الطعن 6051 لسنة 62 ق جلسة 13 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 242 ص 648 جلسة 13 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وسعيد فوده.
————–
(242)
الطعن رقم 6051 لسنة 62 القضائية
(1) نقض “أثر نقض الحكم” “الطعن بالنقض للمرة الثانية”. استئناف “أثر نقض الحكم أمام محكمة الإحالة”.
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. مؤداه. وجوب التزام محكمة الاستئناف في قضائها بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض. مخالفة ذلك. أثره. تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية م 269/ 4 مرافعات.
(2، 3) مسئولية “مسئولية تقصيرية”. ري.
(2) المسئولية التقصيرية. أركانها. الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.
(3) حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها الري والصرف. لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي يصيب الغير نتيجة إهمالها أو تقصيرها.
————–
1 – النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه وإن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان من ذلك قبل إصداره، ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض متى كانت قد طرحت عليها وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه المسألة التي بتت فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند معاودتها نظر الدعوى – المساس بهذه الحجية، لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1983 في الطعن رقم 1160 لسنة 47 ق أنه نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1977 الذي قضى برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق أسيوط وفي الاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق أسيوط بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ وجاء في أسباب الحكم الناقض “……” وإذ كانت محكمة النقض بذلك قد فصلت في هذا الحكم في مسألة قانونية هي فساد الاستدلال بتقرير ذلك الخبير لقصوره عن إيضاح الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر على النحو السالف بيانه فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 269 مرافعات وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض على سند من ذات التقرير وعلى أساس ذات ما وصفه بأنه خطأ نسب لهما فإنه يكون قد خالف القانون.
2 – المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه.
3 – من المقرر أن حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها مرفق الري والصرف لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي قد يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في هذا الصدد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليه ومورثه المرحوم……. أقاما الدعوى رقم 483 لسنة 1973 مدني أسيوط الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما – طبقاً لطلباتهما الختامية – مبلغ 3694.500 مليمجـ تعويضاً عن الأضرار التي لحقتهما وقالا بياناً لذلك إن وزارة الري قامت سنة 1966 بحفر تركة “ودكو” دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأراضي التي يمر بها مجرى الترعة فنتج عن ذلك تسرب المياه إلى أرضهما الزراعية البالغ مساحتها 20 س 6 ط 25 ف فأصبحت غير صالحة للزراعة وامتنع مستأجروها عن سداد أجرتها ومقدارها 466.216 مليمجـ سنوياً مما ترتب عليه حرمانهما من ريعها في المدة من سنة 1967 إلى نهاية سنة 1975 فأقاما الدعوى، بتاريخ 19/ 11/ 1973 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره بتاريخ 24/ 1/ 1976 حكمت في 6/ 12/ 1976 بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) أن يؤديا للمدعين (المطعون عليه وآخرين) مبلغ 1265.900 مليمجـ. استأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق كما استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط، وبتاريخ 22/ 5/ 1977 حكمت المحكمة برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق وفي الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1160 سنة 47 ق وبتاريخ 11 يناير 1983 نقضت محكمة النقض الحكم للقصور في التسبيب ومخالفة القانون وأحالت القضية إلى محكمة استئناف أسيوط وإذ عجلت الدعوى أمامها وبعد أن ندبت خبيراً فيها وقدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 2/ 1992 في موضوع الاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط برفضه وفي موضوع الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض – للمرة الثانية – وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات تحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد النقض أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة وقد تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن الضرر الذي لحق المطعون عليه ليس وليد خطأ وقع منهما في إنشاء مجرى الترعة، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض المحكوم به على سند من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة في حين أن محكمة النقض سبق أن فصلت في هذه المسألة القانونية بحكمها الصادر في الطعن رقم 1160 سنة 47 ق الذي قطع بفساد هذا التقرير لقصوره عن بيان وجه الخطأ المنسوب لهما أو استجلاء علاقة السببية بينه وبين الضرر المدعى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح – ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات على أنه “فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة” يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – على أنه وإن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان من ذلك قبل إصداره، ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض متى كانت قد طرحت عليها وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه المسألة التي بتت فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند معاودتها نظر الدعوى – المساس بهذه الحجية، لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1983 في الطعن رقم 1160 لسنة 47 ق أنها نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1977 الذي قضى برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق أسيوط وفي الاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق أسيوط بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 وجاء في أسباب الحكم الناقض “لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – قد أقام قضاءه بمسئولية الحكومة – على ما جاء بتقرير الخبير من أن الضرر كان نتيجة لإنشاء ترعة “ودكو” وكان البين من تقرير الخبير أنه وإن أثبت أن أرض النزاع منخفضة عن الأرض المجاورة لها بما يتراوح بين متر ونصف وثلاثة أمتار إلا أنه لم يعرض لبحث مدى العلاقة بين إنشاء الترعة وبين ما أصاب الأرض من ضرر وهل كان ذلك بسبب عدم توخي الدقة في إنشاء الترعة أو عدم مراعاة الطرق الفنية للصرف أو كان ذلك لأسباباً أخرى مما ورد بدفاع الطاعنين وتأيد بالمعاينة من انخفاض مستوى الأرض أصلاً عما يجاورها واستمرار غمرها نتيجة ذلك بالمياه من قبل إنشاء ترعة “ودكو” وبعد إنشاء مصرف البسيوني – وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم المستأنف في أخذه بتقرير الخبير رغم قصوره في بيان وجه الخطأ المنسوب للحكومة أو استجلاء علاقة السببية بينه وبين الضرر المقول بحدوثه، وقصوره وبالتالي عن مواجهة دفاع الطاعنين أو الرد عليه مع كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وإذ أضاف الحكم إلى أسباب تأييده قالة أن الحكومة لم تراع القواعد الهندسية للصرف دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك فإنه يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع قد وقع معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون” وكانت محكمة النقض بذلك قد فصلت في هذا الحكم في مسألة قانونية هي فساد الاستدلال بتقرير ذلك الخبير لقصوره عن إيضاح الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر على النحو السالف بيانه فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 269 مرافعات وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض على سند من ذات التقرير وعلى أساس ذات ما وصفه بأنه خطأ نسب لهما فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين الحكم في الموضوع عملاً بالمادة 269/ 4 من قانون المرافعات.
وحيث إن من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه وكان من المقرر أيضاً أن حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها مرفق الري والصرف لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي قد يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في هذا الصدد – لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة استئناف أسيوط بحكمها الصادر بجلسة 11/ 6/ 1985 المودع في 1/ 1/ 1989 والذي تطمئن إليه هذه المحكمة لكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي أقيم عليه أن إنشاء ترعة “ودكو” لم يكن سبباً في غمر أرض المطعون عليه بالمياه في فترة المطالبة وأنه لا يوجد عيب فني في تصميم وتنفيذ الترعة ولا يوجد علاقة بين إنشاء الترعة وما أصاب المطعون عليه من ضرر وأن السبب في ذلك إنما هو انصراف مياه أرض الجيران إلى أرض التداعي في فترة المناوبات نتيجة لانخفاض تلك الأطيان عن الأراضي المجاورة لها ولا مسئولية على الطاعنين ومن ثم يكون الخطأ غير ثابت في حقهما وتكون الدعوى على غير أساس من القانون والواقع وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض يكون قد أخطأ في القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى. لما كان ذلك – ولما تقدم – تقضي المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق أسيوط برفضه – وفي موضوع الاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط بإلغاء الحكم المستأنف رقم 483 سنة 1973 مدني أسيوط الابتدائية – وبرفض الدعوى.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً