بطلان حكم قضائي لعدم وجود مترجم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
نقضت المحكمة الاتحادية العليا حكما بالسجن المؤبد والغرامة 50 ألف درهم، بحق متهم بحيازة وتعاطي مؤثرات عقلية، وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف لنظرها مجددا على سند بطلان حكم الاستئناف، لاستناده إلى اعترافات المتهم في محاضر التحقيق من دون الاستعانة بمترجم.
وكانت النيابة العامة أحالت المتهم وآخرين إلى المحاكمة الجزائية، بتهمتي حيازة مؤثر عقلي «ترامادول»، بقصد الاتجار، وتعاطى مادة مخدرة «أفيون».
وقضت محكمة أول درجة حضوريا وبالإجماع، بسجن المتهم مؤبدا وتغريمه 50 ألف درهم عن التهمة الأولى المسندة إليه، وسجنه أربع سنوات عن التهمة الثانية، وأمرت بإبعاده عن الدولة بعد تنفيذ العقوبة.
واستأنف المتهم قضاء الحكم، وقضت محكمة الاستئناف بتأييد العقوبة، فطعن المتهم على الحكم، في حين قدمت النيابة مذكرة مطالبة فيها برفض الطعن.
وقال المتهم في صحيفة الطعن «إنه دين عن التهمة المسندة إليه، بناء على اعتراف منسوب إليه في محضر الاستدلالات والتحقيقات، على الرغم من بطلان الاعتراف، ذلك أن الثابت في الأوراق أنه باكستاني ولا يجيد اللغة العربية، وأن الاعتراف المنسوب إليه أخذ منه دون مترجم، الأمر الذي يصم الاعتراف بالبطلان ومن ثم لا يجوز التعويل عليه والأخذ به، وإذ بني حكم الاستئناف على هذا الاعتراف، على الرغم من بطلانه فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه».
وأيدت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، موضحة أن المادة 70 من قانون الإجراءات الجزائية، تنص على أنه «يجري التحقيق باللغة العربية، وإذا كان المتهم أو الخصوم أو الشاهد أو غيرهم ممن ترى النيابة العامة سماع أقوالهم يجهل اللغة العربية،
فعلى عضو النيابة أن يستعين بمترجم بعد أن يحلف يمينا بأن يؤدي مهمته بالأمانة والصدق»، الأمر الذي يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، على أن المشرع قد أوجب إجراء التحقيق باللغة العربية، كما أوجب على الجهة المنوط بها إجراؤه إذا كان المتهم يجهل اللغة العربية، أن تستعين بمترجم لأخذ أقواله، وهو إجراء جوهري لازم يتعين تحققه قبل استجواب المتهم الأجنبي، وإلا كان هذا التحقيق باطلاً، ويستطيل هذا البطلان إلى الدليل المستمد منه، والحكم الذي عوّل في قضائه على هذا الدليل الباطل، وهو ما يسري أيضا على إجراءات الاستدلال.
وأكدت أنه بحسب ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة، من أن اعتراف المتهم الأجنبي، الذي يجهل اللغة العربية بمحضر جمع الاستدلالات أو التحقيقات، الذي أقام حكم الاستئناف قضاءه، من دون الاستعانة بمترجم محلف لأخذ أقواله، يصم هذا الاعتراف والحكم بالبطلان.
وأشارت إلى أن الثابت من مدونات الحكم أن من بين ما عول عليه في قضائه بإدانة المتهم بجريمة حيازة المؤثر العقلي ، بقصد الإتجار وتعاطي مادة مخدرة، اعترافه في محضر التحقيقات دون أن يستعين بمترجم يجيد لغة المتهم، حال كون المتهم أجنبيا (باكستاني الجنسية)، واكتفى بإثبات عبارة «المتهم يجيد اللغة العربية بشكل كافٍ للتحقيق»، وهو ما نفاه المتهم لاحقا، ولما لهذا الإجراء من أهمية في التيقن من ما يدلي به المتهم دون لبس أو غموض أو تقصير، يعجز المتهم عن الادلاء بأقواله على الوجه الصحيح،
فإن الاكتفاء بما تلاحظ لمن أجرى التحقيق من إجادة المتهم للغة العربية لا يغني عن الاستعانة بمترجم يجيد لغته لتحقق الغاية التي قصدها المشرع من ذلك، ولما لذلك من أثر في مدى صحة الاعتراف أو بطلانه، ومن ثم فإن خلو التحقيقات من استيفاء هذا الإجراء يصم الاعتراف بالبطلان واستطالة هذا البطلان للحكم الصادر بحقه بما يعيبه ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الاحالة دون حاجة لبحث بقية أوجه النعي.
اترك تعليقاً