أحكام الخطبة و آثار العدول عنها
المحامية: منال داود العكيدي
نصت الفقرة الثالثة من المادة الثالثة من قانون الاحوال الشخصية العراقي المرقم 188 لسنة 1959 على ان (الوعد بالزواج وقراءة الفاتحة والخطبة لاتعتبر عقدا) واستنادا لذلك فان الخطبة هي طلب الرجل الزواج من امراة او هي وعد بالزواج من جانب رجل وامراة فهي لاتخرج عن كونها مجرد اعلان للزواج وبذلك فهي تعتبر وعدا غير ملزم بالزواج ولا تعد عقدا لان العقد يرتب اثارا ملزمة لطرفيه وهذا الوعد من الممكن العدول او الرجوع عنه من قبل اي من الطرفين او كلاهما من دون ان يترتب عليهما اي التزام قانوني طبقا للنص اعلاه .
والحكمة من الخطبة تتلخص بانها تعتبر من مقدمات عقد الزواج وهي ضرورة من ضرورياته كون ان عقد الزواج يختلف عن بقية العقود لان اثاره لاترفع لذلك فان من دواعي الحيطة والزيادة في التقصي والدقة في الاختيار والتروي في اكمال عقد الزواج كانت الخطبة التي تعتبر رباطا ابديا فمن الواجب ان يسبق بسعة التبصر والتعمق لاتمامه.
ومن هنا جاء قانون الاحوال الشخصية العراقي والذي تعتبر الشريعة الاسلامية مصدره الرئيس مشيرا الى ان الخطبة باعتبارها خطوة اولى على طريق اكمال عقد الزواج الا انها مجرد اعلان او وعد وليست عقدا ومايترتب على ذلك من ان لكل منهما اي المخطوبين او لكلاهما الرجوع عنها سواء كان هذا بسبب ام بدونه من دون ان يترتب عليهما اي المخطوبين اية اثار قانونية او شريعة .
ولكن في بعض الاحيان قد يتضرر من هذا الفسخ احد الطرفين فيلحق به ضرر مادي او معنوي وتتحقق شروط ترتب المسؤولية التقصيرية التي هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما كأن يقوم الخاطب بشراء اثاث او القيام بحفلة او استئجار منزل وتهيئته لسكنهما بعد الزواج او قد تقوم المخطوبة بشراء مستلزمات الزواج او انها قد تتضرر جراء ترك دراستها او وظيفتها من اجل الزواج او اي ضرر مادي اخر او قد يصيب احدهما ضرر نفسي في حال ذاع خبر الخطوبة في الوسط الاجتماعي ثم ذاع خبر العدول عنها ومايرافق ذلك من التشهير والنيل من السمعة مما يترتب عليه اذى نفسي ، فعندئذ نكون امام قيام اركان المسؤولية التقصيرية التي يمكن ان يتم على اثرها اقامة الدعوى والمطالبة بالتعويض كون ان العدول عن الخطبة سبب ضررا لاحد الطرفين وكان هذا الضرر قد نتج عن اعلان الخطبة واذاعتها بين الاهل والاصدقاء فهنا يمكن المطالبة بالتعويض على اساس المسؤولية التقصيرية وليست العقدية كون ان الخطبة والوعد بالزواج لاتعتبر عقدا كما اسلفنا .
واساس هذه المسؤولية التقصيرية مستمد ايضا من احكام الشريعة الاسلامية الغراء وينسجم مع القواعد العامة منها قاعدة ( لاضرر ولا ضرار ) وقاعدة (الضرر يزال ) وقاعدة التعسف في استعمال الحق في القانون المدني .
وعلى القاضي تقصي حدوث الضرر من العدول عن الخطبة لكي يفرض التعويض على الطرف الاخر لانه وكما ذكرت يجب اثبات وقوع ضرر من هذا العدول لكي تتحقق اركان المسؤولية التقصيرية.
اما حكم الهدايا التي يتبادلها الخاطبان خلال فترة الخطوبة او التي يهديها الغير لاحدهما فتسري عليها احكام الهبة وذلك استنادا الى نص المادة ( 19 ) من قانون الاحوال الشخصية العراقي الفقرة الثانية منه والتي تنص على انه ( اذا سلم الخاطب الى مخطوبته قبل العقد مالا محسوبا على المهر ثم عدل احد الطرفين عن اجراء العقد او مات احدهما فيمكن استرداد ما سلم عينا وان استهلك فبدلا ) وكذلك نص الفقرة الثالثة من المادة (19) ( تسري على الهدايا احكام الهبة ) وبدلالة المادة ( 612 ) من القانون المدني العراقي المرقم 40 لسنة 1951 والتي تنص على ان : (الهبات والهدايا التي تقدم من احد الخطيبين للاخر، او من اجنبي عنهما لاحدهما او لهما معا، يجب ان يردها الموهوب له للواهب ،اذا فسخت الخطبة وطلب الواهب الرد مادام الموهوب قائما وممكنا رده بالذات) .
وبناءا عليه فان للمُهدي الحق في استرداد الهدايا عينا اذا كانت موجودة بذاتها اما اذا هلكت او كانت قابلة للاستهلاك فله المطالبة بقيمتها مالم يكن هناك مانع من موانع الرجوع بالهبة المنصوص عليها في المادة (623) من القانون المدني العراقي النافذ وهي : ( اذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته او اذا مات احد طرفي الهبة او اذا تصرف الموهوب له بالشيء الموهوب تصرفاً نهائياً او اذا قدم الموهوب له بدلا عن الهبة اذا كانت الهبة صدقة او عملاً من اعمال البر او اذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له).
اترك تعليقاً