دعوى إثبات الحالة:
هي دعوى يقصد منها إلى تهيئة الدليل في دعوى موضوعية مرفوعة فعلا أو سترفع في المستقبل وذلك عندما تحدث واقعة يخشى من زوال معالمها أو من تغيير هذه المعالم بمرور الوقت –ومثال ذلك دعوى إثبات حالة أرض غمرتها المياه قبل أن تنحسر عنها، أو دعوى إثبات حالة حريق أو هدم… الخ.
وفي هذه الأحوال قد يقوم القاضي المستعجل بالمعاينة بنفسه ويحرر بذلك محضراً يثبت فيه ما شاهده في المعاينة. أو يقوم بانتداب خبير لوصف الحالة القائمة، وهذا هو الغالب إذ قلما ينتقل القاضي للمعاينة بنفسه، ومتى تم وصف الحالة القائمة تنتهي الدعوى بذلك ويصدر القاضي حكما بانتهائها.
على أنه إذا قام الخبير تقريراً فمن الجائز مناقشة هذا التقرير والطعن عليه، وقد ينتهي الأمر بتعيين خبير آخر أو بتكليف الخبير نفسه بإكمال عمله إذا تبين أن به نقصاً أو ثمة ما يستدعى استكمالا، وقد ترى المحكمة استدعاء الخبير أمامها لمناقشته في تقريره.
على أن الدعوى تقف على كل حال عند هذا الحد، لأنها تقتصر على تهيئة الدليل، ويحكم القاضي عندئذ بانتهاء الدعوى.
وغنى عن البيان آن الحكم الذي يصدر في مثل هذه الدعوى يجوز استئنافه ويمكن في الاستئناف طلب ندب خبير آخر أو إعادة المأمورية للخبير لاستيفائها كما يمكن طلب مناقشة الخبير. ويشترط في دعوى إثبات الحال توافر ركن الاستعجال، أي أن تكون الواقعة متغيرة المعالم مع مضي الزمن –فإن كانت المعالم قد زالت فعلا- أو كانت من المعالم الثابتة التي لا تزول بمرور الوقت ولا يترتب على مضي الزمن تفويت مصلحة أو حق نتيجة لذلك – فإن ركن الاستعجال ينتفي في هذه الحالة وتخرج الدعوى من مجال اختصاص القضاء المستعجل، ويجب عندئذ أن يطلب إثبات الحال من القاضي الموضوعي عند رفع الدعوى الموضوعية.
وعلى ما جرى به نص المادة 72 من قانون الإثبات ـ أنه: “يجوز لمن يخشى ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن وبالطرق المعتادة من قاضي الأمور المستعجلة الانتقال للمعاينة … ويجوز لقاضي الأمور المستعجلة في الحالة سالفة الذكر أن يندب أحد الخبراء لـلانتقال والمعاينـة وسـمـاع الشهـود بغيـر يمين …إلخ،
كما جرى نص المادة 31 من قانون المرافعات على أن: “يندب في مقر المحكمة الكلية قاضٍ على مستوى المحكمة الجزئية ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بأصل الحق في الأمور الآتية : أ ـ المسائل المستعجلة التي يُخشى عليها من فوات الوقت ـ يدل وعلى ما جرى به قضاء التمييز أن مناط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في المسائل التي يُخشى عليها من فوات الوقت هو الخشية من زوال المعالم أو ضياع الحق أو فوات المصلحة، ويتحقق ذلك بتوفر شرطين الأول أن يكون المطلوب إجراءً وقتياً لا فصلاً في أصل الحق، والثاني قيام حالة الاستعجال التي يُخشى معها من طول الوقت الذي قد تستلزمه إجراءات التقاضي لدى محكمة الموضوع”.
[الطعن رقم 13 لسنة 1976 تجاري جلسة 23/2/1977م]
ومن المقرر في أحكام محكمة التمييز أن : ” غاية القصد بدعوى إثبات الحالة حسبما تفيد المادتان 71 ، 72 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية اتخاذ إجراء وقتي من الإجراءات التحفظية الصرفة، إذ يلتمس رافعها من القضاء المستعجل إثبات وقائع معينة يُخشى زوال دليلها إذا ما اختلفت ظروف الحال أو تأكيد معالم قائمة يمكن أن تتغير بمرور الزمن عليها طال أم قصر فتضيع منها كل أو بعض الحال الكائنة فيها ولا يتعدى الإجراء الذي يصدر في الدعوى إلى المساس بأصل الحق الذي تنعقد ولاية الفصل فيه لمحكمة الموضوع وحدها لدى طرح النزاع عليها وعندئذ يكون لكل ذي شأن الاستناد أمامها إلى حكم إثبات الحالة وإجراءاته كمجرد دليلٍ معينا ًلإثبات دعواه قِبل الطرف الآخر أو لنفي دعوى ذلك الطرف قِبله”.
( الطعن بالتمييز رقم 385/2001 تجاري جلسة 26/1/2004 )
لما كان ذلك، وكان الاستعجال هو حالة تتغيَّر بتغير ظروف الزمان والمكان وتتلازم مع التطور بحيث يترتب من فوات الوقت عليها ضررٌ لصاحب الحق قد يتعذر عليه تداركه أو إصلاحه فيلزم عليه اتخاذ إجراءات سريعة لا تحتمل التأخير، ولا يمكن أن تتحقق عن طريق القضاء الموضوعي ولو بتقصير المواعيد، لأنه قد ينشأ عن ذلك خطرٌ يداهمه أو ضررٌ محقق يلحق به.
وحيث إنه من المقرر وفقاً لقضاء محكمة التمييز أنه: “القصد من دعوى إثبات الحالة هو اتخاذ إجراء وقتي من الإجراءات التحفظية الصرفة إذ يلتمس رافعها إثبات وقائع معينة يُخشى زوال دليلها إذا ما اختلفت الظروف، أو تأكيد معالم قائمة يمكن أن تتغير بمجرد مرور الزمان عليها طال أم قصر فتضيع كل أو بعض الحالة الكائنة فيها، ولا يتعدى الإجراءات الذي يتخذ فـي الدعوى المساس بأصل الحق الذي تنعقد ولاية الفصل فيه لمحكمة الموضوع وحدها لدى طرح النزاع عليها”.
[[ طعن رقم 231 لسنة 2006 مدني/1 ــ جلسة 3/12/2007م]]
وكان المقرر فقهاً وقضاءً أنه يُقصد بالاستعجال الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد حمايته، والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكن عادة فـي التقاضي العادي ولو كثرت مواعيده، وعلى هذا فالاستعجال أو المحافظة على حق أو إثبات حالة مادية قد تتغير أو تزول مع الزمن، والاستعجال ينشأ من طبيعة الحق المطلوب حمايته والظروف المحيطة به.
وحيث إنه لما كان المراد بالاستعجال المبرر لاختصاص قاضي الأمور المستعجلة للحكم في دعوى إثبات الحالة هو الخشية من ضياع معالم واقعة يُحتمَل أن تصبح محل نزاعٍ أمام القضاء، ويُشترط في تلك الواقعة أن تكون متغيرة المعالم مع الزمن بحيث يُخشى من ضياع هذه المعالم إذا انتظر المدعي معاينتها بواسطة محكمة الموضوع أياً كان سبب هذه الخشية، وعلى ذلك يتوافر شرط الاستعجال في كل حالة يقصد منها منع ضرر محدق قد يتعذر تلافيه مستقبلاً بإثبات حالته لاحتمال ضياعه أو لتأكيد معالم طالت مدتها أو قصرت قد تتغير مع الزمن وتضيع كل أو بعض آثارها إذا تُركت لنظرها أمام القضاء العادي .
ومن جهة أخرى، فإن دعوى إثبات الحالة ما هي إلا مجرد تصوير مادي واقعي لحالة يصح أن تكون محل نزاع في المستقبل أمام القضاء الموضوعي.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً