تخفيف معاناة المرأة الحاضنة
سعى المجلس الأعلى للقضاء في المملكة إلى تخفيف معاناة المرأة الحاضنة بأن أقر حق المحكوم له بالحضانة بمراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس، وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات في جميع الدوائر والجهات الحكومية والأهلية، إلا السفر به خارج حدود المملكة، فلا يكون ذلك إلا بإذن من القاضي في بلد المحضون، وذلك إذا كان الحاضن غير الولي، وأن يعامل طلب الإذن بالسفر بالمحضون خارج السعودية معاملة المسائل المستعجلة وفقاً للمادتين (205 ـ 206) من نظام المرافعات الشرعية.
وسجلت المملكة الكثير من حالات تعسف بعض الأزواج ضد زوجاتهم، ورصدت وزارة العدل حرمان بعض الأولاد المحضونين من حقوقهم المدنية، وتأخر بعضهم في الدراسة إثر المساجلات بين الزوجة والزوج.
فقد أصدرت محكمة الأحوال الشخصية بجدة حكمًا ابتدائيًا تضمن حضانة مطلقة سعودية لجميع أبنائها وبناتها وأن لها الحق بمراجعة الأحوال المدنية والجوازات والسفارات وإدارات التعليم والمدارس وإنهاء ما يخص المحضون من إجراءات لدى جميع الدوائر والجهات الحكومية.
وجاءت الأحكام المذكورة على خلفية الدعوى التي تقدم بها طليقها للمحكمة للحصول على حضانة أبنائه وبناته بدعوى أنه أحق بالحضانة، مرفقًا في دعواه صورة لفتاة ملثمة بجوار شاب مدعيًا أن الصورة لابنته الكبرى نتيجة لإهمال تربية أمها.
وتوالى سيناريو القضية بعد مداولات مستفيضة من ناظر القضية اتضح له من خلال تقرير أعضاء لجنة الصلح أن جميع الأبناء والبنات بعد تخييرهم بين الأب والأم يرغبون في حضانة أمهم، بالإضافة إلى أنه اتضح عناية الأم بأبنائها وبناتها وعدم صحة ما زعمه الأب تجاه ابنته الكبرى، وفق ما نشرته صحيفة “المدينة” الأربعاء (10 سبتمبر 2014).
وعلى إثر ذلك أصدرت المحكمة، الثلاثاء (9 سبتمبر 2014) قرارها بحضانة الأم نظرا لحاجة أبنائها وبناتها لها، بالإضافة إلى أن جمهور العلماء يؤيد ذلك لما عرف عن الأم من الرحمة واللطف والصبر، مع إفهام المدعي (الأب) بأن له حق الزيارة متى ما تقدم ذلك من خلال تقديم دعوى.
وإذا أقرّ الحكم الشرعي أهلية المرأة الحاضنة سداداً وكفاية فإنها تكمل هذه الأمور من تلقاء نفسها، ومتى وجد الطرف الآخر وهو المحكوم ضده في الحضانة خطراً على الأولاد، ولكن في وسعه مراجعة المحكمة والإدلاء بما لديه في هذا الأمر.
ويبسط القضاء قبضته تلك لرعاية حق المحضون، وقد يصل الأمر إلى نقل الحضانة إلى الطرف الآخر، أو الحكم على المشتكي بالعقوبة إذا اتضح أن دعواه ضد الحاضن كيدية فقط لاسيما إذا تكررت منه.
ويتصدى النظام لمثل تلك الدعاوى الكيدية بالعقوبات التعزيرية لأنها تشغل المحاكم بكذبها وتسيء للمدعى عليه، علاوة على ما تتضمنه من ازدراء القضاء وإغفاله، وهذا يتطلب عقوبة خاصة.
ويتضحُ من قرار المجلس الأعلى أنه يريد تمكين المرأة التي صدر لها حكم شرعي بالحضانة من التصرف نيابة عنهم أمام الجهات الرسمية فيما عدا السفر خارج الحدود، وأنهى تعسف ومساومة بعض الأزواج في أمور تتعلق بمصالح الأولاد في المدارس والمستشفيات.
واتضح للمجلس أن النظر الشرعي خوّل بحكمه الأم بأن تكون هي حاضنة لأولادها، والحضانة تتعلق بأمور خطرة للغاية وهي التربية والتنشئة وحفظه في دينه وماله وعرضه، وهي لا تقارن بأيّة خطورة أخرى بل إن مراجعة الجهات الرسمية وإنهاء شؤونه هي منفعة محضة لا يعتريها أدنى شك.
ودخول غير الحاضن، لا يعدو بحسب الحالات المشاهدة التامة، سوى تمكين الزوج أو الولي بشكل عام من ممارسة تعسفه ضد الأم الحاضنة، وتكون الضحية مصلحة الأولاد، وسجلت وزارة العدل في هذا قضايا مكدرة جلس بسببها أطفال محرومون من الدراسة وبلغ بعضها العام الكامل.
اترك تعليقاً