أسباب انعدام القرار الاداري – محكمة القضاء الإداري
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
بقلم المحامي عارف الشعال
((إذا كانت أسباب انعدام القرار التي يثيرها الشخص ماثله أمام ناظريه سنوات وسنوات قبل اقامة الدعوى فان دعوى الانعدام ﻻتبقى مسموعه)) {قرار 1032لعام 1997، “المحامون” لعام 1999 عدد 9-10}
في الواقع هذا واحد من أسوأ الاجتهادات التي تقع عليها عين خبيرٍ بالقانون، لأنه دكَّ جوهر نظرية الانعدام دكاً، ونسفها من أساسها،
فمن المسلم به أن الحكم المعدوم يولد ميتاً، والميت لا يمكن نفخ الروح فيه، وبالتالي ليس له وجود، كالحكم الذي يصدر بدون انعقاد خصومة إذا ما تمّ تبليغ الخصم على غير مكان إقامته الفعلي.
فكرة “دعوى الانعدام”، أن العدم غير موجود أصلاً، وليس حقاً موجوداً نطالب بانعدامه، بدليل أن هناك حالات لا يحتاج فيها الأمر لدعوى لتقرير الانعدام إذ يمكن لرئيس التنفيذ بصلاحياته المحدودة جداً أن يتصدى للهذا الموضوع، ويقرر أن الحكم معدوم ويمتنع عن تنفيذه.
وطالما أن العدم غير موجود، فهو غير موجود مهما طال الزمن، وبالتالي فإن امتداد الزمن مهما طال من المستحيل أن يخلق من العدم وجوداً.
دور المحكمة في دعوى الانعدام أن تتثبت وتعلن كشف العدم، وليس إنشائه،
لذلك لا يحق لها أن تقول لطالب الانعدام لقد تأخرت في طلب كشف العدم !!
وعليه فإن المحكمة أخطأت فيما جنحت إليه، خطأً مهنياً جسيماًّ.
ولا يبرر للمحكمة أن الحكم المعدوم رتبَّ حقوقاً للغير، لأن هذه الحقوق معدومة أيضاً، إذ لا يجوز أن يبنى صحيح على معتل فما بالك معدوم!. وهذه من مسلمات نظرية البطلان،
قد يكون تطبيق القانون قاسياً أحياناً، ولكن لا يبرر تجنب هذه القسوة، محاولة إحياء العظام وهي رميم، والاعتداء على أهم ركن في إحدى نظريات القانون ونسفها!!.
مشاركة من المحامي أسامة دركوشي
كلمة ((القرار)) الواردة في الاجتهاد المشار إليه لا تنصرف إلى القرارات القضائية وإنما تنصرف إلى القرار الإداري. ولمزيد من التوضيح تجدر الإشارة إلى أن الاجتهاد المشار إليه هو اجتهاد مستقر في قضاء مجلس الدولة فيما يتصل بدعاوى الاستملاك. ذلك بأن قانون الاستملاك الصادر بالمرسوم التشريعي رقم ٢٠ لعام ١٩٨٣
كان قد حصن مراسيم الاستملاك (وهي قرارات إدارية بطبيعتها) من رقابة القضاء، فما كان من مجلس الدولة في خطوة تحسب له لا عليه إلا أن بسط رقابته على مراسيم الاستملاك ولوجاً من باب نظرية الانعدام، مؤسسا مسلكه بأن القرار الإداري قد يعتريه عيوب قانونية تهوي به إلى درك الانعدام، غير أن مجلس الدولة كان متوازنا في مسلكه ومنهجه.
فقرر الاجتهاد المشار إليه لكي لا يبقى الباب مفتوحا إلى ما لانهاية وذلك حفاظا على استقرار معاملات الإدارة حينما تبقى مستقرة ردحاً طويلا من الزمن دون أن يبادر صاحب المصلحة لولوج باب القضاء إعمالاً لقاعدة (المفرط أولى بالخسارة)
اترك تعليقاً