نصّت المادة 1118 من القانون المدني العراقي على انه ” يكون ملكاً لصاحب الأرض ما يحدثه فيها من بناء أو غراس أو منشآت آخرى يقيمها بمواد مملوكة لغيره ، إذا لم يمكن قلعها دون ان يلحق صاحب الأرض ضرر جسيم ، وعليه ان يدفع قيمتها مع التعويض ان كان له وجه . اما إذا امكن قلعها بلا ضرر جسيم واراد صاحبها استردادها ، فله ذلك وعلى صاحب الأرض نفقة القلع ” .
اما المشرّع المصري فقد نص في المادة 923 من القانون المدني على انه “ 1- تكون ملكاً خالصا لصاحب الأرض ما يحدثه فيها من بناء أو غراس أو منشآت آخرى يقيمها بمواد مملوكة لغيره ، إذا لم يكن ممكناً نزع هذه المواد دون ان يلحق هذه المنشآت ضرر جسيم . أو كان ممكناً نزعها ولكن لم ترفع الدعوى باستردادها خلال سنة من اليوم الذي يعلم فيه مالك المواد انها اندمجت في هذه المنشآت . 2- فإذا تملك صاحب الأرض المواد ، كان عليه ان يدفع قيمتها مع التعويض ان كان له وجه ، اما إذا استرد المواد صاحبها فان نزعها يكون على نفقة صاحب الأرض ” .
ويعتقد اغلبية الفقهاء بان هذا الفرض من فروض الالتصاق هو قليل الحدوث ، ذلك ان مالك الأرض غالباً ما يتملّك المواد استناداً إلى قاعدة حيازة المنقول سند الملكيّة ، فإذا ما حاز صاحب الأرض المواد بحسن نيّة وكان في حيازته مستنداً إلى سبب صحيح (1).، تملكها دون الحاجة إلى اعمال أحكام الالتصاق ، وان قاعدة الحيازة في المنقول تؤدي إلى وحدة مالك الأرض ومالك المواد وتحول تبعاً لذلك دون قيام مشكلة الالتصاق (2). كون المواد لحظة اندماجها تكون مملوكة لصاحب الأرض ، أي انه يبني في أرضه بمواد مملوكة له ، وعادة يكون من مصلحة صاحب الأرض التمسك بتلك القاعدة ، وعدم التمسك بأحكام الالتصاق حتى يتفادى دفع تعويض لصاحب المواد لانه غالباً ما يكون قد دفع مقابلاً لحصوله على المواد بحسن نيّة ، كما لو اشتراها ممن يعتقد انه المالك (3). وعلى هذا فان هذه الصورة من صور الالتصاق تسري في حالة حسن النيّة إذا لم تتوفر شروط قاعدة الحيازة في المنقول بحسن نيّة سند الملكيّة وخصوصاً إذا لم يتوافر السبب الصحيح ، أو إذا كان صاحب الأرض سيئ النيّة ، ويقع على عاتق صاحب المواد اثبات سوء نيّة صاحب الأرض ، لان الأصل حسن نيّة ، أو يثبت ان المواد كانت مسروقة أو ضائعة ، أو كان حائزاً للأدوات بسبب ظني لا وجود له(4).
ولا ضرورة هنا للتمييز بين ما إذا كان المالك حسن النيّة أو سيئها عند حصوله على المواد ذلك لان من يستخدم المواد هو صاحب الأرض أي صاحب الشيء الأصلي ، ووضعه هذا يغفر له الحصول على مواد غيره ولو بسوء نيّة ، وهو في عمله هذا لم يستولِ الا على شيء تبعي وهو المنقولات ، والمشرّع بهذا يحابي مالك الأرض ليس فقط في مواجهة مالك المنقول بتملّك صاحب الأرض للمنشآت بحكم الالتصاق ، وانما يحابيه أيضاً بعدم وضع أحكام خاصة للحصول على المواد بسوء نيّة ويسوي في المعاملة بين حسن النيّة وسيئ النيّة ، فكل ما يتطلبه المشرّع في ذلك ، اقامته للمنشآت بنفسه وعلى أرضه (5). فضلاً عن شروط الالتصاق الأخرى ، حيث يجب ان تندمج هذه المواد بالأرض فتصبح عقاراً بطبيعته ، فلا يكفي تخصيص المواد لخدمة العقار إذا لم تندمج فيه اندماجاً يكسبها صفة العقار ، وان تكون هذه المواد مما يعتبر من مواد البناء أو الغراس كالحديد والاسمنت والطابوق والاشجار وهذا ما تم تفضيله في شروط الالتصاق . وإذا ما توافرت شروط الالتصاق اعلاه ، يتوجب اعمال أحكام الالتصاق والتي بموجبها تملك صاحب الأرض المواد وهذا هو الأصل، والذي يترتب عليه تعويضه عن قيمة المواد وما يصيبه من اضرار .
____________________
1- نصّت المادة 1163 / 1 مدني عراقي ” 1- من حاز وهو حسن النيّة منقولا أو السند لحامله مستندا في حيازته إلى سبب صحيح ، فلا تسمع عليه دعوى الملك من احد . . . ” تقابلها م 976 مدني مصري ( موافق ).
2- د. محمود الخيال ، مصدر سابق ، ص162 . د. جابر محجوب علي و د. خالد الهندياني ، مصدر سابق ، ص225 . اسماعيل غانم ، الحقوق العينيّة ، ج6 ، مصدر سابق ، ص56 .
3- د. حسام الدين الاهواني ، الحقوق العينيّة ، مصدر سابق ، ص43. د. احمد شوقي عبد الرحمن ، مصدر سابق ، ص193 . د. رمضان ابو السعود ، الوجيز في الحقوق العينيّة ، مصدر سابق ، ص210 .
4- د. السنهوري ، الوسيط ، ج9 ، ط ، 1992 ، ص362 . د. سعيد سعد عبد السلام ، الوجيز في الحقوق العينية ، مصدر سابق ، ص292. د. مصطفى محمد الجمال ، نظام الملكيّة ، مصدر سابق ، ص358 . كذلك انظر المواد 1164 من القانون المدني العراقي ، م 977 من القانون المدني المصري .
5- د. حسام الدين الاهواني ، اسباب كسب الملكيّة ، مصدر سابق ، ص69 . د. جمال خليل النشار ، الالتصاق ، مصدر سابق ، ص184. د. علي سليمان ، مصدر سابق ، ص186 . د. رمضان ابو السعود ، الوجيز في الحقوق العينيّة الأصلية ، مصدر سابق ، ص211 .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً