حق الانتفاع:
حق الانتفاع حق عيني أصلي، يخول صاحبه وهو المنتفع استعمال واستغلال شيء مملوك لغيره، فله أن يستعمله بنفسه أيًا كان هذا الاستعمال ما دام الشيء قد أعد له، وله أن يستغله للحصول على ثماره، أما حق الاستعمال، فهو أضيق نطاقًا من حق الانتفاع إذ لا يخول صاحبه إلا سلطة الاستعمال، دون الاستغلال، وأما حق السكنى فهو صورة من صور حق الاستعمال تقتصر على السكنى دون غيرها من صور الاستعمال فليس لصاحب الحق أن يستعمل المكان في أعمال حرفته كمكتب أو عيادة مثلاً.
وقد نظم المشروع حق الانتفاع في المواد من (944) إلى (954).
وقد عرضت المادة (944) لأسباب كسب حق الانتفاع : وهي التصرف القانوني والحيازة، وقد يكون التصرف القانوني سببًا لكسب حق الانتفاع حال حياة المتصرف، معاوضة أو تبرعًا إنشاءً أو نقلاً، فقد يتفق المالك مع آخر على أن ينشئ له حق انتفاع على شيء يملكه بمقابل أو على سبيل الهبة، كما يحدث أن يتصرف المالك إلى شخص ما ويحتفظ لنفسه بحق الانتفاع على الشيء المتصرف فيه، كما يجوز لصاحب حق الانتفاع أن ينقل حقه إلى غيره، وقد يكون كسب حق الانتفاع بالوصية، فيوصي المالك بالانتفاع بشيء يملكه، وتسري في هذه الحالة أحكام الوصية بالمنفعة.
وإذا كان المشروع قد نص على أن الانتفاع يكسب بمقتضى الحيازة فذلك مراعاة لما قرره في شأن أثر حيازة المنقول إذ قد تؤدي إلى كسب الملكية وغيرها من الحقوق كالانتفاع، أما بالنسبة للعقار فالحيازة، وفقًا لما سار عليه المشروع، لا تعتبر سببًا لكسب الحق وإنما قد تؤدي إذا استمرت مدة معينة إلى اعتبارها دليلاً على وجود الحق للحائز.
هذه هي الأسباب التي يمكن أن يُكتسب بها حق الانتفاع، وأما أسباب كسب الملكية الأخرى فلا محل لها بالنسبة للانتفاع، فلا يتصور كسب الانتفاع بالاستيلاء، ولا بالالتصاق، ولا بالميراث لأن الانتفاع ينقضي بموت المنتفع، وعرضت المواد من (945) إلى (951) لحقوق المنتفع والتزاماته، وقد بدأ المادة (945) بالنص على أن يراعى في هذه الحقوق والالتزامات السند الذي أنشأ حق الانتفاع، وكذلك الأحكام المقررة في المواد التالية. ولما كان حق الانتفاع يخول المنتفع استغلال الشيء محل حقه والاستغلال يعني الحصول على الثمار، نصت المادة (946) على أن تكون ثمار الشيء المنتفع به للمنتفع بنسبة مدة انتفاعه، ثم تحفظت لمراعاة حكم الفقرة الثانية من المادة (952) التي تواجه حالة انقضاء أجل حق الانتفاع والأرض المنتفع بها مشغولة بزرع قائم وتقضي بأن تترك الأرض للمنتفع أو ورثته إلى حين إدراك الزرع على أن يدفعوا أجرة الأرض عن الفترة من وقت انقضاء حق الانتفاع إلى حين إدراك الزرع.
ثم عرضت المادة (947) لحق المنتفع في استعمال الشيء : فنصت على أن يستعمله بحالته التي تسلمه بها وبحسب ما أُعد له، كما أوجبت عليه أن يديره إدارة حسنة، وعرضت الفقرة الثانية لحق المالك الذي يقابل واجبات المنتفع في الاستعمال، فللمالك أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة الشيء، وإذا أثبت مالك الرقبة أن استعمال المنتفع للشيء يُعرض حقه للخطر كان له أن يمنعه من هذا الاستعمال وأن يطالبه بتقديم تأمينات لضمان ما قد يثبت له من تعويض بسبب سوء استعمال المنتفع للشيء، فإن لم يقدم المنتفع التأمينات أو ظل يستعمل الشيء استعمالاً غير مشروع أو غير متفق مع ما أُعد له، جاز للقاضي أن يحكم بنزع الشيء من يد المنتفع وتسليمه إلى أمين يتولى إدارته ويعطي الغلة للمنتفع، بل يجوز للقاضي إذا اقتضى الحال أن يحكم بانتهاء حق الانتفاع، وفي هذه الحالة لا يترتب على إنهاء الحق قبل الأجل المحدد له الإخلال بحقوق الغير، كالدائن المرتهن لحق الانتفاع.
وتعرض المادة (948) لنفقات الشيء محل الانتفاع، وتفرق بين نوعين من النفقات، النوع الأول وهو النفقات المعتادة ويدخل فيها ما يُفرض على الشيء من تكاليف كالضرائب مثلاً كما تشمل نفقات الصيانة، وهذه تكون على المنتفع، والنوع الثاني هو النفقات غير المعتادة، مثل نفقات الإصلاحات الجسيمة فإن كانت بسبب خطأ المنتفع فيجب عليه أن يقوم بها وإن لم تكن بسبب خطئه فالأصل أن المالك لا يلتزم قِبل المنتفع بإجرائها ولكن يجبر المالك على إجرائها إذا كان حق الانتفاع تقرر لصاحبه بمقابل، أو كان هناك شرط بذلك.
وتعرض المادة (949) لواجب المنتفع في حفظ الشيء، فعليه أن يبذل في هذا الحفظ عناية الشخص المعتاد، فإذا أخل بواجبه هذا كان مسؤولاً قِبل المالك عما يترتب على ذلك من هلاك أو تلف، وعلى المنتفع أن يرد الشيء إلى المالك عند انتهاء حق الانتفاع، فإذا تأخر بعد إعذاره وهلك الشيء ولو بسبب أجنبي كان هلاكه على المنتفع إلا إذا أثبت أن الشيء كان يهلك ولو كان في يد المالك.
ومما يتفرع على واجب المنتفع بحفظ الشيء أنه إذا احتاج الشيء إلى إصلاحات مما لا يلتزم المنتفع بإجرائها أو احتاج إلى إجراء يقيه من خطر لم يكن منظورًا أو ادعى أجنبي استحقاق الشيء، فعلى المنتفع أن يبادر بإخطار المالك حتى يتمكن من الإصلاح أو توقي الخطر أو الاستحقاق، وقد نصت المادة (950) على واجب المنتفع بهذا الإخطار، وبمقتضى القواعد العامة إذا أخل المنتفع بواجبه هذا وترتب على ذلك ضرر للمالك كان يمكن تفاديه لو أن المنتفع قام بواجب الإخطار، كان المنتفع مسؤولاً.
وأخيرًا عرض المشروع في المادة (951) لحالة ما إذا كان المال المقرر عليه حق الانتفاع منقولاً :إذ يجب في هذه الحالة أولاً جرد المنقول، ذلك أن المنتفع يلتزم عند انتهاء الانتفاع برد المنقول بالحالة التي استلمه بها، فتيسيرًا للتأكد من حسن الوفاء بهذا الالتزام أوجب النص جرد المنقول، ويكون ذلك بتحرير محضر يوقع عليه كل من المنتفع ومالك الرقبة. واحتياطًا لما قد يلتزم به المنتفع تجاه المالك من تعويضات بسبب ضياع الشيء أو تلفه، أوجب النص على المنتفع تقديم تأمين كافٍ فإن امتنع جاز للقاضي أن يأمر بوضع المال في يد أمين يتولى إدارته لحساب المنتفع.
وتعرض المادتان (952 و953) لانقضاء حق الانتفاع، فإن كان ثمة أجل لانتهاء الحق، انتهى بحلول هذا الأجل، أو بموت المنتفع، أيهما أقرب، وإن لم يعين للانتفاع أجل اعتُبر مقررًا لحياة المنتفع وينتهي بالوفاة.
وإذا هلك الشيء محل حق الانتفاع، فالأصل أن ينتهي الانتفاع بهلاك محله، ولكن إذا ترتب على الهلاك وجود عوض عن الشيء الذي هلك كالتعويض الذي يلتزم به المتسبب في الهلاك أو مبلغ التأمين، فيحل العوض محل الشيء حلولاً عينيًا بحيث يصبح العوض محملاً بحق الانتفاع كما كان الشيء قبل الهلاك، وإذا أعيد الشيء بعد الهلاك إلى أصله، على نفقة المسؤول عن الهلاك سواء كان هو مالك الرقبة أو المنتفع أو أجنبي أو أُعيد بمبلغ التأمين، عاد إلى المنتفع حقه في الانتفاع.
وأخيرًا عرض المشروع، بالمادة (954) لأثر عدم استعمال المنتفع حقه، فنص على أنه إذا استمر عدم الاستعمال مدة خمس عشرة سنة، فلا تُسمع دعواه بحق الانتفاع إذا أنكره المالك.
وإذا كان الانتفاع مقررًا لعدة شركاء على الشيوع فاستعمال أحدهم الحق يقطع مدة عدم سماع الدعوى لمصلحة الشركاء الآخرين، كما أن وقف المدة لمصلحة أحدهم يترتب عليه وقفها لمصلحة الآخرين.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً