حماية المستهلك
هو نوع من أنواع التنظيم الحكومي والأهلي يعمل على حماية مصالح المستهلكين, من خلال توفير معلومات مفصلة عن المنتجات والقضايا المتعلقة بالسلامة أو الصحة العامة للمستهلكين كمنتجات الغذاء.
وهي بذلك خدمة توفرها الحكومة أو المجتمع الأهلي بمؤسساته وجمعياته المختلفة ذات الاختصاص لحماية المستهلك من الغش التجاري أو استغلاله بصورة غير مشروعة أو سوء تقديم الخدمات.
إن فكرة حماية المستهلك ليست حديثة العهد فهي قديمة تعود إلى بداية انطلاق الحضارة الإسلامية عندما حرم الغش وتمت متابعته في الأسواق (من غش فليس منا). كما حرم الإسلام الممارسات غير العادلة والعقود التي قد تؤدي إلى الإضرار بالناس وصحتهم والعقود غير الواضحة النتائج.
بدأت معظم الدول العربية مؤخراً باعتماد الهيئات الحكومية والمنظمات الأهلية لحماية المستهلك كدول الخليج ومصر والأردن ولبنان وغيرها. على سبيل المثال نشأت في مصر بعض الأنشطة الأهلية التي ترتبط بحماية المستهلك ومواجهة الغلاء والاستغلال والجشع, ومن أشهرها منتدى المستهلك المصري ويحرره المستهلكون بأنفسهم محاولين تنشيط حركة منظمة وموحدة للمستهلك المصري وذلك بإحياء حركة تعاونية تسعى لتبني وتطبيق المعايير العالمية وتعزيز الرقابة الشعبية على الأسواق, عن طريق شهادة جودة تمنحها منظمات وجمعيات حماية المستهلك للسلع والخدمات التي تلتزم بالجودة المناسبة والسعر العادل.
أما الاتحاد الأوروبي فقد أصدر العديد من القوانين التوجيهية التي تطلب من الدول الأعضاء تنظيم حماية المستهلك إلى المستوى المطلوب ضمن المعايير الأوروبية. وأهمها القانون التوجيهي للممارسات التجارية غير العادلة, والقوانين التوجيهية للشروط العقدية غير العادلة والتجارة الإلكترونية, وكما قام الاتحاد الأوروبي بتعيين مفوض أوروبي خاص لحماية المستهلك, أما في ألمانيا فقد اعتمدت قوانين حماية مأخوذة وفقاً للقوانين التوجيهية للاتحاد الأوروبي وقد ضم بعضها إلى مدونة القانون المدني الألماني.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية تعمل مديرية شؤون المستهلك على تنظيم بعض الصناعات وحماية المستهلكين المستفيدين من خدماتها. على سبيل المثال مديرية شؤون المستهلك في كاليفورنيا بتنظيم 2.3 مليون مهني من أصل 230 مهنة مختلفة عبر أربعين وحدة تتبع لها. ومن أهم القوى الأهلية شبكة عمل مستهلكي خدمات الاتحاد الفدرالي للمستهلكين في كاليفورنيا, وهيئة خبراء حقوق الخصوصية.
أما في سورية فقد أصدر القانون رقم 2 لعام 2008 المتضمن حماية المستهلكين خلال أحكام هذا القانون, وبذلك كانت حماية المستهلك السوري , وأهم الأهداف التي يسعى المرسوم لتنفيذها:
1- أن يكون النشاط الاقتصادي المزاول لا يخل بالحقوق الأساسية للمستهلك من حيث احتياجاته من المنتجات الاستهلاكية المختلفة, والرعاية الصحية, والتغذية السليمة، والتربية، والثقافة, والتدريب, والخدمات في المجالات المالية، المصرفية, الكهرباء, التأمين, النقل, الطاقة, الاتصالات, والسياحة, وغيرها من الخدمات التي تهم المستهلك وضمان سلامته, وصحته عند استعمال المنتج أو تلقي الخدمات.
2- أن يكون المنتج مطابقا، ومحققا للمواصفات القياسية, والمتطلبات الصحية, والبيئية, والسلامة, والأمان الخاصة, وفي حال وقوع أضرار شخصية على المستهلك من جراء شراء أو استخدام منتج يتحمل المنتج أو مقدم الخدمة المسؤولية, ويتم التعويض عليه, أو إعادته, أو استبداله, أو استرداد المبالغ التي دفعها لقاء المنتج, أو الخدمة المقدمة له وفق تعليمات محددة.
3- أن تقوم الجمعيات الأهلية بالاهتمام بمصالح المستهلك في جميع المجالات التي يمكن أن يشكل تقديم السلع أو الخدمات فيها خطرا على صحته أو سلامته أو أمواله, ويحق للمستهلك من خلال جمعيات حماية المستهلك المشاركة في أعمال اللجان الحكومية التي تعنى بشؤونه وتمثيله بوساطة جمعيته, والاستماع إلى آرائه لدى الجهات التي تعنى بمصالحه.
4- كما تضمن هذا القانون العديد من الإجراءات والتدابير التي تهدف جميعها إلى حماية المستهلك من الغش سواء بالنسبة للسلع أو الخدمات أو المعاملات التجارية، وحظر كافة الوسائل والأساليب التي تساعد على عدم حماية المستهلك وفرض العقوبات المناسبة والرادعة, وإظهار دور الدولة في حماية المستهلك ودعم جمعياته من خلال اتخاذ التدابير والإجراءات لحماية مصالحه من الاحتكار والسيطرة على السوق.
وقد احتفلت سورية مؤخراً لأول مرة باليوم العالمي لحماية المستهلك تحت شعار “اليوم الوطني لحماية المستهلك” وعقدت الندوة الأولى لحقوق المستهلك بعنوان “حقوق وحماية المستهلك في سورية في ظل عولمة المنتجات والخدمات الإستراتيجية والتحديات ” ، وتركزت الندوة على آليات تنفيذ قانون حماية المستهلك في سورية والجوانب القانونية والتشريعية, والأخلاقية في حماية المستهلك, وكما تم التنويه إلى ضرورة دعم جمعيات حماية المستهلك وإعطائها دوراً أكبر وكذلك زيادة أعدادها من أربع جمعيات فقط لتشمل محافظات القطر بأكمله.
ويمكن تعزيز حماية مصالح المستهلك باتخاذ خطوات وتدابير سواء من قبل الحكومة أو من قبل المجتمع الأهلي وذلك من خلال:
– تشجيع التنافس في الأسواق والذي يخدم المستهلك, ويتفق مع الفعاليات الاقتصادية ويساهم في تحسين الجودة وكسب رضى المستهلك عن جودة السلع والخدمات المطلوبة.
- قانون حماية المستهلك يجب أن يكون مكملاً للقانون العام الذي ينظم العلاقات القانونية الخاصة بين الفرد المستهلك وبين قطاع الأعمال الذي يبيع البضائع ويقدم الخدمات ويضمن للمستهلك حمايته من الممارسات التجارية غير العادلة, والاحتيال, وسوء تعريف للمنتجات والغش.
- محاربة الفساد الذي يرافقه الضعف الإداري مما يودي إلى خداع المستهلكين وتجهيزهم بسلع غير مطابقة للمواصفات أو ذات أسعار لا تتناسب مع سعرها العالمي.