الوعد بالعقد:
تعرض المادة (72) والمادة (73) للوعد بالعقد. وتبين المادة (72) الشروط اللازمة لانعقاد الوعد بالعقد، وهي تتطلب لذلك أن تعين فيه المسائل الجوهرية للعقد الموعود بإبرامه، والمدة التي يجب أن يبرم خلالها، وذلك دون إخلال بوجوب اتباع نفس الشكل المتطلب للعقد الموعود بإبرامه، إذا استلزم له القانون شكلاً خاصًا، إعمالاً لما تقضي به المادة (69) من المشروع. وغني عن البيان أن تطلب الشروط الخاصة المنصوص عليها في المادة (73) لا يغني عن شروط الانعقاد وشروط الصحة المتطلبة في العقود بوجه عام، اعتبارًا بأن الوعد بالعقد لا يعدو أن يكون هو في ذاته عقدًا وإن كان ليس هو العقد المقصود في النهاية.
وتجيء المادة (73) لتحدد الأثر المترتب على الوعد بالعقد. وهي تقرر في فقرتها الأولى، أن هذا الأثر يتمثل في قيام العقد الموعود بإبرامه، إذا ارتضاه من صدر الوعد لصالحه، قبل فوات المدة التي حددت له، واتصل رضاؤه هذا بعلم الواعد قبل هذا الوقت أيضًا، وقد حرص المشروع على أن ينص على قيام العقد الموعود بإبرامه، إذا ما ارتضاه الموعود له، على نحو ما يتطلبه القانون. وهو بذلك يريد أن يحسم خلافًا ثار في الفقه الفرنسي على الأخص حول ما إذا كان العقد الموعود بإبرامه يقوم بمجرد أن يأتي رضاء الموعود له به، أم أنه لا يترتب على هذا الرضاء إلا التزام الواعد بإبرامه، الأمر الذي يتطلب، عند نكول الواعد، الالتجاء إلى القضاء وإصدار حكمه بإيقاع العقد. وإذا كان الفقه في الكويت، كما هو الشأن في مصر، قد صار في الاتجاه الثاني، إلا أن المشروع آثر مع ذلك أن يتبنى الاتجاه الأول، توخيًا لليسر، ومنعًا لتفرقة تتجافى مع المنطق بين الوعد بالعقد والإيجاب به، إذا اقترن بميعاد للقبول وصار بذلك ملزمًا.
حيث يتجه الفقه إلى القول بقيام العقد في هذا النوع من الإيجاب بمجرد أن يصدر القبول في ميعاده، ويتصل بعلم الموجب، دون حاجة به إلى أن يوقعه حكم القاضي. فليس من المعقول أن يكون للوعد بالعقد الذي هو في ذاته عقد، أثر أدنى من ذاك الذي يلحق الإيجاب المقترن بميعاد للقبول، وهو في ذاته ليس عقدًا وإنما مجرد خطوة إلى العقد. وحتى لو اعتُبر عرض الصفقة عقدًا كما يغلب في الفقه الفرنسي، فهو بالنسبة إلى العقد المقصود في النهاية أدنى بالضرورة من الوعد بالعقد.
وتعرض المادة (73) في فقرتها الثانية للحالة التي يموت فيها الواعد، أو يفقد أهليته، قبل استعمال الموعود له الخيار الذي يمنحه إياه الوعد، وتبقى له على هذا الخيار، حتى إذا ما ارتضى قيام العقد الذي وعد به في الميعاد، قام وانعقد. وتجيء الفقرة الثالثة من المادة (73) لتقضي بأن موت الموعود له لا يُسقط الوعد، وينتقل خيار قبول العقد الموعود بإبرامه إلى خلفائه، على أن ذلك الحكم لا يتبع بالضرورة إذا كان الوعد قد أُعطى للموعود له بمراعاة شخصه.
وقد حرص المشروع، في هاتين الفقرتين، على بقاء أثر الوعد قائمًا برغم موت الواعد أو الموعود له، حتى يقطع مظنة سقوطه، قياسًا على الإيجاب. وهو من بعد الحكم الذي استقر الفقه عليه، اعتبارًا بأن الوعد عقد، ينشأ عنه التزام على الواعد بإبرام العقد، وحق للموعود له في إبرامه، والالتزام والحق لا ينقضيان بموت المدين أو الدائن. والمادتان (72، 73) وإن تضمنتا أحكامًا مستحدثة، فهما في عمومها مستمدتان من القانون السويسري (المادة 22 من مدونة الالتزامات)، والقانون البولوني (المادة 62) والقانون المصري (المادة 101 والمادة 102)، والقانون السوري (المادة 102 والمادة 103)، والقانون الليبي (المادة 101 والمادة 102)، والقانون العراقي (المادة 91) والقانون الأردني (المادة 105 والمادة 106)، وقانون التجارة الكويتي (المادة 115).
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً