة البداية قراراً مشكلة من قاضي استئناف وقاضيان من قضاة البداية.ولايكتفي ان تصدر المحكمة حكمها من محكمة مشكلة تشكيلا صحيحا بل يجب ان تكون مختصة في الفصل في النزاع اختصاصاً نوعياً ومن حيث القيمة فان الاختصاص القيمي والنوعي من النظام العام. فلا يجوز لمحكمة البداية ان تنظر في دعوى تخلية ماجور فان فصلت بها يعتبر قراراها باطلا وكذلك لا يجوز لمحكمة صلح ان تنظر بدعوى قيمتها ثلاثون الف دينار فيكون قرارها باطلا اما الاختصاص المحلي فلا تاثير عليه بالحكم اذا اتفق الخصوم على ان تكون محكمة مختصة خلافا لما هو وارد في القانون وذلك لكون الاختصاص المحلي ليس من النظام العام وكذلك الحال اذا لم يطعن الخصم في الاختصاص المحلي في اول جلسة من جلسات المحكمة فيكون القرار الصادر لا بطلان به.
3-ان يكون الحكم منهي للخصومة.
ان صلب عمل المحاكم هو انهاء الخصومة بين طرفي الدعوى فلكي يكون الحكم منتج فيجب ان تتبع الاصول القانونية لاصداره فاذا كان التصرف قد اتخذ بمواجهة الخصوم بعد سماع اقوال المدعي والمدعى عليه او بعد دعوتهم لابداء اقوالهم ولو لم يحضر بعد العمل قضائيا ومنهي للخصومة الحاصلة بين طرفي الدعوى اما الاعمال التي تكون معروضة على القاضي ولا ينهي الخصومة بها فان هذه الاعمال تعد من الاعمال الولائية ومثالها القضاء المستعجل حيث ان الطلب المستعجل الذي يعرض على قاضي الامور المستعجلة كالمنع من البناء او السفر او ايقاع الحجز التحفظي فان هذه الاعمال لا تعتبر من الاعمال المنهية للخصومة يفصل بها القاضي دون المساس باصل الحق .
تقسـيم الاحكـــام
تنقسم الاحكام من حيث الحجية المترتبة عليها الى احكام قطعية وغير قطعية ومن حيث قابليتها للطعن فيها الى احكام ابتدائية وانتهائية وحائزة لقوة الشيء المحكوم فيه ويأته ومن حيث صدورها في مواجهة المدعى عليه او غيابه الى حضوري وحضوري اعتباري.
الاحكام القطعية وغير القطعية
تنقسم الاحكام من حيث الحجية المترتبة عليها الى احكام قطعية واحكام غير قطعية فالحكم القطعي هو الحكم الذي يحسم النزاع في موضوع الدعوى او في شق منه او في مسألة متفرعة عنه سواء تعلقت هذه المسالة بالقانون او بالوقائع ومثالها الحكم بعدم قبول الدعوى والحكم بسقوط الخصومة وتنقسم الاحكام غير القطعية الى احكام وقتية واحكام تتعلق بسير الدعوى او باجراءات الاثبات.
فالاحكام الوقتية هي الاحكام التي يكون الغرض منها اتخاذ اجراء وقتي لحماية حق او مصلحة لخصم من خصوم الدعوى حتى يتم الفصل بالدعوى ومثالها الاجراء الوقتي بالحجز على اموال المدعى عليه او منعه من السفر او وقفه عن اعمال البناء او تعديل قيم الاموال.
اما الاحكام المتعلقة بسير الدعوى وباجراءات الاثبات هي احكام غير قطعية تتعلق بسير الاجراءات او باثبات الدعوى كالحكم بتاجيل الدعوى او دعوة شهود واجراء الكشف او الحكم بضم دعوى الى دعوى اخرى.ومن الجدير بالذكر بان الحكم القطعي يختلف من حيث الاثر عن الحكم الوقتي بان الحكم القطعي يحوز قوة القضية المقضية ولا يسقط بسقوط الخصومة او انقضائها بالتقادم فهو لا يسقط الا بمرور خمسة عشر سنة عليه اما الحكم الوقتي فهو يسقط بسقوط الخصومة ولا يحوز حجة دائمة.
الاحكــام الابتــدائيــة والانتهـائيـــة
تنقسم الاحكام من حيث قابليتها للطعن الى :-
احكام ابتدائية: وهي الاحكام التي تصدر من محكمة الدرجة الاولى ويقبل فيها الطعن بالاستئناف
احكام انتهائية: وهي الاحكام التي تصدر من محكمة الدرجة الاولى وغير قابل للطعن بها بالاستئناف ومثالها صدور قرار من محكمة الصلح بدعوى مطالبة قيمتها اقل من الف دينار فيكون الحكم بها نهائيا وغير قابل للطعن .
الاحكــام الحضــوريـــة والحضــوري اعتبـاري
تنقسم الاحكام من حيث حضور الخصوم بالدعوى الى احكام حضورية وحضوري اعتباري
فاذا حضر الاطراف جميع اجراءات المحاكمة فيصدر الحكم بحضورهما ويكون الحكم حضوريا
اما اذا لم يحضر المدعى عليه اي جلسة من المحاكمة وتبلغ لائحة الدعوى فيعتبر حضوري اعتباري اما اذا حضر المدعى عليه احدى جلسات المحاكمة ويتغيب عن الحضور فيعتبر الحكم الصادر بحقه حضورياً .انه لا يوجد فرق بين الحكم الحضوري او حضوري اعتباري بالطعن بالاحكام فكلاهما يطعن به بالاستئناف ولا يجوز الطعن بالاعتراض
إصـــدار الحكــــم
قفــل بــاب المــرافعــة
بعد ان ينتهي الخصوم من تقديم بيناتهم وتقديم طلباتهم النهائية وذلك بعد ان يترافع الخصوم تحجز الدعوى لاصدار قرار فمعنى اقفال باب المرافعة هو تقرير صلاحية الدعوى للفصل فيها بحالتها بعد تمكين الخصوم من الإدلاء بكل دفاعهم ويعد قرار اقفال باب المرافعة قرار ولائي لا يقيد المحكمة.
متــى يعــد بـاب المـرافعــة مقفـــولاً:
يعـد باب المـرافعــة مقفـولاً اذا اصدرت المحكمة قراراً صريحاً يثبت ذلك وهذا ما نصت عليه المادة (165) من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية والتي تنص على ((تقرر المحكمة حجز القضية للحكم بعد اقفال باب المرافعة )) وقد يكون اقفال باب المرافعة بشكل صريح او بشكل ضمني .
الاثـــر القــانـونــي لقفــل بـاب المــرافعـــة
عندما تقرر المحكمة قفل باب المرافعة فمعنى ذلك انها انقطعت صلة الخصوم بالدعوى ولا يجوز تعميم ابداء اي دفوع او طلبات ال بالقدر التي تصرح به المحكمة حيث ان الدعوى تكون بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة بها ويمنع على الخصوم لبحث بها دون اذن من المحكمة .
وهذا ما نصت عليه المادة (166) من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية والتي جاء بها ” يجوز للمحكمة من تلقاء نفسها او بناءا على طلب الخصوم ان تقرر فتح باب المرافعة لاسباب جدية وضرورية للفصل في الدعوى .
ويترتب على اقفال باب المرافعة انه لا يجوز لاي من الخصوم ان يتقدم بطلبات عارضة مثل التدخل والادخال او تصحيح لائحة الدعوى او طلبات المقاصة بعد اقفال باب المرافعة وهذا ما نصت عليه المادة (100) من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية والتي تنص على ((تقدم الطلبات المشار اليها في الموادالسابقة الى المحكمة المختصة وفقا للاجراءت المقررة لاقامة الدعوى وفي كل الاحوال لا تقبل الطلبات المشار اليها بعد اقفال باب المرافعة)) فاذا ما تقدم الخصم طلباً او دفاعاً او مستندا فان على المحكمة تجاهله واعتباره غير قائم امامها ولهذا فهي لا تلزم بالرد عليه وليس لها ان تستند اليه في حكمها والا كان حكما باطلا .
ويترتب على اقفال باب المرافعة ان تصدر المحكمة حكمها حتى ولو توفي احد خصوم الدعوى وهذا ما جاء بنص المادة (128) من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية والتي تنص على (( ينقطع السير بالدعوى بحكم القانون بوفاة احد الخصوم … الا اذا كانت الدعوى مهيأة للحكم في موضوعها)) .
ان قرار قفل باب المرافعة سواء كان صريحا او ضمنيا لا يعد حكما فلا يحوز حجية الامر المقضي ولا يقيد المحكمة فهذا القرار لا يمنع المحكمة من اعادة الدعوى للمرافعة سواء من تلقاء نفسها او بناءا على طلب الخصوم والقاعدة في هذا الشأن ان القانون لا يلزم المحكمة حتما بفتح باب المرافعة عند طلب الخصوم كما لايلزمها بالحكم متى قفلت باب المرافعة.
فتـــح بــاب المـــرافعـــــة
اجاز القانون للمحكمة ان تقرر فتح باب المرافعة وذلك لتقديم بينات كما اجاز القانون للخصوم ام يطلبوا من المحكمة فتح باب المرافعة.
اجاز القانون للمحكمة ان تقرر فتح باب المرافعة وذلك لتقديم بينات ، كما اجاز القانون للخصوم ان يطلبوا من محكمة فتح باب المرافعة .
شــروط فتــح بــاب المــرافعــــة
ان المشرع لم يفتح الباب على مصرعيه لفتح باب المرافعة بل وضع ضوابط لذلك منها:
1-يجب ان يصدر قرار من المحكمة بفتح باب المرافعة ويجب ان يكون هذا القرار مسبباً
2-يجب ان يكون فتح باب المرافعة بناءا على طلب من المحمكة او من الخصوم او ان القانون يفرض فتح باب المرافعة ومثالها ان من يشترك باصدار قرار يجب ان يكون حضر المرافعة والمداولة فاذا ما انتقل القاضي لرحمة الله قبل اصدار الحكم وبعد اقفال باب المرافعة فهنا يجب ان يتم فتح باب المرافعة وفقا لاحكام القانون وان يقوم الخصوم بتكرار مرافعتهم وهذا ما نصت عليه المادة (169) من قانون الاصول المدنية والتجارية والتي جاء فيها ((يحضر جلسة النطق بالحكم القضاة الذين اشتركوا بالمداولة .
3-ان تكون الاسباب لفتح المرافعة جدية
ان المحكمة عندما تقرر فتح باب المرافعة يجب ان يكون القرار الصادر عن المحكمة لاسباب جدية من شانها ان تغير قناعة المحكمة في البينات او تعزز قناعة المحكمة في رد الدعوى وعليه فان هذا يعود لتقدير المحكمة ولا يترتب على قرارها في حال اجابة طلب الخصوم اذا ما ثبت ان الاسباب التي اوردتها غير جدية.
ان يطلبها الخصوم وذلك في حال اقفال باب المرافعة ويحدد جلسة النطق بالحكم حضر طرفي الدعوى وطلبا من قاضي الموضوع تسجيل المصالحة بينهما في الدعوى وهذا ما نصت عليه المادة 118 /2 والتي تنص على
2-(للخصوم ان يطلبوا الى المحكمة في اية حالة كانت الدعوى اثبات ما اتفقوا عليه).
او ان يطلب المدعي بعد اقفال باب المرافعة ترك الدعوى تركا مبرئا للحق المدعى به عملا باحكام المادة 138 و139 من قانون اصول المحاكمات المدنية والتجارية ويجوز للمحكمة فتح باب المرافعة وتسجيل ما طلبه المدعي بضبط الدعوى واجابة طلبه اذا لم يعارض ذلك المدعى عليه.
المــــداولــــة
المداولة هي المشاورة بين اعضاء المحكمة في منطوق الحكم واسباب بعد انتهاء المرافعة وقبل النطق به ولا يجوز حصول المداولة قبل انتهاء المرافعة وذلك حتى تتم من جانب القضاة وهم على علم تام واحاطة كاملة بكل وقائع القضية وظروفها وتتم المداولة اما اثناء انعقاد الجلسة ويتلوها اصدار الحكم وقد تؤجل المداولة وينطق بالحكم في جلسة أخرى.
تحصل المداولة سراً وهذا يعتبر ضمانا لحرية رأي القضاة وان افشى احدهم سر المداولة كان معرضا للمحاكمة التاديبية ومعنى سرية المداولة الا يشترك فيها غير القضاة الذين استمعوا للمرافعة فهم اقدر على معرفة غموضها وعلى مناقشتها والتشاور بها فان شارك قاضي غير القضاة الذين سمعوا المرافعة او اي شخص اخر فان الحكم يعتبر باطلا وهذا البطلان من النظام العام.
ويلاحظ انه لا تجوز المداولة بالمراسلة او الاتصال التليفوني بل يتعين على ان يجتمع اعضاء المحكمة في مكان واحد ويتداولون في مواجهة بعضهم البعض وبحضورهم جميعا ويناقشون الادلة الواقعية والاسانيد القانونية.
الا انه من الجدير بالذكر ان الحكم اذا تضمن بيان انه صدر بعد المداولة امر يوجبه القانون وكل ما فرضه القانون هو وجوب صدور الحكم بعد المداولة الاصل في الاجراءات انها روعيت صحيحة على من يدعي خلاف ذلك اقامة الدليل وان توقيع الهيئة على مسودة الحكم الذي اصدرته هو عنوان اجراء المداولة فخلو الحكم او محضر الجلسة النطق به من بيان صدوره بعد المداولة ، لا عيب.
إذا تم حجز القضية للحكم وتغير احد القضاة الذين سمعوا المرافعة لأي سبب من الأسباب النقل او الندب او الإعارة او الوفاة وجب فتح باب المرافعة من جديد وإعادة المرافعة أمام الهينة الجديدة ومن ثم تصدر المحكمة حكمها.
ومن الجدير بالذكر انه لاتزول ولاية القاضي المنقول في المحكمة المنقول منها إلا بإبلاغه رسميا” من قبل مجلس القضاء الأعلى وتزول ولاية القضاء عن القاضي بقبول استقالته قبل النطق بالحكم ومثالها اذا تقرر نقل قاضي بتاريخ 1 /1 /2010 من قبل مجلس القضاء الأعلى وكان احد القضاة الذين شاركوا بالمداولة وإصدار حكم بتاريخ 3 /1 /2010 ولم مبلغا لقرار النقل فان قراره متفق والأصول والقانون وكذلك اذا تقدم القاضي باستقالة من القضاء بتاريخ 1/4/2010 واصدر قرار بتاريخ 3 /4 /2010 ولم تكن استقالته مقبولة فان قراره يكون متفق والأصول والقانون .
أما إذا تغيرت الهيئة ولم يتم فتح باب المرافعة والسماح للخصوم بتكرار مرافعاتهم فان عدم التقيد بهذا الإجراء بشكل بطلا وهو من النظام العام يجوز إثارته أمام محكمة الاستئناف اما اذا لم يتمسك به امام محكمة الاستئناف فلا يجوز التمسك به أمام محكمة النقض وذلك لان الأحكام بعد الاستئناف تحوز حجة الشيء المقضي به وحيث ان قوة الشيء المقضي به تسمو على قواعد النظام العام .الا انه في حال قيام المدعي بالمرافعة وتغيرت احد أعضاء الهيئة الحاكمة فان المدعي لا يقوم بتكرار مرافعته وذلك لكون تغير الهيئة الحاكمة لم يكن بعد انقضاء باب المرافعة وإنما يقوم المدعى عليه بتلاوة مرافعته ويتم إقفال.
النطـــق بالحـكـــم
النطق بالحكم هو تلاوة منطوقة مع أسبابه شفويا بالجلسة ويتعين ان يتم النطق في جلسة علنية وإلا كان الحكم باطلا لأنه يتعلق بالوظيفة القضائية وحسن أدائها .
أجاز المشرع للمحكمة ان تصدر الحكم في جلسات المرافعة بحيث تختلي الهيئة للمداولة وتقوم بإصدار قرارها الا انه يجوز للمحكمة تأجيل إصدار الحكم في جلسة أخرى تعقدها المحكمة إلا انه لا يجوز لها ان تؤجل إصدار الحكم أكثر من مرة وهذا ما نصت عليه المادة ( 121) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية إلا أن التأخير لأكثر من مرة لا يرتب البطلان لأنه نص تنظيمي ولو أراد المشرع ان يرتب البطلان عليه لنص على ذلك بنص قانوني إلا انه في تقديرنا إذا ما تم تأجيل الدعوى لأكثر من ثلاث مرات لغايات إصدار القرار فان ذلك يشكل مخالفة مسلكية للهيئة الحاكمة لان ذلك يخالف هدف المشرع الى السرعة في فصل القضايا.
ذهب رأي فقهي ” بأنه يجوز للمحكمة تعجيل تلاوة القرار وسبب ذلك بأنه أجاز المشرع تأجيل نظر الدعوى لمرة او لمرتين فمن باب اولى انه يجوز للمحكمة تعجيل نظر الدعوى لإصدار القرار في حال تبلغ الأطراف .
ويجب ان يكون القضاة الذين اشتركوا في المداولة حاضرين حين تلاوة الحكم فاذا حال حائل دون حضور احدهم وكان موقع على مسودة الحكم أثناء المداولة الا ان هذا الغائب يجب ان يكون محتفظا بصفته الوظيفية وهي القضاء تنعقد الجلسة بحضور قاضي آخر وتتم الإشارة الى ذلك في محضر جلسة تلاوة القرار ويصدر القرار من هيئة مخالفة لما هي موقعه على مسودة الحكم .
انه بمجرد النطق بالحكم من قبل المحكمة لا يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم ان تتناوله بالتغير او التبديل الا في حال وقوع خطا مادي فيكون التصحيح بالإجراءات التي نص عليها القانون والنطق بالحكم يجوز حجية الشيء المحكوم به بالنسبة للمحكمة التي أصدرته وتثبيت الحقوق التي قررها ولا تسقط الانقضاء مدة التقادم الطويل .
ايــداع مســـودة الحــكــــم
تكتب مسودة الحكم عقب انتهاء المداولة وقبل النطق بالحكم ويجب ان تشتمل على منطوق الحكم وأسبابه ويوقع من رئيس الهيئة وأعضائها الذين اصدروا الحكم ويكفي ان يكون التوقيع على اخر ورقة من أوراق المسودة ولا يشترط ان يتم التوقيع على كل ورقة من اوراق المسودة ولايشترط ان تكون المسودة بها ان الحكم صدر باسم الشعب العربي الفلسطيني وبعد تلاوة .
ان عدم ايداع مسودة الحكم في الدعوى لايشكل بطلان اذا ان القانون لم ينص على البطلان بخلاف ما ذهب اليه قانون المرافعات المصري الذي اعتبر في حال عدم ايداع مسودة الحكم يشكل بطلان موجبا للتعويض.
وحيث ان المشرع حدد بما تشتمل عليه مسودة الحكم من منطوق الحكم وأسبابه فهذا يعتبر من ضمن ما يجب ان يشتمل عليه كامل الحكم .
تحـــريــر الأحكـــام
حدد القانون بان تودع الهيئة التي أصدرت الحكم مسودة الحكم مشتملة على النطق وأسباب الحكم موقعه من الهيئة ومنح الحق للخصوم من اجل الاطلاع على هذه المسودة دون السماح لهم باخذ صور عنها وذلك لإعداد طعونهم وعليه فان ايداع مسودة في ملف الدعوى لا يعني عن تحرير الحكم الأصل وذلك لان العبرة هي للنسخة الأصلية وذلك تكون المسودة لا تعدو ان تكون ورقة لتحضير الحكم .
مشتمــلات الحــكـــم
حدد قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية في المادة ( 174) مشتملات الحكم وهي على النحو التالي :
اسم المحكمة مصدرة الحكم
رقم الدعوى
تاريخ إصدار الحكم
أسماء القضاة الذين اشتركوا في إصداره وحضور النطق به
أسماء الخصوم بالكامل وحضورهم او غيابهم
عرض مجمل لوقائع الدعوى
خلاصة وموجز لطلبات الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم ودفوعهم الجوهرية د
بيان أسباب الحكم
منطوقة
وســـوف نتنــاولهــا علــى النحــو التــالـــي :
1-اسم المحكمة التي أصدرت الحكم
ان المشرع هدف عندما حدد من مشتملات الحكم ذكر اسم المحكمة هو ان يحدد اذا ما كانت المحكمة مصدرة الحكم هي مختصة في إصدار الحكم من عدمه والى أي محكمة يجب ان يستأنف هذا الحكم من حيث الاختصاص المكاني الا ان المشرع لم يرتب البطلان على عدم ذكر اسم المحكمة فلم يعتبره المشرع شرطا جوهريا في الحكم وفق احكام المادة ( 175) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية .
2- رقم الدعوى
بعد ان يتم تحديد اسم المحكمة يتم تحديد رقم الدعوى وذلك لتمييز هذه الدعوى عن باقي الدعاوى المقيدة لدى المحكمة وان المشرع لم يعتبر هذا البيان شرطا جوهريا يرتب البطلان.
3- تاريخ إصدار الحكم
والمقصود بتاريخ إصدار الحكم هو تاريخ النطق به من قبل هيئة المحكمة وذلك لمعرفة بدء ميعاد الطعن في الأحكام ومتى يصبح الحكم حجة بما وردته به الا ان المشرع لم يرتب البطلان على عدم ذكر تاريخ إصدار الحكم اذ ان التاريخ يكون ثابت في محضر جلسة النطق بالحكم وذلك لان الأصل في تاريخ إصدار الحكم هو محضر الجلسة .
4- أسماء القضاه الذين شاركوا في إصدار الحكم وحضور النطق بالحكم
ان هدف المشرع في تحديد أسماء القضاة هو لمعرفة القضاة الذين شاركوا في الحكم فهم ذاتهم الذين سمعوا المرافعة وهم ذاتهم الذين نطقوا بالحكم ام ان المرافعة هو خلاف من اصدر الحكم وذلك تطبيقا لأحكام المادة ( 169) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية واعتبر المشرع عدم ذكر أسماء القضاة في الحكم شرطا جوهريا إعمالا لنص المادة ( 175) حيث ان المشرع رتب البطلان على عدم ذكر أسماء القضاة .
وذهب الفقه والقضاء وفي مصر بان هدف ذكر أسماء القضاه هو اذا كانت الخصومة التي فصل فيها الحكم تنطوي على دعوى مما يوجب القانون بشأنها تطبيق احكام الشريعة الإسلامية وكان الخصوم مسلمين فانه يجب ان يكون جميع القضاه الذين اشتركوا في إصدار الحكم أي الذين سمعوا المرافعات وتداولوا في إصداره من المسلمين ذلك انه من الاصول المقررة التي انعقد عليها الإجماع في الشريعة الإسلامية استمرار من الكتاب والسنة انه يشترط في ولاية القاضي الذي يفصل في منازعات المسلمين ان يكون مسلما فيحظر على غير المسلم ولاية القضاء على المسلم لانقضاء هذه الولاية شرعا فاذا كان احد القضاه الثلاثة الذين اشتركوا في إصدار الحكم غير مسلم فان الحكم يكون باطلا بطلانا متعلقا بالنظام العام ويكون لكل ذي مصلحة التمسك به في أي حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة امام محكمة النقض وللمحكمة ان تقضي به من تلقاء نفسها على ان هذا البطلان لا يقوم اذا اقتصر مشاركة غير المسلم على مجرد حضور جلسة النطق بالحكم .
الا انه في تقديرنا فان هذا المبدء يسري في القضاء المصري ولايسري في القضاء الفلسطيني حيث ان القضاء المصري يدمج بين القضاء المدني والشرعي على خلاف القضاء الفلسطيني الذي فصل القضاء النظامي عن القضاء الشرعي .
5- اسماء الخصوم بالكامل وحضورهم وغيابهم
اعتبر المشرع ذكر أسماء الخصوم في الحكم شرطا جوهريا حيث انه رتب البطلان جزاء على النقض في أسماء الخصوم او الخطأ الجسيم به وعليه فمن باب اولى اذا لم يذكر اسم الخصوم بالقرار اعتبر الحكم باطلا أيضا اما اذا ذكر ما يفيد في تعيين الخصم بحيث لا يكون النقض او الخطأ من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم او اتصاله بالخصومة فلا يكون الحكم باطلا ولو لم يذكر اسمه بالكامل وتطبيقا لذلك فانه اذا ورد في صدر الحكم اسم المتوفي من الخصوم قبل صدور الحكم واغفل ذكر اسم وارثه فان ذلك لا يبطل الحكم لأنه ليس من شانه التشكيك في حقيقة الخصوم واتصالهم بالخصومة أما عدم ذكر حضور الخصوم او غيابهم فان المشرع لم يرتب على ذلك جزاء حيث انه لا بطلان الا بنص وحيث ان المادة ( 175) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية لم تنص على البطلان فان عدم ذكرها لا يرتب بطلان وهذا ما جاء بقرار محكمة النقض المصرية .
6- عــرض مجمــل وقــائــع الــدعـــوى
نص القانون على ان يشتمل الحكم على إيجاز بمجمل وقائع الدعوى بحيث يذكر ما تم من إجراءات في الدعوى فيذكر ما اشتملت عليه لائحة الدعوى بحث يرد في القرار محل الدعوى من حيث ذكر وصف المال موضوع الدعوى وذلك لتمييزه عن غيره وهذا ما جاء بالمادة (178) من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية واللائحة الجوابية وما قدمه المدعي من بينات وما تقدم به المدعى عليه من بينات فإذا لم يشتمل الحكم على مجمل الوقائع الضرورية فقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية رغم عدم النص عليه الحكم بالبطلان .
7- خلاصة وموجز الطلبات الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم ودفوعهم الجوهرية
بعد ان يقدم القاضي بسرد مجمل وقائع الدعوى عليه ان يقوم بعرض موجز لطلبات الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم ودفوعهم الجوهريه وان الهدف من ذلك بيان طلبات الخصوم هو معرفة نطاق سلطة المحكمة اما بيان الخصوم ودفوعهم الجوهري فالهدف منه مراقبة بيان المحكمة لأسباب الحكم أما الدفوع الجوهرية فهي التي تؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم بحيث ان المحكمة لو كانت قد بحثته لجاز ان تغير به هذه النتيجة اما اذا خلي الحكم من هذه الطلبات الجوهرية للخصوم فان ذلك في تقديري لا يرتب البطلان الا ان القرار يكون حريا بالفسخ .
8- بيـــان أســباب الحــكــــم
أسباب الحكم هي الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي بنت المحكمة على أساسها منطوق حكمها وان الهدف من تسبيب الحكم هو دفع القضاه الى التروي في الحكم قبل صدوره ويقدم للخصوم برهانا على عدالة الحكم مما يؤدي بهم الى احترامه، وهو يتيح للمحكمة الأعلى درجة بالرقابة على سلامة الحكم .
ان خلو الحكم من الأسباب لا يمنع من قيام الحكم بوظيفته ولا يحول دون حيازة الحكم حجية الأمر المقضي به وبالتالي لا يعتبر سببا لرفع دعوى أصلية ببطلان الحكم . وحيث ان التسبيب وجوبا على قاضي الموضوع فعليه ان يخضع للقواعد التالية :
1. يجب ان ترد الأسباب في ورقة الحكم ان تسبب الحكم هو من جلب عمل القاضي فيجب ان يكون التسبب في ورقة الحكم وذلك انطلاقا من القاعدة القانونية بان العمل القانون يجب ان يحمل بنفسه دليل صحته .
2. يجب ان يستند الحكم الى أدلة الإثبات المقدمة من الخصوم في القضية والا يخالف الثابت بهذه الأدلة فلا يجوز للقاضي ان يحكم بعلمه الشخصي ، كما لايجوز له ان يستند الى أدلة إثبات لم تقدم له من الخصوم.
3. يجب أن تكون الأسباب كافية
لا يكفي ان يتضمن الحكم أسبابا ، بل يجب ان تكون هذه الأسباب كافية لحمله وإلا كانت معيبة بالقصور في التسبيب ولتحقيق كافة الأسباب يتعين ما يلي :
أ. ان ترد الأسباب واضحة محددة : يجب على المحكمة مصدرة الحكم ان تبين الوقائع التي تستند إليها في حكمها والأدلة التي اقتنعت بثبوتها ، فلا يكفي ان تقرر المحكمة ثبوت وجود الواقعة او عدم وجودها دون ان تبين كيف ثبت لها ذلك بأدلة مما يصح قانونا الأخذ بها . فإذا لم تقم المحكمة بتعيين الدليل الذي كونت منه المحكمة قناعتها وبنت عليه قضاءها فان الحكم يكون معيبا مما يبطله ولا يكفي ان ترفض المحكمة طلبا لأنه ” على غير أساس ” او لغير ذلك من العبارات المبهمة التي تعجز محكمة النقض مراقبتها وسلامة تطبيق القانون .
ب- أن تكون الأدلة من شأنها ان تسوغ النتيجة التي انتهت إليها فلا يكفي ان تكون الأدلة التي تستند إليها المحكمة مما يجوز الاستناد اليه قانونا بل يجب ان يكون استدلال المحكمة بها مؤديا للنتيجة التي استخلصها منها ، وإلا كان الحكم مشوبا بالفساد في الاستدلال ، فاستخلاص نتيجة معينة من دليل ما يخضع لعملية منطقية يقوم بها القاضي مستعملا ذكاءه وإذا لم يقم القاضي بها كما هو شأن القاضي المعتاد ” مخالف تقديره المنطق العادي فان تقديره يعتبر غير سائغ .
ج- ان تبين المحكمة القاعدة القانونية التي طبقتها على وقائع القضية ان يكفي على المحكمة بيان القاعدة القانونية دون حاجة الى الإشارة الى النص التشريعي الذي يتضمن القاعدة فإذا طبقت المحكمة القانونية الواجبة التطبيق على وقائع القضية وانتهت الى نتيجة قانونية سليمة فلا يعيب الحكم ان يقع في أسبابه خطأ في القاعدة القانونية او قصور في الإفصاح عن هذه القاعدة .
4-ان لا تكون الأسباب متناقضة فيما بينها او مع المنطوق
يجب ان لا يوجد تناقض بين اسباب الحكم فيجب ان يكون الحكم مفهوما في التسبيب متناغما ومتسلسلا مع اسبابه فان كانت اسباب الحكم متناقضة غير منسجمة مع بعضها البعض ادى ذلك الى فسخ الحكم ويجب ان يتطابق اسباب الحكم مع منطوقه .
فاذا توافرت هذه لشروط كان الحكم سليما وعند ذلك يوقع رئيس الجلسة والكاتب نسخة الحكم الأصلية المشتملة على وقائع الدعوى والأسباب والمنطوق وتحفظ في ملف الدعوى
تصــحيــح الأحـكــام وتفســيرهـــا
اذا حدث خطأ في الحكم ، فالطريق الطبيعي لعلاجه هو الطعن فيه بطرق الطعن المناسبة، ولكن المشرع رأى بان هناك بعض الاخطاء لا يحتاج علاجها الى الطعن باجراءاته الطويلة ونفقاته ويكفي بالنسبة لها الرجوع عن الى ذات القاضي الذي اصدر الحكم لتصحيحه وهذه الاخطاء المادية البحته كتابية كانت ام حسابية فالمقصود بالخطأ المادي الخطا في التعبير وليس الخطأ في التفكير أي ان القاضي في التعبير عن تقديره قد استخدم اسماء وارقام غير تلك التي كان يجب ان يستخدمها للتعبير عما في ذهنه من افكار ولهذا لا يجوز الالتجاء الى التصحيح بشأن خطأ في تقدير القاضي او تكوين هذا التقدير ويستوي ان يقع الخطأ المادي في منطوق الحكم او في جزء اخر من الحكم مكمل للمنطوق على ان هذا الخطأ يجب ان يكون واضحاً من بيانات الحكم نفسه او من مقارنة منطوق الحكم بياناته الاخرى او تحضير الجلسة ومن امثلة الخطأ المادي الذي يمكن علاجه بالتصحيح ان يأتي في حيثيات الحكم حساب للمبالغ المستحقة للمدعي وفي المنطوق تجمع هذه المبالغ خطأ او ان يذكر اسم المدعي او المدعى عليه خطأ دون ان يكون شك في تحديد شخصيته.
تتولى المحكمة التصحيح سواء من تلقاء نفسها او بناء على طلب احد الخصوم، ولا يجب في الطلب أي شكل خاص ولا يعلن الطلب الى الخصم الاخر او يكلف هذا الخصم بالحضور، ويقدم طلب التصحيح الى نفس المحكمة مصدرت الحكم المطلوب تصحيحه اياً كانت هذه المحكمة سواء كانت درجة اولى او ثانية او امام محكمة النقض. على انه لا يجب ان ينظر الطلب نفس القضاه الذين اصدروا الحكم ويقدم الطلب من أي من الخصمين سواء الخصم الذي صدر الحكم لصالحه او الذي حكم ضده اذ يتصور ان يكون الخطأ ضد مصلحة أي منهما ولم يحدد القانون ميعاداً لتصحيح، فيمكن تقديم الطلب ما دام الحكم قائماً ولم يلغى وتنظر المحكمة الطلب تدقيقاً بغير مرافعة وتقتصر سلطة المحكمة على تصحيح الاخطاء المادية بالرجوع الى بيانات الحكم او الى محضر الجلسة فلا تملك تصحيحه .
او ان تتخذ من التصحيح وسيلة للرجوع عن الحكم الصادر منها فتعتبر منطوقه بما يناقضه لما في ذلك مساس بحجية الامر المقضي به، فإذا تجاوزت سلطتها جاز الطعن في قرار التصحيح نفس طرق الطعن الطعن المتاحة بالنسبة للحكم محل التصحيح ويبدأ ميعاد الطعن بالحكم من تاريخ صدور قرار التصحيح اما قرار المحكمة برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه الا مع الطعن في الحكم الذي رفض تصحيحه واذا صدر قرار بالتصحيح قام كاتب المحكمة باجراء التصحيح على نسخة الحكم ويقوم رئيس الجلسة وكاتبها بالتوقيع عليه .
تفســـير الحــكـــم
ليس المقصود بتفسير الحكم البحث عن ارادة القاضي الذي اصدره كما هو الحال عن تفسير عقد من العقود ذلك ان الحكم ليس تصرفاً قانونيا وانما هو عمل تقدير ولهذا فان تفسير الحكم لا يكون بالبحث عن ارادة القاضي وانما بتحديد ما يتضمنه الحكم من تقدير، وهذا لا يمكن ان يبحث عنه الى في العناصر الموضوعية التي تكون الحكم ذاته منفصلاً عن ارادة القاضي الذي اصدره ولا مشكلة اذا كان الحكم واضحاً اما اذا تضمن غموضاً او ابهاماً فهنا تقوم الحاجة لمعرفة تقدير المحكمة بالنسبة للقضية، أي الحاجة للتفسير ويحدث التفسير بقرار من المحكمة التي اصدرت الحكم. ولا يجب ان يقوم بالتفسير نفس القضاه الذين اصدروا هذا الحكم اذ لا يتعلق الامر بالبحث عن أي ارادة لديهم وانما يتعلق الامر بتفسير موضوعي ويصدر قرار التفسير بناء على طلب يقدم من أي من الخصوم سواء من صدر الحكم لصالحه او ضده ولا يؤثر طلب التفسير في قوة الحكم المطلوب تفسيره ولا يوقف ميعاد الطعن فيه ، ومن ناحية اخرى لا يقبل الطلب اذا كان قضاء المحكمة واضحاً لا يشوبه غموض، وذلك حتى لا يمس الطلب ما للحكم من حجية ويقتصر نطاق الخصومة على ما يتعلق بتفسير الحكم وليس للخصوم ان يجادلوا في المسائل القانونية التي يبت فيها الحكم المطلوب تفسيره او ان يتمسكوا بدفوع لا علاقة لها بما في الحكم من غموض، ولا تطبق المحكمة وهي تقوم بالتفسير قواعد تفسير التصرف القانوني ولا القواعد المقررة لتفسير التشريع وانما هي تفسير الحكم تفسيراً منطقياً بالنظر الى اسباب الحكم وعناصره الاخرى وبافتراض ان المحكمة لا يمكن ان تكون خالفت القانون في حكمها المطلوب تفسيره، فان لم تكف عناصر الحكم لتفسيره، فيمكن الالتجاء الى عناصر اخرى في القضية لطلبات الخصوم والاوراق المقدمة في الخصومة وفي جميع الاحوال يجب على المحكمة ان تعمل على الكشف عن التقدير الذي يتضمنه الحكم فلا تتخذ التفسير ولتعديل حكمها او الحذف منه او الاضافة اليه .
ويعتبر الحكم الذي يصدر بالتفسير مكملا للحكم الذي فسره ومن ناحية اخرى فان الحكم الصادر بالتفسير يخضع لنفس طرق الطعن التي يطعن بها في الحكم محل التفسير .
وكذلك الحال اذا اغفلت المحكمة في اسباب حكمها ومنطوقها الفصل في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب المصلحة ان يتقدم باستدعاء الى المحكمة التي اصدرت الحكم للنظر في الطلب والحكم به ويكون النظر به تدقيقاً من قبل المحكمة دون حضور الخصوم ويعتبر الحكم الصادر بالطلب متمماً للحكم الصادر بالدعوى ويخضع لذات طرق الطعن .
اترك تعليقاً