حكم التصوير في القانون الكويتي – بقلم علي العريان
س: هل يجب استئذان أو إعلام من يراد تصويره؟
س: ما الأساس القانوني لمنع التصوير في بعض الأماكن؟
س: هل هنالك نص في قانون الجزاء بشأن التصوير؟
س: هل يعتبر التصوير جنحة أم جناية؟
س: هل تؤخذ الآلة أو الجهاز الذي يستعمل للتصوير بعين الاعتبار؟
يكاد قانون الجزاء الكويتي رقم 16/1960 وتعديلاته يخلو من نصوص تنظم عمليات التصوير الفوتوغرافي و تصوير الفيديو إلا بعض النصوص الخاصة التي سنذكرها قريبا ، و ينفرد القانون رقم 9/2001 بشأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت بتنظيم ذلك ، و من الواضح بأن هذا القانون كان يعاني من قصور أيضا فيما يتعلق بالتصوير فجاء تعديله بإضافة المادة الأولى مكرر بموجب القانون رقم 40/2007 الصادر في 1/7/2007 مكملا لذلك القصور.
يلاحظ بأن المادة الأولى من القانون قبل تعديله كانت بالكاد تنطبق على عمليات التصوير بهدف الابتزاز و التشهير ، فهي تعاقب “كل من أساء عمدا استعمال وسائل المواصلات الهاتفية” و بالتالي فلو وقعت عملية التصوير بجهاز الكاميرا أو أي جهاز آخر لا يستعمل أيضا في الاتصال الهاتفي لما أمكن الاستناد إلى هذا النص لتجريم الفعل ، ثم إنها تشدد العقوبة إذا اشتمل سوء استعمال الهاتف على “ألفاظ بذيئة أو مخلة بالحياء أو تحريض على الفسق والفجور أو على تهديد يمس النفس أو المال أو الشرف أو العرض” و لا شك بأن الألفاظ البذيئة والتحريض على الفسق والفجور يصعب أن يكونا مستندا لتجريم التصوير في حد ذاته ، و يبقى أن يكون التكييف القانوني بأن الصور قد تستعمل أحيانا لتهديد الشرف والعرض وهو تكييف قانوني فيه ما فيه من التكلف.
لذلك جاء نص المادة (1– مكرر) وسد هذا النقص ، و يعتبر هذا النص حجر الزاوية في التنظيم الجزائي للتصوير في القانون الكويتي ، ويلاحظ في هذا النص أنه صنف الجرائم المتعلقة بالتصوير إلى ثلاث فئات ، الفئتان الأوليان من الجنح و الثالثة جناية ، و إليك تفصيل ذلك:
· جنحة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز السنتين وبغرامة لا تجاوز 2000 دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين ومصادرة الأجهزة أو غيرها مما استخدم في ارتكاب الجريمة:
يلاحظ في النص أنه تطرق إلى الوسيلة والركنين المادي والمعنوي المكونين لهذه الجريمة كما يلي:
أولا/ الوسيلة: تقع الجريمة باستعمال أي جهاز يمكن استعماله للتصوير سواء كان هاتفا أو غيره ، و هو توسع ملحوظ بالمقارنة بنص المادة الأولى في القانون 9/2001 حيث قصر التجريم هنالك على وسائل المواصلات الهاتفية
ثانيا/الركن المادي: ويتمثل الفعل المجرم في:
1- التقاط صورة أو أكثر أو مقاطع فيديو للغير دون علمه أو رضائه
2- أو استغلال إمكانات أجهزة التصوير واستخراج صور منها دون علم أو إذن أصحابها
3- أو اصطناع صور مخلة بالآداب العامة لأشخاص آخرين ، كما يفعل عادة ببرنامج الفوتوشوب
وأما النتيجة المجرمة فهي الإساءة و التشهير بالغير ، ولكن هل يجب تحقق هذه النتيجة كي يكون الفعل مجرما؟ بعبارة أخرى هل تعد هذه الجريمة من جرائم الخطر أم الضرر؟ يبدو من نص المادة أنها جريمة خطر لا ضرر ، فطالما توافر القصد الجنائي والفعل المجرم اكتملت الجريمة دون حاجة إلى تحقق النتيجة .
ثالثا/الركن المعنوي: و هو تعمد الإساءة أو التشهير بالغير ، وهو قصد خاص تنبئ عنه ظروف وملابسات الجريمة ، و بالتالي فهذه الجريمة من الجرائم العمدية ، و بما أن القانون لم يقض صراحة بالعقاب على هذا الفعل بمجرد اقترانه بالخطأ غير العمدي فلا عقاب عليه إلا إذا توافر القصد الجنائي لدى مرتكبه كما نصت المادة 40 من قانون الجزاء.
ونسجل جملة ملاحظات أيضا حول هذا النص:
بالمقارنة بنص المادة الأولى يمكن أن نلاحظ توسعا ملحوظا في الوسيلة المستعملة كما بينا ، إضافة إلى أن هذا النص جاء محددا ليعالج مشكلة التصوير دون سائر الاستخدامات الأخرى المجرمة للهواتف ، و قد توسع النص في تجريم الاستعمال المسيء للأجهزة فيما يتعلق بالصور ليشتمل على كلا نوعي التصوير الفوتوغرافي و الفيديو ، كما يشمل النص من لا يباشر عملية التصوير بنفسه ولكنه يقوم باستعمال الأجهزة لاستخراج الصور منها دون علم أو إذن أصحابها ، و من نافلة القول أن هذا العمل الأخير يجب أن يقترن أيضا بالقصد الجنائي المذكور وهو تعمد الإساءة إلى الغير والتشهير به .
ويمكن ملاحظة أن النص لا يخلو من وجه قصور ، فاشتراط أن يكون التصوير دون علم الغير أو رضائه أو اشتراط أن يكون استخراج الصور من الجهاز دون علم صاحب الجهاز أو إذنه يجعل من الفاعل بريئا فيما لو قام بالتصوير أو استخراج هذه الصور بعلم و رضا أصحابها والغير في حينها ثم أساء استعمالها لاحقا قاصدا التشهير والإساءة ، فالنص قاصر عن تجريم مثل هذه الحالة .
· جنحة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز ثلاثة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين ومصادرة الأجهزة أو غيرها مما استخدم في ارتكاب الجريمة
وتشدد العقوبة هاهنا إذا قام – إضافة إلى ما سبق في الجنحة الأولى – بإرسال الصورة إلى أشخاص آخرين أو قام بنشرها أو تداولها بأي وسيلة كانت ، كما لو قام بإرسالها عن طريق الواتساب أو الرسائل الهاتفية أو نشرها على شبكة الانترنت و في مواقع التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى .
ويلاحظ أن هذه الفقرة لا تقتصر على الصورة التي تحرز بإحدى الطرق المذكورة في الفقرة السابقة ، بل تشمل أي صورة أو مقطع فيديو مخل بالآداب العامة ، فحتى لو لم يقم الفاعل بالتصوير بنفسه ولم يقم باستخراج الصور من جهاز الغير بنفسه و إنما حصل على هذه الصور بأي كيفية كانت كما لو حصل عليها من شبكة الانترنت و أعاد نشرها فإنه يعاقب بموجب نص هذه الفقرة من القانون .
· جناية يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز خمس سنوات والغرامة التي لا تجاوز خمسة آلاف دينار ومصادرة الأجهزة أو غيرها مما استخدم في ارتكاب الجريمة
وذلك إذا اقترنت الأفعال المشار إليها في أي من الجنحتين السابقتين بأي من الأفعال التالية:
1- التهديد والابتزاز
2- الإخلال بالحياء
3- المساس بالأعراض
4- التحريض على الفسق والفجور
أخيرا بقي أن نجيب على سؤال مطروح وهو: في ضوء ما سبق من نصوص القانون ، فهل مجرد تصوير الأشخاص دون استئذانهم يعتبر جريمة؟
لا شك بأن تصوير الأشخاص إذا لم يقترن بالقصد الجنائي أي قصد الإساءة لهم والتشهير بهم لا يعتبر جريمة حتى لو كان ذلك دون إذنهم ورضاهم أو دون علمهم ، و يكون تشخيص توافر القصد الجنائي بيد المحكمة من خلال النظر في ظروف وملابسات الدعوى.
وفي الختام من الجدير بالذكر أن هنالك نصا في قانون أمن الدولة الداخلية يجرم التصوير في أماكن مخصوصة لدواع أمنية ، حيث عددت المادة 16 المعدلة بموجب القانون رقم 4/1997 مجموعة من الجنح المتعلقة بأمن الدولة الداخلي و منها أخذ صور أو رسوم أو خرائط لمواقع أو أماكن على خلاف الحظر الصادر من السلطة المختصة ، والحظر هنا قد يكون بقانون من السلطة التشريعية أو قرار من السلطة التنفيذية ، و بالتالي يجوز للسلطة المختصة – وبداعي الحفاظ على الأمن الوطني – أن تحظر التصوير في بعض الأماكن مثل المنشآت العسكرية والنفطية.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً