نقاش قانوني مميز حول أنــواع الجرائــم المنظمــة المتصلة بالإرهــاب
لقد أثيرت مسألة العلاقة بين الإرهاب و الإجرام المنظم في إطار مناقشات الهيئات الدولية .و لقد تطورت الجريمة المنظمة على
مستوى العالم لدرجة تشابك وتشابه بعض الجرائم والتي ما فتئت في ظل العولمة أن اكتست الطابع المنظم والمهيكل باعتمادها
على سلسلة من التنظيمات والهيئات ذات التنسيق فيما بينها و من اهم هذه الجرائم : جرائم تبييض الأموال، الجرائم الإرهابية
أو الاتجار بالأسلحة أو المتاجرة غير المشروعة بالمخدرات .
أ)- جريمة تبييض الأموال:
هي العملية التي يحاول من خلالها مرتكبو الجرائم المختلفة إخفاء حقيقة مصادر هذه الأموال الناتجة عن هذه الأعمال غير القانونية وطمس هويتها بحيث يصعب التعرف على ما إذا كانت هذه الأموال ناتجة عن أعمال غير مشروعة أم لا . والهدف من هذه العمليات هو تحويل السيولة النقدية الناتجة عن هذه الأعمال إلى أشكال أخرى من الأصول بما يساعد على تأمين تدفق هذه العائدات المالية غير المشروعة بحيث يمكن فيما بعد استخدامها أو استثمارها في أعمال مشروعة وقانونية . ويختلف المفهوم فيما بين الدول، ففي حين يأخد البعض بالمفهوم الواسع من حيث اعتبار العائدات المالية لكافة الأعمال الإجرامية سبيلا لتبييض الأموال(تجارة وتهريب المخدرات وتجارة الرقيق والإرهاب والرشوة والفساد السياسي، والدعارة وتجارة السلاح وغيرها من الجرائم والأعمال غير المشروعة)
تأخذ بعض الدول الأخرى بالمفهوم الضيق حيث تقصر هذه العمليات على محاولات إخفاء العوائد المالية لتهريب المخدرات فقط دون بقية الجرائم.
ب)الإتجار غير المشروع بالأسلحة :
لقد إزداد الطلب على الأسلحة نتيجة للحروب الداخلية المتزايدة و المواقف السياسية و النشاطات الإجرامية الخارجة عن القانون , و في ظل بعض الظروف تحتاج الأفراد و الجماعات الصغيرة إلى الأسلحة للدفاع عن أنفسهم عندما تفشل القوات الأمنية التابعة للدولة عن توفير الحماية اللازمة لهم أو أنها تكون غير راغبة في القيام بذلك وهو ما ساعد على إنتشار صناعة و بيع الأسلحــة بطــرق غيــر مشروعة .
و تتمثل علاقة هذه الجريمة بالنشاطات الإجرامية الأخرى في أنها تتخذ شكلا إقتصاديا يسبب في توجيه الأسلحة الصغيرة و الخفيفة ضد المجتمع نفسه .
و يقصد بالأسلحة الصغيرة تلك الأسلحة التي تستخدمها مجاميع القوات المسلحة ومن بينها قوات الأمن الداخلي لغايات كثيرة منها الدفاع عن النفس و القتال على مدى متوسط أو قريب و الرمي المباشر و غير المباشر و التصدي للدروع و الطائرات ضمنالمدى القريب , و هي الأسلحة المصممة للإستعمال الشخصي أما الأسلحة الخفيفة في تلك المصممة للإستخدام من قبل مجموعة أشخاص يعملون كفريق .
إن المعدل المرتفع للعنف في المدن ونشاطات المافيا و الجماعات الإجرامية الأخرى كلها تعتمد على الإستخدام المألوف لهذه الأسلحة المميتة للحماية و العقاب و التوسع.
و قد أصبح هذا الخطر أكثر صعوبة لأن الأسلحة الموجودة لدى جهات غير حكومية خاصة الإرهابيين و المتطرفين الذين يحصلون عليها في عمليات شراء سرية من الأموال الوفيرة التي يجنونها من نشاطاتهم الإجرامية تزيد بشكل كبير عن الأسلحة الموجودة لدى قوات الأمن و الهيئات التي تشرف على تنفيذ القانون في البلد .كما أن ملاحقة توزيع هذه الأسلحة و الحد منه يسببان مشكلة كبيرة من الناحية العسكرية و كذلك من الناحية الإنسانية كونها تمثل خطرا ليس فقط على سلامة و أمن الأفراد و المجتمعات و إنما على الأمن الدولي .
ج )- جرائم المخدرات :
لقد اصبح أمرا مستقرا علبه أن القضاء على جريمة المخذرات بقتضي بالضرورة إيجاد أطــر تعــاون و تنسيــق دولــي و ذلك نظــرا للطابع المنظــم العابــر للأوطــان لهذه الجريمة , كما أن خطورتها لم تعــد تقتصـر على الإضــرار بالصحــة , وإنما أصبحت هذه التجــارة وسيلة لدعــم المنظمــات الإرهابية , و هي العلاقة التي تم تأكيدها في إطار أعمال اللجنــة الثالثــة للجمعية العامة للأمــم المتحــدة حيث أجمعت الدول الآسيــوية المتدخلــة في إطار مناقشــات اللجنة أن حركــة طالبــان تستعمــل مداخيل زراعة المخدرات فــي تمويــل نشاطاتهــاالإرهابيــة.
وقد توجهت هذه المنظمــات الإجراميــة إلى الإتحــاد مع منظمــات إرهابية و جماعــات مسلحــة متطرفــة لتشكــل ما أصبــح يعرف بإسم تحالف الإرهــاب و المخذرات والتي تروج لتجـارة المخدرات و المتــاجــرة غير الشرعيــة بالأسلحــة و تبييــض الأمــوال, والإرهــاب.
و في الجزائر مثلا لم يكن خطر آفة المتاجرة في المخدرات مخيفا خلال العشرية التي سبقت ظاهرة الإرهاب في الجزائر لكن في ظل الإرهاب الهمجي ، أصبحت الشبكات الدولية المختصة في متاجرة المخدرات تعتبر الجزائر منطقة عبور هامة و حسب الإحصائيات فإن 72/° من الكميات المحجوزة من الحشيش كانت عابرة من الجزائر نحو بلدان أوربية .
و المتاجرة بالمخدرات عادة ما تقترن بالأشكال أخرى من الجريمة المنظمة كالإتجار غير المشروع في الأسلحة، تزوير و استعمال المزور، تبيض الأموال و الحصول على أملاك عقارية تحول فيما بعد كملجـأ للتخطيط و الاتصال سعيا لتحقيق الأعمال المحضرة.
***
الجريمة المنظمة و طرق مكافحتها: مجموع محاضرات أمن دائرة مازونة ولاية غليزان 2004.
اترك تعليقاً