التنفيذ على منقول
حجز المنقول:
يجرى التنفيذ على المنقول عن طريق حجزه حجزاً تنفيذياً – فالحجز على المنقول قد يكون حجزاً تحفظياً أو حجزاً تنفيذياً. وللحجز التحفظي على المنقول أحكامه الخاصة – أما المقصود هنا فهو الحجز التنفيذي أي حجز المنقول حجزاً تنفيذياً – ويلزم لذلك أن يكون بيد الدائن سند تنفيذي وأن يعلن هذا السند أولاً إلى المدين لشخصه أو في موطنه الأصلي مع تكليفه بالوفاء، ولا يجوز إجراء التنفيذ إلا بعد مضى يوم كامل على الأقل من إعلان السند التنفيذي أي أن تتخذ مقدمات التنفيذ قبل أن يبدأ الدائن في حجز المنقول وحجز العقار فإن جميع الحجوز التنفيذية وجميع صور التنفيذ – أي حتى لو كان عينياً – يشترط فيها أن يسبقها إعلان السند التنفيذي إلى المدين وان يتخلل الإعلان والتنفيذ يوم على الأقل.
ولا يعتبر الإعلان جزءاً من إجراءات التنفيذ ذاتها وإنما هو مقدمة سابقة عليها وخارجة عن نطاقها. وليس لإعلان السند التنفيذي ميعاد فيجوز إجراؤه في أي وقت ما لم يكن السند قد سقط بمضي المدة 15 عاماً من تاريخ صدوره.
ويتم التنفيذ على المنقول بتسليم السند التنفيذي إلى المحضر مصحوباً بتوكيل يصدر إليه من الدائن (المحكوم لصالحه) يبيح له فيه التنفيذ ويخوله الحق في قبض المبالغ التي تتحصل عن التنفيذ نيابة عنه مع إعطاء المخالصة اللازمة عنها إلى المدين.
وإذا تبين أن المدين قد توفى فيجب أن يتم إعلان السند التنفيذي إلى الورثة حتى إذا كان المدين قد أعلن بذلك السند أثناء حياته. ويحدث ذلك إذا قام المدين بإعلان السند التنفيذي وتراخى في القيام بإجراءات الحجز فلما شرع في الحجز فوجئ بأن المدين (المعلن بالسند) قد توفى. ففي هذه الحالة يلزم إعلان السند التنفيذي مرة ثانية ولكنه يعلن عندئذ إلى الورثة.
وسواء كان المدين قد أعلن أو لم يعلن من قبل فإن الإعلان للورثة يقتضى التريث ثمانية أيام لا يجوز إيقاع الحجز قبلها: لأن اشتراط مضى يوم كامل إنما يكون في حالة إعلان السند التنفيذي إلى المدين نفسه – أما الإعلان للورثة فيلزم فيه مضى ثمانية أيام كاملة بين الإعلان والبدء في التنفيذ ولا يكتفى عندئذ بمضي يوم واحد فقط بين الإعلان والتنفيذ.
وقد أسبغ المشرع على طالب التنفيذ رعاية خاصة في هذا المقام: لأنه قد يجهل من هم ورثة المدين بالتفصيل وما هى مواطنهم فلم يشترط القانون إعلان كل منهم على حدة في موطنه إلا إذا كان قد مضى على الوفاة أكثر من ثلاثة شهور – أما إذا تم إعلان السند التنفيذي إلى الورثة – خلال الثلاثة شهور التالية للوفاة فيجوز إعلانهم جملة في أخر موطن للمورث دون أن يحتاج إلى بيان أسمائهم فرادى.
وما يصدق على الورثة يصدق على صاحب الصفة الجديدة إذا ما زالت أو تغيرت صفة المنفذ عليه أو إذا ما انتقصت أهليته وعين عليه قيم مثلاً فإن الإعلان في هذه الحالة يكون إلى القيم أو إلى صاحب الصفة الجديدة (ولو كان قد سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين نفسه) ثم أنه يجب عندئذ احترام مهلة الأيام الثمانية كما في حالة وفاة المدين.
وإذا تم التنفيذ دون إعلان السند التنفيذي أو دون مراعاة المهلة المقررة قانوناً فإن التنفيذ يكون باطلاً ولكن يجب على المدين المنفذ ضده أن يتمسك بهذا البطلان لأنه مقرر لمصلحته فإذا لم يتمسك به فإن إجراءات التنفيذ تسير وتمضى إلى غايتها كما لو لم يكن هناك بطلان. ولا يجوز لغير المدين المنفذ عليه التمسك بهذا البطلان.
وعلى ذلك فإن التنفيذ دون مقدمات أي دون أن يسبقه إعلان السند التنفيذي إعلاناً صحيحاً ومضى يوم (أو ثمانية أيام في الحالات التي ذكرناها) – يعتبر جائزاً وصحيحاً أو في حكم الصحيح إذا لم يتمسك صاحب المصلحة (أي المدين أو ورثته أو من حل محله) بالبطلان لتخلف مقدمات التنفيذ.
والمقصود بالمنقول الذى يحجز عليه في هذا الباب: المنقول المادة (المنفصل) إذا كان موجوداً في حيازة المدين نفسه أو لم يكن موجوداً في حيازة أحد كسيارة متروكة في الطريق العام.
أما إذا كان المنقول المادي متصلاً بغيره: كأن كان عقاراً بالتخصيص فلا يجوز التنفيذ عليه بطريق حجز المنقول وإنما يجب أن ينفذ عليه بطريق الحجز العقاري تبعاً للعقار الأصلي نفسه أي عن طريق توجيه تنبيه بنزع الملكية إلى المدين.
ومعروف أن العقار بالتخصيص ما هو إلا منقول مادى مملوك لمالك العقار ومخصص لخدمة العقار كالمحراث في الحقل إذا كان الحقل والمحراث ملكاً لمالك واحد – وقس على ذلك حيوانات الزراعة وماكيناتها – وأجهزة دار العرض السينمائي ومقاعدها – والآلات في المصنع – والأسرة في الفندق – والسيارات المخصصة لخدمة المصنع أو الفندق ولو أنها تتحرك إلى أماكن بعيدة عنه – وكل ذلك منوط بأن يكون العقار نفسه (الذى تخصص هذه المنقولات لخدمته) مملوكاً لنسف مالك المنقولات.
فإذا اتخذت إجراءات حجز المنقول على هذه المنقولات المعتبرة بالتخصيص عقاراً فإن التنفيذ يبطل وعندئذ ينبغي أن يتبع الدائن إجراءات الحجز العقاري.
وهذا الحكم يسرى بالنسبة لحجز الثمار مادامت متصلة بالأراضي لأنها تعتبر في هذه الحالة عقاراً بطبيعتها فضلاً عن أن القانون يقرر إلحاقها بالعقار: وتعتبر محجوزة تبعاً لحجز العقار وبنفس الإجراءات التي اتخذت لحجزه دون حاجة إلى إجراءات جديدة.
إلا أنه إذا تم الحجز على الثمرات الطبيعية والمحصولات الزراعية قبل نضجها بفترة قصيرة (حددها المشرع بخمسة وأربعين يوماً) فإنه يجوز عندئذ حجزها بطريق حجز المنقول – لأنها تعتبر في هذه الحالة في حكم المنقول ويطلق عليها وصف أنها (منقولات بحب المال) أي أن مصيرها المحتوم هو إلى قطفها أو جنيها وانفصالها عن العقار، فقدر المشرع أنها تعتبر كأنها منفصلة عن العقار حتى وهى على سوقها (قبل الجنى) إذا كانت على وشك الحصاد: أي تفصل بينها وبين الحصاد فترة قصيرة حددها المشرع بخمسة وأربعين يوماً (ويرجع في ذلك إلى الخبراء لتحديد صلاحية الثمار للجنى والمدة الباقية على قطفها أو حصادها).
أما إذا تم الحجز على المحصولات وهى على سوقها في الحقل قبل نضجها بأكثر من (45) يوماً – فإنه يجب أن يتم الحجز عندئذ بطريق حجز العقار لأن الثمار قبل الجنى هى في حقيقتها عقار بطبيعتها لاتصالها بالأرض اتصالاً وثيقاً فلابد من اتباع أسلوب الحجز العقاري في التنفيذ عليها (حتى لو نفذ الدائن عليها وحدها ولم ينفذ على الأرض).
ولذلك فإن الحجز عليها بطريق حجز المنقول إذا كانت على وشك النضج أي قبل نضجها بشهر ونصف (45 يوماً) يعتبر حاصلاً على سبيل الاستثناء. أما لو كانت إجراءات الحجز العقاري متخذة على الأرض ذاتها فإنها تشمل بالضرورة كل ما يظهر على تلك الأرض من ثمار تطبيقها لقاعدة إلحاق الثمار بالعقار فتعتبر الثمار محجوزة مع العقار لحساب الدائن مباشر التنفيذ فإذا جاء دائن أخر وحجز على الثمار بطريق حجز المنقول قبل النضج خلال الفترة المسموح بها (45 يوماً) فإن حجز المنقول يقع صحيحاً ولكن يتزاحم مع حجز العقار: فتباع الثمار ويودع ثمنها في الخزانة (على أساس أن الثمار ملحقة بالعقار) – ويوزع على أساس تفضيل الحاجز العقاري – ولا يأخذ الدائن الذى حجز على الثمار حجز منقول شيئاً من ثمن ما حجز عليه من الثمار إلا بعد أن يستوفى الحاجز العقاري حقه هو ومن يلوذ به في مجال التنفيذ العقاري.
وهذه مشكلة دقيقة يجب الانتباه إليها لأن العمل جرى على حجز الثمار بطريق حجز المنقول وبيعه – ولو كان العقار نفسه محجوزاً عليه – دون التفات إلى الحجز العقاري وبصرف النظر عنه – بمعنى أن ثمن الثمار المحجوزة يعطى للدائن الذى حجز عليها مع مخالفة ذلك لقاعدة الإلحاق (إلحاق الثمار بالعقار) – ويمكن تبرير ذلك بأن الدائن الذى حجز على العقار لم يتمسك بحقه في الإلحاق – وهذا شأنه – لأن الإلحاق مقرر لمصلحته ومنوط بأن يكون ثمن العقار غير كاف لسداد الديون المنفذ بها.
ومهما يكن من أمر: فقد أشرنا إلى أن المقصود بالمنقول في هذا الباب هو المنقول المادي – وميزناه عن العقار بالطبيعة وبالتخصيص. وبقى أن نميزه عن المنقول غير المادي: كحق المؤلف والديون الثابتة في ذمة مدين المدين: فهذه المنقولات غير المادية لا يحجز عليها بطريق حجز المنقول وإنما بطريق أخر هو حجز ما للمدين تحت يد الغير – وسنعالجه في موضعه من هذه المذكرات – ويقع الحجز على تلك المنقولات المعنوية باطلاً إذا اتبعت إجراءات حجز المنقول المادي – وتوجد في هذا المجال مسائل وحالات خلافية – سنعرض لها في موقعها.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً