تعديل الفقرة الأخيرة من المادة ( 51 ) من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي ، بموجب القانون رقم 17 لسنة 2018 المنشور بالجريدة الرسمية ( الكويت اليوم ) – بالعدد 1391 ، السنة 64 – بتاريخ 6/5/2018م.
كانت الفقرة “الأخيرة” من المادة 51 من القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي، المنشور بالجريدة الرسمية (الكويت اليوم) بالعدد 963 (السنة 56)، بتاريخ 21/2/2010م، تنص – في الأصل – على أنه: “ويراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، على أن يلتزم صاحب العمل بدفع صافي الفرق بين المبالغ التي تحملها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة”.
كما تنص المادة الثانية من الأمر الأميري بقانون رقم 61 لسنة 1976 بشأن التأمينات الاجتماعية (المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 2011 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 1022 – السنة 57 – بتاريخ 10/4/2011م)، على أنه: “يكون الحد الأقصى للمرتب المنصوص عليه في هذا القانون (ـ/1,500) ديناراً شهرياً، ويجوز للوزير بعد موافقة مجلس الإدارة تعديله، وذلك في الحدود التي يسمح بها المركز المالي للصندوق المنصوص عليه في المادة (11) من هذا القانون”.
وكان من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن:
“الأصل هو أن الراتب الذي اشترك عنه صاحب العمل لدى مؤسسة التأمينات يحصل المؤمن عليهم على حقوق تأمينية تقابله (معاش تقاعدي)، أما الجزء من المرتب الذي يزيد عن الحد الأقصى الجائز الاشتراك عنه لديها، فإن المؤسسة لا تلتزم قِبل المؤمن عليهم بأية التزامات مالية عنه، وإنما يستحق العامل مكافأة نهاية خدمة عنه، يلتزم صاحب العمل بأدائها إليه عند انتهاء خدمته”.
[[ الطعن بالتمييز رقم 51 لسنة 2000 عمالي – جلسة 21/5/2001م ]]
[[ والطعن بالتمييز رقم 13 لسنة 2001 عمالي – جلسة 29/10/2001م ]]
ومن ثم، فقد كان الراتب الذي اشترك عنه صاحب العمل لدى مؤسسة التأمينات يحصل المؤمن عليهم (الموظفون المواطنون) على حقوقٍ تأمينية تقابله (معاش تقاعدي)، أما الجزء من المرتب الذي يزيد عن الحد الأقصى الجائز الاشتراك عنه لديها (وهو ـ/1,500 د.ك)، فإن مؤسسة التأمينات لا تلتزم قِبل المؤمن عليهم (الموظفين المواطنين) بأية التزاماتٍ مالية عنه، وإنما يستحق العامل مكافأة نهاية خدمة عنه، يلتزم صاحب العمل بأدائها إليه عند انتهاء خدمته. حيث كان يلزم صاحب العمل بدفع صافي الفرق بين المبالغ التي تحملها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة.
ثم صدر بعد ذلك، القانون رقم 85 لسنة 2017 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي، قاضياً في مادته الأولى باستبدال نص الفقرة الأخيرة من المادة 51 من في شأن العمل في القطاع الأهلي، بالنص التالي: “ويُراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، على أن يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة عند انتهاء خدمته في الجهة التي يعمل بها، دون خصم المبالغ التي تحملتها هذه الجهة نظير اشتراك العامل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله”.
وقد جاء هذا التعديل ليستحق العامل (الكويتي) مكافأة نهاية الخدمة كاملة، إذ يؤدي خصم المبالغ التي يلتزم صاحب العمل بدفعها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية من مكافأة نهاية الخدمة إلى بخس حق العامل في المكافأة التي تعتبر حقاً مكتسباً له نظير خدمته في هذه الجهة (على نحو ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون).
علماً بأن القانون رقم 85 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 2010 في شأن العمل في القطاع الأهلي، قد تم نشره بالجريدة الرسمية، الكويت اليوم، بالعدد 1348 (السنة 63)، الصادر بتاريخ 9/7/2017م، وقد نصت المادة الثانية من ذلك القانون على أن: “… ينفذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”.
ثم صدر بعد ذلك القانون رقم 17 لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي، فنص في مادته الأولى على أن: “يستبدل بالفقرة الأخيرة من المادة 51 من القانون رقم 6 لسنة 2010 المشار إليه، النص الآتي:
“ويُراعى في ذلك أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، على أن يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة عند انتهاء خدته في الجهة التي يعمل بها، دون خصم المبالغ التي تحملتها هذه الجهة نظير اشتراك العامل في مؤسسة التأمينات الاجتماعية أثناء فترة علمه، ويسري هذا الحكم اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 2010 المشار إليه”.
وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقاً على هذا التعديل، ما نصه: “… جاء هذا القانون لحماية حقوق العاملين في القطاع الأهلي، وذلك من خلال مد النطاق الزمني لسريان القانون رقم 85 لسنة 2017 الذي عدَّل الفقرة الأخيرة من المادة 51 ليكون نفاذ حكم هذه الفقرة المُعدَّلة من تاريخ العمل بالقانون رقم 6 لسنة 2010 …”.
علماً بأن هذا التعديل الأخير قد تم نشره بالجريدة الرسمية (الكويت اليوم)، بالعدد 1391 (السنة 64)، بتاريخ 6/5/2018م.
وعلى هذا، فنحن بصدد ثلاث مراحل مر بها قانون العمل (تحديداً الفقرة الأخيرة من المادة 51 منه):
المرحلة الأولى:
– تبدأ من تاريخ 21/2/2010م (تاريخ سريان ونفاذ قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010)
– وتستمر حتى تاريخ 8/7/2017م وهو اليوم السابق على نشر القانون رقم 85 لسنة 2017 بالجريدة الرسمية (في 9/7/2017م)
– وفي تلك المرحلة إنما يلتزم صاحب العمل فقط بدفع صافي الفرق بين المبالغ التي تحملها نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية والمبالغ المستحقة عن مكافأة نهاية الخدمة.
– وجميع المراكز القانونية التي استقرت في تلك المرحلة، سواء بحكم قضائي نهائي (حيث إن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام)، أو بالتقادم الحولي (سنة واحدة من تاريخ نهاية علاقة العمل)، أو بالتسوية الودية والاتفاق بين صاحب العمل والعامل (وحصول صاحب العمل على مخالصة نهائية من العامل بحقوقه العمالية وإقراره بعدم رجوعه على رب العمل حالاً ومستقبلاً بأية مستحقات عمالية ناشئة عن عقد العمل)، جميع تلك المراكز القانونية التي استقرت لا يسري عليها التعديلات التالية سواء بالقانون رقم 85 لسنة 2017 أو القانون رقم 17 لسنة 2018.
– أما المراكز القانونية التي لم تستقر بعد (في تلك الفترة، وإلى الحين)، فيلحقها التعديل الأخير (القانون رقم 17 لسنة 2018)، وبموجبها يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة دون خصم المبالغ التي تحملها صاحب العمل نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله.
المرحلة الثانية:
– وهي تبدأ من 9/7/2017م (تاريخ نشر القانون رقم 85 لسنة 2017 بالجريدة الرسمية)،
– وتستمر حتى 5/5/2018م (اليوم السابق على نشر القانون رقم 17 لسنة 2018)،
– وفي تلك المرحلة يلتزم صاحب العمل بدفع مكافأة نهاية الخدمة كاملة للعامل من دون أن يخصم منها المبالغ التي تحملها صاحب العمل نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله،
– شريطة أن يكون السبب الموجب لاستحقاق مكافأة نهاية الخدمة (وهو انتهاء خدمة العامل) قد وقع وحدث ما بين تاريخي بداية ونهاية تلك الفترة.
– وجميع المراكز القانونية التي استقرت في تلك المرحلة، سواء بحكم قضائي نهائي (حيث إن حجية الأحكام تعلو على اعتبارات النظام العام)، أو بالتسوية الودية والاتفاق بين صاحب العمل والعامل (وحصول صاحب العمل على مخالصة نهائية من العامل بحقوقه العمالية، وإقراره بعدم الرجوع على رب العمل حالاً أو مستقبلاً بأية مطالبة بمستحقات عمالية ناشئة عن عقد العمل)، جميع تلك المراكز القانونية التي استقرت لا يسري عليها التعديل التالي بالقانون رقم 17 لسنة 2018 (الذي عاد بتاريخ الأثر الرجعي للقانون لتاريخ سريان القانون رقم 6 لسنة 2010).
– أما المراكز القانونية التي لم تستقر بعد (في تلك الفترة، وإلى الحين)، فيلحقها التعديل الأخير (القانون رقم 17 لسنة 2018)، وبموجبها يستحق العامل مكافأة نهاية الخدمة كاملة دون خصم المبالغ التي تحملها صاحب العمل نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله، أياً كان تاريخ إنهاء خدماته (طالما وقعت في ظل القانون رقم 6 لسنة 2010).
المرحلة الثالثة:
– وهي تبدأ من 6/5/2018م وإلى ما شاء الله.
– وفي تلك المرحلة يلتزم صاحب العمل بدفع مكافأة نهاية الخدمة كاملة للعامل من دون أن يخصم منها المبالغ التي تحملها صاحب العمل نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية أثناء فترة عمله، أياً كان تاريخ إنهاء خدماته (طالما وقعت في ظل القانون رقم 6 لسنة 2010).
– لا سيما وأن صياغة النص وصريح دلالة عباراته تقطع بذلك، حيث صاغ المشرع ذلك التعديل بعبارة: “يستحق العامل … عند انتهاء خدمته في الجهة التي يـعمل بها …”، وهي عبارة تشير إلى أن مجال تطبيق النص إنما ينصرف – إعمالاً لأثره الفوري والمباشر – إلى العاملين الكويتيين القائمين على رأس عملهم في تاريخ صدور التعديل الأخير، والذين تنتهي خدمتهم بعد نفاذ القانون رقم 85 لسنة 2017، فهؤلاء العاملين المذكورين – وحدهم – هم الذين تحتسب مستحقاتهم – إعمالاً للأثر الرجعي للقانون – دون خصم ما تحمله صاحب العمل من اشتراكات التأمينات الاجتماعية اعتباراً من 21/2/2010م.
ملاحظات عامة:
– إن المخاطبين بهذا التعديل الأخير (بأثر رجعي)، هم العاملون لدى الجهات التابعة للعمل في القطاعين الأهلي والنفطي، لخلو أحكام الأخير من التنظيم، ومن ثم فإن من انقطعت علاقتهم بالعمل منذ سنوات ماضية على صدور هذا القانون لا يمكنهم الرجوع إلى جهات العمل للمطالبة بمكافأة نهاية الخدمة، لأنهم سيواجهون أحكام المادة 144 من قانون العمل رقم 6 لسنة 2010، والتي تقرر سقوط الدعوى العمالية بمضي سنة، ومن ثم فإن التعديل الصادر ينصرف إلى العاملين في القطاع الخاص ممن هم على رأس عملهم (عند صدور ذلك التعديل)، ولا ينصرف إلى من تركوا أعمالهم في البنوك أو الشركات قبل سنتين أو ثلاث سابقة على صدور القانون.
– إن لفظ المبالغ التي يتحملها صاحب العمل نظير اشتراك العامل في التأمينات الاجتماعية التي يتناولها نص المادة 51 من قانون العمل وتعديلاته، قد جاء عاماً مطلقاً، وبالتالي فلا يجوز تقييده أو تخصيصه، وعليه فإن هذا اللفظ يشمل كلاً من اشتراك التأمين “الأساسي”، وكذلك اشتراك التأمين “التكميلي” (في نظام التأمينات الاجتماعية).
– إن الفروض السابقة كلها تفترض استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة، وبالتالي فهي تستبعد:
الحالات التي يحرم فيها العامل من تلك المكافأة (طبقاً لنص المادة 41 من قانون العمل في القطاع الأهلي).
والحالات التي لا يستحق فيها العامل مكافأة نهاية الخدمة، مثال: عند استقالة العامل من الوظيفة قبل أن تستكمل مدة خدمته ثلاث سنوات متصلة لدى رب العمل (المادة 53 من قانون العمل في القطاع الأهلي). ويطبق ذات الحكم بالنسبة للعامل الذي يتغيب أكثر من سبعة أيام عمل متصلة بدون عذر مقبول، فيعتبر مستقيل حكماً (المادة 42 من قانون العمل في القطاع الأهلي)
– إنه وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة التمييز، فإن المبالغ التي تصرف للعامل من غير صاحب العمل، مثل ما تصرفه الدولة للعامل من قبيل: علاوات الأولاد ومبالغ دعم العمالة الوطنية، لا يدخل أياً منهما ضمن الأجر الشامل الذي يتم على أساسه احتساب مكافأة نهاية الخدمة للموظف الكويتي.
– وفي جميع الأحوال، يراعى:
بأن مجموع ما سيصرف من مكافأة نهاية الخدمة لن يتجاوز السنة ونصف السنة (المادة 51/ب من قانون العمل في القطاع الأهلي).
وأن للتعديل الأخير إطار محدد لمكافأة نهاية الخدمة لا يمكن تقريره بعيداً عن أحكام المادة 52 من أحكام قانون العمل رقم 6 لسنة 2010، والخاصة بحالات استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة كاملة.
وأن يراعى عند احتساب مكافأة نهاية الخدمة للعامل، أية ميزات أفضل مقررة للعامل سواء في لوائح الشركة أو عقود العمل المبرمة مع العامل (أي ميزة أفضل له مما هو مقرر في قانون العمل في القطاع الأهلي – كعدم وضع حد أقصى للمكافأة، ولو جاوز في مجموعة أجر سنة ونصف السنة).
– وأخيراً، من المحتمل أن تثور شبهة “عدم الدستورية” حول التعديل الأخير الحاصل بالقانون رقم 17 لسنة 2018 والذي جعل أثر التعديل الصادر بالقانون رقم 85 لسنة 2017 يمتد ويرجع إلى تاريخ نفاذ قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 6 لسنة 2010.
فمن ناحية: فإن القاعدة العامة أن سريان القوانين إنما يكون من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، حيث تنص المادة (178) من الدستور على أن: “تنشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها، ويعمل بها بعد شهر من تاريخ نشرها، ويجوز مد هذا الميعاد أو قصره بنص خاص في القانون”.
كما حظر الدستور النص على سريان القوانين بأثر رجعي – إلا في حالات معينة – فنصت المادة (179) من الدستور على أنه: “لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، ويجوز – في غير المواد الجزائية – النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة”. ولا توجد – حتى الآن – بيانات دقيقة عن عدد الأعضاء الموافقين على ذلك القانون من إجمالي عدد الأعضاء المكونين لمجلس الأمة (وليس فقط أغلبية الحاضرين منهم).
ومن ناحية أخرى: فإن ذلك التعديل سيضر بمبدأ المساواة بين المواطنين وتكافؤ الفرص بينهم، وهما من الركائز الأساسية في الدستور، حيث إنه سيخلق وضعاً مميزاً لمن لم ينه خداماته بعد، وبين من أنهى خدماته بالفعل واستقر مركزه القانوني في ظل القانون القديم قبل تعديله، وهذا التفاوت لا يستند إلى أساس قانوني يبرره.
هذا، والله أعلى وأعلم،،،
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً