أثر تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا في عدم مساءلة الزوجة أو شريكها – حكم قضائي هام
تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أي من الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
“دائرة توحيد المبادئ “
********************
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 7/ 6 /2014م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضـويــة السـادة الأسـاتذة المستشـارين / يحيى أحمد راغب دكرورى وعبد الله عامر إبراهيم سليمان ومحمد عبد العظيم محمود سليمان و د.عبد الفتاح صبرى أبو الليل ومحمد عبد الحميد عبد اللطيف إبراهيم وربيع عبد المعطى أحمد الشبراوى و د. عبد الله إبراهيم فرج ناصف ولبيب حليم لبيب ومحمود محمد صبحى العطار و حسن كمال محمد أبو زيد شلال . نواب رئيس مجلس الدولـة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / سراج الدين عبد الحافظ عثمان نائب رئيس الدولة و مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتيــــر المحكمـــة
********************
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 39372 لسنة 57 القضائية عليا
المقـــام مــن:
السيد / …
ضــــــــــــــد:
السيد الدكتور /رئيس جامعة …
طعنا فى الحكم الصادر من مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين
بجلسة 13/6/2011 فى الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011
********************
” الإجـراءات “
——
فى يوم الأحد الموافق 7/8/2011 أودعت الأستاذة … المحامية المقبولة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيله عن السيد / … قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 39372 لسنه 57 ق . عليا ضد السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة… بصفته فى الحكم الصادر من مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة … بجلسة 13/6/2011 فى الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011 والقاضى بمجازاته بالفصل من الخدمة .
وطلب الطاعن – للأسباب التي أوردها في تقرير طعنه – الحكم أولاً: بصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه. ثانياً: وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالراي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً بانقضاء الدعوى التأديبية .
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ،وبجلسة 10/4/2013 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة عليا موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 11/5/2013 ،وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 28/9/2013 حجز الطعن لإصدار الحكم فيه بجلسة 12/10/2013وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 26/10/2013 لاستمرار المداولة ،وبهذه الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة رقم 136 لسنة 1984 لما بان لها من أن الطعن يثير مسألة قانونية اختلفت بشأنها المبادئ التي قررتها دوائر المحكمة الإدارية العليا وهى أثر تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا على الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة . ففي الطعن رقم 619 لسنة 39 ق .عليا الصادر بجلسة 19/2/1994 ذهبت إلى أن تنازل الزوج عن شكواه في جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة ويمتنع على المحكمة إثارة موضوع الزنا بأى طريق مباشر أو غير مباشر حفاظاً على كرامة العائلة وشرفها . خلافا لما قضت به بجلسة 13/4/1996 فى الطعن رقم 2174 لسنة 40 ق عليا من أن تنازل الزوج عن شكواه فى جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أى من الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كان من الموظفين العموميين وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أياً منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً أرتأت فيه أن تنازل الزوج عن شكواه فى جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أى من الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أيا منهما عن إخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع تلك واجبات الوظيفة .
وقد نظر الطعن بجلسات دائرة توحيد المبادئ على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 3/4/2014 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
الـمحـكـمـــة
*********
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
من حيث أن وقائع هذا النزع تخلص حسبما تنطق به عيون الأوراق فى أنه بتاريخ 18/1/2011 اصدر السيد رئيس جامعة … القرار رقم 833 لسنة 2011 بإحالة السيد …. المعيد بكلية …. إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة … لضبطه يوم 22 /4/2010 فى واقعه زنا .
وبجلسة 13/6/2011 قضى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين فى الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 2011 بمعاقبته بالفصل من الخدمة ،وأقام المجلس قضائه على ثبوت واقعة الزنا فى شأنه .ويقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن الزوج تنازل عن شكواه فى جريمة الزنا وهو ما يوجب الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية .
ومن حيث أن المسألة المعروضة على هذه الدائرة تتعلق بمدى سريان تنازل الزوج عن دعوى الزنا على الدعوى التأديبية المقامة ضد الزوجة أو شريكها إذا كانا من الموظفين العموميين .
ومن حيث إن مثار هذا التساؤل هو وجود اتجاهين فى قضاء المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن. الاتجاه الأول ويمثله الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلستها المعقودة بتاريخ 19/2/1994 فى الطعن رقم 619 لسنة 39 ق .عليا ويرى أن تنازل الزوج عن شكواه فى جريمة الزنا يوجب القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة،ولا يجوز محاكمة الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين ويمتنع على المحكمة إثاره موضوع الزنا بأى طريق مباشر أو غير مباشر حفاظاً على مصلحة العائلة وشرفها .
أما الاتجاه الثانى ويمثله الحكم الصادر من ذات المحكمة بجلسة 13/1/1996 فى الطعن رقم 2174 لسنة 40 ق.عليا فإنه يرى أن تنازل الزوج عن شكواه فى جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أى من الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين وذلك باستبعاد وصف الزنا ومعاقبة أى منهما عن أخلاله بواجبات وظيفته وظهوره بمظهر لا يتفق مع واجبات تلك الوظيفة .
ومن حيث إن العقاب التأديبى و أن كان عقاباً إلا أنه لا يختلط أبدا مع العقاب الجنائى فهذا الأخير لا يختص بفرد أو طائفة وإنما هو عام يسرى على جميع الإفراد بما فيهم الموظفين العموميين ولكنه لا يقتصر عليهم ، وهو يتدخل بالنسبة للأفعال التى توصف بأنها جرائم والتى لا ترتبط بممارسة وظيفة ما ،وهو يؤدى إلى توقيع جزاءات تمس المتهم ليس فى وظيفته وإنما فى حريته ،واختلاف العقابين فى الطبيعة يؤدى إلى استقلالهما ، ويظهر هذا الاستقلال فى أن عديداً من التصرفات يمكن أن تكون أخطاء تأديبة دون أن تكون جرائم جنائية وكذلك العكس ،ولذلك لا يجوز الخلط بين السلطة التأديبية وقانون العقوبات ،وإذا كان لا يثور شك فى أن النظامين التأديبى و الجنائى نظامان للعقاب بغرض كفاله احترام قيم جماعة معينة إلا أنهما يختلفان من الغاية من فرضهما ،والأشخاص الذين يخضعون لهما،ونوع الجزاءات التى توقع ،والقواعد الإجرائية التى تحيط إصدار الجزاء التأديبى ،ولهذا السبب يعتبر القانون التأديبى قانوناً قائماً بذاته .
ومن حيث إن المخالفة التأديبية أساسها تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته أو مقتضياتها أو كرامتها بينما الجريمة الجنائية هى خروج المتهم على المجتمع فيما نهى عنه قانون العقوبات ومن ثم فإن هذا الاستقلال قائم حتى ولو كان هناك ثمة ارتباط بين الجريمتين . وهذا الاستقلال للمسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية ينعكس على كل النظام القانونى الذى تخضع له المخالفة التأديبية ، فعلى الرغم من أن الفعل الواحد الذى يقترفه الموظف العام يكوَّن جريمة جنائية ومخالفة تأديبية فى ذات الوقت إلا أن المخالفتين تظلان مستقلتين كل الاستقلال فى الوصف وفى الأركان وفى التكييف القانونى . فالمخالفة التأديبية تستقل عن الجريمة الجنائية فى الوصف القانونى وإن اتحدتا فى الوصف اللغوى ، فلجرائم التزوير والإختلاس والاستيلاء على المال العام معان محددة وأركان منضبطة فى قانون العقوبات ، ولكنها إذا نسبت إلى الموظف العام كمخالفة تأديبية فإنه لا يمكن أن يحاسب عليها من الزاوية الجنائية وطبقاً لضوابط قانون العقوبــات .
والمخالفة التأديبية لا تستقل عن الجريمة الجنائية فى الوصف فحسب ، وإنما هى تستقل عنها فى الأركان المكونة لها ، فلكل من الجرائم التأديبية والجرائم الجنائية طبيعتها الخاصة بها بما ترتبه من نطاق مستقل تجرى فيه كل منهما ، كما يظهر أيضا استقلال المخالفات التأديبية عن الجرائم العادية فى التكييف ، فمجالس التأديب والمحاكم التأديبية تنظر القضية التأديبية بحالتها المعروضة عليها فى حدود اختصاصها القضائى , وعلى ذلك تنظر إلى الوقائع المادية المطروحة عليها نظرة مجردة للوقوف على ما إذا كانت تلك الوقائع تشكل جريمة تأديبية ثم توقع أحدى العقوبات التأديبية المناسبة إذا توافرت تلك الجريمة دون أن تبحث تلك الوقائع من زاوية جنائية أو تنظر إليها نظرة جنائية .
ومن حيث إن استنادا إلى ما تقدم فإنه إذا جمع الفعل الواحد بين مخالفة تأديبية وجريمة جنائية فليس من شأن هذا الجمع عدم استقلال كل منهما عن الأخرى ، ومن مظاهر هذا الاستقلال أنه لا يجوز للقاضى التأديبى أن يفصل فى الجريمة الجنائية ليقيم مخالفة تأديبية على أساسها ، وإنما يجب أن يقيم تكييف الجريمة التأديبية المعاقب عليها على جانب إدارى صرف بدون التعرض للجريمة الجنائية وتوافر أركانها القانونية ذلك أن اختصاص القاضى التأديبى ينحصر فى تكييف الوقائع المادية المقدمة إليه سواء من النيابة الإدارية أو جهات التحقيق المختصة تكييفاً إدارياً مجرداً ومقصوراً على التحقق من قيام المخالفة التأديبية قانوناً ، تلك المخالفة التى لا تخرج عن الإطار الخارجى للجرائم التأديبية والتى تقوم بصفة عامة على مخالفة الواجب الوظيفى أو الخروج على مقتضاه أو سلوك مسلك يتنافى مع قدسية الوظيفة العامة .
ومن حيث إن استقلال نظام التأديب عن النظام الجنائى لا يتمثل فى استقلال المسئولية التأديبية عن المسئولية الجنائية فحسب وفى استقلال المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية فى الوصف وفى الأركان وفى التكييف القانونى وإنما يتمثل أيضاً فى دوران كل نظام للعقاب فى فلكه بحيث ما يجرى فى أحد النظامين لا يؤثر فى النظام الآخر . وإذا كان هذا الاستقلال فى الإجراءات يعنى أن كل ما يجرى من تصرفات فى النطاق الجنائى من تحريك الدعوى العمومية ، أو صدور حكم فيها أو صدور عفو عن الجريمة المحكوم فيها أو عفو عن العقوبة لا يقيد سلطات التأديب .
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ولئن كانت لا تجيز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد الزوجة فى جريمة الزنا إلا بناء على شكوى شفهية او كتابية من الزوج أو من وكيله الخاص ، وأعطت المادة العاشرة من ذات القانون للزوج أن يتنازل عن شكواه فى أى وقت وتنقضى الدعوى الجنائية بالتنازل فإن المادة (17) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية تنص على أنه أذا أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية أحالت النيابة الإدارية الأوراق إلى النيابة العامة وتتولى الأخيرة التصرف فى التحقيق واستيفائه إذا ترائى لها ذلك . وقد وردت هذه المادة فى الفصل الرابع من القانون وهو الفصل الخاص بالتصرف فى التحقيق مما يفهم منه غرض المشرع بعدم سلب القضاء التأديبى اختصاصه بالنظر فى تأديب الموظف إذا ما أسفر التحقيق عن وجود جريمة جنائية علاوة على المخالفة الإدارية التى ارتكبها والتى تتعلق بسلوكه الوظيفى تأسيساً على استقلال المخالفة الإدارية ومغايرتها للجريمة الجنائية من حيث الطبيعة والنوع وإجراءات المحاكمة ، ومن حيث الجزاءات والعقوبات المقررة لكل منهما وما يترتب عليها من آثار .
وعلى هذا الأساس فان المخالفة التأديبية هى تهمة قائمة بذاتها مستقلة عن التهمة الجنائية قوامها مخالفة الموظف لواجبات وظيفته ومقتضياتها أو كرامتها حين أن الجريمة الجنائية هى خروج المتهم عما تنهى عنه القوانين الجنائية أو تأمر به وعلى هذا الأساس فإن تنازل الزوج عن شكواه فى جريمة الزنا لا يحول دون مساءلة أى من الزوجة أو شريكها تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين متى كان فى مسلكهما إخلال صارخ بواجبات الوظيفة وظهور بمظهر لا يتفق مع واجبات وقدسية تلك الوظيفة .
ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة الثالثة من مواد إصدار القانون رقم 47 لسنة 1972 فى شأن مجلس الدولة من تطبيق نصوص قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص ، وما جرى عليه العمل بمحاكم مجلس الدولة من الرجوع فى بعض الحالات الى قانون الإجراءات الجنائية باعتبار أن القانون التأديبى ينتمى الى أسرة قانون العقوبات إذ أن هذا الرجوع يكون فى حاله واحدة هى حالة أن الحكم الوارد بهما ينسجم مع طبيعة النظام التأديبى وأهدافه أما إذا كان هذا النص لا ينسجم مع طبيعة النظام التأديبى وأهدافه فإنه لا يأخذ به .
” فلهــذه الأســباب “
*******
حكمت المحكمة : بترجيح الاتجاه الذى يقضى بأن تنازل الزوج عن شكــواه فى جريمة الزنا لا يحول دون مســاءلة الزوجة أو الشــريك تأديبياً إذا كانا من الموظفين العموميين .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً