1. الأصل أن الوكيل إذا عمل دون نيابة ، فإن أثر التصرف الذي يعقده مع الغـير لا ينصرف إلى الموكل ، حتى لو كان هذا الغـير حسن النية يعـتقد أن الوكيل يعمل في حدود نيابته :
فلا يكفي إذن أن يكون الغير حسن النية حتى يستطيع أن يحتج على الموكل بالتصرف الذي عقده مع الوكيل ، إلا أنه خروجاً عن هذا الأصل العام المقرر ، ولمواجهة الضرورات العملية ولتوطيد استقرار التعامل ولمراعاة اعتبارات العـدالة ، فقد صاغ القضاء ـ وتابعه في ذلك الفقه ـ نظرية الوكالة الظاهرة والمعتبرة كاستثناء من الأصل العام المذكور وخروجاً على قاعدته . والمفترض الأساسي لإعمال هذه النظرية أنه حيث يمكن نسبة مظهر خارجي خاطئ إلى الموكل دفع الغـير ( حسن النية ) إلى الانخداع والتعـاقد مع الوكيل ( الذي يتعـامل خارج حدود الوكالة ) ، فإنه في هذه الحالة ينفذ في حق الموكل التصرف الذي أبرمه الوكيل ، لا على أساس الوكـالة الحقيقة وإنما على أساس الوكـالة الظـاهـرة ( راجع : العلامة السنهوري ـ الوسيط في شرح القانون المدني ـ ط 2 ـ ج 7 ـ م 1 ـ ص 775 وما بعدها ) .
2. ومن المستقر عليه لدى قضاء النقض في هذا الصدد أن :
” الأصل ـ و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ أن التصرفات التي يبرمها الوكيل خارج نطاق وكالته لا تنفذ في حق الموكل ما لم يجزها هذا الأخير ، و خروجاً على هذا الأصل يعتبر الوكيل الظاهر نائباً عن الموكل فينفذ في حقه التصرف الذي يبرمه متى ثبت قيام مظهر خارجي خاطئ منسوب إلى الموكل و أن الغير الذي تعامل مع الوكيل الظاهر قد انخدع بمظهر الوكالة الخارجي دون أن يرتكب خطأ أو تقصيراً في استطلاع الحقيقة ” ( نقض مدني : الطعن 1171 س 51 ق ـ جلسة 27/12/1984م ، الطعن 630 س 39 ق ـ جلسة 22/11/1975م ، الطعن 225 س 36 ق ـ جلسة 21/1/1971م ) .
3. وعلى هذا النحو ، فإنه فضلاً عن ضرورة كون الوكيل يعـمل دون نيابة ، فإنه يُشترط لإعمال نظرية الوكالة الظاهرة وتطبيقها أن يتحقق شرطين أساسيين مجتمعـين هما :
الشرط الأول : ـ أن يكون الغـير الذي يتعامل مع الوكيل حسن النية ، ويجب عليه أن يثبت حسن نيته .
الشرط الثاني : ـ أن يقوم مظهر خارجي خاطئ منسوب إلى الموكل وصادراً منه ويكون من شأنه أن يجعل هذا الغـير معـذوراً في اعتقاده أن هنالك وكالة قائمة . وهذا الشرط هو الذي يميز الوكالة الظاهرة ويحدد الأساس القانوني الذي تقوم عليه ، وهو مسئولية الموكل عن خطئه بتعـويض الغير تعويضاً عينياً بانصراف أثر التعاقد الذي أبرمه مع الوكيل الظاهر في حق الموكل ، وإن لم تكن هناك وكالة حقيقية .
4. وينبغي أن يُسترعى الانتباه جيداً إلى أمرين هامين اثنين :
الأمر الأول : أن كون نظرية الوكالة الظاهرة استثناء من الأصل العام المقرر بشأن أثر عمل الوكيل دون وكالة ؛ يؤدي إلى القول بأن هذا الاستثناء لا يُتوسع في تفسيره ولا يُقاس عليه .
الأمر الثاني : وجوب توافر الشرطين سابقي الذكر مجتمعـين ، بحيث أن توافر حسن نية الغـير بمفرده لا يكفي ولا يصح أن يكون مسوغاً لتطبيق نظرية الوكالة الظاهرة بدون صدور مظهر خارجي خاطئ منسوب للموكل وبحيث يكون هذا المظهر الخاطئ هو ما دفع الغير إلى الانخداع والتعاقد مع الوكيل الظاهر .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً