الطعن 1340 لسنة 50 ق جلسة 10 / 12 / 1984 مكتب فني 35 ج 2 ق 384 ص 2029
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور/ سعيد عبد الماجد وعضوية السادة المستشارين/ د. أحمد حسني ويحيى الرفاعي نائبي رئيس المحكمة، محمد طموم وزكي المصري.
————
– 1 حكم “حجية الحكم”. نيابة عامة.
أمر النيابة بحفظ الشكوى لا حجية له أمام القاضي المدني.
أمر النيابة بحفظ الشكوى لا يحوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص خطأ السائق باعتباره تابعاً للطاعن.
– 2 دعوى “الطلبات في الدعوى”. حكم “تسبيب الحكم”.
طلبات الخصوم . اجابة المحكمة عليها . شرطه .
إذ كان الطاعن قد أشار في دفاعه – أمام محكمة الاستئناف – أنه عرض على مندوب المطعون ضده كمية الكتب التي تم انتشالها من المياه وأنه رفض استلامها – إلا أنه – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه – لم يطلب من المحكمة تمكينه من إثبات هذه الواقعة بالبينة في صورة طلب صريح جازم – وإذ كان الحكم المطعون فيه بما له من سلطة تقديرية قد رد على هذا الدفاع بأنه غير جدي أخذاً بقرينة قعود الطاعن عن القيام بعرض تلك الكتب على المطعون ضده عرضاً رسمياً للتخلص من مسئوليته على نحو ما أشارت إليه المادة 100 من قانون التجارة. وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سائغاً وكافياً لحمل قضائه ولا يتضمن معنى تفضيل طريق للإثبات على آخر ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
– 3 عقد “عيوب الرضا”. محكمة الموضوع.
استخلاص عناصر الغش وتقدير ما يثبت به. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع بعيداً عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة في الأوراق.
– 4 مسئولية “مسئولية تقصيرية”. تقادم “مدة التقادم”. نقل “مسئولية أمين النقل”.
انتهاء الحكم المطعون فيه الى ارتكاب الناقل غشا أثره استناد دعوى التعويض التي ترفع على المسئولية التقصيرية وتقادمها بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذى علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه.
إذ كان الحكم المطعون فيه – وقد انتهى إلى أن الطاعن قد ارتكب غشاً بعدم تسليم كمية الكتب التي انتشلت من المياه واحتجازه لها بغير مقتض – على نحو ما سلف بيانه – فإن مسئولية الطاعن في هذه الحالة كناقل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست مسئولية عقدية بل مسئولية تقصيرية قوامها الخطأ المدعى عليه به ومن ثم تخضع في تقادمها للمادة 172 من القانون المدني التي تقضي بتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه.
————-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن -تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 456 لسنة 1973 مدني كلي أسيوط على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 18480 جنيه على سبيل التعويض. وبيانا لذلك قال أنه بتاريخ 11/10/1969 عهد إلى الطاعن بنقل 10500 نسخة من كتاب – الأطلس العربي – من القاهرة إلى سوهاج وبعد استلامه الكتب قام بشحنها بتاريخ 12/10/1969 بالسيارة رقم ….. نقل أسيوط إلا أن السيارة سقطت بها في ترعة الإبراهيمية بإهمال قائدها وتحرر عن ذلك المحضر رقم 4616 لسنة 1969 إداري أبو قرقاص وإذ كان الطاعن قد استولى على الكتب بعد انتشالها من المياه ولم يقم بتسليمها فإنه يكون مسئولا عن التعويض دفع الطاعن الدعوى بسقوطها بمضي 180 يوما من تاريخ النقل طبقا للمادة 104 من قانون التجارة كما دفعها بالتقادم الثلاثي لمضي أكثر من ثلاث سنوات على وقوع الضرر، وبتاريخ 11/12/1976 قضت محكمة أسيوط الابتدائية برفض الدفعين وبندب خبير لتقدير التعويض، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت بتاريخ 27/5/1978 للمطعون ضده بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 231 لسنة 53ق أسيوط وتمسك بدفعيه السابقين، وبتاريخ 26/2/1980 قضت محكمة استئناف أسيوط بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر …. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول أنه دفع المسئولية بأن الحادث الذي وقع للسيارة كان نتيجة قوة قاهرة لأن انحراف السيارة عن خط سيرها وسقوطها بالكتب في مياه الترعة كان بسبب وجود حفرة كبيرة في الطريق وهو ما ترتب عليه قيام النيابة العامة بحفظ المحضر وقد نفى الحكم عن ذلك الحادث صفة القوة القاهرة استنادا إلى ما ورد بتقرير المهندس الفني لمرور المنيا من خطأ السائق بتخطيه الحفرة بسيارته بسرعة كبيرة، ولما كان الثابت بذلك التقرير وجود حفرة كبيرة في الطريق بسبب إنشاء خط للسكك الحديدية وكان لا يمكن لقائد السيارة أو للشخص العادي أن يتبين تلك الحفرة فإن الحادث كان لا محالة سيقع حتى ولو كانت سرعة السيارة في تلك الأثناء بسيطة ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ بإسناد الحادث إلى خطأ السائق كما أنه أهدر حجية الأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ المحضر الذي تحرر عن تلك الواقعة.
وحيث أن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من توافر القوة القاهرة – بقوله “أنه مردود بما ثبت من أوراق الشكوى رقم 4616 لسنة 1969 إداري أبو قرقاص فقد أرفق بها صورة تقرير مهندس مرور المنيا عن الحادث بأن سائق السيارة النقل هو المخطئ أولا وأخيرا بتخطيه مطبا في الطريق بسرعة كبيرة 80 كيلو مترا في الساعة وتدل على ذلك أثار فرامل السيارة بالأرض” مما مفاده أن الحكم جعل انحراف السيارة عن خط سيرها حال تخطيها حفرة في الطريق بسرعة كبيرة أمرا متوقعا في مثل هذا الظرف وهو ما ينفي قيام القوة القاهرة وإذ كان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سائغا ومستمدا من تقرير المهندس الفني لمرور المنيا المرفق بالشكوى رقم 4616 لسنة 1969 إداري أبو قرقاص والتي كانت تحت بصر المحكمة وكان أمر النيابة بحفظ تلك الشكوى فيما لو صح – لا يجوز حجية تمنع المحكمة المدنية من استخلاص خطأ السائق ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ رد الحادث إلى خطأ تابع الطاعن ونفى عنه صفة القوة القاهرة لا يكون قد أخطأ في الإسناد ويكون ما ورد بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أنه عرض على مندوب المطعون ضده استلام كمية الكتب التي تم انتشالها وأنه رفض استلامها وذلك بمقولة أن الأوراق خلت مما يفيد قيامه بعرض تلك الكتب بطريق رسمي وإذ لم يقصر القانون الإثبات في هذه الحالة على تلك الوسيلة وأجاز الإثبات بالبينة باعتبار أن كلا من العرض والامتناع واقعة مادية فإنه يكون قد أخل بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان الطاعن قد أثار في دفاعه أمام محكمة الاستئناف أنه عرض على مندوب المطعون ضده كمية من الكتب التي تم انتشالها من المياه وأنه رفض استلامها – إلا أنه – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه لم يطلب من المحكمة تمكينه من إثبات هذه الواقعة بالبينة في صورة طلب صريح جازم وإذ كان الحكم المطعون فيه بما له من سلطة تقديرية قد رد على هذا الدفاع بأنه غير جدي أخذا بقرينة قعود الطاعن عن القيام بعرض تلك الكتب على المطعون ضده عرضا رسميا للتخلص من مسئوليته على نحو ما أشارت إليه المادة 100 من قانون التجارة، وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سائغا وكافيا لحمل قضائه ولا يتضمن معنى تفضيل طرق للإثبات على آخر ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أسند إليه ارتكابه الغش في حين أن المطعون ضده لم يسنده له ولم يؤسس دعواه عليه وإذ خلت الأوراق من وجوده وكان طرده من محل تجارته وإيداعه السجن فيما لو صح أثناء محاولة المطعون ضده إعلانه بدعوى التعويض السابقة لا يعتبر غشا فإن استخلاص الحكم للغش يكون غير سائغ بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان استخلاص عناصر الغش من وقائع الدعوى وتقدير ما يثبت به هذا الغش وما لا يثبت به يدخل في السلطة التقديرية لقاضي الموضوع بعيدا عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصه سائغا ومستمدا من وقائع ثابتة في الأوراق، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل الواقع في الدعوى من أن الطاعن تعاقد مع المطعون ضده بصفته على أن ينقل له 10800 نسخة من كتاب الأطلس العربي – من القاهرة إلى سوهاج وأنه بعد سقوط السيارة بهذه الكتب في مياه ترعة الإبراهيمية تم انتشال جزء منها لم يقم الطاعن بتسليمه، استخلص الحكم غش الطاعن في عملية النقل من احتجازه بغير مقتض كمية الكتب التي تم انتشالها من المياه وإذ كان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن سائغا ومستمدا من المحضر رقم 4616 لسنة 1969 إداري أبو قرقاص ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بسبب الطعن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فيما لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقديره مما لا يقبل منه أمام محكمة النقض ولا يعيب الحكم ما استطرد إليه وهو في سبيل التدليل على غش الطاعن قوله أنه سلك طرقا ملتوية للحيلولة دون إعلانه بصحيفة دعوى التعويض السابقة رقم 1039 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة إذ أن هذا القول لا يعدو أن يكون أسبابا زائدة يستقيم الحكم بدونها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض وفي بيان ذلك يقول أنه لما كان الحكم قد استخلص غشه من عدم تسليم كمية الكتب التي انتشلت من المياه وكانت مسئوليته كناقل في هذه الحالة أساسها المسئولية التقصيرية التي تتقادم بمضي ثلاث سنوات فإن الحكم يكون قد تناقض بتطبيقه على هذه المسئولية قواعد التقادم الطويل وقد أدى به هذا التناقض إلى أنه غفل عن سقوط الدعوى بمضي ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الضرر حتى تاريخ رفع الدعوى وأن تلك المدة لم تنقطع بالدعوى رقم 1039 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة لإيقافها جزاء لعدم إعلانه بصحيفتها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن الطاعن ارتكب غشا بعدم تسليم كمية الكتب التي انتشلت من المياه واحتجازه لها بغير مقتض على نحو ما سلف بيانه – فإن مسئولية الطاعن في هذه الحالة كناقل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست مسئولية عقدية بل مسئولية تقصيرية قوامها الخطأ المدعى عليه به ومن ثم تخضع في تقادمها للمادة 172 من القانون المدني التي تقضى بتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر دعوى التعويض أساسها المسئولية العقدية ورتب على ذلك تطبيق قواعد التقادم الطويل في شأنها في حين أنها مسئولية تقصيرية قوامها غش الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب وإذ حجبه هذا الخطأ عن بحث التقادم الثلاثي الذي تمسك به الطاعن فإنه يكون مع النقض الإحالة.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً