أبحاث قانونية حول التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري

التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري و الخدمات المرتبطة به

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

الأستاذ:الزكراوي محمد

ذ/باحث في الشؤون القانونية و الإدارية

مقدمة:

عرف العالم في الآونة الأخيرة مجموعة من المتغيرات المرتبطة بشتى مناحي المعاملات،نتيجة لما أصبحت تفرضه ظاهرة و طبيعة عولمة المعاملات و المبادلات العابرة للقارات،هذا التطور السريع لتقنية المعلومات و الاتصالات أدى إلى بروز نموذج و نمط جديد من الإدارة في ظل التنافس و التحدي المتزايد أمام الإدارات البيروقراطية،كي تحسن من مستوى أعمالها،وجودة خدما،و هو ما اصطلاح على تسميته بالإدارة الرقمية،أو الحكومة الالكترونية أو الإدارة الالكترونية،بذالك فإن ظهور الإدارة الالكترونية جاء بعد التطور النوعي السريع للتجارة الالكترونية و الأعمال الالكترونية.

ولا شك أن المغرب كغيره من بقية دول العالم،أصبح مضطرا لمواكبة تلك المتغيرات،وما اقتضته متطلبات العولمة و الانفتاح على العالم،فكان من بين أهم الإجراءات المتخذة في هذا الصدد رقمنة التدابير و الإجراءات الإدارية شملت مجالات متعددة كان أخيرها مصادقة مجلس الحكومة،على مشروع مرسوم رقم 2.18.181 بتحديد شروط وكيفيات التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة،من اجل وضع إطار قانوني تنظيمي يحدد شروط وكيفيات التدبير الإلكتروني للعمليات المذكورة،وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 106 من ظ ت ع كما وقع تغييره وتتميمه،وانسجاما كذلك مع أحكام الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)،بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية في أفق تبسيط المساطر وضمان المزيد من الشفافية في تلقي ومعالجة مختلف القضايا المتعلقة بالتحفيظ العقاري،وكذا تعزيز ضمانات حماية حق الملكية العقارية،وتقليص آجال معالجة الطلبات والإجراءات،والرفع من جودة الخدمات وتقريبها من المرتفقين لاسيما أفراد الجالية المغربية في الخارج الذين سيصبح بإمكانهم تتبع وضعية أملاكهم العقارية المحفظة والحصول على الخدمات المتاحة في هذا الشأن عبر المنصة الإلكترونية للوكالة من بلدان إقامتهم.

المبحث الاول:مضامين مشروع مرسوم رقم 2.18.181 بتحديد شروط وكيفيات التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة

جاء مرسوم رقم 2.18.181 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة،من اجل وضع إطار قانوني تنظيمي يحدد شروط وكيفيات التدبير الإلكتروني للعمليات المذكورة،وتعويض نسق عمليات التحفيظ العقاري الذي كان سائدا إلى عهد قريب بمقاربة جديدة لتدبير آليات التحفيظ المرتكزة على النتائج،و التي أصبحت سائدة في معظم بقاع العالم،وتستجيب هذه المقاربة لمتطلبات التنمية المعبر عنها من طرف السلطات العامة والرأي العام وضمان فعالية أكبر للنفقات العمومية وبالتالي المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بأقل تكلفة ممكنة،وتبعا لذلك،وتطبيقا لمقتضيات الفصل 106 من ظ ت ع كما وقع تغييره وتتميمه،وانسجاما كذلك مع أحكام الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)،بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية،يمكن رصد الخطوط العريضة لما شمله مضمونه على الشكل التالي:

فيما يخص بيان المقصود بعمليات التحفيظ العقاري والعمليات المرتبطة بها والتي ستتم معالجتها بطريقة إلكترونية

وفي هذا السياق،وكما يعلم الجميع أن الظهير الشريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية جاء ليحدد النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية،وعلى المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق،وتلك المعدة على دعامة إلكترونية وعلى التوقيع الإلكتروني،كما يحدد الإطار القانوني المطبق على العمليات المنجزة من قبل مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية/وكذا القواعد الواجب التقيد بها من لدن مقدمي الخدمة المذكورين ومن لدن الحاصلين على الشهادات الإلكترونية المسلمة،وعليه وانسجاما مع مقتضياته،جاء الظهير شريف رقم 1.09.15 صادر في 22 من صفر 1430( 18 فبراير 2009) بتنفيذ القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي،ليحدد نطاق تطبيقه وحصره على المعالجة الآلية الكلية أو الجزئية للمعطيات ذات الطابع الشخصي،وكذا على المعالجة غير الآلية للمعطيات ذات الطابع الشخصي الواردة أو المرتقب ورودها في ملفات يدوية .

وعليه و انسجاما مع القانونين السالفين الذكر،يكون المقصود بعمليات التحفيظ العقاري و الخدمات المرتبطة به،والتي ستتم معالجتها بطريقة الكترونية،هي كل عملية أو مجموعة من العمليات تنجز بمساعدة طرق آلية أو بدونها وتطبق على معطيات ذات طابع شخصي،مثل التجميع أو التسجيل أو التنظيم أو الحفظ أو الملاءمة أو التغيير أو الاستخراج أو الاطلاع أو الاستعمال أو الإيصال عن طريق الإرسال أو الإذاعة أو أي شكل آخر من أشكال إتاحة المعلومات،أو التقريب أو الربط البيني،وكذا الإغلاق أو المسح أو الإتلاف .

فيما يخص التنصيص على التدبير الإلكتروني للمنظومة المعلوماتية الداخلية وعلى إحداث منصة إلكترونية للوكالة

لا شك أن خدمات التدبير الإلكتروني للمنظومة المعلوماتية الداخلية وعلى إحداث منصة إلكترونية للوكالة،سوف يسهم بشكل كبير في تتبع العمليات المنجزة بالرسوم العقارية،و للانخراط في الاستفادة من التدبير الالكتروني للمنظومة المعلوماتية،حيث يتعين على المرتفقين تعبئة الطلب بعناية وبعد المعالجة الفورية للطلب والمصادقة عليه سيتوصلون برسالة نصية تخبرهم بذلك وفي حالة تعذر المصادقة يرجى الاتصال بالمحافظة العقارية المختصة،أما فيما بخص التنصيص على التدبير الالكتروني فيجب أن يستوفي التوقيع الإلكتروني المؤمن،المنصوص عليه في الفصل 3-417 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الشروط التالية :

أن يكون خاصا بالموقع،على أن يتم إنشاؤه بوسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة حصرية،أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير لاحق أدخل عليها،كما يجب أن يوضع التوقيع بواسطة آلية لإنشاء التوقيع الإلكتروني،تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة،ويتعين أن يشار إلى معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المؤمن في الشهادة الإلكترونية المؤمنة المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون .

فيما يخص التنصيص على إمكانية تلقي ومعالجة الطلبات من خلال وحدات متنقلة أو ملحقة بمصالح الوكالة

وفيما يخص إمكانية تلقي ومعالجة الطلبات من خلال وحدات متنقلة أو ملحقة بمصالح الوكالة،يمكن للمرتفقين لدى المحافظات العقارية عبر هده الخدمة تقديم طلب معالجة الطلبات عن بعد،و ذلك بملء الاستمارة المعدة لهذا الغرض،وبمجرد قبول الطلبات و أداء الوجيبات سيتوصلون برسالة نصية تخبرهم برمز تتبع طلباتهم،كم يمكنهم تتبع المال المخصص لطلباتهم،و ذلك باستعمال رمز التتبع الذي سبق لكم التوصل به عند كل طلب .

فيما يخص تحديد الشروط والكيفيات المنظمة لتقديم الطلبات المتعلقة بالإجراءات والخدمات الإلكترونية

إن من بين أهم الشروط التي نراها مستوجبة في بناء الطلبات من الناحية الشكلية تضمين الطلبات للبيانات الواجب الإشارة إليها وتخص كل من :

ا- طبيعة الطالب و تتضمن معلومات حول الطالب : (الاسم العائلي للمستفيد الاسم العائلي للمستفيد- الاسم الشخصي للمستفيد – نوعية بطاقة الهوية – رقم بطاقة الهوية- العنوان )

ب-المحافظة العقارية ز تتضمن الإشارة إلى:(المرجع العقاري موضوع الطلب -(طبيعة المرجع العقاري – نوع العملية- رقم المرجع العقاري– رمز المرجع العقاري- الرمز الخاص للمرجع العقاري- عدد الصفحات – عدد بيانات إضافية – رقم الإيداع رقم الإيداع- رقم السجل – التاريخ)

فيما يخص إمكانية تأسيس الرسوم العقارية ونظائرها بطريقة إلكترونية مع تحديد البيانات الأساسية التي يتعين أن تضمن بها

وتطبيق لذلك فيما يخص طلب نظير الرسم العقاري يمكن للمترفقين توجيه طلباتهم فيما يخص تأسيس الرسوم العقارية و نظائر لها عبر المنصة الالكترونية إلى المحافظ المعني من طرف المالك المقيد أو نائبه بعد التعريف بهويته الهدف منه الحصول على نظير الرسم العقاري،ونفس الشيء بالنسبة لطلب تحديد استئناف أو طالب التحفيظ أو المتعرض أو من ينوب عنهم الهدف منه القيام بعمليات التحديد،كما أن مشروع المرسوم،بالإضافة إلى ذلك عمل على التطرق إلى التدبير الإلكتروني للسجلات والأرشيف؛مع إتاحة إمكانية التأكد من صحة الشهادات والوثائق المسلمة بطريقة إلكترونية من خلال إدخال رمز التحقق المضمن بها بالنافذة المخصصة لهذا الغرض بالبوابة الإلكترونية للوزارة،بما فيها طلبات الإطلاع الموجهة إلى المحافظ، من أجل الإطلاع على الوثائق المودعة بالمحافظة العقارية ،وذلك عبر التنصيص على إحداث فضاء خاص بالمهنيين بالمنصة الإلكترونية للوكالة،دون ضرورة الانتقال إلى المصالح المعنية للوكالة؛

فيما يخص فتح الباب أمام المترفقين لاقتناء المنتوجات الخرائطية عبر المنصة الإلكترونية للوزارة.

حيث بمكن عبر هدا الفضاء تقديم طلب التصميم العقاري عن بعد و تتبع المال المخصص له،و ذلك بملء الاستمارة المعدة لهذا الغرض،وبمجرد قبول الطلب و أداء الواجبات يتم التوصل برسالة نصية تخبر برمز تتبع الطلبات،بحيث يمكن استعمال رمز التتبع الذي سبق التوصل به عند طلب التصميم العقاري

فيما يخص إمكانية أداء واجبات المحافظة العقارية بكافة وسائل الأداء الإلكتروني المعتمدة

جاء مشروع المرسوم ليضع قواعد تنظيمية مؤطرة للخدمات الإلكترونية الموجهة للمرتفقين عبر المنصة الإلكترونية للوكالة،حيث تم توضيح الغاية من هذه الخدمات وكيفية الاستفادة منها،ويتعلق الأمر أساسا بإمكانية أداء واجبات المحفظة العقارية بكافة وسائل الأداء الالكتروني المعتمدة.

فيما يخص طلب وتسليم الشهادات العقارية ونسخ التصاميم العقارية بطريقة إلكترونية

طلبات الشواهد هي كل طلب موجه إلى المحافظ المعني من طرف كل شخص بعد التعريف بهويته الهدف منه الحصول على إحدى الشهادات المحددة قانونا،وهكذا فيما يحص الشهادة الالكترونية يمكن هدا الفضاء المترفقين من طلب شهادة الملكية عن بعد،تتبع المال المخصص له و التحقق من صحة شهادة الملكية المعدة عن بعد،بعد و ذلك بملء الاستمارة المعدة لهذا الغرض،وفور قبول الطلب و أداء الواجبات يتم التوصل برسالة نصية تخبر برمز تتبع تلك الطلبات باستعمال رمز التتبع الذي سبق لكم التوصل به عند طلب الشهادة،كما يمكن للمستفيدين التحقق من صحة شهادة الملكية عبر هده المنصة من صحة شهادة الملكية المعدة عن بعد و ذلك باستعمال رمز التحقق الموجود بأعلى الشهادة.

وللإشارة فإن معالجة طلبات الحصول على شهادات الملكية الالكترونية لا يمكن حصوله إلا داخل أوقات العمل الرسمية

فيما يخص الإشهار العقاري الرقمي،سواء تعلقت بمطالب التحفيظ أو الرسوم العقارية.

تمكن هذه الخدمة من الاطلاع على خلاصات مطالب التحفيظ والخلاصات الإصلاحية والإعلانات بانتهاء التحديد وتسليم نظائر جديدة للرسوم العقارية والشهادات الخاصة وتغيير تسمية العقارات المحفظة وكذا الإعلانات المتعلقة بمساطر التحفيظ الخاصة المنشورة بالجريدة الرسمية و التي لازالت الآجال المتعلقة بها جارية بما فيها الإشهار العقاري الرقمي،سواء تعلقت بمطالب التحفيظ أو الرسوم العقارية.

فيما يخص الاطلاع الإلكتروني على المعطيات المضمنة بقواعد البيانات العقارية والهندسية،وكذا على دليل القيم التجارية للعقارات

عندما يكون الإدلاء بمحرر مطلوبا من اجل الاطلاع على المعطيات المضمنة بقواعد البيانات العقارية و الهندسية وكذا دليل القيم التجارية للعقارات او لإثبات صحة ” وثيقة قانونية ، يمكن إعداد هذا المحرر وحفظه بشكل إلكتروني وفق ” الشروط المنصوص عليها في الفصلين 1-417 و 2-417 حيث يمكن للملتزم،عندما يطلب منه بيان مكتوب بيده،أن يقوم بتحريره ” بشكل إلكتروني إذا كان من شأن شروط تحريره ضمان أنه الوحيد ” الذي يمكنه القيام بذلك.و في هذه الحالة يجب على المعني بالأمر الإدلاء بالبيانات المتعلقة بالاسم العائلي للمستفيد واسمه الشخصي بما في ذلك نوعية بطاقة الهوية و رقم بطاقة الهوية وعنوانه بالإضافة الى البيانات المتعلقة بالمرجع العقاري- موضوع الطلب – طبيعة المرجع العقاري- العملية- رقم المرجع العقاري- رمز المرجع العقاري- الرمز الخاص للمرجع العقاري

فيما يخص طلب نسخ الوثائق المودعة بالسجلات العقارية.

طلب نسخ الوثائق،هو كل طلب موجه إلى المحافظ المعني من طرف كل شخص بعد التعريف بهويته الهدف منه الحصول على نسخ وثائق مودعة بصفة قانونية في السجلات العقارية للعقارات المحفظة أو لتلك التي في طور التحفيظ و لأجل هذا العرض أصبح ممكنا،استخدام الوسائل الإلكترونية لوضع،طلبات نسخ الوثائق المودعة بالسجلات العقارية،كما يمكن توجيه المعلومات المطلوبة عن طريق البريد الإلكتروني إذا وافق المرسل إليه

” صراحة على استخدام الوسيلة المذكورة بحيث يمكن إرسال المعلومات إلى المهنيين عن طريق البريد الإلكتروني ابتداء من الوقت الذي يدلون فيه بعنوانهم الإلكتروني،فإذا كان من الواجب إدراج المعلومات في استمارة،تعين وضع هذه ” الأخيرة بطريقة إلكترونية رهن إشارة الشخص الواجب عليه تعبئتها،وتعتبر إلزامية الاستمارة القابلة للاقتطاع مستوفاة عندما يكون في الإمكان،بواسطة وسيلة إلكترونية معينة،الولوج إلى الاستمارة وتعبئتها وإعادة إرسالها بالطريقة نفسها،وبحسب مقتضيات الفصل7-65 – عندما يطلب الإدلاء بعدة أصول تعتبر هذه الإلزامية مستوفاة بالنسبة للمحررات المعدة بشكل إلكتروني إذا كان المحرر المعني معدا ومحفوظا وفقا لأحكام الفصول 1-417 و 2—417 و 3-417 أدناه ، وكانت الوسيلة المستعملة تسمح لكل طرف من الأطراف المعنية بالحصول على نسخة منه أو بالولوج إليه .

المبحث الثاني:حجية التدابير و التوقيع الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري

أن التغلغل المتزايد لأنظمة الاتصال التكنولوجية الحديثة ذات الطبيعة المعلوماتية في إبرام العقود والصفقات وإدارة المفاوضات التجارية،التي تشكل التجارة الالكترونية لأنظمتها المختلفة وأساليبها المتعددة ابرز ملامحها،أدى إلى القيام بالكثير من الأعمال التي كان يستحيل من قبل انجازها،إذ قدمت هذه التقنية في مجال المواصلات الالكترونية إمكانية تحقق التواصل الإنساني وانجاز المعاملات بسهولة ويسر،وكذلك أتاح استخدامها حسن تقديم الخدمات على كافة الأصعدة في الحياة العملية،إلا انه ومع ذلك فإن استعمال أنظمة الاتصال التكنولوجية يطرح الكثير من الصعوبات المطروحة في هذا الصدد،نجد من بينها إشكاليات حجية التدابير و العمليات الالكترونية،وحتى لا نذهب بعيدا و نسهب في التحليل ،

وارتباطا بموضوعنا المتعلق بالعمليات الالكترونية المتصلة بالتدابير و الإجراءات في مادة التحفيظ العقاري الالكتروني جاءت المادة من قانون رقم 05/53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية،لتغير وتتمم على النحو التالي أحكام الفصول 417 و 425 و 426 و 440 و 443 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود لحل تلك الإشكاليات،وهكذا بالرجوع لأحكام المادة 6 من القانون السالف الذكر تنص على انه وحتى يستوفي التوقيع الإلكتروني المؤمن،المنصوص عليه في الفصل 3-417 من الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون الالتزامات والعقود، الشروط التالية :

– أن يكون خاصا بالموقع،وأن يتم إنشاؤه بوسائل يمكن للموقع الاحتفاظ بها تحت مراقبته الخاصة بصفة حصرية،كما يجب أن يضمن وجود ارتباط بالوثيقة المتصلة به بكيفية تؤدي إلى كشف أي تغيير لاحق أدخل عليها.

– أن يوضع التوقيع بواسطة آلية لإنشاء التوقيع الإلكتروني،تكون صلاحيتها مثبتة بشهادة للمطابقة بحيث يتعين أن يشار إلى معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المؤمن في الشهادة الإلكترونية المؤمنة المنصوص عليها في المادة 10 من هذا القانون .

و تتمثل آلية إنشاء التوقيع الإلكتروني في معدات أو برمجيات أو هما معا،يكون الغرض منها توظيف معطيات إنشاء التوقيع الإلكتروني،التي تتضمن العناصر المميزة الخاصة بالموقع،كمفتاح الشفرة الخاصة المستخدم من لدنه لإنشاء التوقيع الإلكتروني .

أما فيما يخص حجية التدابير و التوقيعات المتخذة الكترونيا في مادة التحفيظ العقاري،فقد نص الفصل 1-417- على انه تتمتع الوثيقة المحررة على دعامة إلكترونية بنفس قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المحررة على الورق حيث تقبل الوثيقة المحررة بشكل إلكتروني للإثبات،شأنها في ذلك شأن الوثيقة المحررة على الورق ،شريطة أن يكون بالإمكان التعرف،بصفة قانونية،على الشخص الذي صدرت عنه وأن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تما ميتها،وهو ما يزكيه الفصل 2-417 – في عبارته (يتيح التوقيع الضروري لإتمام وثيقة قانونية التعرف على الشخص الموقع ويعبر عن قبوله للالتزامات الناتجة عن الوثيقة المذكورة )

وبذلك تصبح الوثيقة رسمية إذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق ،وفي هذا السياق أشير انه كلما تعلق الأمر بالتوقيع الالكتروني، فإنه يتعين استعمال وسيلة تعريف موثوق بها تضمن ارتباطه بالوثيقة المتصلة به،حيث يفترض الوثوق في الوسيلة المستعملة في التوقيع الإلكتروني عندما تتيح استخدام توقيع إلكتروني مؤمن إلى أن يثبت ما يخالف ذلك.

و يعتبر التوقيع الإلكتروني،مؤمنا إذا تم إنشاؤه وكانت هوية الموقع مؤكدة وتمامية الوثيقة القانونية مضمونة وفق النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال على أساس أن كل وثيقة مذيلة بتوقيع إلكتروني مؤمن والمختومة زمنيا تتمتع بنفس ” قوة الإثبات التي تتمتع بها الوثيقة المصادق على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت .”

و بحسب الفصل 426 من قانون الالتزامات و العقود،وإذا تعلق الأمر بتوقيع إلكتروني مؤمن وجب تضمينه في الوثيقة وفق الشروط المحددة في النصوص التشريعية والتنظيمية المطبقة في هذا المجال .كما يضيف الفصل 440 تقبل للإثبات نسخ الوثيقة القانونية المعدة بشكل إلكتروني متى كانت ” الوثيقة مستوفية للشروط المشار إليها في الفصلين 1- 417 و 2- 417 “وكانت وسيلة حفظ الوثيقة تتيح لكل طرف الحصول على نسخة منها ” أو الولوج إليها،أما فيما يخص الطلبات المتعلقة بتسليم شواهد المطابقة،فقد نصت المادة 9 من قانون 05/53 على انه تسلم شهادة المطابقة المشار إليها في الفقرة 2 من المادة 6 أعلاه السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية على التوقيع والمنصوص عليها في المادة 15 من هذا القانون،عندما تستجيب آلية إنشاء التوقيع الإلكتروني للمتطلبات التالية :

1- أن تضمن بوسائل تقنية وإجراءات ملائمة أن معطيات إنشاء التوقيع الإلكتروني

بحيث لا يمكن إعدادها أكثر من مرة واحدة وتكون سريتها مضمونة ،و لا الوصول إليها عن طريق الاستنباط ويكون التوقيع الإلكتروني محميا من أي تزوير،بالإضافة إلى إمكانية حمايتها من قبل الموقع بشكل كاف يحول دون أي استعمال من لدن الغير .

2– أن تحول دون أي تغيير أو تبديل لمحتوى الوثيقة المراد توقيعها وألا تشكل عائقا يحول دون إلمام الموقع بالوثيقة قبل توقيعها إلماما تاما.

وختاما يمكن القول أن الشواهد الالكترونية المتعلقة بتدبير عمليات التحفيظ العقاري،تعتبر مؤمنة عندما يسلمها مقدم لخدمات المصادقة الإلكترونية معتمد من لدن السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية وتتضمن المعطيات التالية :

الإشارة إلى أن هذه الشهادة مسلمة باعتبارها شهادة إلكترونية مؤمنة،وهوية مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية وكذا اسم الدولة التي يوجد مقره بها،مع تضمينها اسم الموقع صاحب الشهادة الإلكترونية المؤمنة أو اسمه المستعار عند وجوده،وفي هذه الحالة الأخيرة يتعين التعريف بهذه الصفة،كما يجب،الإشارة عند الاقتضاء إلى صفة الموقع حسب الاستعمال الذي خصصت له الشهادة الإلكترونية،إلى جانب المعطيات التي تمكن من التحقق من التوقيع الإلكتروني المؤمن،وتحديد بداية ونهاية مدة صلاحية الشهادة الإلكترونية،بما في ذلك الرقم السري للشهادة الإلكترونية،و التوقيع الإلكتروني المؤمن لمقدم خدمات المصادقة الإلكترونية الذي يسلم الشهادة الإلكترونية ،وعند الاقتضاء شروط استخدام الشهادة الإلكترونية،ولا سيما المبلغ الأقصى للمعاملات التي يمكن أن تستخدم فيها الشهادة المذكورة .

المبحث الثالت:أهمية التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري في تحقيق الأمن العقاري

إن للإدارة العمومية دور هام في ضمان استمرارية الخدمات العمومية،من جهة وتبرير خصوصية التسيير في هذه الإدارات،من جهة أخرى من خلال التوجه إلى تبني تسيير عمومي حديث يخرجها من كنف أزمات المشروعية،سعيا منها لتحسين أدائه،وفي قطاع التحفيظ العقاري تعكف الحكومة على إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عمل أجهزتها التنفيذية من خلال توفير التجهيزات والوسائل اللازمة لسيرها وسير قطاع التحفيظ العقاري بشكل خاص،

بغية تحصين الملكية الخاصة وحماية عقارات الخواص و تماشيا مع المبادئ الدستورية التي كرستها الدساتير السابقة .وبعدها دستور 2011 الهادفة إلى تكريس الحماية الدستورية وحصانة عقارات الخواص من جرائم الاعتداء الواقعة عليها،حيث بادر المشرع المغربي إصدار مجموعة من القوانين التشريعية و التنظيمية سعيا منه،الارتقاء بمكانة العقار و حمايته من جميع الظواهر المشينة المهددة لكيانه،وذالك عن طريق تسوية وضعية العقارات و الأراضي العمرانية غير المدمجة بصفة قانونية و رفع احتكار العقارات و تحرير المعاملات العقارية بما يتماشى و مبدأ تحرير الأسواق العقارية و جعلها أداة للتنمية الوطنية .

وتكمن أهمية التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري و الخدمات المرتبطة،فيما يمكن لهذا النظام ألمعلوماتي،الإسهام في وضع ضوابط حمائية تتعلق بالتحقق من هوية الشخص المستفيد من تلك العمليات عن طريق مطالبته بالإدلاء بوثيقة هوية رسمية للتأكد من انه يتوفر على الأهلية القانونية للالتزام،من جهة،والصفة التي يدعيها من جهة أخرى،

والمحافظة على مميزات ومراجع الوثائق المدلى بها لإثبات هذه الهوية وهذه الصفة،كما سوف سهم التدبير الالكتروني لعمليات التحفسظ العقاري و الخدمات المرتبطة به من التأكد وقت تسليم الشهادة الإلكترونية أن المعلومات التي تحتوي عليها صحيحة،وان الموقع المشار فيها إلى هويته يمتلك معطيات لإنشاء التوقيع الإلكتروني تطابق معطيات التحقق من التوقيع الإلكتروني المضمنة في الشهادة،بالإضافة إلى إخبار الشخص الذي يطلب تسليمه شهادة إلكترونية كتابة بما يلي قبل إبرام عقد تقديم خدمات المصادقة الإلكترونية،وإلى جانب ذلك بتقديم عناصر الإخبار المنصوص عليها في النقطة السابقة إلى الأشخاص الذين يستندون إلى شهادة إلكترونية إذا كانت العناصر المذكورة مفيدة لهم،كما آن التدبير الالكتروني لتلك العمليات المنصبة على عمليات التحفيظ العقاري،سيكون له وقع جلي فيما يخص سرعة البت في الإجراءات وتقليص أجالها،

حيت فيما يخص تسليم الشواهد الإدارية من طرف مصالح المحافظة العقارية، فسوف سيتم إخبار أصحاب الشهادات المؤمنة ستين (60) يوما على الأقل قبل تاريخ انتهاء صلاحية شهاداتهم لحلول أجلها ودعوتهم إلى تجديدها أو إلغائها،كما أن الشواهد المسلمة من قبل مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية المستوطن بالخارج في طل هذا النظام،تتمتع بنفس القيمة القانونية التي تتمتع بها الشهادات المسلمة من قبل مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية الذي يوجد مقره بالمغرب إذا كان معترفا بالشهادة أو بمقدم خدمة المصادقة في إطار اتفاق متعدد الأطراف يعتبر المغرب طرفا فيه أو اتفاق ثنائي يتعلق بالاعتراف المتبادل بين المغرب وبلد إقامة مقدم الخدمات،حيث يمكن اعتماد مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية الذين يوجد مقرهم الاجتماعي بالخارج،شريطة أن تكون الدولة التي يمارسون بترابها نشاطهم قد أبرمت مع المملكة المغربية اتفاقية للاعتراف المتبادل بمقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية،

وفي هذا الإطار يلزم مقدمو خدمات المصادقة الإلكترونية ومستخدموهم كذلك بكتمان السر المهني،تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل،ويتحملون وفق القواعد القانونية العادية،مسؤولية تهاونهم،أو قلة كفاءتهم أو قصورهم المهني سواء تجاه المتعاقدين معهم أو تجاه الأغيار.

ومن مزايا هذا النظام كذلك،ضبط تسليم الشهادات العقارية الالكترونية،بحيث عندما تنتهي مدة صلاحية شهادة إلكترونية أو يتم إلغاؤها،لا يمكن لصاحبها استعمال المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع المطابقة للتوقيع،أو السعي للمصادقة عليها من لدن مقدم آخر لخدمات المصادقة الإلكترونية .

الخاتمة:

إن تعزيز الأمن العقاري من أجل تحصين الملكية العقارية والرفع من قيمتها الاقتصادية والائتمانية،لن يتأتى إلا من خلال العمل على إحداث أقسام عقارية متخصصة داخل محاكم المملكة،من أجل تسريع البت في القضايا العقارية،و حث القطاعات المتدخلة في العقار على إرساء وتطوير نظام معلوماتي جغرافي كفيل بضمان إجراء التحديد الإداري للعقارات الجماعية،و ضبط مساحتها بشكل سليم،وهذا ما يتطلع إليه المشرع،من خلال مقتضبات مشروع مرسوم رقم 2.18.181 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات التدبير الالكتروني لعمليات التحفيظ العقاري والخدمات المرتبطة.

.

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.