أحكام نقض من الهيئة العامة لدوائر النقض المدنية
مفاد النص في المادة 178 من القانون المدني يدل على أن المشرع قصد بهذا النص أن يدفع ظلماً يمكن أن يحيق بطائفة من المضرورين, فلم يشترط وقوع ثمة خطأ من المسئول عن التعويض وفرض على كل من أوجد شيئاً خطراً ينتفع به أن يتحمل تبعة ما ينجم عن هذا الشيء من أضرار سواء كان مالكاً أو غير مالك, فحمل الحارس هذه المسئولية وأسسها على خطأ مفترض يكفي لتحققه أن يثبت المضرور وقوع الضرر بفعل الشيء, ولا يملك المسئول لدفع المسئولية إلا أن يثبت أن الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه.
يقصد بالحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء على أنه يمكن أن يتعدد الحراس متى ثبت أن الحراسة قد تحققت لأكثر من شخص على نفس الشيء وتساوت سلطاتهم في الاستعمال والإدارة والرقابة بشرط قيام السلطة الفعلية لهم جميعاً على الشيء نفسه، ويبقى حقهم في توزيع المسئولية فيما بينهم أو رجوع أحدهم على الآخر مردوداً للقواعد العامة في القانون المدني.
إذ كانت المادة 178 من القانون المدني قد اشترطت لمسئولية الحارس عن الشيء أن يكون هذا الشيء آلة ميكانيكية أو شيئاً تقتضي حراسته عناية خاصة, وكان مكمن الخطر في الشبكة الكهربائية ليس فيما تتكون منه من أعمدة وأسلاك ممدودة, ولكن فيما يسري خلالها من طاقة كهربائية وهذه الطاقة لا تقبل بطبيعتها التجزئة. ولا يتصور تسليمها من يد إلى يد شأن الأشياء المادية ، ولأهمية الطاقة فقد أنشأت الدولة لإنتاجها ونقلها وتوزيعها شخصيات اعتبارية بمقتضى قوانين وقرارات متعددة حددت فيها حقوقها وطبيعة العلاقة بينها ويتضح من الإطلاع عليها أن المشرع اعتبر أن إنتاج الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها من المنافع العامة التي تخضع دائما للإشراف المباشر للدولة وما يستتبع ذلك من اعتبار منشأتها من الأموال العامة وقد نصت المادة 87 من القانون المدني على أن ” تعتبر أموالا عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص….” وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.
إن الشخصيات الاعتبارية التي أنشأتها الدولة لإنتاج ونقل وتوزيع الطاقة هي في حقيقة الواقع مملوكة للدولة لأنها تابعة للشركة القابضة ووزير الكهرباء والطاقة هو الذي يرأس جمعيتها العمومية كما أن الشركة القابضة هي المالكة لكل الشركات المتفرعة عنها مما مفاده أن كل هذه الشركات وكذلك وحدات الحكم المحلي ما هو إلا أجهزة أنشأتها الدولة وأعطت لها الشخصية الاعتبارية لكي تستعين بها إدارة هذا المرفق بقصد إحكام سيطرتها عليه.
جرى قضاء هذه المحكمة على أن قانون الحكم المحلي إذ أعطى للمحافظ….. أو رؤساء الوحدات سلطة على العاملين في المرافق العامة بما يجعلهم تابعين له إلا أنه لم يسلب الوزراء صفتهم في تمثيل هذه المرافق مما يجعلهم تابعين لوحدات الحكم المحلي والوزير المختص في أن – فإن لازم ذلك أن تكون للشركة القابضة والشركات التابعة لها ووحدات الحكم المحلي الحراسة على الطاقة الكهربائية والمنشآت التابعة لها كل في حدود اختصاصها الوظيفي والمكاني, فتبقى السيطرة الفعلية عليها للمنتج والناقل والموزع معاً ولا ينفرد بها أحدهم وإنما لابد من تعاون كافة الأجهزة القائمة على إنتاج الطاقة الكهربائية وتوزيعها في حراستها وإدارتها والشبكة التي تنقلها وتقوم بتشغيلها وصيانتها واستغلالها في شتى الاستخدامات خدمة للمواطنين نيابة عن الدولة المالك الحقيقي للطاقة الكهربائية والشبكة التي تقوم على إدارة خدماتها, كل يسيطر على جزء من الشبكة فيكونون جميعاً حراساً على هذه الأشياء متضامنين في تعويض الأضرار الحاصلة من استعمالهم لها طبقاً لقاعدة (الغرم بالغنم).
التزاماً بنهج المشرع وما استهدفته المادة 178 من القانون المدني والمادة 115 من قانون المرافعات من الاكتفاء عند اختصام أي شخص اعتباري عام أو خاص في تحديد الصفة أن يذكر اسم الجهة المدعى عليها في صحيفة الدعوى فيستطيع المضرور أن يقيم دعواه قبل أي منهم أو عليهم جميعاً وإذا استوفى حقه في التعويض من أحدهما برئت ذمة الباقين عملاً بنص المادة 284 من القانون المدني.
إذ كان الحادث قد نجم عن بروز أحد أسلاك الكهرباء من أحد صناديق توزيع الكهرباء الموجودة في الطريق العام مما أدى إلى وفاة المجني عليه, وكانت هذه الصناديق وما فيها من أسلاك تحوي التيار الكهربائي تخضع وقت الحادث لحراسة الشركة الطاعنة وهيئة كهرباء مصر ووحدات الحكم المحلي, فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض دفع الشركة الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وإلزامها بالتعويض, فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
الطعن رقم 5432 لسنة 70 ق جلسة 15/ 4/ 2007
إن المادة 221/1 من القانون المدني قد نصت على أن ” ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب…” ويدخل في الكسب الفائت ما يأمل المضرور في الحصول عليه من كسب متى كان لهذا الأمل أسباب مقبولة, ذلك أن فرصة تحقيق الكسب أمر محتمل إلا أن فواتها أمر محقق شريطة أن يكون لهذا الأمل أسباب مقبولة, وكان أمل الأبوين في بر ابنهما لهما رعاية وانتفاعاً بإحسانه إليهما, أمراً قد جبلت عليه النفس البشرية منذ ولادته حياً دون انتظار بلوغه سناً معينة.
ن القانون لم يشترط سناً معينة بالابن المتوفى في حادث للحكم للوالدين بتعويض مادي عن فوات فرصة أملهما في رعايته لهما في شيخوختهما شريطة أن يكون لهذا الأمل أسباب مقبولة, وكان أمل الوالدين في بر ابنهما بهما ورعايته لهما والانتفاع بإحسانه لهما أمراً قد جبلت عليه النفس البشرية منذ ولادته حياً دون انتظار بلوغه سناً معينة, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه فإن النعي عليه بسبب الطعن (النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون) يكون على غير أساس.
الطعن رقم 4797 لسنة 64 ق جلسة 15 / 1/ 2007
النص المادة 942/ 2 من القانون المدني يوجب على الشفيع خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أن يودع خزانة المحكمة الكائن بدائرتها العقار المشفوع فيه كل الثمن الحقيقي الذي حصل به البيع مع مراعاة أن يكون هذا الإيداع قبل رفع دعوى الشفعة، فإن لم يتم الإيداع في هذا الميعاد على الوجه المتقدم سقط حق الأخذ بالشفعة . وقد أبانت مناقشات لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب ولجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ على هذا النص قبل إقراره أن اشتراط إيداع الثمن خزانة المحكمة الكائن بدائرتها العقار قد جاء بغرض التأكيد على أن دعوى الشفعة دعوى عينية، وأن اشتراط إيداع كل الثمن الحقيقي خلال ثلاثين يوماً على الأكثر من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة ورد ضماناً لجدية دعوى الشفعة ونأياً بها عن مجال المضاربة أو الاستغلال من جانب الشفيع وذلك بقصد تقييد دعوى الشفعة لصالح المشتري
إذ كانت القواعد المنظمة للاختصاص القيمي للمحاكم الواردة في قانون المرافعات – والتي أعيد النظر فيها أكثر من مرة على ضوء التغيير الذي لحق قيمة العملة – لا تستهدف حماية خاصة لأحد أطراف الخصومة وإنما أراد بها المشرع أن تكون الدعاوى قليلة القيمة من اختصاص القاضي الجزئي بينما يختص بالدعاوى عالية القيمة الدائرة الكلية بالمحكمة الابتدائية المشكلة من ثلاثة قضاة لهم مجتمعين من الخبرة والدراية ما يناسب أهمية الدعاوى عالية القيمة.
إذ كانت المواد المنظمة لحق الشفعة في القانون المدني لا يوجد فيها ولا في قانون المرافعات نص صريح يشترط أن يكون إيداع الشفيع للثمن في خزانة المحكمة الواقع في دائرتها العقار والمختصة في ذات الوقت قيمياً بنظر دعوى الشفعة وإنما ورد بنص المادة 942/2 من القانون المدني لفظ المحكمة الكائن بدائرتها العقار عاماً يصدق على المحكمة الجزئية كما يصدق على المحكمة الكلية بمفهوم أن النطاق المكاني للمحكمتين واحد باعتبار أن النطاق المكاني للمحكمة الجزئية هو جزء من النطاق المكاني للمحكمة الكلية لأنه متى جاء لفظ المحكمة عاماً ولم يقم الدليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه، لذلك فإن إيداع الثمن أياً من خزانتي المحكمة الجزئية أو الكلية الواقع في دائرتها العقار يحقق ذات غرض المشرع من توافر جدية الشفيع وليس فيه ما ينال من توجه المشرع إلى تقييد الحق في الشفعة ومن ثم فلا يقبل أن يكون الإيداع في خزانة المحكمة الجزئية – التي قد تكون هي الأقرب للعقار من المحكمة الكلية المختصة قيمياً بنظر الدعوى – سبباً في سقوط حق الشفيع الذي ينبغي أن يتحقق إلا من خطأ يستأهله أو نص يوجبه، ويؤكد هذا النظر أن المشرع في قانون المرافعات لم يرتب سقوط الحق في أية دعوى – بما فيها دعوى الشفعة – إذا ما رفعت إلى محكمة غير مختصة قيمياً بنظر النزاع، ومن ثم فإنه لا يكون مقبولاً أن يكون إيداع الثمن في دعوى الشفعة والذي هو من إجراءاتها ولا يرقى لأهمية رفع الدعوى نفسها لا يساغ أن يكون هذا الإيداع في محكمة غير مختصة قيمياً بنظر الدعوى سبباً في سقوط حق الشفعة لأن هذا السقوط عندئذ سيأتي على غير خطأ يستأهله وبغير نص يوجبه.
مفاد نص المادة 942/2 من القانون المدني أن المشرع لم يشترط في المحكمة الواجب إيداع ثمن العقار المشفوع فيه خزانتها إلا أن يكون العقار واقع في دائرتها، وإذ كان لفظ المحكمة الكائن في دائرتها العقار وعلى ما انتهت إليه الهيئة قد جاء عاماً يصدق على المحكمة الجزئية والمحكمة الابتدائية باعتبار أن النطاق المكاني للمحكمتين واحد لأن المحكمة الجزئية جزء من النطاق المكاني للمحكمة الكلية، وأنه متى جاء لفظ المحكمة عاماً ولم يقم الدليل على تخصيصه وجب حمله على عمومه، ومن ثم فإن إيداع الثمن خزانة المحكمة الجزئية يحقق ذات غرض المشرع في إيداع الثمن خزانة المحكمة الواقع في دائرتها العقار ويتحقق به أيضاً مقصود المشرع في توافر الجدية لدى الشفيع، وإذ تم هذا الإجراء صحيحاً على هذا النحو فلا يزول أثره لقضاء المحكمة الجزئية بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى، ومن ثم يبقى الحق في الأخذ بالشفعة بمنأى عن السقوط، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي بخصوص ذلك يكون على غير أساس.
المقرر – وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة – أن الشفيع بحكم كونه صاحب حق في أخذ العقار بالشفعة يعتبر من الغير بالنسبة لطرفي عقد البيع وبالتالي يحق له أن يتمسك بالعقد الظاهر فلا يحتج عليه بالعقد المستتر، إلا أن شرط ذلك أن يكون حسن النية أي لا يكون عالماً بصورية العقد الظاهر وقت إظهار رغبته في الأخذ بالشفعة
إن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة في الإثبات.
إذ كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه هو ثمانية وعشرون ألفاً وأربعمائة جنيه وأن المطعون ضده الأول (الشفيع) يعلم بحقيقة هذا الثمن ودلل الطاعن على ذلك بقرائن منها عدم مناسبة الثمن المودع لثمن المثل للأرض موضوع الشفعة وقدم أصل عقد العقار المشفوع فيه ثابتاً به أن الثمن ثمانية وعشرون ألفاً وأربعمائة جنيه وطلب إحالة الدعوى للتحقيق أو ندب خبير لإثبات ذلك بيد أن الحكم المطعون فيه لم يأبه لهذا الدفاع ولا إلى طلب تحققه وأقام قضاءه على أن الثمن الحقيقي للعقار المشفوع فيه هو خمسة آلاف جنيه استناداً من الحكم المطعون فيه إلى صورة ضوئية لعقد البيع وطلب شهر العقد المقدم من وكيل الطاعن ذكر فيه أن الثمن خمسة آلاف جنيه، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد جحد الصورة الضوئية للعقد المشار إليه بما تنحسر به حجيتها في الإثبات، وكان طلب شهر العقد لا يفيد بذاته انتفاء علم المطعون ضده الأول (الشفيع) بالثمن الحقيقي للعين المشفوع فيها فإن الحكم المطعون فيه في التفاته عن تحقيق دفاع الطاعن في هذا الخصوص رغم جوهرية هذا الدفاع وفي قضائه من بعد التفاته بأحقية المطعون ضده الأول في أخذ العقار المشفوع فيه بالشفعة بالثمن الوارد في الصورة الضوئية المجحودة لعقد البيع فإن يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع مما أساسه للخطأ في تطبيق القانون.
الطعن رقم 5085 لسنة 72 ق جلسة 18/5/ 2005
يبين من استقراء أحكام قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 أنه لم يغير بالإلغاء أو بالإضافة أو التعديل في القواعد الموضوعية المنصوص عليها في القانون القديم والمستقرة فقهاً وقضاءً والتي تُعرف التاجر ، وتوقفه عن الدفع – مناط الحكم بشهر إفلاسه – ولا من المفهوم القانوني لنظام شهر الإفلاس الذي شُرع لحماية الدائنين والمدينين حسنى النية بغية استقرار المعاملات التجارية ورواج الاقتصاد .
صفة التاجر – حتى في ظل القانون القديم – تطرح على مكتسبها – وعلى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الجديد – الالتزام بمسك دفاتر لتدوين العمليات التي يجريها أياً كان حجم تجارته ، باعتبار أن في ذلك مصلحته بحسبان أن الدفاتر إذا أمسكت وأحسن تنظيمها تعتبر بمثابة مرآة يرى فيها التاجر حركة تجارته وما بلغته من توفيق أو إخفاق وإنها هي التي يرجع إليها هو ودائنوه وذوى المصلحة في الإثبات .
بعد أن توجه القضاء – في ظل القانون القديم – على إعفاء صغار التجار من إمساك الدفاتر تخفيفاً عليهم من أعبائها المالية وما تفرضه من نظام ، صدر القانون رقم 388 سنة 1953 بأن المُلزم بإمساك الدفاتر التجارية هو التاجر الذي يزيد رأس ماله عن ثلاثمائة جنيه ثم رُفع هذا النصاب بالقانون رقم 58 لسنة 1954 إلى ألف جنيه ثم اقترح مشروع القانون الجديد رفع النصاب إلى عشرة آلاف جنيه ،
بيد أن القانون صدر لرفع النصاب إلى عشرين ألف جنيه أخذاً في الاعتبار سعر العملة ، ومفاد ذلك أن نصاب الإمساك بالدفاتر التجارية لا صلة له بذاتية القواعد الموضوعية التي يقوم عليها نظام الإفلاس والمتصلة بتعريف التاجر وتوقفه عن الدفع كما لا تتصل بالحماية التي يستهدفها نظام شهر الإفلاس – وإنما جاء الإمساك بالدفاتر التجارية ونصابها شرطاً لقبول دعوى شهر الإفلاس ولا تمس قواعد النظام العام التي يحمى بها القانون مصلحة عامة ولو أراد المشرع الاعتداد بألا يُشهر الإفلاس حتى عن الحالات السابقة على صدور القانون الجديد إلا إذا كان رأس مال التاجر 20 ألف جنيه ويُمسك الدفاتر التجارية لما أعوزه النص على ذلك صراحة كاشفاً عن قصد رجعية القانون الجديد على الحالات السابقة على صدوره .
قواعد التزام التجار بمسك الدفاتر التجارية بما تشمله من تحديد لنصاب رأس المال الموجب له أمر لا صلة له بذاتية القواعد الموضوعية التي يقوم عليها نظام شهر الإفلاس كما لا يتصل بالحماية التي يستهدفها المشرع من هذا النظام للدائنين والمدينين حسنى النية بغية استمرار معاملاتهم التجارية ورواج الاقتصاد فتسرى أحكام المادة (550) من قانون التجارة الحالي بما تضمنته من قصر شهر الإفلاس على التجار المُلزمين بمسك الدفاتر التجارية الذين يجاوز رأس مالهم المستثمر في التجارة عشرين ألف جنيه – بأثر مباشر – على الدعاوى التي تُرفع بعد نفاذه في الأول من أكتوبر سنة 1999 ولا يترتب عليها أثر فيما أقيم منها قبله.
مؤدى المادتين 216 ، 217 من القانون التجاري الصادر سنة 1883 – المنطبق على الواقع في الدعوى – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ، أن صدور حكم إشهار الإفلاس يستتبع قانوناً غل يد المفلس عن إدارة أمواله فلا يصح له مباشرة الدعاوى المتعلقة بتلك الأموال حتى لا تضار جماعة الدائنين من نشاطه القانوني فيما يمسهم من حقوق ، إلا أن يكون ما يمارسه المفلس من نواحي هذا النشاط مقصوراً على نطاق الإجراءات التحفظية التي قد تفيد دائنيه ولا ضرر منها على حقوقهم فيصح مباشرته لها .
لما كانت دعوى إشهار الإفلاس حسب طبيعتها هي دعوى إجرائية تهدف إلى اتخاذ إجراءات تحفظية حماية لدائني التاجر إذا ما توقف عن دفع ديونه التجارية إثر اضطراب أعماله المالية فيما قد يجريه من تصرفات تضر بهم ، بما يصح معه لمن أشهر إفلاسه أن يرفع دعوى على مدينه إذا ما تحققت شروط إشهار إفلاس هذا المدين دون حاجة إلى الاستعانة بأمين التفليسة في إقامتها باعتبار أن من شأن صدور الحكم فيها إفادة دائنيه منها .
لما كان الحكم المطعون فيه قد استدل على توافر صفة التاجر في الطاعن من تحريره الكمبيالات المستحق قيمتها للمطعون ضده الأول والتي توقف عن سدادها واستخلص بما أثبت بها من أن القيمة وصلت بضاعة وأن تحريرها كان بمناسبة عمليات تجارية وهو ما يكفى لحمل قضاء الحكم بتوافر هذه الصفة ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون غير مقبول .
الطعن رقم 55 لسنة 70 ق جلسة 15 / 1 / 2003
جمعت بواسطة / محمد راضى مسعود
اترك تعليقاً