أبرز وأهم الفروق في لغة القانون

أبرز وأهم الفروق في لغة القانون

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

كم هي ضرورية ( ثقافة المحامي ) فبين كلمة وأخرى قد ينتقل من معنى إلى آخر بجهل منه و القانون لا يحمي الجاهلين و أولهم رجل القانون نفسه 

18- الفرق بين الدّلال والسمسار
الدّلال: هو من يُنادي عند عرض السلعة لتباع بالممارسة ( ) أو هو من يكلف بالمناداة في شأن السلعة المعروضة ، وفي حالات الدوران بها بين الناس ( ) .
وفي المصطلح القانوني هو الذي ينادي في شأن المبيعات بصوت عال ، بإذن من السلطة القضائية ويدعى أيضاً المباشر ( ) .
أما السمسار : Courtier ( لفظ فارسي معرب ) فهو الوسيط بين البائع والمشتري لتسهيل الصفقة . وهو يحاول التوفيق بينهما لعقد الصفقة بمساعيه الخاصة ، وعمله يسمى سمسرة ، Courtage ( ).
وقد ذهب الاجتهاد القضائي إلى أن عقد السمسرة من الأعمال التجارية بطبيعتها ، فيمكن إثباته بكافة وسائل الإثبات ، وإن عدم تسجيل السمسار في السجل التجاري لا يحرمه من حقه في المطالبة ببدل السمسرة ( ).
ويذهب فقهاء المذهب الحنفي في الشريعة الإسلامية إلى التمييز بين الدلال والسمسار ، فيقرون أن أجرة الدلال على البائع لأنه مكلف من جهته ، أما أجرة السمسار فيتبع فيها العرف ، فإن لم يكن عرف فهي على المشتري ( ).
* * *
19- الفرق بين الخُلع والمخالعة (شرعي) :
أن الخُلع ، لغة ، يطلق على معان منها : فصل القبيلة لرجل منها لسوء حاله ، حتى لا تتحمل جريرته ، وهو خليع ومخلوع . ويطلق على التواء العرقوب (وهو عصب في مؤخر القدم) وانتقاله عن محله ، وعلى خلع الملابس ، ويأتي بمعنى النزع . ويطلق على فصم عروة الزواج وانهاء الحياة الزوجية . وكلها معان تدور حول معنى الفصل ( ).
أما في المصطلح القانوني : فالخلع ينشأ بإرادة الزوج وحده ( ) وينفرد به ، ويقع به طلقة رجعية ( ) .
أما المخالعة : ( بلفظ المفاعلة) فهي عقد ثنائي الطرف ، ويجب فيه أن يتم الإيجاب والقبول في مجلس واحد وأن يتبادل الطرفان ألفاظ المخالعة ، ولا يكفي فيها الكتابة والتوقيع فقط ( ) . وبه تفتدي الزوجة نفسها بما تدفعه من بدل الخلع ، وتعريفها عند جمهور الفقهاء جملة هي : فرقة بعوض مقصود لجهة الزوج ، بلفظ طلاق أو مخالعة( )
والفرق بين الخلع والمخالعة تبعاً لما تقدم أن الخلع ينشأ بالإرادة المنفردة للزوج ، بينما يشترط في المخالعة تلاقي إرادتين لفظاً وكتابة , كما أن الخلع يقع به الطلاق رجعياً ، في حين أن المخالعة طلاق بائن ( ) .

20- الفرق بين التفويض في الطلاق والتوكيل فيه : ( شرعي ) :
إن الطلاق حق أثبته الشارع للزوج ، وكل حق ثبت لشخص له أن يتولاه بنفسه وأن ينيب عنه غيره إذا كان يقبل الإنابة ( ) ، والطلاق مما يقبل الإنابة ، فكما يجوز للزوج أن يوقعه ، يجوز له أيضاً أن ينيب عنه غيره في إيقاعه سواء أكان ذلك الغير هو الزوجة أم شخصاً آخر .
وهذه الانابة نوعان :
توكيل : وهو أن يقيم الزوج غيره مقام نفسه في تطليق امرأته (الفقرة 2 من المادة 87 المعدلة من قانون الأحوال الشخصية السوري ) ، وهو لا يكون إلا لأجنبي سواء صدر بلفظ الوكالة أو غيرها كقوله لآخر (( طلق امرأتي)) ، لأن المرأة لا تكون وكيلة في تطليق نفسها إذ إن الوكيل يعمل للغير .
تفويض : وهو تمليك الغير الطلاق ، وهو يكون للزوجة ( الفقرة 2 من المادة 87 المعدلة من قانون الأحوال الشخصية السوري ) بأي لفظ يفيده ، ولو كان بلفظ الوكالة ، ويكون للأجنبي إذا علق إنابته على مشيئة ذلك الغير كقوله له : طلق امرأتي إن شئت . وصيغة التفويض إما أن تصدر مطلقة عن التقييد ، أو مقيدة بوقت معين كطلقي نفسك في مدة شهر من الآن ، أو مقترنة بما يفيد التعميم ، كطلقي نفسك متى شئت . فإن كان مقيداً بوقت ، ومضى هذا الوقت ، بطل التفويض ، فلا تملك تطليق نفسها بعد ذلك الوقت ، وإن كان مقيداً ، بما يفيد الدوام ثبت على الدوام ، فلها أن تطلق نفسها في أي وقت ما دامت الزوجية قائمة . والزوجة المفوضة ليس لها أن تطلق نفسها بالتفويض إلا مرة واحدة ، إلا إذا صدر التفويض بصيغة تدل على التكرار . كأن يقول لها : (( طلقي نفسك كلما شئت )) أو قال لآخر (( طلق زوجتي كلما شئت)) ( ).وتكون ألفاظ التفويض بالطلاق بواحد من أمور ثلاثة :

الأول : التخيير ، كأن يقول الزوج لزوجته : اختاري نفسك .
الثاني : الأمر باليد : كأن يقول الزوج لزوجته : أمرك بيدك .
الثالث : تعليق صريح الطلاق على مشيئة الزوجة : كأن يقول الزوج لزوجته : (طلقي نفسك إن شئت) ( ) .

استنادا إلى ما تقدم يمكن إجمال الفروق بين التفويض في الطلاق والتوكيل فيه بما يلي :
1- لا يملك الزوج الرجوع عن التفويض بعد صدوره منه ، أما في التوكيل فيجوز للزوج الرجوع فيه ما دام الوكيل لم ينفذ ما وكّل به ، أو عُزل قبل إيقاع الطلاق ( ) . فإذا أوقع الطلاق بعد عزله أو بعد رجوع الوكيل كان باطلاً ولا أثر له ( ) .
2- أن الزوج لو فوض إلى زوجته طلاق نفسها بصيغة مطلقة لم يقيدها بوقت عام أو خاص فإنها لا تملك تطليق نفسها إلا في نفس مجلس التفويض ، بحيث لو انتهى المجلس لم يبق لها الحق فيه ، في حين أن الموكل لو كان قد وكل وكيله بصيغة مطلقة لم يتقيد توكيله بمجلس الوكالة ، بل يكون له ذلك بعد المجلس ( ) .
3- في التفويض يعمل المفوض إليه بمشيئته هو ، وعلى حسب ما يختار ، لأن الزوج قد أضاف أمر الطلاق إلى مشيئة من فوضه يستخدمه كلما أراد . أما في التوكيل فإن الوكيل يعمل بمشيئة غيره وهو الموكل ، ولا يعتبر ممثلاً إلا إذا نفذ ما وكل به على حسب رغبة الموكل وإرادته .
4- التفويض لا يبطل بجنون الزوج لأنه في معنى التعليق , والتعليق لا يبطل بالجنون بعد صدوره ، أما التوكيل فإنه يبطل بجنون الزوج ، لأن الجنون يخرجه عن الأهلية، وخروج الموكل أو الوكيل عن الأهلية يبطل الوكالة ( ).
ولا بد من التنويه إلى أن الزوج المفوض لزوجته على النحو المتقدم يظل هو نفسه مالكاً حق الطلاق أيضاً متى شاء ،أي أن الطلاق يقع منه ومن زوجته المفوضة ، فالتفويض إشراك في هذا الحق لا نقل له بالكلية ( ) .
* * *
21- الفرق بين التنظيم والتوثيق والتصديق ( مدني – كاتب بالعدل ) :
أما التنظيم ( ) ( olographe ) ، فهو في اللغة يقال : نظم الأشياء نظماً : ألفها وجمعها ونسقها وضم بعضها إلى بعض ( ) وقانوناً : هو تحرير العمل بخط الكاتب بالعدل ، ويكون بناء على طلب أصحاب الشأن ، إذ يقوم كاتبه (الكاتب بالعدل مثلاً) بإنشائه وتحريره ، وفقا لما اتفقوا عليه أو وفقاً لما أقروا به ، بشكل لا يخرج عن الصيغة التي حرر بها هذا العمل ، لا زيادة ولا نقصانا .
أما التوثيق (instrumtion ) فهو ما يشكل وثيقة لعمل قانوني أو يتعلق بها ( ) .
والوثيقة : ( instrumentum ) هي كل محرر موثق من الكاتب بالعدل ، أو مبلغ بواسطته ، وفق أحكام القانون (( المادة 2 من قانون الكتّاب بالعدل )) وغاية التوثيق تثبيت العمل القانوني ( ).

وتكون لهذه الوثائق القوة الثبوتية المنصوص عليها في قانون البيّنات (المادة 5 بينات ) وقد يقوم بالتوثيق شخص آخر غير الكاتب بالعدل ، أي أحد الموظفين الرسميين الذي يعينهم أو يسميهم القانون لهذا الشأن ، كما في توثيق عقود الإيجار (أو أسناد الإيجار) أو كما في توثيق البيوع العقارية .

أما التصديق أو المصادقة (Lègalisation ) في معناه اللغوي : هو أن ينسب الصدق إلى المُخبر اختياراً ، ويكون في الاخبارات ، ويأتي لاحقاً ، أو هو الاعتراف بالمطابقة ( ) .

ويعرّف قانوناً بأنه عملية يشهد بمقتضاها موظف رسمي على صحة التواقيع المثبتة في عقد عام ، أو خاص ، أو على الصفة التي بموجبها أقدم صاحب التوقيع على وضع توقيعه ، وكذلك على تطابق الختم أو الدمغة المثبتتين على هذا العمل ، ليكون موثوقاً وحجة أينما قدم ( ) وقد يأخذ التصديق شكل موافقة لاحقة أو تأكيد (Ratification) من جانب واحد ، يصدق بموجبه شخص بتبني الحقوق والالتزامات الموضوعة أو المدونة من قبل شخص آخر ، كالموكل بالنسبة إلى ما قام به الوكيل خارج حدود صلاحياته ، وما قام به أيضاً الفضولي ( ) ومن صوره :

– التصديق على التوقيع .
– التصديق على الصحة أو الموافقة .
التصديق القضائي : وهو نوع من الرقابة القانونية ، تضفي على العمل المصادق عليه القوة التنفيذية لقرار العدالة ، كتصديق المحكمة الأعلى درجة على قرار المحكمة الأدنى .
– المصادقة الإدارية : موافقة تعطيها السلطة الإدارية على بعض الأعمال والعقود كي يتاح وضعها موضع التنفيذ ، كطلبات العروض ، والمناقصة ، أو العقود بالتراضي التي تبرمها الدولة مع الأفراد أو الشركات لزوم حاجتها فلا تعتبر نافذة إلى بعد المصادقة عليها وإعطاء أمر المباشرة .
– المصادقة على إبرام معاهدة (في القانون الدولي العام) تعاقدت عليها الدولة مع دولة أخرى بعد أن اشترك ممثلوها في تنظيمها .
– وهناك تصديق الشيك (تجاري) certification d’un cheque وهو ضمان يعطيه المصرف المسحوب عليه الشيك بأنه صالح ومغطى بوضع تأشيرة عليه ، فيتجمد المبلغ حتى تاريخ تقديم الشيك ، ويقال : إن التصديق يعادل التوكيل .
* * *
22- الفرق بين المدة والمهلة والأجل (أصول ، مدني ) :
أن المدة Temps : في فقه اللغة سميت كذلك لأنها تمتد بحسب تلاصق أجزائها ، وتعاقب أبعاضها ، فالامتداد إنما يصح في حق الزمان ( ) .
أما في الاصطلاح القانوني : فهي زمن مقيس ، أو جزء من وقت محدد قانوناً أو قضائياً ، أو حتى اتفاقياً مثاله : مدة التقادم التي يحددها القانون كي ينتج التقادم أثره في كسب الحق أو انقضائه ، أو الحبس لمدة ما .. ومن صورها المدة المحظرة Temps Prohibe كحظر الصيد خلال مدة معينة لدواع محددة ( ) ،أو مدة التمرين التي يخضع لها المتمرنون في المهن كالمحاماة مثلا ( ) .

أما المهلة Dèlai فهي في فقه اللغة عدم سرعة المؤاخذة ، وترك الانتقام مع القدرة لمصلحة تقتضي ذلك عاجلاً أم آجلا (يمهل ولا يهمل ) ( ) .
وفي المصطلح القانوني : فترة من الزمن يحددها القانون أو القاضي أو الاتفاق ، إما للمنع ، وإما لفرض التصرف عند مضي هذه الفترة (المهلة) . من ذلك مهلة الدعوة أو الإخطار بالحضور (أصول محاكمات) أو مهلة الطعن في الأحكام ، ومن ذلك أيضا مهلة الانتظار (Dèlai d’attente) التي لا يكون العمل قبل انقضائها منجزاً ، كمهلة الحضور ، أو مهلة الإخلاء (قانون الإيجار) أو كالمهلة الإضافية التي يمكن للقاضي منحها للمدين مثلاً كي ينفذ التزامه آخذا في الاعتبار وضعه الشخصي وحاله الاقتصادية ( ) وهناك المهل الإجرائية في الأصول المدنية والجزائية كالمهل في الجنايات ، والمهلة في مسائل الأحوال الشخصية مثلاً مهلة انقضاء العدة لتجنب اللبس في أبوة المولود ، أو للارتباط بزوج جديد ( ) .

وتحدد المهل بالأشهر والأيام والساعات . فهي مبدئياً تحدد بالأيام ، ولا يحسب اليوم الذي تحدد فيه ، ويُحسب اليوم الأخير حتى انتهائه ، ويدخل في المهلة أيام العطل الرسمية ، ولكن إذا وقع يوم العطلة في آخر المهلة فلا يُحسب ، وتمتد المهلة إلى اليوم التالي للعطلة (المادة 37 من قانون أصول المحاكمات السوري ) ، وتُحسب المهل المحددة بالأشهر من تاريخ ابتدائها إلى التاريخ الذي يقابله في الأشهر التالية ، وتحسب مدة اليوم من منتصف الليل إلى منتصف الليل الثاني .

وتزاد على المهل الأصلية المحددة في القانون مهلة إضافية للمسافة تبعاً للبعد ( ) .
أما مهلة المراجعة (Dèlai de Recours) فتكون أمام القضاء الإداري ستين يوماً (المادة 15 من قانون مجلس الدولة ) وذلك من تاريخ صدور القرار المطعون فيه .
أما إذا كان القرار من القرارات الفردية (الشخصية) مثل قرارات مجالس التأديب ، واللجان الضريبية وغيرهما: (المادتين 6 و 11 من قانون مجلس الدولة) والقرارات الإدارية الفردية هي التي تصدر عن سلطة عامة بإرادتها المنفردة وتحدث أثراً قانونياً تجاه فرد معين أو أفراد معينين بالذات . فتبدأ المهلة لهذه القرارات من تاريخ التبليغ أو التنفيذ ، وإذا كان القرار الإداري بالرفض ضمنياً ، فتبدأ المهلة اعتباراً من انقضاء مدة (الستين يوما) من تاريخ تقديم المستدعي طلب (التظلم) . ومن صور المهلة أو المهل :

المهلة الكاملة : (أصول ) : Dèlai franc في حساب المواعيد القانونية ، أن يسقط من عدد الأيام اليوم الذي يبتدئ الأجل منه ، واليوم الأخير الذي ينتهي فيه ، وذلك خلافاً للآجال العادية التي يحسب فيها حلول الأجل .
وهناك مهلة الوفاء : Dèlai de grace وهي مدة معقولة يمكن للقاضي أن يمنحها للمدين ليفسح له في أجل دفع دين واجب الأداء مراعياً فيها حالته وصدق عزمه على الوفاء .
وهناك مهلة المسافة : Dèlai de distance وهي التي يعينها القانون تقديراً لقطع المسافة التي تفصل بين المحكمة وبين من أعلن بالحضور إليها ، أو بالقيام بإجراء خاص ، إذا كان موطنه بعيداً عن المكان الذي يجب أن يتم فيه هذا الإجراء كما جاء تفصيله في الحاشية (34) السابقة .
وهناك مهلة إتاحة الفرصة في قضايا العمل Dèlai – congè وهي التي يقررها التعاقد أو العرف في عقود العمل إذا ما كان التعاقد لأجل غير مسمى ، بأن يسبق فسخ العقد إعلان أو إنذار أو إخطار بفسخه يرسل قبل يوم الفسخ الفعلي .

أما الأجل : ( Terme ) في اللغة فيطلق على عمر الإنسان ، كما يطلق على الموت ، أو انتهاء الحياة بقتل أو غيره ، وحسب المفهوم الديني هو الوقت الذي كتبه الله عزل وجل في الأزل نحو قوله :« إن أجل الله إذا جاء لا يؤخّر لو كنتم تعلمون» نوح 71/4 ، ويطلق الأجل على وقت حلول الدين كما في قوله تعالى :
« يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى …» البقرة 2/282 ( ) .
أما في الاصطلاح القانوني فالأجل هو توقيت قانوني أو تعاقدي ، يوقف تنفيذ الالتزام ( ) أو يحدد زواله بتاريخ معين ، أو بحدوث حادث أكيد الوقوع ، ويقال للأول أجل واقف ، وللثاني أجل فاسخ ( ) ومثاله :

– الأسناد لأجل قصير أو طويل : effets a , court a , long
– أو أجل الاستحقاق : echeance , exigibilite وهو الموعد الذي يمكن المطالبة فيه بتنفيذ التزام ما . وهناك مثلا أجل التسليم ، وأجل العقد ، والأجل القانوني ( Terme de droit) وهو الذي تحدده النصوص القانونية ، أو يمكن استخلاصه
منها ( ) .
وهناك الأجل الفاسخ Terme extinctif وهو الذي يحدد زوال الالتزام الذي يكون موضوعه إجراء أمر متواصل ، أو سلسلة أمور متتابعة .
وهناك اجل غير أكيد ، terme incertain ويكون موقوتاً بتاريخ غير ثابت لحدوث حادث ثابت ، مثاله وفاة الإنسان .
وهناك الأجل المحدود : Terme Prefix وهو الذي يسقط الحق حتماً بعد انقضائه ، إذا لم يستعمله صاحبه ، ولا يقبل هذا الأجل توقيفاً ، ولا انقطاعاً .
* * *
23- الفرق بين الشرط الجزائي والعربون ( مدني ) :
أما الشرط الجزائي (La clause pènale) فهو شرط يتفق المتعاقدون بمقتضاه على تقدير مبلغ جزافي للتعويض كعطل وضرر ، يتوجب على المدين في الالتزام إذا لم ينفذ التزامه ، أو تأخر في تنفيذ هذا الالتزام ( ) وهو – أي الشرط الجزائي – شرط تهديدي ، ويسمى في فرنسا (عقوبة مشترطة) ولا يمكن للقاضي – من حيث المبدأ – أن يزيد فيه ، أو يخفضه إلا إذا كان مفرطاً بشكل ظاهر ، أو كان زهيداً ( ) إلا أنه إذا كانت مسؤولية فسخ العقد تقع على عاتق طرفيه بالتساوي فلا يبقى لأي منهما أن يطالب الآخر بقيمة البند الجزائي ، ويقتضي رد طلب كل منهما الرامي إلى الحكم على الآخر بقيمة البند الجزائي ( ) .

أما العربون ( Arrhes ) فهو تقدمة يقدمها أحد المتعاقدين (المشتري) وقت البيع دلالة على تمام العقد ، أو ثمناً لخيار العدول ( ) ويكون غرض المتعاقدين من ذلك إما حفظ الحق لكل منهما في العدول عن العقد ، بأن يدفع من يريد العدول مقدار هذا العربون للطرف الآخر ، وإما تأكيد العقد ، والبت فيه عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون ( ) ويعتبر كدفعة على حساب الثمن في حالة التنفيذ ( ) .
يلتقي الشرط الجزائي بالعربون في أن مصدر كل منهما واحد ، وهو اتفاق المتعاقدين . كما أن المقصود منهما أيضاً واحد ، وهو ضمان تنفيذ الالتزام ، وعدم الإخلال به .
في حين أن نقاط الافتراق بينهما تتلخص بما يلي :

1- الشرط الجزائي : تعويض اتفاقي عن الضرر الذي يصيب الدائن جراء إخلال المدين بالتزامه . بينما العربون مقدار من المال يدفعه أحد المتعاقدين للطرف الآخر عند التعاقد ، وذلك لإعطاء حق العدول لكل منهما ، فإذا عدل من دفعه فقده ، وإذا عدل من قبضه رد العربون ورد مثله معه ( المادة 104 من القانون المدني السوري )
2- العربون يستحق عند عدم التنفيذ ، حتى ولو لم يترتب عليه أي ضرر ، أما المقدار المتفق عليه في الشرط الجزائي فإن الدائن لا يستحقه ، إلا إذا لحقه ضرر من جراء عدم التنفيذ أو التأخير فيه . حتى لو كان معنوياً .
3- يجوز تخفيض المبلغ المتفق عليه في الشرط الجزائي حتى يتناسب مع الضرر الذي لحق الدائن من جراء إخلال المدين بالتزامه ( ) أما العربون فلا يجوز تخفيضه ، بل يجب دفعه كاملاً ، حتى لو لم يلحق الطرف الآخر أي ضرر من العدول عن العقد .
4- الشرط الجزائي يعتبر تعويضاً ، فتجري عليه أحكام الاعذار قبل استحقاقه ، أما العربون فلا يعتبر كذلك ، ولا تجري عليه أحكام الاعذار ( ) .
5- بما أن الشرط الجزائي تقدير للتعويض ، فليس للمدين الخيار بين أن ينفذ التزامه ، وبين أن يتنصل منه . أما العربون ، فلكونه يعتبر مقابلاً أو ثمناً لحق المتعاقد في العدول عن العقد الذي أبرمه ، فإنه يمنح المتعاقد الحق في العدول عن العقد ، وعدم التقيد بالالتزامات التي من شأنه أن يرتبها نظير دفع العربون للطرف الآخر ( ).
* * *
24- الفرق بين البراءة وعدم المسؤولية (جزائي) :
إن البراءة ( ) Acquittement : هي قرينة تعني أن الأصل في المتهم براءته مما اسند إليه ، ويبقى هذا الأصل حتى تثبت إدانته في صورة قاطعة وجازمة . وتقضي المحكمة بإعلان براءة المتهم أو الظنين إذا ثبت لها أن الأدلة منتفية أو أنها لا تكفي لتجريمه فتجنبه العقوبة .

إذن فمرتكز الحكم بالبراءة يجب أن يكون – وفقاً للنص القانوني – إما على انتفاء الدليل ، أو على عدم كفايته ، وعدم كفاية الدليل يعتبر بمنزلة عدم وجود هذا الدليل ، فلا يجوز الاعتماد عليه ، ولا إضافة شيء إليه ، أو إكماله أمام المحكمة المدنية التي يجب أن تعتبر البراءة نهائية وترفض التعويض ، كما لا يجوز رفع الدعوى العامة مجدداً (تحريكها) بناء على أدلة جديدة ، كذا لا يجوز إقامة الدعوى المدنية في هذه الحالة ( ) فقرينة البراءة تعني افتراض براءة كل فرد أساساً ، مهما كانت قوة الشكوك التي تحوم حوله أو تحيط به . وهي لا تسقط – أي قرينة البراءة – إلا بصدور حكم نهائي بالإدانة فيصبح الحكم عندئذ قرينة الحقيقة ( ) وقرار البراءة يصدر بناء على أربعة أسباب هي :
1 – عدم وقوع الفعل الجرمي .
2 – عدم اشتراك المدعى عليه في ارتكابه ، إذا كان قد وقع .
3- عدم وجود النية الجرمية في الجرائم المقصودة ، وعدم وجود الخطأ الجزائي في الجرائم غير المقصودة .
4 – عدم كفاية الأدلة . ( أي الشك في جرمية الفاعل ، أي لم يثبت بصورة قاطعة أنه ارتكب الفعل ) ( ).
ويتوجب على المحكمة أن تذكر في قرار البراءة مجمل الواقعة والأسباب التي استندت إليها في تقرير البراءة كأي قرار آخر ، لتمارس محكمة النقض حق الإشراف والرقابة ( ).

أما عدم المسؤولية : فتقضي به المحكمة عندما تجد أن الفعل المنسوب للمتهم أو الظنين لا يشكل جرماً ، أو لا يستوجب العقوبة ، فتقرر كف التعقبات عنه ، كأن يكون الفعل غير معاقب عليه جزائياً , أو أن تكون الدعوى العامة قد سقطت بالتقادم ، أو أن الفاعل غير مسؤول في نظر القانون (كالمجنون مثلا) ( ) .

ولا بد من التنويه أن للنيابة العامة أن تطعن في قرار عدم المسؤولية من الناحية الجزائية ، كما لها أن تطعن في قرار البراءة أو الإدانة , وكذا لمن تقرر عدم مسؤوليته وللمسؤول بالمال ، لأن لكليهما مصلحة في أن يثبتا أن الفعل لم يرتكب قط أي يثبتا البراءة ، كي يتخلص الأول من تهمة ارتكابه الفعل ونتائجه المادية ، ويتخلص الثاني من التعويض الذي قد يترتب عليه في حال عدم المسؤولية ، ويؤثر طعن النيابة العامة في النتائج القانونية ، إذا طعنت بطريق النقض في قرار صادر بعدم المسؤولية ، ونقضت محكمة النقض القرار ، جاز لمحكمة الموضوع أن تحكم على الفاعل بعقوبة جزائية , ولكن ليس للمدعي الشخصي أو المسؤول بالمال أن يطعنا فيه إلا لجهة الحقوق الشخصية فقط . والقرار الصادر عن محاكم الموضوع بعدم المسؤولية , لا يمنع المتضرر من مراجعة المحاكم المدنية إذا شاء العدول عن الطريق الجزائي , ولكن له أن يتابع دعواه أمام المحاكم الجزائية ( ) .
تلتقي البراءة مع عدم المسؤولية بأنهما حق مك

تسب للمدعى عليه (المتهم) حتى لو تبين بعد ذلك أن المحكمة كانت مخطئة ، أو ظهرت أدلة جديدة ضده ، ففي هذه الحالة نكون أمام خطأ قضائي ( ).
وكذا يلتقيان بأنه في حال الحكم بعدم المسؤولية أو البراءة فإن ذلك لا يمنع الشخص المتضرر من مراجعة المحاكم المدنية إذا شاء العدول عن الطريق الجزائي . للمطالبة بالتعويض ( المادتين 314-315 أصول جزائية وغيرهما ) لأن الحكم بعدم

المسؤولية ، أو البراءة يستدعي حكماً عدم الحكم بأي تعويض (57) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(57) مجموعة قانون أصول المحاكمات الجزائية للاستانبولي – الجزء الثاني – طبعة 1994 – القاعدة 1013 صفحة 1102 ويذهب الفقه القانوني إلى أنه إذا حكمت المحكمة بعدم المسؤولية لأن الفعل لا يعاقب عليه قانوناً ، فإن هذا الحكم لا يمنع – مبدئياً – المحكمة المدنية من البحث فيما إذا كان هذا الفعل ، مع تجريده من صفة الجريمة ، قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض .. وأنه يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويض مع الحكم بالبراءة في هذه الحالة .. ر: علي زكي العرابي باشا – المبادئ الأساسية للتحقيقات والإجراءات الجنائية – الجزء الثاني صفحة 612 وما بعد.

ويفترقان بأن قرار البراءة ، لا يكون مبرماً إلا بعد أن يستنفد طرق الطعن العادية والاستثنائية ، وعندما يصبح مبرماً فإنه يلغي المسؤولية الجزائية والمالية ، وإن فسخ القرار أو نقضه . يؤثر في المسؤولية الجزائية ، لأنه يصبح من حق محكمة الأساس التي تنظر في الدعوى أن تحكم على الذي برئت ساحته قبلاً بعقوبة جزائية غبّ إدانته(58).
دمشق ربيع العام 2007
(يتبع) المحامي مازن النهار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(58) د. حومد – المرجع السابق – صفحة 1155 وما بعد .

25- الفرق بين المهر و الصداق ( شرعي ) :
فالمهر:جمعه مهور، و يقال مَهرَ المرأة ، ويمهرها مهرا ً ،وأمهرَهَا ، والمهيرة الغالية المهر ،و في الأمثال : أحمق من الممهورة إحدى خدَمتيهَا :يضرب مثلا ً للأحمق البالغ في حمقه الغاية(1) .
والمهر في المصطلح الشرعي و القانوني هو: المال الذي يجب على الرجل للمرأة، بسبب عقد الزواج عليها، أو بسبب وطئِه لها(2) أو هو ما يقدمه الزوج للزوجة أثناء العقد، أو بعده ، و غالبا ً ما يكون من النقد ، وهو ملزم له .

أما الصداق : فهو من الصداقة ، والصدقة هي اسم لما يبذله الرجل للمرأة طوعا ً من غير إلزام ، خلافا ً للمهر الذي يكون ملزما ً ، و
لهذا اختار الشروطيون من الفقهاء في كتب المهور صداقها الذي تزوجها عليه .
و فيصل التفرقة بين المهر والصداق هو لجهة الإلزام من عدمه، فالأول ملزم شرعا ً و قانونا ً في حين أن الثاني ليس كذلك، و إن كانا – أي المهر والصداق – يتداخلان لقرب معناهما (3) .

و من التطبيقات العملية في هذا الخصوص نجد في الوقت الحاضر ما يميز أو يفرق بين المهر والصداق ،ففي بعض المجتمعات المحلية ، يقدّم الزوج بعد الخطبة ، و قبل العقد ، أعيانا ً مقدارا ً من المواشي و الإبل في الأرياف ، أو تجهيزات منزلية أو حليا ً و غير ذلك عند أهل الريف و المدن على حدٍ سواء ، وهو ما يسمى بالسياق(4) .

وفي ذلك يقول أخطل بني مروان ( غياث بن غوث التغلبي 640 – 708 م ) :
ألا من مبلغ قيسا ً رسولا ً فكيف وجدتم طعم الشقاق
أصبنا نسوة منكم جهارا ً بلا مهرٍ يُعدُّ و لا سياق
والأمثلة في الفرق بين المهر و الصداق تترى . من ذلك ما قاله الشاعر راضي القز ويني (1819- 1868 م ):
برغم الفضل أن بنات فكري بلا مهرٍ تزف ولا صداق

و قول الشاعر عمر الأنسي ( 1821- 1876 م ) :
عرائسُ من خدور الغيب زُفت بلا مهرٍ إليه ولا صداق
مما تقدم يتلخص الفرق بين الصداق والمهر في لزوم الأخير, وعدم لزوم الأول. و أن الصداق يأخذ حكم الهدايا في حين أن المهر ليس كذلك، كما إن الصداق يكون غالبا ً من الأعيان، في حين أن المهر قد يكون من الأعيان أو النقود (5)، وينعكس أثر الفرق لجهة الإثبات , و لجهة الاختصاص القضائي شرعي أم مدني ؟ .
26-الفرق بين السفه و الطيش :
أن السفه :لغة ، ضد الحلم ، و أصله الخفة و الحركة ، يقال : تسفهت الريح الشجر ، أي مالت به ( الصحاح للجوهري ) .
و قيل:إنه الجهل ( المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده )، و يستعار في الكلام القبيح فيقال: سفه عليه إذا أسمعه الكلام القبيح ( معجم الفروق اللغوية للعسكري ) و شرعا ً: خِفة تعتري الإنسان فتحمله على العمل بخلاف موجب العقل و الشرع مع قيام العقل حقيقة(6). و في المصطلح القانوني هو: تبذير المال و إتلافه خلاف مقتضى العقل و الشرع (7). كمن يتصدق بدخله على الفقراء ويترك أولاده جائعين (8) .

فالسفه في الأصل قلة المعرفة بوضع الأمور في غير مواضعها، وهو ضعف في الرأي ومن العوارض الطارئة المكتسبة (9)، و السفه لا ينافي الأهلية ، ولا يؤثر فيها ،إلا أنه يغير في بعض أحكامها (10) .و تعتبر تصرفات السفيه قبل الحجر عليه صحيحة ونافذة ، و يقام عليه قيّم بقرار الحجر نفسه ، أو بوثيقة على حدة ( المادة 200 أحوال شخصية سوري،و المادة 489 قدري باشا ) و تسري عليه أحكام القاصر المأذون ( المادة 201 أحوال شخصية سوري )إلاّ أن مجرد التوسع في الصرف والإنفاق ، لا يعتبر سفها ً يوجب الحجر 000 لأن السفيه من عادته التبذير و الإسراف في النفقة ، و التصرف لا لغرض ، أو لغرض لا يعده العقلاء من أهل الديانة غرضا ً ، ولوكان هذا الإنفاق في طريق الخير(11).

فالشروط التي وضعها الاجتهاد القضائي للحجر على السفيه ، لا تتحقق إلاّ بعد ثبوت :

1- وجود أموال .

2- تحقق إضاعتها .

3- تحقق كون الإضاعة و الإتلاف في غير موضعه .

4- أن لا يكون الإتلاف واقعا ً عن ضرورة أو لسبب قاهر لا يملك صاحب المال رده 00 (12)فقد قضي بأن مجرد تنازل الشخص في حال صحته عن بعض أملاكه لبعض أولاده ،أو أحفاده سواء بثمن المثل , أو بأقل من ثمن المثل ، لا يعتبر سفها ً (13) .

وقد أدرك الاجتهاد القضائي خطورة أسباب الحجر على السفيه و غيره ، فأوجب على القضاة العناية بها ،و إقامة الحكم على أدلة قوية ، وواضحة . لأن الأصل في الإنسان العقل، و الرشد، و هما عنوان كرامته، و قوام وجوده، و ليس من المنطق في شيء أن ينسف هذا الأصل بقرار أبتر أو بأدلة باهتة (14) . و الحجر للسفه لابد فيه من دعوى يقيمها من له مصلحة ، وفق الإجراءات المعتادة للدعوى (15) . أما التصرفات التي لا تحتمل الفسخ, كالزواج ، و الطلاق ، فتصح منه 00 فله أن يتزوج بما لايزيد على مهر المثل 00 فإن زاد بطل الزائد ، أما التصرفات التي سكت عنها القانون و الصادرة عن السفيه ، فإن ذلك يُعلم من العودة إلى كتب الحنفية بحثا ً عن القول الراجح ، عملا ً بالمادة (305) من قانون الأحوال الشخصية(16).

أما الطيش :لغة ، فهو النزق و الخفة . طاش السهم عن الهدف ، أي عدل ( الصحاح للجوهري ) يقال اشتهر فلان بالطيش .و فعله ( طاش ، يطيش ، طيشا ً : نزق وخف وانحرف ) و يقال : لمن ضل الصواب : طاش سهمه(17) وطاش الرجل بعد رزانته (18) و اصطلاحا ً هو : تسرع ، وعدم تبصر بالعواقب ، أو خفة لا تعين صاحبها على تقدير الأمور تقديرا ً سليما ً(19) فالطيش يتمثل في حالة الاندفاع الخالية من التروي التي يقدم فيها المتعاقد على إجراء العقد أو التصرف دون اتخاذ الاحتياطات التي يمليها العقل المدبر(20 ).

و يتجلى الفرق بين السفه و الطيش في عدة نواح ، منها :
1- السفه صفة خاصة تعتري الشخص تحمله على التصرف، بخلاف موجبات العقل و الشرع ، بينما الطيش صفة عامة ، لا تقتصر على فئة دون أخرى من الناس(21).
2- لا يشترط أن يكون الطيش ملازما ً للمتعاقد بصفة مستمرة، و هذا ما يميز حالة الطيش عن نقص الأهلية(22 ) .
3- تسري على السفيه أحكام القاصر المأذون, لجهة إدارة أمواله وتصرفاته ( المادة 201أحوال شخصية ) بينما لا يشمل ذلك تصرفات من به طيش.
4- الحجر يوقع على السفيه، في حين انه لا يوقع على الطائش، وكل ما هنالك يمكن اعتبار الطيش في هذه الحالة نوعا ً من نقص الأهلية خلقه القانون و الاجتهاد، و لا يعتد فيه بسن الشخص (23 ) .
5- السفه ينقص التمييز و لا يعدمه ، و لا يترتب عليه سوى نقص الأهلية ،و تصرفات السفيه في ماله ، قبل الحجر صحيحة نافذة (24 )، لأن السفه أمر نسبي تقديري ، يختلف الناس فيه بحسب العرف والتقدير.

الفرق بين الغلط و الخطأ :

أن الغلط (l erreur ) : لغة أن تعيا بالشيء فلا تعرف وجه الصحة فيه(25 ) ًمن غير تعمد (26 ) . و الغلط من وجهة نظر فقهاء اللغة إنما يقع ممن لا يُحسن التحصيل ، و لاينعم التأ مل (27 ) .
أما الغلط في المصطلح القانوني فهناك مفهومان، أو تعريفان له تبعا ً للموضوع الذي يتناوله أو يعالجه:
فمن الناحية المدنية : هو حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غير الواقع (28 ) ، بأن تكون هناك واقعة غير صحيحة ، يتو هم الإنسان صحتها ، أو واقعة صحيحة يتوهم عدم صحتها ، و كلتاهما تدفعانه إلى القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل ، فالغلط تبعا ً لذلك يعتبر عيبا ً في الرضا يصيب العمل في تكوينه ( عقد – قرار 000 ) فيتم العمل تحت تأثيره ، و يشكل سببا ً للبطلان ، وغالبا ً ما يكون الغلط عفويا ً، و هذا ما يميزه عن التدليس الذي يكون متعمدا ً(29 )
فإذا وقع الغلط في ماهية الشيء، أو على صحة موضوع الالتزام، فإنه يعيب العقد من أساسه و ذلك:
– إذا تناول الغلط هوية الشخص، أو صفاته الجوهرية في العقود التي ينظر في إنشائها إلى الشخص المتعاقد كمن وهب مالا ً لآخر ظنه قريبا ً له، فاتضح له أن لا قرابة تربطه به.
– إذا تناول الغلط صفات الشيء الجوهرية ، فالعبرة هي فيما تصوره العاقدان أو العاقد من وجود هذه الصفة ، كما لو اشترى شخص تمثالا ً على أنه أثر ثمين ومن الذهب ، فاتضح أنه من ذهب ، و لكنه غير أثري ، فالغلط هنا مفسد للرضا ومؤديا ً إلى إبطال العقد .
و قد يتناول الغلط فاعلية سبب الالتزام ( كإنشاء تعهد من أجل التزام سابق، كأن يظن أنه مدني مع أنه كان طبيعياً ).
و لكن الغلط – في حالات أخرى – قد لا يؤدي إلى عدم صحة العقد ، إذا لم يكن هو الدافع إليه . كما في الصفات العرضية للشخص أو للشيء ، أو إذا كان الفرق بسيطا ً في قيمة الشيء ، أو مجرد بواعث ثانوية حملت على التعاقد . و إن الغلط القانوني يعتد به كالغلط العملي، ولكن الغلط الواقع على الشخص يعتد به ، و إن كان صادرا ً عن فريق واحد و البطلان الناتج عن الغلط هو بطلان نسبي ناشئ عن فكرة الحماية ، لذا يكون للمتعاقد الذي غلط وحده حق طلب الإبطال .

و قد تلقى البيّنة على الغلط صعوبة ، لأنها تنشأ من عامل نفسي ، لذا كان من الواجب على المتعاقدين أن يوضحوا جميع العناصر ، والظروف التي تحيط بموضوع العقد . ومن صور الغلط أو أنواعه :

-غلط قضائي:Erreur judiciaire
– غلط قانوني: Erreur de droit وهو الذي يتعلق بقاعدة قانونية تنطبق على العقد ،فيقع على وجود هذه القاعدة ،أو عدمه ، أو على مداها أو شروط انطباقها .كالوارث الذي يبيع حصته في الأملاك المتروكة من المؤرث معتقداً أنه يعود إليه ربع التركة ، ثم يتبين أنه يرث نصف التركة (النقيب –نظرية العقد – صفحة 193)
– غلط واقعي :Erreur de fait كالغلط في وجود واقعة ،أو في تقدير وضع يشكل عيبا ً ، يمكن أن يكون في بعض الحالات و الظروف سببا ً يشكل حسن نية ، كالذي يعتقد بوجود سلطات للوكيل الظاهري في الوكالة الظاهرة (30 )
– غلط بسيط: Erreur le gere
– غلط ظاهري واضح أو بيّن : Erreur manifeste
– غلط في شخص المتعاقد: Erreur de personne كالغلط في هوية المتعاقد أو في صفته الجوهرية ،
و يعتبر سببا ً للبطلان في العقود التي تبرم بالنظر إلى شخصية المتعاقد ، كما في عقود الزواج ، أو شركات الأشخاص مثلا ً .

– غلط أصلي وأساسي : Erreur radical
– غلط في ماهية الشيء : Erreur sur La Substance أي في الصفة المادية للشيء .
– غلط في الشيء :Erreur Sur La Chose
– غلط في الكمية :Erreur Sur La quantite
– غلط في العقدErreur Sur La Contrat :
– غلط مانع :Erreur Obstache(31 )

أما الغلط من الناحية الجزائية : فهو وضع ذهني ، يجعل الإنسان يقدم على فعل معتقدا ًبأنه مباح ، بينما هو جاهل بوجود قانون يجرم هذا الفعل،أو جاهل لعنصر من عناصر الفعل المادية التي تجعل منه جرما ًمعاقبا ًعليه في القانون( 32 ). ومن صوره :
1- الغلط القانوني:L erreur de droit و يقع على نص قانوني مجرِّم ، فيجهل الإنسان بوجوده ، أو يؤوله تأويلا ً غير صحيح (33 ) ، و يشكل حسن نية ، و إن كان لا يعتد به عملا ً بالقاعدة التي تقول : لا جهل في القانون ، و يمكن أن يكون سببا ً للطعن في الحالات التي لا تطبق فيها القاعدة القانونية ، أو يكون تطبيقها أو تفسيرها غير صحيح (34 ) .

و قيل في الغلط :
– الغلط الشائع يولد حقا ً ( قاعدة رومانية ) .
– الغلط المنتشر عامة يصبح كالقانون ( جيرار كورنو) .
2- الغلط المادي :L erreur materielle و يتحقق عندما يتم خرق القاعدة القانونية الآمرة التي تنص على مؤيد جزائي .
أما الغلط في الأمور الإدارية : فهو يدل على عيب صارخ في تقدير الإدارة ، وهو الذي يحاسب عليه القضاء الإداري ، استنادا ً إلى الرقابة على أعمال الإدارة .
أما الخطأFaute (35 ) : لغة فهو ضده الصواب ، يقال أخطأ الرامي الغرض : لم يصبه ، وقد يكون الخطأ مقصودا ً أيضا ً، خلافا ً للغلط ( المادة 190ع .عام ) أو غير متعمد ، و في التنزيل قوله تعالى : ) و ليس عليكم جُناح فيما أخطأتم به و لكن ما تعمدت قلوبكم ( ( سورة الأحزاب الآية 5 ) أي ليس عليكم ذنب أو إثم ، وقد يأتي الخطأ بمعنى الكفر كقوله تعالى 🙂 لا يأكله إلاّ الخاطئون ( ( الحاقّة 69 /37 ) أي الكافرون .
أما في المصطلح القانوني: فهو عمل غير قانوني ، يُفترض أن يجتمع فيه عنصران مادي ومعنوي ، كالقيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل ، يعلق عليه القانون نتائج قانونية إذا نجم عنه ضرر ( المادة 164 مدني ) هذا في الخطأ المدني ، أما الخطأ الجزائي فهو خرق لقاعدة قانونية أُقرنت بعقوبة جزائية (36 ) ، و هو ذو عنصر نفسي ( معنوي ) في الجرائم غير المتعمدة ، ويرتكز الخطأ فيها على عدم التبصر، و الإهمال و الرعونة ، وعدم مراعاة القوانين و الأنظمة ( المادة 189 ع عام ) .
و الفرق بين الخطأ المدني و الخطأ الجزائي هو أن الأخير يستتبع العقاب مع التعويض إذا كان الفعل مجرم قانونا ً ، ومعاقبا ً عليه ، في حين أن الخطأ المدني يستتبع التعويض فقط .

ومن صور الخطأ :
الخطأ التعاقدي :Faute contractuellela و يتحقق عند عدم مراعاة الالتزامات التي نص عليها العقد،كما في حال إعلان المدين رفضه لتنفيذ التزاماته ، أو حتى امتناعه عن التنفيذ ، أو عدم التنفيذ الجزئي ،أو التنفيذ السيئ للالتزام ،كما لو سلم المدين البضاعة إلى دائنه ، وهي غير المتفق عليها أساساً في العقد ،أو كما في حالة التأخر في التنفيذ (37 ) .

– الخطأ التقصيري :La Faute delictuelle وهو الفعل الضار .
– و هناك الخطأ المقصود:La Faute intentionnell و هو الذي يرتكب مع نية الإضرار بالغير . و يهدف إلى إحداث الضرر, و القصد هو الذي يحدد نوع الخطأ, فلا ينسب مثل هذا الخطأ إلى عديم التمييز مثلا ً ، و لا ينتفي إلاّ إذا أقام الفاعل الدليل على أنه لم تكن لديه نية الإضرار (38 ) .
– وهناك الخطأ البسيط أو الطفيف: La Faute legere و يكون عن رعونة و إهمال neglignce .

– و هناك الخطأ الجسيم:La Faute Lourde مسلك ينم عن حماقة مرتكبه المفرطة ، أو التهاون ، أو اللامبالاة ، أو عدم المعرفة الفنية في مجال تخصصه ( المواد 212- 218- 222- 226- 464 من القانون المدني ) و هناك ما يعرف بالخطأ المهني الجسيم في المجال القضائي و غيره ، الذي يستوجب دعوى المخاصمة ( المادة 486 وما بعدها من قانون أصول المحاكمات ) (39 ) .

– و هناك الخطأ ألمرفقي:La Faute de service و هو خطأ ناتج عن عمل ضار سببه سوء تنظيم المرفق العام , أو سوء إدارته و سير عمله ، يجعل الإدارة مسؤولة عن الضرر ، فإذا أُرتكب الخطأ أثناء الخدمة ، أو بمناسبتها تكون الإدارة مسؤولة عن عمل الموظف (40) .

و فيصل التفرقة بين الغلط و الخطأ هو أن القصد لا يفترض تحقق وقوعه في الغلط ، بينما أنه في الخطأ ممكن الحصول ، كما إن إثبات الغلط ليس سهلا ًإذ يجب الرجوع لغرضه إلى مضمون العقد ، و صفات الشيء موضوعه ، والثمن المحدد فيه ، و إلى العرف و العادات استخلاصا ً لقرائن توجه في الإثبات (41).
في حين أن الخطأ يمكن إثباته بإثبات السببية بين ارتكاب الفعل و النتيجة ، كما أنه يؤخذ بالخطأ اليسير للمساءلة المدنية أو حتى الجزائية ما دام قد تم إثبات وقوعه ، بينما نجد أن الاجتهاد القضائي يشترط في الغلط أن يكون فادحا ً ،و إلاّ كان مغتفرا ً (42) .

الفرق بين التوقيع و الإمضاء 🙁 * )
التوقيع : (بينات ) : هو ما يلحق بالكتاب أو الطلب بعد الفراغ منه ممن رفع إليه ، تقريراً للقيام بعمل ، أو الامتناع عن القيام بعمل ، أو توجيها ً ، أو إتباع إجراء معين ، أو حتى تحذيرا ً ، كأن يكتب في ذيل الكتاب أو على ظهره مثلا ً : ينظر في أمر هذا ، أو يستوفى لهذا حقه ، أو نحو ذلك ، فهذا يعتبر توقيعا ً . فقد رُفع كتاب إلى جعفر بن يحيى الكاتب يُشتكى فيه من عامل ، فكتب على ظهره يا هذا : قد قلّ شاكروك و كثر شاكوك ، فإما اعتدلت و إما اعتزلت (43) . و من توقيعات المأمون في قصة متظلم من عمرو بن مسعدة:00 يا عمرو ، عمِّر نعمتك بالعدل ، فإن الجور يهدمها (44) . ومن التطبيقات القضائية للتوقيع في الوقت الحاضر مايوقعه قاضي التنفيذ بصيغة قرارات ،كأن يوقع بناءً على طلب،أو إفادة أحد أطراف القضية التنفيذية مثلا ً ما نصه : 000 يحجز لقاء المستحق القانوني ، و يسطر كتاب إلى السجل 000 يشعر بذلك . و غير ذلك من التوقيعات التي تأخذ صيغة القرارات القضائية .

أما الإمضاء(45)Signature : و هو يختلف عن التوقيع ، ومصدره مضى يمضي مضاءً ،و أمضيته إمضاءً ، وكل شيء أجزته عنك فقد أمضيته ( جمهرة اللغة لابن دريد ) و يمكن تعريفه بأنه : إشارة ، أو علامة ، أو بصمة ، أو سمة ، أو خاتم ( معدني – ميكانيكي – الكتروني ) يوضع أسفل الورقة المكتوبة أو البيضاء ، أو على الحواشي و الملاحق ، و الصفحات المرتبطة مع بعضها بعضا ً بوحدة التزام للتأكيد أن صاحبها هو المنسوب إليه الإقرار أو التصريح ، و أنه صحيح ، وتعهده بتنفيذ مضمونه. و الإمضاء واجب في الأعمال الرسمية ، كالأحكام ، و القرارات الإدارية ، والأسناد، والشيكات و غير ذلك .

وهو – أي الإمضاء – عنصر إثبات يُلزم وا ضعه . و من صوره :
-الإمضاء بالوكالة: Singnature par procurationو هو السلطة التي منحها صاحب الحق بالتفويض إلى شخص أن يضع إمضائه عنه ( تفويض الإمضاء ) .
– إمضاء على بياض Blanc- Signe و يكون على ورقة بيضاء بكاملها, أو على جزء منها ،لغرض إبرام عقد ، أو الإقرار أو الإدلاء بتصريح كتابي ، ويخشى في هذه الحالة من إساءة استعمال الورقة البيضاء المذيلة بإمضاء ،و ذلك بكتابة موضوع أو جملة تسبق الإمضاء تختلف عما هو متوقع ، و متفق عليه، و قد تلحق آثاراً ً سيئة بصاحب الإمضاء (46) .

– الإمضاء المؤيد : ٍSin Certifie و هو الذي يؤيد إمضاءً آخر بجواره ، مثل المراسيم التي تحمل إمضاء الوزراء وفقا ً لموضوعاتها ، و تحملا ً لمسؤوليتها ، ويسمى أيضا ً التوقيع الإضافي أو المجاور .
– الإمضاء المختصر ( التأشير ).Paraphe
– الإمضاء في الهامش :Emargement .

– إمضاء الشركة: Signature Sociale و هو غالبا ً ما يترافق مع ختم الشركة.
ونلحظ في هذا الخصوص أن القانون و التعامل يخلطان بين التوقيع و الإمضاء، أو يستعملانهما بمعنى واحد.من ذلك ما نصت عليه المواد:4 ,5،6، 9، 10، 27 ، 28 من قانون البينات ، و كذا في غيره من القوانين ،فالمادة /10/ بينات تنص :
1- من احتج عليه بسند عادي ، و كان لا يريد أن يعترف به ، وجب عليه أن ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خط أو توقيع أو خاتم أو بصمة إصبع ، و إلاّ فهو حجة عليه بما فيه .
فالمقصود في هذه المادة من الخط أو التوقيع أو الخاتم أو بصمة الإصبع هو الإمضاء.
وفي هذا السياق نرى أنه قد يتصاحب التوقيع مع الإمضاء، وقد يفترقان و ينفرد كل منهما بوجوده عن الآخر.
ونخلص إلى القول في صدد التفرقة بين التوقيع و الإمضاء بأن الأول أي التوقيع يأخذ شكل وصيغة القرار أو الحكم أو التوجيه لما يتضمنه في عباراته و آثاره من طابع الإلزام (47) في حين يمكن عد أو اعتبار الإمضاء تنفيذا ً أو أمرا ً بالنفاذ (48) فلو فرضنا جدلا ً أن قاضيا ً أصدر حكما ً أو قرارا ً – مع لحظ الفارق بينهما – و لم يذيلهما بوضع إمضائه فهل ينفذ هذا الحكم أو القرار ؟ .

الفرق بين الدفاع ، و الدفع ( أصول ) :
إذا كانت الدعوى هي حق لكل ذي مطلب ، و ذلك بأن يتقدم بهذا المطلب إلى القضاء ليحكم له بموضوعه فإنه بالمقابل يكون للمدعى عليه الحق في الرد على الدعوى ، إما بدفاع ، أو دفع ، لدحض مطالب المدعي في صميم الحق ، أو في إجراءات الحصول عليه ، وهي – أي الدعوى – أشبه ما تكون بحرب مسرحها ساحة القضاء (49) .

فالدفاع ( الدفوع الموضوعية ) :Defenses au Fond هو كل سبب يرمي الخصم من خلاله إلى رد طلب ( دعوى ) خصمه ، بعد بحث الحق في الموضوع ، ويسمى الدفاع بأسباب الدفاع كما في التشريع اللبناني .فالدفاع ،أو أسباب الدفاع هي الأسباب التي يُدلى بها بعد بحث الحق في الموضوع ، فهي وسيلة من شأنها الانقضاض على أصل الحق المدعى به ( 50 ) . كأن ينكر المدعى عليه وجود هذا الحق الذي أسس المدعي الدعوى عليه،كإنكار العلاقة التعاقدية مثلا ً( 51 ) . فالدفاع وسيلة موجهة مباشرة ضد مطلب أو مطالب المدعي ، هدفها بيان عدم صحتها ، و عدم استنادها إلى أساس موضوعي سليم و صحيح ، وانقضائها بوسيلة من وسائل انقضاء الالتزام أو سقوطه ( مدني ) . لذا لا يمكن حصر أسباب أو وسائل الدفاع ، إذ يتوقع وجودها في معظم التشريعات الموضوعية .

و الدفاع له ذات الطبيعة القانونية التي لطلبات المدعي ، فهو يخضع لذات الشروط التي يخضع لها طلب المدعي لقبوله ، كتوافر الصفة ، والمصلحة ، و الأهلية ، عملا ً بقاعدة أو نظرية توازي الأشكال Parallelisme des Forms فكما أن الدعوى حق ممنوح للمدعي ، فإن الدفاع كحق متواز ممنوح للمدعى عليه لدحض مطالب المدعي ، إذ جعل من هذين الحقين العنصران المكونان للدعوى ، التي غدت مظهرا ً إيجابيا ً من جهة ، و من جهة أخرى مظهرا ً سلبيا ً ، لمسألة نزاعية واحدة ( 52 ) .

أما الدفعException( 53 ): فهو وسيلة منازعة في مجرى المحاكمة ، ولا يتناول أصل أو موضوع الحق المدّعى به ، بل ينصب على الإجراء الذي بُني عليه استدعاء الدعوى ، بهدف تأخير البحث في موضوع هذه الدعوى ، إما لأن المحاكمة غير قانونية ، أو لأنها ساقطة ، أو لوجود سبب يستوجب وقف سيرها ، و ذلك بقصد تفادي الحكم مؤقتا ً في الموضوع ( 54 ) . فالدفع هو عائق و لكنه مؤقت ، يوجه ضد الإجراءات الأصولية في الدعوى، وعلى شكل الخصومة فيها .

فالدفوع بمعناها الواسع ، هي مختلف الوسائل التي يلجأ إليها المدعى عليه للرد على مطالب المدعي ، وتفادي صدور الحكم ضده في الدعوى ( 55 ) .ويمكن حصر الدفوع تبعاً لما تقدم في فئتين:

الفئة الأولى الدفوع الشكلية ( الإجرائية ) :Exceptions و هي التي توجه إلى الخصومة أو إلى بعض إجراءاتها دون التعرض للحق المدعى به ( الموضوع ) و يقصد من هذه الدفوع الحؤول دون صدور الحكم على المدعى عليه في وضع الدعوى القائم( 56 )و تدعى أيضا ً بالدفوع الأولية xception prejudicielle أي التي يجب أن تبدى ابتداءً و قبل البحث في الموضوع ( 57 ) فهي دفوع تنصب على شكل الخصومة ، لتشكل عائقا ً مؤقتا ً لإجراءات الدعوى .

الفئة الثانية الدفوع بعدم القبول :Fins de non- Recevoir وهي الدفوع التي لا توجه إلى ذات الحق المدعى به ، ولا إلى إجراءات الخصومة ، و إنما تنصب على صحة الشروط التي يتطلبها القانون لرفع الدعوى ، أو تقديم الطلب العارض ، أو الطعن في الحكم . كانعدام المصلحة في رفع الدعوى ، أو انتفاء شرط من شروط صحتها ، أو سقوط حق المدعي في رفع الدعوى لسبق الصلح بينه و بين المدعى عليه على موضوع النزاع نفسه أو لعلة التقادم أو السقوط ( 58 ) .

و الدفع بعدم قبول الدعوى لا يدخل في عداد الدفوع الموضوعية ، و لا في عداد الدفوع الشكلية ، إذ إنه في حال صحته يقضي برد الدعوى دون المساس بالموضوع ( 59 ) فهو يختلف عن الدفع الشكلي و يقترب من الدفع الموضوعي في أنه لا يتناول إجراءات المحاكمة ، ويصح الإدلاء به في أية حالة تكون عليها الدعوى , و لو بعد التعرض للموضوع ، كما أنه يختلف عن الدفع الموضوعي و يقترب من الدفع الشكلي في أنه لا يتعرض إلى موضوع الدعوى لكن إلى الحق بالإدعاء , أي حق رفعها إلى القضاء (60)

و يعتبر من الدفوع بعدم قبول الدعوى : الدفع بانتفاء الصفة لدى الخصوم ، أو بانتفاء الأهلية ، أو انتفاء المصلحة لدى المدعي ، وكذلك الدفع بسقوط الدعوى لإقامتها بعد انقضاء المهلة المعينة في القانون ، و الدفع بسقوط الاعتراض ، أو الاستئناف أو النقض لتقديمها بعد مضي المدة ، و الدفع بعدم قبول طلبات جديدة في الاستئناف – و قد تنشأ هذه الدفوع عن نص في القانون كما قد تنشأ عن أحكام العقد (61) .
بقي أن ننوه ، و قبل رصد الفارق بين الدفاع و الدفع ، بالدفوع و الدفاع في المسائل الجزائية فالدفع الشكلي الجزائي : هو دفع إجرائي يتصدى للملاحقة القضائية أمام القضاء الجزائي ، و تحديدا ً لمجرى هذه الملاحقة للنيل من صحتها ، أو لوقف سيرها ، دون التعرض – في هذه المرحلة الإجرائية – إلى موضوعها أو المناقشة فيه . أما الدفاع فهو تطرق للموضوع ، ويقاس على ذلك ما تم ذكره سابقا ً في هذا الصدد باعتبار أن قانون أصول المحاكمات في المواد المدنية يعتبر قانونا ً عاما ً فيما سكت عنه قانون أصول المحاكمات الجزائية ، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن القانون الأخير قد تطرق إلى الدفوع الشكلية ، فسماها تحديدا ً ، و لم يعط تعريفا ً لها ، من ذلك ما نصت عليه المادة 73 أصول جزائية من أن دفوع المدعى عليه أمام قاضي التحقيق هي 1- عدم الاختصاص 2- عدم سماع الدعوى 3- سقوطها 4- الفعل لا يستوجب عقابا ً .

إلاّ أنها أوجبت على قاضي التحقيق أن يستمع للمدعي الشخصي و استطلاع رأي النائب العام و أن يفصل في هذه الدفوع خلال أسبوع من تاريخ الإدلاء بها و قراره قابل للاستئناف .

وقد ذهب الفقه إلى تسمية هذه الدفوع الشكلية ب : (( العقبة المؤقتة )) لإقامة الدعوى العمومية ، أو مباشرتها من الناحية الإجرائيةCuche et Vincent 1960 no: 27 و لابد من الإشارة إلى أنه إذا قبل الدفع الشكلي الإجرائي فإن نتيجته تتجسد بانقضاء الدعوى العمومية , و قد يكون الانقضاء نهائيا ً ، كما في الدفع بالتقادم أو العفو العام ، وقد يكون الانقضاء مؤقتا ً كما في الدفع بعدم الاختصاص المكاني لقاضي التحقيق (62) و تبعا ً لما تقدم يمكن رصد الفروق بين الدفاع ( الدفع الموضوعي ) و بين الدفع في النقاط التالية :

1- التمسك بالدفاع – في حال قبوله و الحكم برد الدعوى – يؤدي إلى منع المدعي من رفع ذات الدعوى مجددا ً أمام القضاء في مواجهة نفس المدعى عليه.
أما الدفع الشكلي فلا يمنع المدعي من إقامة الدعوى مجددا ً أمام القضاء بذات الموضوع و السبب ، بعد اجتناب النواقص و العيوب ، لأنه لم يتناول أساس الحق .
2- يجوز التمسك بالدفاع و إثارته في جميع مراحل الدعوى أما الدفع فيجب التمسك به في بدء المحاكمة ، وقبل أي دفاع في الأساس (63) .
3- لا يخضع التمسك بالدفاع لأي ترتيب خاص ، في حين أن الدفع يخضع للترتيب المعين في القانون تحت طائلة رده .
4- يتلازم الفصل في الدفاع مع الفصل في أساس الدعوى, و لا يمكن البت فيه بالاستقلال عنه .
أما الدفع فتفصل فيه المحكمة قبل البحث في أساس النزاع ، ما لم تر ضمه إلى الأساس و الفصل فيهما بحكم واحد (64) .

و خلاصة القول : يمكم تشبيه الدفاع بأنه طعن في قلب الدعوى ، في حين أن الدفع هو طعن في أطرافها .
30 – الفرق بين الحبس ، والسجن ( عقوبات ) :
الحبس(65) : لغة هو المنع ، حبست الشيء منعته . قال تعالى: ) تحبسونهما من بعد الصلاة ( المائدة 106 . و الحبس : مصنع الماء الذي يحبسه ، و يمنعه من التسرب ، و الأحباس جمعٌ ، والتحبيس جعل الشيء موقوفا ً على التأبيد ، يقال هذا حبيس في سبيل الله (66) .
و يقال كبَّلَهُ : حبسه في سجن أو غيره (67) . ويقال طال حبسه ، أي منعه من الحرية ، و الحبس هو العقوبة المحكوم بها .
و الحبس في المصطلح القانوني :Emprisonnement وضع شخص في مؤسسة إصلاحية ( هي كالسجن ) و هي عقوبة ما نعة للحرية ، و من أنواعه أو أشكاله (68) :

– الاعتقال: و هو في الجنايات عموما ً ( المادة 37 عقوبات عام ) .
– الحبس التكديري :Correctionnel de Police ( مخالفة ) عقوبة مانعة للحرية خاصة بالمخالفات ( أي أصغر الجرائم ) حدها الأدنى يوم واحد /24 ساعة / وحدها الأقصى عشرة أيام . ( المادة 60 عقوبات عام) .
– الحبس الجنحي :Correctionnel و هو الحبس البسيط و تتراوح مدته بين عشرة أيام و ثلاث سنوات . إلاَّ إذا انطوى القانون على نص خاص ( المادة 51 عقوبات عام ) .
أما السجن(69)Prison : لغة بكسر أوله وسكون ثانيه ، مفرد سجون . هو المكان الذي يوضع فيه المتهمون ،أو المحكومون بعقوبة مانعة للحرية إذ يمضون فيه ( أي السجن ) مدة عقوبتهم المقررة لفعلهم قانونياً، و يذهب بعض فقه اللغة إلى أن السَّجن بفتح السين و تشديدها ، مصدر سَجَنَ يَسجُن سَجنا ً إذا حبس (أي منع من الحرية ) في مكان ( أي موضع )يدعى ( السِجن ) . و على ذلك نقول : حكمت عليه المحكمة بسنةٍ حبسا ً ( منعا ً ) يقضيها في سجن كذا 00 و يوضع في السجن تنفيذا ً لهذا الحكم ( أي حكم الحبس ) و جاء في القرآن الكريم في قصة يوسف عليه السلام 🙂 ربِّ السِّجنُ أَحبُّ إليَّ( يوسف الآية33 . وجاء أيضا ً: )ودَخَلَ مَعَهُ السِّجنَ فَتَيان00( يوسف الآية 36 وجاء أيضا ً: )فلبث في السِّجن بضع سنين ( يوسف الآية 42(70 ) .و في المصطلح القانوني: هو مؤسسة معدة لاحتجاز الأشخاص المحرومين من حريتهم بفعل قرار قضائي (71 ) .

فالفرق بين الحبس و السجن هو أن الأول عقوبة تتضمن المنع من الحرية و تقييدها بمدة معينة ،تبعا ً لجسامة الجرم في حين أن السجن هو المكان أو الموضع الذي تنفذ فيه هذه العقوبة .إلاَّ أننا نجد في الواقع العملي و التعامل القضائي خلطا ً بينهما ،فتارة يستعملان كعقوبة للفعل ، وتارة للموضع الذي تنفذ فيه هذه العقوبة .

دمشق – صيف العام 2008 المحامي مازن النهار

الهوامش:
* – نشر الجزء الثاني من هذا البحث في العددين 3-4 من مجلة ( المحامون ) لعام 2007 ص 332 وما بعد.

(1) – من أسماء المهر في اللغة : النحِلة ، و الأجر ،والفريضة ، و العُقر ، وجياء ، وَ طولأ ، ومعنى النِحلَة في اللغة العطاء بلا عوض .من ذلك أن رجلا ً تزوج امرأة ، فلما دخل عليها قالت : لا أطيعك حتى تعطيني مهري ، فنزع إحدى خدمتيها مفردها خدمة ( خلخالها ) من رجلها ، ودفعها إليها فرضيت بذلك لحمقها ، راجع لسان العرب لابن منظور . و قالوا أيضا ً ((كالممهورة من مال أبيها )) ذلك أن رجلا ً أعطى آخر مالا فتزوج به ابنة المعطي ، ثم امتن عليها بما مَهرَها ، و بما ساقه إليها ، يضرب في الذي يمنُ فيما ليس له . راجع تاج العروس للزبيدي . وفي المهر قال أبو العلاء المعري:
تزوج دنياه الغبيّ بجهله فقد نشزت من بعد ما قُبض المهرُ

(2) – – الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية – د. محمد محيي الدين عبد الحميد .الطبعة الثالثة -1966- مطبعة السعادة بمصر- صفحة 132.

(3) –الفروق اللغوية للعسكري – الفقرة 1249 و يذهب الراغب الأصفهاني في كتابه مفردات ألفاظ القرآن الكريم إلى أن الصداق لا يجب في مقابلته أكثر من تمتع دون عوض مالي , من ذلك قوله تعالى : ) و آتوا النساء صدقاتهن نحلة ( النساء /4 – المرجع السابق صفحة 795 .

(4) -السياق : و تلفظ القاف بالجيم المصرية ، ساق إليها الصداق سياقا ً و أساقه ، لأن الصداق كان عند العرب الإبل ، وهي التي تساق ، ثم استعمل ذلك في الدرهم و الدينار و غيرهما راجع : ( المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده ) وكذلك ما يعرف في بعض المناطق بالملاك ( بسكون الميم ، كما في لغة الحلبيين ):وهو الهدية التي يقدمها العريس ( الزوج) لعروسه (الزوجة ) بعد الخطبة ، وقبل العقد(الكتاب في لغتهم) من سوار أو عقد أو خاتم 0000 فيقولون في اللهجة المحلية : ( خطبنا لمحمد ، وصار الكتاب و التقبيض، وعطينا الملاك ، و العرس قريبا ً عقبال عندكن )من العربية الملاك :عقد ة الزواج ، وأنكرها الجوهري . و العادة المتبعة : إذا قلب ( نكل ) أهل العروس أعادوا الملاك كاملا ً ، أما إذا عدل أهل العريس و كان لم يشاهد عروسه استردّه كاملا ً ، و إذا كان شاهدها فيسترد نصف الملاك .( أي إن الموضوع هنا لا يتعلق بمهر إنما في أغلب الظن – أنه صداق وبالمناسبة ومن عاداتهم أنهم يزينون العروس ليلة الملاك و أمامها مرآة كبيرة لترى زينتها ، ثم يمررون طفل يلبس ثوبا ً أخضر بينها وبين المرآة تيمنا ً ، وهذا الطفل يسمونه الطير الأخضر . راجع في هذا الخصوص موسوعة حلب المقارنة لخير الدين ألأسدي – المجلد السابع – الطبعة الأولى 1988- صفحة 189.
و الدليل على الفرق بين الصداق و المهر أن هند بنت النعمان كانت أحسن نساء زمانها ، فوُصف للحجاج حسنها فخطبها ، و بذل لها مالا ً جزيلا ً وتزوج بها ، وشرطوا لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم كمهر .راجع : إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس للأتليد ي– دار صادر – بيروت الطبعة الأولى 1999 صفحة 73 .
وتسمى أيضاً الإبل التي تساق في الصداق النوافج . على أن من العرب من كان يكره ذلك كقول شاعرهم :
و ليس تلادي من وراثة والدي ولا شأن مالي مستفادُ النوافج
ألصاحبي في فقه اللغة لابن فارس – صفحة 100 . ومن ذلك أيضا ً قول مهيار الديلمي : وأمهرتموها وارتجعتم صداقها فهل تستحلون النكاح بلا مهر

(5) – ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا ً ، أو تمرا ً فقد استحل )) و السويق هو الناعم من دقيق الحنطة و الشعير . راجع كتاب المهر في الإسلام بين الماضي والحاضر للشيخ محمود الشيخ – المكتبة العصرية – صيدا- بيروت 2003 صفحة 37.

(6) – يذهب الراغب الأصفهاني في كتابه : مفردات ألفاظ القرآن، إلى أن السفه : خفة في البدن ، ومنه قيل : زمام سفيه : كثير الاضطراب ، و ثوب سفيه : رديء النسج ، و استعمل في خفة النفس لنقصان العقل ، وفي الأمور الدنيوية و الأخروية ، فقيل : ) سَفِهَ نفسه ( البقرة /130 وأصله سفهت نفسه ، فصرف عنه الفعل . قال في السفه الدنيوي 🙂 و لا تؤتوا السفهاء أموالكم ( النساء /5 أي سيئي التصرف في الأموال . وقال في الأخروي : ) وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ( الجن /4 فهذا من السفه في الدين . دار القلم ، الدار الشامية – دمشق – بيروت – طبعة أولى 1996 صفحة 414 . و السفهاء : الخفاف العقول : اليهود ومن اتبعهم كقوله تعالى : ) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ( البقرة 2/142 و السفاهة : خفة العقل كقوله تعالى : ) قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهةٍ و إنا لنظنك من الكاذبين ( الأعراف 7/66 و في هذا السياق يقول الشاعر محمود سامي البارودي :
شارفت ساحتها في فتية ألفوا صدق الوداد فلم تعرض له شبه
موقرون كرامٌ لا يخف بهم طيشٌ ولم يجر في أخلاقهم سفهُ

(7) – انظر حلو أبو حلو – نظرية الاستغلال في الشريعة و القانون – دار الحداثة بيروت – الطبعة الأولى 1986 صفحة 102.

(8) – د . أحمد ألحجي الكردي – الأحوال الشخصية – المطبعة الجديدة – دمشق طبعة 1986 صفحة 36 .

(9) – – المرجع السابق صفحة 22

(10) – السابق صفحة 37.

(11) – المحامي عزة ضاحي – المبادئ القانونية التي قررتها الغرف الشرعية لمحكمة النقض السورية في قضايا الأحوال الشخصية من عام 1953 حتى 1976 .قاعدة 196 – صفحة61 .

(12) – نقض سوري – الغرفة الشرعية – أساس 405 قرار 410 تاريخ 13/10/1969 – القاعدة 1215 – صفحة 740 المرشد في الأحوال الشخصية للاستانبولي – الجزء الأول – الطبعة الثانية 1989 .

(13) – نقض سوري قرار 495/497 تاريخ 23/5/1976 القاعدة 29 – صفحة 14 – عزة ضاحي مجموعة المبادئ 1976-1990 .

(14) – المحامي الأستاذ سعدي أبو جيب – التذكرة في القضاء الشرعي – الجزء الأول – الطبعة الثانية 2008 المكتبة القانونية صفحة 311.

(15) – المرجع السابق – صفحة 314

(16) -. المرجع السابق –صفحة 324و في هذا الخصوص، قد ينصرف معنى السفه في التداول العامي إلى السلاطة، و سوء الخلق. فيقال فلان سفيه ، أو فلانة سفيهة . و لا غرابة ، فهذا من معاني السفه . من ذلك انه لما ألزم سقراط التزويج ، على عادتهم في إلزام الفاضل بالتزويج ، ليبقى نسله بينهم . طلب تزوج المرأة السفيهة ، التي لم يكن لها شبهٌ في السلاطة ليعتاد جهلها ، و الصبر عليها ، ويقدر أن يحتمل جهل العامة ، و الخاصة . انظر مختار الحكم و محاسن الكلم ، لأبي الوفاء المبشر بن فاتك . تحقيق د . عبد الرحمن بدوي – المؤسسة العربية للدراسات و النشر – بيروت – الطبعة الثانية 1980 صفحة 82

(17) – و من معاني الطيش : طاش فلان : ذهب عقله ، طاش : أخطأ ، طاش السهم و نحوه عن الهدف : جاز عنه و لم يصبه ، طاشت يده في الصّحفة : خفت و تناولت من كل جانب ، طاشت رجله عن الأمر : زاغت . راجع معجم الأخطاء الشائعة لمحمد العدناني – مكتبة لبنان – بيروت – الطبعة الثانية – 1985 – صفحة 159 . و يقال في الأمثال : نزق الحقاق ، والحقاق و المحاقّة ، و هي المخاصمة و النزق و الطيش والخفة ، يضرب لمن به طيش عند المخاصمة . مجمع الأمثال للميداني ، و يقول عباس محمود العقاد في الطيش:
لله قومي كيف عكر صفوهم طيش الشيوخ وخفة الشبان ؟
و الحزم أن تحذر ما تتقي و قلما يغنيك فيه الحذرُ

(18) – كتاب العين للفراهيدي , الجزء السادس ، صفحة 276

(19) – . نظرية الاستغلال للحلو – مرجع سابق – صفحة 98

(20 ) – نقض سوري – اجتهاد صادر بتاريخ 17/11/1960 . انظر كتاب دعاوى الغبن لنزيه شلالا – منشورات الحلبي الحقوقية – الطبعة الأولى – بيروت 2002 صفحة 80. ومن تطبيقات الطيش و الاستغلال في الاجتهاد القضائي أنه ( إذا عللت محكمة الاستئناف قرارها القاضي بإبطال البيع بسبب الغبن ، لوجود تفاوت شاسع بين قيمة المبيع وثمنه ، على أساس ما يثبت أن البائع كان مبذرا ً ، و سكيرا ً ، و مقامرا ً ، ومرهقا ً بالدين ،وأن حالته هذه كانت معروفة من المشتري ، فإن التعليل يكون كافيا ً للحكم بإبطال البيع بسبب الغبن )) تمييز لبناني. انظر نظرية الاستغلال للحلو ، صفحة 99 . و من ذلك ما حكمت به محكمة استئناف القاهرة ، من أن ادعاءات المشتري بأنه تسرع في شراء الصيدلية بالثمن المتفق عليه نتيجة حالة من الطيش، و الاندفاع نحو شراء هذه الصيدلية للاحتفاظ بأي مبلغ مالي ، ما هي إلاّ مجرد كلمات ليس لها أساس من الصحة ، و تأكد لدى المحكمة انتفاء هذه الحالة وقت الشراء ،و الدليل أن المشتري صيدلي محترف للمهنة ، مما ينفي ادعاءه . الأهرام الاقتصادية – تاريخ 27/11/2005 – صفحة 13 .

(21) – الحلو – نظرية الاستغلال – صفحة 98 .

(22 ) – . المرجع السابق – صفحة 98 .

(23 ) –المرجع السابق – صفحة 103.

(24 ) – المرجع السابق صفحة 102 .

(25 ) – و يقال : غلط في الأمر يغلط غلطا ً , وأغلطه غيره ، والعرب تقول : غلط في منطقه 00 و يقال مسألة غلوطٌ إذا كان يغلط فيها . راجع لسان العرب لابن منظور – وما بعد .دار صادر بيروت طبعة 2000 . و الغلط لا يكون إلا في الكلام ، فإذا كان في الحساب فهو غلت . راجع أدب الكاتب لابن قتيبة صفحة 245 .

(26 ) – انظر تاج العروس للزبيدي ، و المحكم و المحيط الأعظم لابن سيده .

(27 ) – أسرار البلاغة في علم البيان لعبد القادر الجرجاني – تحقيق محمد رشيد رضا – دار الفكر – د.ت .

(28 ) – د. السنهوري – الوجيز في النظرية العامة للالتزامات في القانون المدني – المجمع العلمي العربي الإسلامي – بيروت صفحة 90 و يعرّفه الأستاذ الزرقا بأنه توهم يتصور فيه العاقد غير الواقع ، فيحمله ذلك على إبرام عقد لولا هذا التوهم لما أقدم عليه ، المدخل الفقهي العام – الجزء الأول – المجلد الأول – مطبعة جامعة دمشق 1959 – صفحة 384 .كما يذهب بعض الفقه المقارن إلى أن الغلط اعتقاد يقوم في ذهن المتعاقد يدفعه إلى التعاقد 00 د. حسين عطا سالم – نظرية الغلط في القانون و الشريعة – دار الحداثة – بيروت – الطبعة الأولى 1986 صفحة 18 و ما بعد، و يقسم الغلط إلى حالات فهناك الغلط في صفة جوهرية بالشيء ,و غلط في الشخص ، و غلط في القيمة ، و غلط في الباعث ، و غلط في الواقع ،وغلط في القانون، للتفصيل راجع المصدر السابق .

(29 ) – جيرار كورنو – معجم المصطلحات القانونية – الجزء الثاني – المؤسسة الجامعية – بيروت – الطبعة الأولى 1998 صفحة1168 و يذهب الفقه القانوني الفرنسي إلى أن الغلط : هو عدم ملاءمة بين التصور الفكري للصفة الجوهرية للشيء موضوع العقد من جهة و الحقيقة من جهة ثانية – جاك غستان – المطول في القانون المدني الفرنسي – تكوين العقد – فقرة 490- صفحة 511- المؤسسة الجامعية بيروت – طبعة أولى سنة 2000 . فالغلط الواقع على مادة الشيء يكون جزاؤه الإبطال ،كما لو أن شخصاً وضع إمضاؤه على مستند لم يقرأه لأنه لم يكن يحمل نظارتيه ، وكان قد أخذ فكرة خاطئة عن المستند الذي أمضاه .نقض مدني فرنسي 4/1/1949- داللوز 1949-صفحة 135- د. عاطف النقيب – نظرية العقد- بيروت –باريس-الطبعة الأولى 1988 صفحة 170.وأن مزارعون لايجيدون القراءة قد وضعوا إمضائهم على تعهد لم يتل على مسامعهم قبل إمضاءه ،ولم تعرض عليهم حقيقة مضمونه ومداه. نقض مدني فرنسي 25/5/1964 داللوز – 1964-صفحة 626 المرجع السابق صفحة 174.

(30 ) –راجع مقالنا بعنوان أحكام الوكالة الظاهرة ، منشور في مجلة ا لمحامون العددان 9-10 لعام 2005 صفحة 827 .

(31 ) – القاموس القانوني الثلاثي لنخلة و بعلبكي و مطر – منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – الطبعة الأولى 2002- صفحة 1242 .

( 32 ) – انظر د. مصطفى العوجي – المسؤولية الجنائية –مؤسسة نوفل – بيروت – طبعة 1985 صفحة 369 ، و يعّرفه البعض بأنه ظن غير مطابق للحقيقة لدى مرتكب الجرم ، كالغلط في هوية أو شخص الضحية .

(33 ) – المرجع السابق صفحة 376 .

(34 ) يذهب الاجتهاد القضائي إلى أنه : لا يجوز التمسك بالغلط في القانون إلاّ إذا كانت القاعدة القانونية المدعى وقوع الغلط فيها منصوصا ً عليها قانونا ً ، أو مجمع عليها قضاء ً- راجع مجلة القانون و الاقتصاد المصرية العدد السادس السنة الثامنة 1938 صفحة 220 وما بعد .كما قضي بأنه : يعود إلى الضحية تقديم البينة على الغلط الذي ارتكبته . نقض فرنسي قضية السيدة Michelet التي أمضت، لدى قبولها في المستشفى المطبوعة المتعلقة بشروط استشفائها في غرفة خاصة، فإنه يقع عليها، و قد تذرعت بالغلط من قبلها، إثبات وجود عيب في الرضا. انظر: جاك غستان – المطول في القانون المدني الفرنسي ( تكوين العقد ) المؤسسة الجامعية – بيروت طبعة سنة 2000 صفحة 522 .

(35 ) – يذهب الراغب الأصفهاني إلى أن الخطأ هو : العدول عن الجهة ، وذلك أضربٌ (حالات ) :
1-أن تريد غير ما تحسنُ إرادته فتفعله ، و هذا هو الخطأ التامُ المأخوذ به الإنسان ، يقال خطئ ، يخطأُ، خطِأ ، خًطأ ،قال تعالى : ) إن قتلهم كان خِطئاً كبيرا ً ( ( الإسراء31 ) و قال : ) و إن كُنَّا لخاطئين( يوسف 91 .
2- أن يريد ما يُحسن فِعله ، ولكن يقع منه خلافُ ما يريد فيقال : أخطأَ ، إِخطاءً فهو مخطئ ، و هذا قد أصاب في الإرادة و أخطأ في الفعل كما في قوله صلى الله عليه وسلم : رُفع عن أُمتي الخطأ و النسيان 00 و بقوله : (( من اجتهد فأخطأ فلهُ أجرٌ )) و قوله تعالى : ) من قتل مؤمنا ً خطأً فتحرير رقبة ( النساء 92.
3- أن يريد ما لايحسن فعله و يتفق منه خلافه ، فهذا مخطئ في الإرادة ومصيبٌ في الفعل ، فهو مذمومٌ بقصده ، و غير محمود على فعله ، كما في قول الشاعر : أردت مساءتي فاجتررت مسرتي و قد يحسن الإنسان من حيث لا يدري
وجملة الأمر من أراد شيئا ً فاتفق منه غيره يقال : أخطأ ، و إن وقع منه كما أراده يقال أصاب.

(36 ) مصطفى العوجي –المسؤولية الجنائية – السابق صفحة 43 . ويتحقق الخطأ المدني عندما يخرق فرد موجبات (التزامات ) التزم بها ،أو مفروضة عليه بحكم القانون أو طبيعة الشيء الذي يتد اوله فينتج عن هذا الخرق ضرر يلحق بالغير ،دون أن يكون موضوع تجريم – المرجع السابق .

(37 ) – د. عبد اللطيف الحسيني – المسؤولية المدنية عن الأخطاء المهنية – الشركة العالمية للكتاب – بيروت – الطبعة الأولى 1987 – صفحة 38 و ما بعد، و يشترط في الخطأ المقصود عناصر ثلاثة : الأول : اتجاه إرادة الفاعل حرة إلى ارتكاب فعل استهدفه بذاته . و الثاني: إرادة النتيجة الضارة .أما العنصر الثالث: أن يكون الفاعل قد وعى الصلة السببية بين فعله و النتيجة. ( راجع د. عاطف النقيب – النظرية العامة للمسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي – الخطأ و الضرر – عويدات – بيروت – باريس – الطبعة الأولى 1983 – صفحة 145 وما بعد .

(38 ) –المرجع السابق – صفحة 38 و يقابله الخطأ غير المقصود La Faute non intentionnell و يتحقق عندما يقع الإخلال بواجب قانوني من غير أن يتجه فيه قصد الفاعل إلى إحداث الضرر كما في الرعونة، أو الإهمال، أو عدم التبصر، أو في إغفال واجبات الحذر. و يجب التنويه في هذا الخصوص أن الخطأ في التشريعات الاشتراكية مجّرم، سواء ارتكب عن قصد أو إهمال أو قلة احتراز. راجع شرح قانون العقوبات الاقتصادية للمحامي صلاح يوسف اّغا 1980-صفحة 40. ولابد من التنويه أيضاً أن ثمة فرق بين الخطأ والقصد. وهذا فرق ضمن الفرق، ففي الخطأ يكون فاعله عالماً بفعله، وإرادته متجهة إليه، في حين أنه في القصد يكون عالماً بالفعل والنتيجة معاً .

(39 ) – جيرار كورنو – معجم المصطلحات القانونية – الجزء الأول – صفحة 756 وما بعد . ويذهب بعض الفقه القانوني إلى أن الخطأ الجسيم هو الخطأ الذي يبلغ حدا ً يسمح بافتراض سوء النية حيث لا يتوفر الدليل عليها.ويقصد به أيضا ً الإهمال و عدم التبصر الذي يبلغ من الجسامة حدا ً يجعل له أهمية خاصة , و كثيرا ً ما يقصد الفقهاء بفكرة الخطأ الجسيم : الإخلال بواجب ثابت متحقق ، لاشك فيه ولا جدال بشأنه , و يطلقون عليه Faute caracterisee راجع : زهدي يكن – المسؤولية المدنية أو الأعمال غير المباحة – منشورات المكتبة العصرية – بيروت – الطبعة الأولى –د.ت صفحة 87 .

(40) – القاموس القانوني الثلاثي لنخلة و بعلبكي ومطر – صفحة 781 .

(41) – د. عاطف النقيب – نظرية العقد – عويدات – بيروت – باريس- الطبعة الأولى 1988 صفحة 172 . وفي هذا الصدد يجب التفرقة بين الغلط و الخطأ و اللبس , فاللبس هو الخلط )لا تلبسوا الحق بالباطل ( – البقرة الآية 42 و اشتباه الشيء بغيره ، ويتحقق اللبس عند تساوي الاحتمالات ، و توهمه يكون عند رجحان البعض ، راجع الكليات للكفوي – تحقيق عدنان درويش – مؤسسة الرسالة – بيروت – الطبعة الثانية -1993 صفحة 316 و 800 .

(42) – فقد وافقت محكمة النقض الفرنسية قضاة الأساس على ردهم دعوى شاري عقار لعلة أن البائع أخبره بأن ثمة مشروعا ً للتنظيم المدني يتناول العقار، و إن المشتري نفسه مهندس، وكان ينبغي له بصفته هذه أن يستعلم عن الإجراءات التي تجعل العقار الذي اشتراه غير صالح لأن يقيم عليه البناء الذي فكر فيه أو صمم عليه . نقض مدني فرنسي 2/3/1964 – المجلة الفصلية للقانون المدني1965 صفحة 112 المرجع السابق صفحة 191 .

( * ) –يرجع سبب الخلط بين التوقيع والإمضاء ، إلى اعتياد الناس الخاطئ الذي بدأ في عصور الانحطاط ، وما شاب اللغة من دخيل ، وعامي . واستمر الأمر كذلك حتى عصورنا الحالية، ومن ذلك أن التوقيع يعني الإمضاء، و غير ذلك من المصطلحات. خلافا ً لما هو صحيح، مما يعني أن نقف عند كل كلمة لمعرفة معناها و استعمالها استعمالاً صحيحا ً، ووضعها في مكانها المناسب من العبارة أو الجملة، بعد البحث و التحري و التحقيق.
و قد بلغ من اهتمام السلف في اللغة ، أن كان الملوك و الأمراء و الوزراء يختارون من الكتّاب من هو صاحب حذق و مهارة و دراية و اطلاع ، وبلاغة و إيجاز في صنعة اللغة ، لإنشاء التوقيعات و الرسائل ( القرارات , و الحجج و 00 ) لتخرج في أوجز و أدق عبارة جريا ً مع العبارة التي تفيد : ما قلّ و دل .

(43) –راجع كتاب زهر الأكم في الأمثال و الحكم للحسن بن سعود اليوسي 1630-1691 م ، صفحة 1440 . و في هذا المجال أفرد العرب للتوقيع وفنونه وصوره أبوابا ً و فصولاً في مؤلفاتهم للدلالة على البلاغة، أو الإيجاز و البراعة في اتخاذ القرار المناسب بما قلّ ودل.من ذلك قول جعفر بن يحيى 000 إن استطعتم أن يكون كلامكم كله مثل التوقيع فا فعلوا. راجع كتاب البيان و التبيين للجاحظ ، صفحة 163 .و يعرف ابن سيده التوقيع في كتابه المحكم و المحيط الأعظم بأنه إلحاق شيء فيه 00 بعد الفراغ منه. الجزء الأول، صفحة 300. أما الزبيدي صاحب تاج العروس فيذهب إلى أن التوقيع هو: أن يجمل الكاتب بين تضاعيف سطوره مقاصد الحاجة .

(44) – جمهرة رسائل العرب ، أحمد صفوت ، الجزء الرابع ، صفحة 374 – دار الفكر – طبعة 1980 – ومن توقيعات المأمون حين رفع إليه أهل ا لسواد في إتيان الجراد على غلاّتهم فوقع : 000 نحن أولى بضيافة الجراد من أهل ا لسواد ، فليُحطَّ عنهم نصف الخراج 000 ووقع محمد بن الطاهر من رجل يعتذر إليه من شيء بلغه عنه ، فرأى خطه قبيحا ً : (( أردنا قبول عذرك، فاقتطعنا عنه ما قابلنا من قبيح خطك، و لو كنت صادقا ً في اعتذارك ، لساعدتك حركة يدك، أو ما علمت أن حسن الخط يناضل عن صاحبه بوضوح الحجة ، و يمكنَّ له درك البغية 00 )) المرجع السابق صفحة 399 و يذهب النويري في كتابه المعروف باسم نهاية الأرب في فنون الأدب إلى القول بأنه لا يخلو حال ما تضمنه التوقيع من أحد أمرين : 1- إما أن يكون إذنا ً بالحكم .2- أو إذنا ً بالكشف و الوساطة ، فإن كان إذنا ً بالحكم ، جاز له الحكم بينهما بأصل الولاية ، و يكون التوقيع تأكيدا ً لا يؤثر فيه قصور معانيه . و إن كان إذنا ً بالكشف و الوساطة بين الخصمين كان في التوقيع نهيه عن الحكم فيه ، لم يكن له أن يحكم بينهما ، و كان هذا النهي عزلا ً عن الحكم بينهما .

(45) – يقال أمضيت الأمر: إذا أنفذته، خزانة الأدب للبغدادي و في عقد البيع قول أحد العاقدين للآخر اختر الآن إمضاء البيع أو فسخه. غريب الحديث لابن قتيبة – الجزء الأول صفحة 33 .

(46) – جيرار كورنو – معجم المصطلحات القانونية – الجزء الأول صفحة 590 .

(47) – من ذلك قول الجاحظ في وصفه اللجاج : أن يكون ثبات عزمه على إمضاء الخطأ الضار كثبوت عزمه على إمضاء الصواب النافع . من كتاب البرصان و العرجان و العميان و الحولان – تحقيق عبد السلام هارون – دار الجيل- بيروت طبعة 1990 صفحة 32 .

(48) – فالتوقيع في ذيل قرار أو صك يعني موافقة على مضمونه و إجازته، بينما الإمضاء: مصطلح أمضى الحكم أو الأمر: أنفذه يعني منحه النفاذ.
و القاعدة أن الإمضاء تتمة القضاء : فالقاضي الذي يصدر حكما ً يجب عليه إمضاء هذا الحكم أي إنفاذه , إذ ما هي فائدة الحكم إذا بقي ورقة عقيمة في يد المحكوم له؟ أصول المحاكمات الحقوقية – فارس ألخوري – مكتب النشر العربي – مطبعة الجامعة السورية 1936 صفحة 14 .

(49) – شبّه بعض الفقه القانوني الدعوى بحرب ، يبدأ التمهيد لها قبل الهجوم بتقديم المدعي طلبه الأصلي ، وهي حرب لجهة المدعى عليه الذي يمكنه أن يختار وسائل مختلفة وضعها القانون تحت تصرفه ، فيمكنه أن يثير – لعرقلة هجوم المدعي – جميع الدفوع التي نص عليها القانون ، فيؤخر بهذه الدفوع زحف المدعي ، و يمكنه بعد أن يستنفد هذه الوسائل أن يعمد إلى الوسائل الدفاعية التي ليست كالسابقة بل وسائل دفاعية موضوعية ، كقوة القضية المقضية ، و التقادم و الوفاء ، و ما إلى ذلك من الدفاع في الأساس ، التي من شأنها أن تدك حصون الحق الذي بني عليه الطلب الأصلي ، و تقوض أركانه فتزيلها من الوجود .
و يمكن للمدعى عليه أن ينتقل بدوره إلى هجوم معاكس بتقديم ادعاء متقابل ، و يمكن أن يرى كل من الفريقين أن من مصلحته دعوة حلفاء للاشتراك في الحرب التي تدور رحاها فيطلب إدخال فريق للاشتراك في سماع الحكم أو للضمانة ، و يمكن أن يرى الغير من مصلحته التدخل في الحرب المستعرة نيرانها لحماية مصالحه الشخصية .
و يمكن أن تنتهي الدعوى كما تنتهي الحروب بانتصار فريق على فريق آخر ، ويمكن أن يُمنى كل من الفريقين بنكسة فيعمدان إلى الصلح ، أو أن يتراجع المهاجم ( المدعي ) عن الدعوى ، أو يرى في دفاع المدعى عليه و دفوعه من المنعة ما يجعله يشك في قدرته على المتابعة فيسقط حقه . و قد يرى المدعى عليه أن قوة المدعي الزاحفة لا ترد فيذعن لطلباته ، و للحكم الذي يصدر ، متحاشيا ً الخوض في معارك جديدة أمام محاكم ( جبهات ) الاستئناف و النقض هذا عدا الحرب بين الوكيل و الموكل على الأتعاب ، و بين الوكيل و الموظفين على إتمام المعاملات .
يوسف جبران – وزير العدل اللبناني الأسبق – الإنسان و الحق والحرية – الدعوى حرب و مسرح – منشورات – عويدات بيروت 1972 صفحة 63 .

( 50 ) – انظر الياس أبو عيد – الدفوع الإجرائية في أصول المحاكمات المدنية و الجزائية – منشورات زين الحقوقية – بيروت 2004- صفحة 7 .

( 51 ) – انظر ادوار عيد- موسوعة أصول المحاكمات – الجزء الأول – بيروت 1977 – صفحة 334 .

( 52 ) – أبو عيد- المرجع السابق – صفحة 8 و ما بعد. انظر أيضا ً المادة (11 ) أصول محاكمات سوري و التي تنص :1- لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون 000 .

( 53 ) – و قد أجمل الفقه القانوني الدفوع بقوله )) 00عندما يلجأ المدعي إلى القضاء يتعين عليه أن يتخذ الإجراءات الشكلية الصحيحة التي نص عليها قانون المرافعات ، و ذلك حتى تنعقد الخصومة ، و يتعين عليه أن يستند إلى حق ، و أن تكون له دعوى ، أي أن يكون المشرع قد أجاز له الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق الذي يدعيه ، فإن لم تستكمل هذه الشروط فللمدعى عليه أن يجيب على ما يدعيه خصمه بدفع لا يتصور أن يوجه إلاّ للخصومة فيكون شكليا ً أو لأصل الحق الذي يدعيه خصمه فيكون دفعا ً بعدم القبول 00 )) راجع د. أحمد أبو الوفا – نظرية الدفوع في قانون المرافعات – الطبعة الأولى الإسكندرية 1954 صفحة 12 . و يضع الفقه القانوني شروطا ً لقبول الدفع ، منها :1- أن يكون الدفع قانونيا ً : أي أن يكون موضوعه التمسك بحق أو مركز قانوني، فلا يعتبر قانونيا ً مثلا ً الدفع ببطلان إجراء لعيب في الشكل رغم تحقق الغاية منه .2- أن يكون الدفع جوهريا ً : أي يؤثر في موضوع الدعوى ، أو إجراءاتها إذ يؤدي إن صح إلى تفادي الحكم ضد مقدمه . 3- الصفة في الدفع : فلا يجوز التمسك به إلا ّ من صاحب صفة . 4- عدم سقوط الحق في الدفع : فالدفع الشكلي مثلا ً يسقط الحق فيه بالكلام في الموضوع . ( المادة 145 أصول محاكمات سوري ) ما لم يكن متعلقا ً بالنظام العام ، أو نشأ الحق في الإدلاء به بعد التكلم في الموضوع .
انظر د. نبيل إسماعيل عمر و د. أحمد خليل – قانون المرافعات المدنية و التجارية 1997 الدار الجامعية الجديدة للنشر الإسكندرية – صفحة 303 .

( 54 ) – انظر الياس أبو عيد – المرجع السابق – صفحة 19 .

( 55 ) – انظر ادوار عيد المرجع السابق – الجزء الأول صفحة 332 و ما بعد .

( 56 ) – د. رزق الله أنطاكي – أصول المحاكمات – صفحة 197 ، فقد قضي بأن الدفع ببطلان أوراق التكليف بالحضور ( مذكرات الدعوة و الحضور ) يجب إبدائه قبل الدفع بعدم قبول الدعوى ، أو أي طلب أو دفاع فيها ( نقض مصري 27/4/1978 طعن رقم 617 لسنة 42 القاعدة 563 – التعليق على قانون المرافعات – د. أحمد المليجي – الجزء الثاني – صفحة 332 ) .

( 57 ) – د. أمينة النمر – أصول المحاكمات المدنية – الدار الجامعية – بيروت 1988 – صفحة 127. فقد قضي بأنه ((إذا تعرض المدعى عليه لأساس النزاع محتفظا ً بحقه في الإدلاء بدفوعه الإجرائية ( الشكلية ) في وقت لاحق ،فإنه يفقد حقه في الإدلاء بهذه الدفوع لعلة تطرقه إلى الموضوع حالا ً قبل الإدلاء بالدفوع الشكلية ، مما يسقط التحفظ، و بالتالي إمكانية الإدلاء بهذه الدفوع لا حقا ً . )) نقض مدني فرنسي قرار تاريخ 7/10/1967 جريدة القصر 1967 صفحة 92 – المحامي الياس أبو عيد – الدفوع الإجرائية – صفحة 29 إلاّ إذا نشأ الدفع الإجرائي عن سبب ظهر بعد التعرض للموضوع أو الإدلاء بدفع عدم القبول ، فإنه يبقى جائزا ً الإدلاء بالدفوع الشكلية ، أو كان الدفع الشكلي متعلقا ً بالنظام العام ، إذ يعود للخصم التمسك به و لو بعد التعرض للموضوع . نقض مدني فرنسي قرار تاريخ 9/3/1931 سيراي 1931- أبو عيد المرجع السابق – صفحة 30 . ( أما إذا ترك المدعى عليه الأمر للمحكمة ، فليس له صفة بعد ذلك في التمسك بدفع شكلي ) و يمكن للمدعى عليه أن يتطرق للبحث في الموضوع بعد إدلائه بدفوعه الشكلية على سبيل الاستطراد .

( 58 ) –انظر د. رزق الله أنطاكي – أصول المحاكمات في المواد المدنية و التجارية – الطبعة السادسة – دمشق 1965 صفحة 198 .

( 59 ) –انظر : د . ادوار عيد- موسوعة أصول المحاكمات – الجزء الأول صفحة 436 . فاتفاق المتعاقدين على الالتجاء إلى التحكيم لفض بعض المنازعات بينهما ، يوجب التمسك بشرط التحكيم قبل التكلم في موضوع الدعوى، و إلا ّ سقط الحق فيه ، فالدفع بعدم قبول الدعوى في هذه الحالة ليس دفاعا ً موضوعيا ُ . ( نقض مدني مصري 6/1/1976 . سنة 27 صفحة 138 – القاعدة رقم 560 – التعليق على قانون المرافعات – د. أحمد المليجي – الجزء الثاني – صفحة 331 . )

(60) –ادوا ر عيد – المرجع السابق – صفحة 436 .

(61) –ادوار عيد – المرجع السابق – صفحة 438 و ما بعد .

(62) – انظر أصول المحاكمات الجزائية للمحامي الياس أبو عيد – الجزء الثالث – صفحة 315 – منشورات الحلبي الحقوقية بيروت 2004.

(63) – فقد قضي بان ( أسباب الدفاع طالما أنها غير محصورة ، و تخضع لأحكام القوانين التي تعالج أصل الحق ، يكون جائزا ً التمسك بها في أية حالة كانت عليها المحاكمة ، و في أية مرحلة من مراحلها )) نقض مصري قرار تاريخ 20/3/1934 مجموعة القواعد القانونية – الجزء الأول – رقم 10 صفحة 668 .

(64) – و قد ذهب الاجتهاد القضائي في صدد التفرقة بين الدفع و الدفاع إلى أن : (( قانون أصول المحاكمات المدنية من أجل التفريق بين الدفع و الدفاع ، قد عرّف الدفاع بأنه إنكار حق المدعي مباشرة ، أو إدعاء يراد منه إبادة هذا الحق ، في حين عرّف الدفع بأنه منازعة في قانونية المحاكمة دون التطرق إلى أساس الحق و أوجب الإدلاء به في بدء المحاكمة ، وقبل البحث في الأساس )) منفرد جزائي قرار تاريخ 9/4/1985 مجلة العدل اللبنانية لعام 1985 صفحة 449.

(65) – كانت عقوبة الحبس – في التشريعات الغربية القديمة – تترك بشكل عام للقضاة الذين توكل إليهم مهمة تنفيذ القوانين ، و كانت تصادم هدف المجتمع الذي يعتبر ضامنا ً للأمن الفردي ، و يظهر ذلك بالسماح للقاضي الذي يتولى الهيمنة على تنفيذ القوانين ، في أن يكون حرا ً في حبس أي مواطن وفق أهوائه الشخصية ، بموجب أسباب ضعيفة ، دونما استيعاب الأدلة الواضحة التي تبرهن على جريرة المواطن . راجع كتاب الجرائم و العقوبات ل: تشزاري بكاريا – ترجمة د . يعقوب حياتي – الطبعة الأولى – الكويت 1985 – مؤسسة الكويت للتقدم العلمي – صفحة 38 و ما بعد . أما الحبس عند فقهاء الشريعة الإسلامية فهو في الأصل من العقوبات التعزيرية التي يستهدف منها التأديب و التهذيب ، و قد عدُّوا الحبس تحفظا ً على المحكوم عليه خلال فترة محددة . مع عدم جواز المساس بحقوقه الأخرى ، لذا فقد سماه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ((أسيرا ً )) . فهو تحت رعاية الدولة و قد أعطى الفقه الإسلامي عناية بالغة بالشخص المحكوم بعقوبة الحبس، و ضرورة رعايته و الاهتمام بشأنه، فقد أودع الرسول صلى الله عليه وسلم محكوما ً عند رجل و أمره أن يرعاه و يكرمه، و كان يكثر المرور على الرجل و يسأل عنه. راجع د . طه العلواني بحث بعنوان حقوق المتهم في مرحلة التحقيق صفحة 30 . و يعرّف ابن القيم الحبس بأنه : ((00 تعويق الشخص و منعه من التصرف بصورة يترتب عليها إلحاق الأذى بالآخرين )). انظر كتاب المتهم و حقوقه في الشريعة الإسلامية – المركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب بالرياض – الجزء الأول – الرياض 1986 – صفحة 30 و ما بعد.

(66) – راجع مفردات الراغب الأصفهاني – صفحة 216 .

(67) – القاموس المحيط للفيروز آبادي و يقال : حبس اللبن أي حقنه ، وحبس اللص ، و حبس المال : أي كنزه 00 فقه اللغة للثعالبي – صفحة 330 . و كان ابن الزبير قد حبس محمد بن الحنفية مع خمسة عشر رجلا ً من بني هاشم فقال لهم : لتبايعن أو لأحرقنكم ، فأبوا بيعته ، وكان السجن الذي حبسهم فيه يدعى سجن عارم ، ففي ذلك يقول كثير : تخبر من لاقيت أنك عائذ بل العائذ المظلوم في سجن عارم – راجع الكامل في اللغة و الأدب للمبرد – الجزء الأول – دار الفكر – بيروت 1998

(68) – جيرار كورنو – معجم المصطلحات القانونية – الجزء الأول صفحة 661 .

(69) –كان السجن محطة لحجز الأسرى، و المجرمين، و السياسيين، والمد ينين، انتظارا ً للمحاكمة و التعذيب، وانتزاع الاعترافات أو الغرامات، أو كجزء من معاملة التوبة الكنسية للمذنبين، فكانت معظم السجون مظلمة، و لم تستوف الشروط الصحية، ولم يكن السجن إلاَّ للفقراء و العبيد. إذ كان النبلاء و الموسرون يسددون الغرامات، بينما التعذيب والإهمال لسنين و العبودية و التشويه و الحرمان من الحماية القانونية أو الموت هي للفقراء. وكان بعض المحبوسين يحجزون على حسابهم الخاص شهورا ّ أو سنين في انتظار وقت المحاكمة و يطعمون جيدا ً إذا كانوا من ذوي اليسار و ربما يموتون جوعا ً إذا كانوا فقراء. و كان المحبوسون يجمعون مواد الإحسان من النوافذ صباح أيام الآحاد ، وقد تطور السجن و أمكنته بفضل دعاة المذهب الإنساني كمونتسكيو ، و كوسلي ، وبكاريا ، وبنتام . راجع القاموس الجزائي التحليلي للمحامي نزيه شلالا منشورات الحلبي الحقوقية – بيروت – الطبعة الأولى 2004 صفحة 172 . في حين اعتنى الشرع الإسلامي بالشخص المحكوم عليه ورعاه .انظر الحواشي السابقة .

(70 ) – راجع معجم تصحيح لغة الإعلام العربي – مادة سجن – الجزء الأول صفحة 137 بتصرف ،و كان لبعض الملوك سجن سماه ديماسا ً لظلمته ، و الديماس سجن الحجاج بن يوسف – لسان العرب و في الحديث : ما شيء أحق بطول سجنٍ من لسانٍ ، و السَّجَّان : صاحب السجن لسان العرب ، و السجن هو البيت الذي يُحبس فيه السَّجين : و هو من أسماء جهنم – كتاب العين للفراهيدي 100- 170 هجري – الجزء الأول – صفحة 466 .

(71 ) – معجم المصطلحات القانونية – جيرار كورنو – الجزء الأول – المؤسسة الجامعية بيروت 1997 – صفحة 890 .

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.