صرف الشيكات وسندات الصرف:
وفاء البنك المسحوب عليه بقيمة سند صرف مزيل بتوقيع مزور على عميله الذي عهد إليه بأمواله لا تبرأ به ذمته قبل عميله لفقدان هذه الورقة شرطاً جوهرياً لوجودها هو التوقيع الصحيح للعميل، ويعتبر الوفاء بقيمتها غير صحيح لحصوله لمن لا صفة له في تلقيه، وبالتالي فإن هذا الوفاء ولو تم بغير خطأ من البنك لا يبرئ ذمته قبل العميل، ولا يجوز قانوناً أن يلتزم هذا العميل بمقتضى توقيع مزور عليه، لأن الورقة المزورة لا حجية لها على من نسبت إليه، ولهذا فإن تبعه الوفاء تقع على عاتق البنك أياً كانت درجة إتقان التزوير – وذلك كله بشرط عدم وقوع خطأ من جانب العميل الوارد اسمه في الصك وإلا تحمل تبعة خطئه وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها البنك وهى مخاطر مهما بلغت أعباؤها لا تتناسب البتة مع المزايا التي تعود على البنوك من تدعيم الثقة وبث روح الاطمئنان لدى العملاء. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 500 د.ك تعويضاً عن الضرر الأدبي تأسيساً على قواعد المسئولية التقصيرية. بما أورده بمدوناته من أن خطأ البنك الطاعن متمثلاً في عدم تأكد الموظف المختص التابع له في مطابقة توقيع المطعون ضده على سندي الصرف المؤرخين 29/1/1997 على النموذج الموجود لديه أدى إلى قيام مجهول بتزويرهما وصرف قيمتهما مما بث في نفسه الخوف والقلق على مال قاصريه منذ اكتشاف واقعة الصرف المزورة بتاريخ 29/1/1997 حتى ثبوت التزوير وانه طوال هذه الفترة كانت تساوره الشكوك في عودة هذا المال وخلص من ذلك إلى توافر الضرر الموجب للتعويض، وكان هذا الذي استخلصه الحكم غير سائغ ولا يؤدي إلى النتيجة التي انتهـى إليها.، فوفقاً لما سلف بيانه فإن التزام البنك الطاعن برد المبلغ محل السندين المزورين إلى المطعـون ضده، لا يقوم على قواعد المسئولية التقصيرية وما يستلزمه من توافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما، وإنما قوامه تحمل البنك تبعه الوفاء بسند صرف أو صك مزور على العميل ولو تم الوفاء بغير خطأ منه وأياً كانت درجة التزوير باعتبار ذلك من مخاطر المهنة التي يمارسها البنوك تدعيماً للثقة وبث روح الاطمئنان لدى العملاء، وهو ما من شأنه أن يندفع به خوف العميل على ماله الذي عهد به إلى البنك من أن يضيع، فمن ثم فإن الضرر الذي يدعيه المطعون ضده متمثلاً في هذا الخوف يكون منتفياً بما لا يسوغ معه طلب التعويض عنه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه له بالتعويض فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال بما يُوجب تمييزه جزئياً.
(الطعن 852/2000 تجاري جلسة 31/3/2002)
المادة 523 من قانون التجارة بنصها على أن “1- يتحمل المسحوب عليه وحده الضرر المترتب على وفاء شيك زور فيه توقيع الساحب أو البيانات الواردة في متنه، إذا لم يكن نسبة الخطأ إلى الساحب المبين أسمه في الشيك، وكل شرط على خلاف ذلك يعتبر كأن لم يكن. 2- ويعتبر الساحب مخطئا بوجه خاص إذا لم يبذل في المحافظة على دفتر الشيكات المسلم إليه عناية الرجل العادي. “فقد دلت -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- على أنها إنما تعالج حالة ما إذا كان المتقدم للبنك المسحوب عليه لاستيفاء قيمة الشيك هو المستفيد الأول، فلا تبرأ ذمة البنك المسحوب عليه الشيك قبل عميلة الذي عهد إليه بأمواله إذا وفى بقيمة شيك مذيل في الأصل بتوقيع مزور عليه اعتباراً بأن هذه الورقة لم يكن لها في أي وقت صفة الشيك لفقدها شرطاً جوهريا لوجودها هو التوقيع الصحيح للساحب، ومن ثم تقع تبعه الوفاء بموجب هذه الورقة على البنك المسحوب عليه أياً كانت درجة إتقان ذلك التزوير، وذلك كله مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل الوارد اسمه في الصك، وإلا تحمل هو تبعه خطئه. أما إذا كان المتقدم لاستيفاء قيمة الشيك قد تلقى هذا الشيك بتظهير ناقل للملكية فمن المقرر طبقاً للمادة 527 من قانون التجارة أن حائز الشيك القابل للتظهير يعتبر أنه حامله الشرعي متى أثبت أنه صاحب الحق فيه بالتظهيرات غير المنقطعة، فلا يلتزم البنك في هذه الحالة إلا بالتحقق من انتظام وتسلسل التظهيرات المتلاحقة على الشيك ومن أن المتقدم لصرفه هو المظهر إليه الأخير، ولا يقع عليه واجب التحقق من صدق توقيعات المظهرين ومتى ثبت هذا الشرط فإن الإعفاء من التحقق من صدق التوقيعات إعفاءً عاما لا يرتبط بحالة من الحالات أو يتوقف عليها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر بمسئولية الطاعن- بيت التمويل الكويتي- عن صرف الشيك محل النزاع لقيامه بصرف قيمته لحامله دون التحقق من صحة توقيع المظهر، والذي يحتفظ الطاعن به لديه بما يعد إخلالا منه بعمل كان يتعين عليه القيام به، ورتب عليه قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها الأولى قيمة الشيك المشار إليه والفوائد، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يُوجب تمييزه.
(الطعن 128/2002 تجاري جلسة 29/12/2003)
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة التمييز. وكان مفاد نص المادتين 543، 544 من قانون التجارة أنه يجوز لساحب الشيك أو لحامله أن يسطره بوضع خطين موازيين في صدره، يخلو ما بينهما من أي بيان أو يكتب لفظ “بنك “أو أي لفظ في هذا المعنى فيكون التسطير عاماً أو يكتب اسم بنك معين بين الخطين فيكون التسطير خاصاً. ويقصد من ذلك توجيه نظر البنك المسحوب عليه إلى وجوب عدم الوفاء بالشيك المسطر تسطيراً عاماً إلا إلى أحد عملائه أو إلى بنك، وعدم الوفاء بالشيك المسطر تسطيراً خاصاً إلا إلى البنك المكتوب اسمه فيما بين الخطين أو إلى عميل هذا البنك إذا كان هو المسحوب عليه. وإذا خالف البنك المسحوب عليه ذلك كان مسئولاً عن تعويض الضرر الحاصل لمالك الشيك بما لا يجاوز المبلغ الثابت به. ولايؤثر تسطير الشيك على كيفية تداوله إذ يتعلق فقط بتحديد من يجب الوفاء له به، فيجوز تظهيره لشخص آخر غير بنك مقرونا بشروطه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الشيكات موضوع التداعي هي شيكات مسطرة مسحوبة من شركة صناعات…. على البنك الطاعن والمستفيد فيها هو مؤسسة….. ومؤسسة….. والمملوكتين للمطعون ضده الأول. وقد تم تظهيرها للمطعون ضده الثاني الذي تقدم بها إلى البنك المسحوب عليه -وهو البنك الطاعن- باعتباره أحد عملائه وطلب إضافة قيمتها إلى حسابه الجاري لديه. فإن البنك إذ استجاب له لا يكون قد ارتكب أي خطأ باعتبار أن الوفاء بقيمة هذه الشيكات تم عن طريق البنك إلى أحد عملائه بقيده في حسابه لديه وهو ما يتفق وأحكام القانون. ولا ينال من ذلك القول بتزوير التظهيرات الواردة على هذه الشيكات أو عدم صحة بصمة خاتم المؤسستين عليها، إذ أن البنك المسحوب عليه لا يقع عليه واجب التحقق من صحة توقيعات المظهرين وكل ما يلتزم به هو التحقق من انتظام وتسلسل التظهيرات المتلاحقة على الشيك وأن المتقدم لصرفه هو المظهر إليه الأخير. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى تقرير مسئولية البنك الطاعن عن إيداع قيمة الشيكات محل التداعي بالحساب الجاري للمطعون ضده الثاني على سند من أنه لم يتحقق من عدم وجود مانع قانوني يشوب صفة شخص المودع الذي تقدم إليه بهذه الشيكات، وأنه قام بصرفها له رغم عدم جواز صرفها إلا عن طريق مصرف. ورتب على ذلك قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من إلزام البنك الطاعن مع المطعون ضده الثاني بالتضامن بأن يؤديا للمطعون ضده الأول قيمة هذه الشيكات والفوائد المستحقة عليها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يُوجب تمييزه.
(الطعن 37/2005 تجاري جلسة 31/1/2006)
من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن النص في المادة 523 من قانون التجارة على أن “1 – يتحمل المسحوب عليه وحده الضرر المترتب على وفاء شيك زور فيه توقيع الساحب أو حرفت البيانات الواردة في متنه إذا لم يمكن نسبة الخطأ إلى الساحب المبين اسمه في الشيك، وكل شرط على خلاف ذلك يعتبر كأن لم يكن. 2 – ويعتبر الساحب مخطئاً بوجه خاص إذا لم يبذل في المحافظة على دفتر الشيكات المسلم إليه عناية الرجل العادي”. يدل على أن ذمة البنك المسحوب عليه الشيك لا تبرأ قبل عميله الذي عهد إليه بأمواله إذا أوفى للغير بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور عليه ولو تم الوفاء بغير خطأ من البنك لأن هذه الورقة لم تكن لها في أي وقت صفة الشيك لفقدها شرطاً جوهرياً لوجودها هو التوقيع الصحيح للساحب ومن ثم تقع تبعة الوفاء بموجب هذه الورقة على البنك المسحوب عليه أياً كانت درجة إتقان التزوير، وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها البنك، وهى مخاطر مهما بلغت أعباؤها لا تتناسب البتة مع المزايا التي تعود على البنوك من تدعيم الثقة بها وبث روح الاطمئنان لدى جمهور المتعاملين على أن تحمل البنك هذه التبعة مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل يكون قد تسبب وحده في حدوث الضرر أو استغرق ما قد ينسب للبنك من خطأ في هذا الشأن وإلا ارتفعت مسئولية الأخير وتحمل هو تبعة خطئه أما إذا وقف خطأ العميل عند حد مجرد المشاركة في إحداث الضرر فلا مناص من تحمل كل منهما المسئولية كل بنسبة ما كان لخطئه من أثر في وقوع الضرر وذلك وفقاً للقواعد العامة المقررة في المادة 234 من القانون المدني، واستخلاص توافر خطأ العميل ومدى مساهمته في إحداث الضرر أو نفيه هو من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب مادام استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام البنك بالمبلغ المقضي به تأسيساً على تحمله تبعة الوفاء بقيمة الشيك موضوع النزاع حال أنه مذيل بتوقيع مزور على المطعون ضدها الأولى وفقاً لما أثبته تقرير الأدلة الجنائية وأن ذمته لا تبرأ أياً كان درجة إتقان التزوير باعتبار أن هذه الورقة لم يكن لها في أي وقت صفة الشيك لفقدانها شرطاً جوهرياً هو التوقيع الصحيح اللازم للصرف من أموالها التي عهدت إليه بها، وقد راعى الحكم ما ثبت له من أسباب الحكم الجزائي من توافر خطأ الشركة بفقدها أربعة شيكات من بينها الشيك السالف دون أن تنتبه إلى ذلك في حينه حتى تقوم بإخطار البنك بتفادي الصرف، ورتب الحكم على ثبوت مساهمة الشركة بخطئها في وقوع الضرر إنقاص مبلغ التعويض الذي قضى به الحكم الابتدائي من كامل قيمة الشيك بمبلغ 20000 د.ك إلى مبلغ 15000 د.ك، وهو من الحكم استخلاص سائغ في حدود سلطته التقديرية له معينه الصحيح في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بلا مخالفة لحجية الحكم الجزائي وذلك أياً كان الرأي فيما أورده بأسبابه من نسبة خطأ تقصيري إلى البنك الطاعن إذ أن مسئوليته قائمة ولو تم الوفاء بغير خطأ منه على نحو ما سلف، ولا على محكمة الاستئناف إن هى لم تر وجهاً لتأجيل الدعوى أو إعادتها بعد حجزها للحكم إلى المرافعة باعتبار أن ذلك من اطلاقاتها في تقدير مدى تهيأ الدعوى وصلاحيتها للحكم ومن ثم فإن النعي بهذه الأوجه لا يعدو في حقيقته إلا أن يكون جدلاً في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع لايجوز إثارته لدى محكمة التمييز.
(الطعنان 843، 857/2004 تجاري جلسة 14/2/2006)
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً