– ضمان أذى النفس :
لما كان من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، أنه:
” من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن القانون المدني جعل الفعل الضار أحد مصادر الالتزام وقسمه إلى قسمين: أولهما- العمل غير المشروع، وقوامه تقرير مسئولية كاملة وشاملة ترجع في أساسها إلى فكرة الخطأ بوجه عام، وثانيهما- أذى النفس للضمان، وفقاً لأحكام الدية في الشريعة الاسلامية وقوامه أذى النفس – دون المال – وذلك عندما يستغلق على المصاب أو ذويه من بعده الطريق إلى جبر الضرر جبراً كاملاً شاملاً على أساس المسئولية التقصيرية لانتفاء خطأ مباشر الضرر، أو لكون المباشر مجهولاً، … وحيث ان المادة 248 من القانون المدني تنص على انه “اذا كان الضرر واقعاً على النفس فان التعويض عن الاصابة ذاتها يتحدد طبقاً لقواعد الدية الشرعية من غير تمييز بين شخص وآخر وذلك دون اخلال بالتعويض عن العناصر الأخرى للضرر . . .”، كما نصت المادة 251 من ذات القانون على أنه ” ا – تقدر الدية الكاملة بعشرة آلاف دينار ويجوز تعديل مقدارها بمرسوم . . . 2- ويصدر بمرسوم جدول للديات وفق أحكام الشريعة الاسلامية تحدد بمقتضاه حالات استحقاق الدية الشرعية كلياً أو جزئياً. . .”، واذ صدر ذلك الجدول بمرسوم، … فإن مفاد ذلك وعلى نحو ما جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون المدني أن المشروع رأى أن التعويض يتحدد بمبلغ جزافي يقدر سلفاً وهو ما يتمثل في الدية الشرعية أو جزئها وفق أحكام الفقه الاسلامي “.
( الطعن بالتمييز رقم 397 لسنة 1997 تجاري – جلسة 9/3/1998م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
” وحيث إنه عن النعي في شقة الثاني المتعلق بطلب الدية الشرعية المؤسس على مسئولية المباشر فهو في محله، ذلك أنالقانون المدني استهدف بالأحكام التي أوردها في باب ضمان أذى النفس الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً، بحيث يضمن للمصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسئولية عن العمل غير المشروع عن التعويض عنه، وهو بهذه الغاية يروم التجاوب مع أحكام الشريعة الغراء فيما تضمنته من مبدأ أساسي هام تركز في القول المأثور “لا يطل دم في الإسلام”، فنص في المادة 255 منه على أنه “إذا وقع ضرر على النفس مما يستوجب الدية وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251، وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، وباستعمال شيء مما ذكر في المادة 243، فإن المباشر يلتزم بضمانه، ما لم يكن في إتيانه ملتزماً حدود الدفاع الشرعي، وكان المباشر عند فقهاء الشريعة الإسلامية– وهي مصدر النص على ما سلف البيان، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو من يكون فعله الذي باشره بنفسه قد جلب بذاته الضرر وكان له سبباً بدون واسطة، أي بدون أن يتدخل أمر بين هذا الفعل وبين الضرر الذي نجم عنه مباشرة، وتختلف “المباشرة” بطبيعتها عن “التسبب” وهو ما كان علة للأمر ولكنه لم يحصله بذاته، وإذ كانت حركة السيارة هي من فعل قائدها لكونها من جراء نشاطه فإنه يعد مباشراً لكل ضرر ينجم من تدخل تلك الحركة في إحداثه تدخلاً مباشراً. لما كان ذلك وكان تصوير الواقعة على نحو ما أورده الحكم المطعون فيه من أن مورث الطاعنين كان يسير مستقلا دراجته النارية بالحارة الوسطى للطريق وانحرف ناحية اليمين مصطدما بالسيارة المؤمن عليها لدى الشركة المطعون ضدها التي كانت تلتزم الحارة اليسرى ثم عاد للحارة الوسطى ثم انحرف ناحية السيارة مرة أخرى مما أدى لتعلق الدراجة بالجانب الأيمن للسيارة إلى أن استقرت أسفلها مما أدى إلى دهس قائدها ووفاته وهذا التصوير يعني أن قائد السيارة هو الذي أحدث الضرر مباشرة دون أن يتوسط أمر أخر بين هذا الفعل وبين وقوع الضرر ومن ثم يكون قائد السيارة المؤمن عليها هو المباشر للضرر ولا يغير من ذلك انتفاء خطئه، إذ أن تقرير المسئولية عن الدية من أذى النفس ليس أساسه وقوع خطأ من المباشر وإنما وقوع الضرر ولا تؤدي مشاركة المضرور في إحداث الضرر إلى نفي مسئولية المباشر، وإنما تدفع هذه المسئولية إذا تعمد المضرور إصابة نفسه أو كانت الإصابة قد لحقت به نتيجة سوء سلوك فاحش ومقصود من جانبه وهو ما لم يقل به الحكم المطعون فيه وخلت منه الأوراق وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه جزئيا فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة للدية الشرعية. وحيث إنه عن موضوع الاستئنافين رقمي ……. ، ….. لسنة 2012 تجاري/4 وفي حدود ما تم تمييزه وكان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحا في قضائه إلى الإلزام بالدية الشرعية ورفض الدعوى بالنسبة إلى حراسة الأشياء وهو ما يتفق مع ما أوردته هذه المحكمة أنفاً فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون وحرياً بتأييده “.
( الطعن بالتمييز رقم 704 لسنة 2012 تجاري/1 – جلسة 20/3/2013م )
( الطعن بالتمييز رقم 401 لسنة 1996 تجاري – جلسة 12/1/1997م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
” وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون المدني استهدف بالأحكام التي أوردها في باب ضمان أذى النفس الحفاظ على الدم المسفوك من أن يضيع هدراً، بحيث يضمن للمصاب دمه في الأحوال التي تقعد فيها أحكام المسئولية عن العمل غير المشروع عن التعويض، وهو بهذه الغاية يروم التجاوب مع أحكام الشريعة الغراء فيما تضمنته من مبدأ أساسي هام تركز في القول المأثور “لا يطل دم في الإسلام”، فنص في المادة 255 منه على أنه “إذا وقع ضرر على النفس مما يستوجب الدية وفقاً لأحكام الشرع الإسلامي وما يتضمنه جدول الديات المنصوص عليه في المادة 251 وكان وقوع هذا الضرر بطريق المباشرة، وباستعمال شيء مما ذكر في المادة 243، فإن المباشر يلتزم بضمانه …”، وكان “المباشر” عند فقهاء الشريعة الإسلامية – وهى مصدر النص على ما سلف البيان، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وهو من يكون فعله الذي باشره بنفسه قد جلب بذاته الضرر وكان له سبباً بدون واسطة، أي بدون أن يتدخل أمر بين هذا الفعل وبين الضرر الذي نجم عنه مباشرة، وتختلف “المباشرة” عن “التسبب” وهو ما كان علة للأمر ولكنه لم يحصله بذاته وإنما بواسطة “.
( الطعن بالتمييز رقم 35 لسنة 2010 مدني/2 – جلسة 28/11/2011م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز، على أنه:
” وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للمؤمن الرجوع على ضامن أذى النفس بما أوفاه من تعويض للمضرور عن الفعل الضار بمقتضى من حوالة الحق التي تصدر له من المضرور، ولما كان تقرير المسئولية يرجع في أساسه إلى وقوع الضرر ولا يدفعها نفي الخطأ مما لازمه أن الحكم الجزائي ببراءة المباشر لعدم توافر الخطأ لا يحول دون الرجوع عليه بدعوى ضمان أذى النفس لعدم وجود ثمة أساس مشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية “.
( الطعن بالتمييز رقم 814 ، 839 لسنة 2008 تجاري/3 – جلسة 2/11/2010م )
هذا، وقد أقرت محكمة التمييز المبادئ القانونية التالية:
· ليس للحكم الجزائي أن يعرض لمدى خطأ المصاب في مدارج الأخطاء المدنية، وما إذا كان يبلغ سوء السلوك الفاحش المقصود أم لا. ولذا لا حجية له في هذا الأمر.
( الطعن بالتمييز رقم 5 لسنة 1993 تجاري – جلسة 23/5/1993م )
· عبور الطريق بدراجة هوائية مع تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، ليس سوء سلوك فاحش ومقصود من جانب المصاب.
( الطعن بالتمييز رقم 127 لسنة 1996 تجاري – جلسة 5/1/1998م )
· عبور الطريق دون التأكد من خلوه من السيارات ومن غير المكان المخصص لذلك، ليس سوء سلوك فاحش مقصود.
( الطعن بالتمييز رقم 273 لسنة 1995 تجاري – جلسة 1/12/1996م )
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان تقرير المسئولية يرجع في أساسه إلى وقوع الضرر، ولا يدفعها نفي الخطأ، مما لازمه أن الحكم الجزائي ببراءة المباشر – لعدم توافر الخطأ – لا يحول دون الرجوع عليه بدعوى ضمان أذى النفس، لعدم وجود ثمة أساس مشترك بين الدعويين الجزائية والمدنية.
ولما كان قائد السيارة -المدعى عليه -هو الذي أحدث الضرر مباشرة، دون أن يتوسط أمر أخر بين هذا الفعل وبين وقوع الضرر، ومن ثم يكون قائد السيارة هو المباشر للضرر، ولا يغير من ذلك انتفاء خطئه، إذ إن تقرير المسئولية عن الدية من أذى النفس ليس أساسه وقوع خطأ من المباشر، وإنما وقوع الضرر، ولا تؤدي مشاركة المضرور في إحداث الضرر – على فرض ثبوتها -إلى نفي مسئولية المباشر.
ولما كان الثابت بالأوراق، وبتقرير الطب الشرعي المودع بملف الدعوى الماثلة، أن وفاة مورث المدعيين ناتجة عن الحادث المروري محل الجنحة رقم 473/2013 مرور حولي، وما أسفر عنه من إصابات شديدة بالجسم – على النحو المفصل بالتقرير – وما اقتضاه علاج تلك الإصابات من إجراءات علاجية حتمية لإنقاذ حياته في حينه، وما ضاعف كل ذلك من ضيق شديد بالمسلك التنفسي، تم محاولة علاجه بتثبيت أنبوب للتنفس بفتحة رغامية بالقصبة الهوائية، وتضاعفت فيما بعد بانسداد ذلك الأنبوب، وحدوث ذلك هو من الأمور الواردة في مثل حالة المذكور (مورث المدعيان).
لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً، وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة التمييز، فإنه من:
” المقرر -في قضاء هذه المحكمة -أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتعرف حقيقتها من الوقائع والأدلة المعروضة عليها وبحث كل ما يقدم فيها من الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولها أصلها الثابت بالأوراق. كما أن لها الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بأسبابه وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في هذه المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير ولا سلطان لمحكمة التمييز عليها في هذا التقدير متى أقامته على اعتبارات معقولة “.
( الطعن بالتمييز رقم 4 لسنة 1997 تجاري/2 – جلسة 10/5/1988م )
كما تواتر قضاء محكمة التمييز على أنه:
” من المقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المقدم في الدعوى متى أطمأنت إليه واقتنعت بالأسباب التي بنى عليها النتيجة التي انتهى إليها وهي لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير وهي متى وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فيما انتهت إليه فإنها لا تكون بحاجة من بعد إلى اتخاذ مزيد من إجراءات الإثبات بخبير تندبه ولا تلتزم بإجابة طلب الخصوم في هذا الشأن”.
( الطعن بالتمييز رقم 214 لسنة 1999 مدني – جلسة 5/6/2000م )
الأمر الذي تضحى معه الدعوى الماثلة قد جاءت موافقة لحقيقة الواقع، وعلى سند صحيح من القانون خليقة بالقبول وإجابة المدعيين إلى طلباتهما فيها.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً