أنواع القاعدة القانونية و خصائصها
أ/ مشعل محمد الرقاد
خصائص القاعدة القانونية
أولاً : القواعد القانونية قواعد عامة ومجردة .
إن المقصود بالعمومية والتجريد في القواعد القانونية تكون موجهة لجميع الأشخاص أو فئة منهم بصفاتهم ، والى الواقع التي تتوافر فيها الشروط التي تفرضها القواعد القانونية ، فلا تخاطب القواعد القانونية أشخاص محددين بذواتهم ، أو وقائع معينة بحد ذاتها – وهذا كأصل عام – فنجد أن القاعدة القانونية تطبّق على الأشخاص بمجرد توافر الصفات فيهم و التي تنص عليها القواعد القانونية ، وكذلك الأمر في الوقائع فبمجرد توافر الشروط في الوقائع حسب ما تنص عليها القواعد القانونية أمكن تطبيق القواعد القانونية على الواقعة المقصودة ، ومثال ذلك قواعد القانون الجنائي التي تطبق على كل من يرتكب فعل غير مشروع بموجب القانون ومثال دلك القاعدة الجزائية التي تقضي بأن ” من أحدث تخريباً عن قصد في طريق عام …….” (1)
فنجد أن هذه القاعدة القانون تخاطب الشخص بصفته وهو المخرب وليس بذاته لو كان زيداً على سبيل المثال فلم توجه القاعدة القانونية لزيد بذاته دون غيره وإنما تناولت صفته كونه مخرباً ، وبهذا الحال نجد أن القاعدة القانونية تطبق على كل شخص يحمل صفة المخرب ، ونجد في ذات القانون أن “الطريق العام كل طريق يباح للجمهور المرور به في كل وقت وبغير قيد ……” (2) فهنا بتحقق الشروط الواجب توفرها في المكان ينطبق النص القانون , فلم تحدد القاعدة القانونية طريقاً عاماً محدداً بذاته .
ومن الممكن أن تكون القاعدة القانونية موجهة لطائفة معينة من الأشخاص وليس لجميع الأشخاص , كأن يأتي الخطاب في القاعدة القانونية موجهاً للموظفين أو الصناعيين ومثال ذلك القاعدة القانونية التي تقول ” كل موظف عمومي أدخل في ذمته …..”(3)، والقاعدة القانونية التي تقول ” كل صناعي أو رئيس ورشة أغفل أو أهمل…(4)، (4)، فنجد أن الخطاب موجهاً للموظفين أو الصناعيين دون غيرهم وإن توجيه الخطاب في القاعدة القانونية لطائفة أو فئة معينة لا يخرج القاعدة القانونية عن وصف العمومية والتجريد التي تتصف بها ، طالما أنها تخاطب هذه الفئات بصفاتها وليس بذواتها ، وتتحقق بوقائعها الشرائط المطلوبة ، فعند مخاطبة القاعدة القانونية للصناعيين لم تقصد صانعاً معيناً بذاته ، وإنما كل من تنطوي علية صفة الصانع ، ومن هنا نجد أن القاعدة القانونية تبقى متمتعة بخصيّة العمومية والتجريد وإن خاطبت فئات معينة.
وكذلك الأمر في حال توجيه القاعدة القانونية خطابها لشخص واحد فقط، كأن تقول ” يجوز لرئيس هيئة الأركان المشتركة أن يصدق الحكم أو يخفض العقوبة….”(1)
فنجد أن هذه القاعدة القانونية مخاطب فيها شخص واحد ، ولكن الخطاب جاء للصفة التي يحملها هذا الشخص وليس لذاته ، وعلية فلا يعد ذلك عيب في القاعدة القانونية ’ ولا يخرجها من نطاق التجريد والعمومية .
وخلاصة القول أن التجريد بالمنطوق القانوني هو أن تتجه القاعدة القانونية بخطابها إلى الوصف المجرد عن ذات الموصوف (2)، والعمومية أن يوجه الخطاب إلى الأشخاص عامة.
إن صفة العمومية والتجريد التي تتسم بها القواعد القانونية تعتبر المعيار إحدى أهم المعايير التي يُستند إليها لتفرقة بين القواعد القانونية وبين الأحكام الصادرة عن السلطة القضائية من جهة، وبين القرارات الإدارية الفردية التي تصدر عن السلطة التنفيذية وأجهزتها الرسمية.
فعندما يصدر القاضي حكماً في خصومة أو نزاع معين في دعوى منظورة أمامه فإن هذا الحكم لا يطبق الاّ على أشخاص معينين بحد ذاتهم وهم أحد أطراف الخصومة ( المشتكى عليهم ، أو المدعى عليهم ) ، وعند نظر القاضي في الواقعة الجريمة فتكون تلك الواقعة معينة بالذات ، فعلى سبيل المثال ينظر القاضي بواقعة جريمة سرقة محددة بذاتها بظروفها و وقائعها الخاصة ، ويحكم على مرتكبي فعل السرقة بذاتهم فلا ينصرف أثر الحكم لغير هؤلاء الأشخاص، فلا تعد الأحكام القضائية كأصل عام قواعد قانونية.
وكذلك الأمر فيما يخص القرارات التي تصدر عن السلطة الإدارية سواء قرارات التعين أو التأديب وما شبهها من قرارات ، فهي تصدر بحق شخص أو أشخاص محددين بالذات والي وقائع معينة بالذات ، فلا يصدق عليها القول بأنها قواعد قانونية لعدم انطلاء صفة العمومية والتجريد على هذه القرارات ، ويصار القول ذاته على الأحكام القضائية .
ولا يعتد بالقول بعدم عمومية القاعدة القانونية وتجريدها فيما إذا اختصت بزمان معين ، فمن المتصور سن قواعد قانونية تعالج موضوعات محددة في زمن محدد كالتشريعات المؤقتة والتي تقتضي الضرورة بسنها وتنتهي بانتهاء السبب الذي سنت من أجله ، وكذلك فإن القاعدة القانونية – ورغم عموميتها وتجريدها – قد تتحدد من حيث المكان (3) ، فتنطبق في إقليم دولة دون سواه ومثال ذلك القوانين المعمول فيها
بالدول(الولايات) المكونة للدولة الفدرالية ضمن الاتحادات المركزية كالولايات المتحدة الأمريكية و الجمهورية العربية المتحدة ، حيث نجد أن كل ولاية تنفرد بوضع قوانين خاصة بها ، أو قد يسن في دولة ذات تركيب بسيط (موحد) بعض التشريعات التي تخص إقليماً محدداً كما هو الحال بالقواعد القانونية الخاصة بمرتبات موظفي قنا وأسوان في مصر ، إذ ينفرد موظفو هاتين المحافظتين بعلاوات بدل إقامة والتي لا يستفيد منها باقي موظفي الدولة في محافظات مصر الأخرى (1).
ثانياً: القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية :
كما أسلفنا فإن القواعد القانونية ضرورة اجتماعية ، ظهرت لتنظيم العلاقات الناشئة بين أفراد الجماعة المنظمة ، فتعمل القواعد القانونية على الحد من الحريات المطلقة للأفراد وخلق التوازن بينها عن طريق إزالة التعارض بين مصالح الأفراد ووضع آليات لتنظيم أعمال ونشاطات وعلاقات الأفراد ، وتأطير الحدود التي تمكّن الفرد من ممارسة هذه النشطات والحريات داخلها دونما تعدي أو تسلط مع إمكانية إجراء التعاون وتبادل المنافع في أجواء يسودها الأمن والاستقرار والطمأنينة ، فإن أصل نشأة القواعد القانونية يعود إلى الحراك الاجتماعي بين أفراد الجماعة .
ولا يقصد بالمجتمع هنا مجرد تجمع عدد من الأفراد في مكان معين دون أن تربطهم أهداف موحدة، بل أن المجتمع المقصود هنا، هو المجتمع المنظم والذي توجد فيه سلطة التي يكون لها السيادة على أفراد المجتمع (2).
ومن هنا نرى أن القانون لا يكون إلا بوجود الجماعة ، وذلك لأن الهدف و الغرض من القواعد القانونية هو تنظيم العيش في الجماعة ، فإذا لم توجد الجماعة المنظمة بالوجه الذي سبق بيانه فلا محل لوجود القانون ، لأن الإنسان مدني بطبيعته يولد في مجتمع ولا يعيش إلا فيه (3).
وبالنظر إلى المجتمع بهذا السياق نجد أن الدولة القانونية بمفهومها الحديث هي التي تمثل صورة المجتمع ، ولا يعني هذا أن الدولة القانونية هي الصورة الوحيدة للمجتمع ، فقد يوجد القانون في مجتمعات لا تتوافر بها مقومات الدولة بالمعنى المقصود طالما هناك سلطات تملك إجبار الأفراد على طاعة القانون ، فقد وجدت مجتمعات بدائية كالعشيرة والقبيلة ، كانت تملك سلطة إجبار أفرادها على إطاعة القوانين التي تسنها ، ومن هنا نستطيع القول بأن وجود القانون سابق على وجود الدولة .
وإذا كان القانون لا ينشأ إلاّ في بيئة اجتماعية منظمة ، فلا بد له من التأثر بهذه البيئة فيتطور ويتغير وفقاً لتطور وتغير بيئته الاجتماعية ، فنجده مختلفاً من بيئة إلى أخرى بحسب اختلاف الظروف والحياة بها (4).
ثالثاً: القاعدة القانونية قاعدة سلوك:
القواعد القانونية تتناول في حكمها وتنظيمها سلوك الأفراد ، وبقولنا سلوكا نعني النشاط المادي الخارجي الملموس أي الأفعال والأقوال ، وهذا عكس النوايا والمشاعر الداخلية التي تبقى حبيسة النفس والتي لا تترجم إلى حيز الوجود بواسطة أفعال ، ومن هنا ولكي يمكن للقانون أن يتدخل لابد أن يكون هناك مظهر خارجي ملموس للسلوك البشري ، فلا يلتفت القانون لما يستقر في النية أو الشعور لدى النفس البشرية طالما أنها بقية حبيسة النفس ولم تترحم إلى الواقع كأفعال أو سلوك ينتج أثره في العالم الخارجي لأن هذا السلوك هو الذي يؤثر في المراكز القانونية للأفراد فينشئ الحقوق والالتزامات – هذا كأصل عام – ولكن من الممكن البحث في النوايا وذلك بعد أن يرتكب الفرد سلوكاً خارجياً منهياً عنه بموجب القانون ، كالذي يرتكب فعل إزهاق الروح ( القتل ) فهذا يعد سلوكاً خارجياً ملموساً مجرماً بموجب القانون وللسلطة المختصة الرجوع والبحث في نية القاتل فيما إذا كان مبيتاً النية ومتعمداً في قرارة نفسه إتيان فعل القتل فيسأل عن جريمة قتل عمد ، و إذا لازم فعل القتل إصراراً عليه سؤل عن جرم القتل مع سبق الإصرار والترصد ، ولكن في حال لم تتجه نية الجاني إلي فعل القتل فيسأل عن القتل الخطأ.
ومن جهة أخرى نجد أن القواعد القانونية كقواعد تنظم السلوك البشري وتحكمه في المجتمع ، فأنها تضع قواعد تبين ما ينبغي أن يكون عليه سلوك الأفراد وليس ما هو عليه سلوك الأفراد (1) ، فالقواعد القانونية تعمل على تقويم سلوك الأفراد عن طريق رسم صورة لما يجب أن يكون علية ذلك السلوك ، فنجدها تخاطب الأفراد بصور الأمر والنهي والتكليف وليس بالنصح أو الترغيب ، دون أن تترك للأفراد الحرية باختيار سلوكهم ، فالقاعدة القانونية تمثل القوة الخارجية التي تؤثر في اختيار الفرد لنمط سلوكه (2) والمقصود بالتقويم هنا أن الفرد في الأصل يتمتع بالعديد من الخيرات لانتقاء سلوكه فتتدخل القاعدة القانونية للحد والتضييق من الحرية المطلقة للفرد في اختيار سلوكهم فتوجهم للسلوك المطلوب والذي يحقق المصلحة العامة فنجد إن القانون بالمعنى الذي نقصده يضع قواعد سلوك تقويمية لا تقريرية (3) فسلوك الأفراد يخضع لما تقرره قواعد القانون وليس العكس .
وقد يعمد القانون إلى استخدام وسائل لتحقيق هدفه بتوجيه سلوك الأفراد نحو الخيار المطلوب ، كأن يعظّم الفوائد التي قد يجنيها الفرد من اختياره للسلوك الذي تفرضه القواعد القانونية أو من خلال تسهيل الإجراءات بالنسبة لهذا الخيار، والعكس صحيح من خلال فرض تكاليف وجزاءات وأعباء للحيلولة بين الفرد واختيار السلوك الغير مرغوب فيه .
رابعاً: القاعدة القانونية قاعدة ملزمة مقترنة بجزاء :
مما سبق نجد أن قواعد القانون تنظم العيش في الجماعة ولا يتأتى هذا للقواعد القانونية إلاّ إذا كانت ملزمة للأفراد وتجبر الفرد على التقييد بأحكامها واحترامها ويكون ذلك عن طريق توقيع الجزاء ، فلا بد من أن يصاحب القواعد القانونية جزاء يوقع على من يخرج عن أحكامها ، فالجزاء هو الوسيلة التي تحمل الأفراد على التقييد بأحكام القواعد القانونية وإلاّ فقدت القاعدة القانونية صفتها ولم تصبح قاعدة قانونية ، فخاصية الجزاء من أبراز الخصائص التي تميز القواعد القانونية عن غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى(1) ، وهذا لا يعني بالضرورة أن الأفراد جمعهم لا يحترمون القانون الاّ خوفاً من الجزاء فقد يستجيب بعض الأفراد لأحكام القانون من تلقاء نفسهم (2) ، لأن إرادة الإنسان بطبيعتها حرة ، وأن الأفراد متفاوتون بقدر احترامهم للقواعد القانونية وتغليبهم للصالح العام ، فإذا وجدت طائفة تحترم النظام وتلتزم بالقواعد القانونية التي تحقق المصلحة العامة بدافع ذاتي ومن معتقد حر ، نجد أن هناك طائفة أخرى تغلّب مصالحها الشخصية على المصلحة العامة ومن هنا كان لابد من وجود ما يلزم هذا الطائفة التي تنزع للخروج عن القواعد القانونية من احترام القواعد القانونية بالإجبار عن طريق إيقاع الجزاء بها إن لزم الأمر، ولو تركت القاعدة القانونية دون اقترانها بجزاء فلا يوجد ما يحمل الأفراد على التقييد بها بالقدر الذي يحقق غرض وهدف القانون بفرض النظام والأمن في المجتمع .
والجزء يوقع جبراً من قبل السلطة العامة وفقاً لنظام محدد مسبقاً ، وعليه فمن الضروري وجود سلطة عامة مختصة في الجماعة يعهد إليها بكفالة احترام القانون عن طريق احتكار حق توقيع الجزاء المادي على الخارجين على أحكام القانون (3) ومن هنا فلا يجوز للأفراد بإيقاع الجزاء بأنفسهم وعليهم اللجوء إلى السلطة العامة المختصة بإيقاع الجزاء – كأصل عام – ولكن من الممكن أن يعطي القانون في بعض الحالات على سبيل الحصر حق استفاء الحق بالذات كما هو الحال في حالة الدفاع الشرعي وحق الاحتباس (4).
ولا بد للإشارة أن جميع القواعد الاجتماعية على اختلاف أنواعها تتمتع بصفة الإلزام ، ولكن ما يميّز إلزام القواعد القانونية عن سوها من القواعد الاجتماعية الأخرى كقواعد الدين وقواعد الأخلاق وغيرها ، أن الزمها مقترن بجزاء مادي دنيوي ومنظم وله صور متعددة ، وكذلك هناك اختلاف بالهدف الذي ترمي إليه كل من جزاءات القواعد الاجتماعية المذكورة وهذا ما سيتم بيانه تفصيلاً بما هو تالٍ:
– صور الجزاء:
للجزاء المترتب على مخالفة القواعد القانونية صورة متعددة، حيث أنه يختلف من قواعد إلى أخرى من حيث قوته و حيث طبيعته (1)، فمن حيث قوة الجزاء يختلف باختلاف أهمية القاعدة القانونية وصلتها بالمجتمع، ومن حيث طبيعته ينقسم الجزاء إلى جنائي ومدني وإداري.
– من حيث قوة الجزاء وجسامته وشدّته:
نجد أن نوع الجزاءات تختلف قوتها بحسب أهمية القاعدة القانونية التي تم مخالفتها ومدى صلتها بكيان المجتمع ، وما تشكله من تهديد لأمن المجتمع ، فالقواعد القانونية التي تضمن سلامة روح وبدن الأفراد فتحرّم التعرض لها ، فالقواعد التي تحرم القتل والجرح تعد اخطر وأعظم جسامة من تلك التي تنظم السير على الطرقات ، فيفرض على من يخالف الأولى جزاءات أقوى وأشد كالإعدام والحبس ، بينما تقرر لثانية جزاء الغرامة ، وفي النطاق الإداري نجد في حال المخالفات التي تقع من الموظفين أن الجزاءات تتدرج بحسب جسامة الفعل الذي يقع من الموظف من التنبيه إلى الفصل (2) .
– من حيث طبيعة الجزاء:
1- الجزاء الجنائي: عبارة عن عقوبات تفرض على كل من يرتكب فعل غير مشروع بموجب القانون، وهي عقوبات تتقاضاها السلطة العامة ممثلة بالنيابة العامة نيابة عن المجتمع مِن المخالف لقاعدة من قواعد القانون الجنائي (3).
وإن هذه العقوبات الجنائية تتدرج بشدتها بحسب جسامة الفعل المجرّم ، فقد تصيب جسد المجرم كعقوبة الإعدام والجلد وقطع اليد ، وقد تصيبه في حريته كالحبس فتسلب الجاني حريته كلياً كالاعتقال المؤبد أو الأشغال الشاقة المؤبدة ، وقد يكون جزئياً كالاعتقال المؤقت والأشغال الشاقة المؤقتة ، وقد تقييد من حرية الجاني كأن يوضع تحت مراقبة الشرطة ، وقد تصيب العقوبة مال المجرم كالغرامة والمصادرة وقد تحرمه من بعض حقوقه السياسية كحق ترشيح النفس للانتخابات العامة أو تولي الوظائف العامة .
ووفقاً لخطة المشرع الأردني فقد قسم العقوبات الجنائية إلى:
أ . العقوبات الجنائية: وهي الإعدام، والاعتقال المؤبد والمؤقت، والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة (4).
ب . العقوبات الجنحية : وهي الحبس ، والغرامة ، والربط بكفالة ، ويكون الحبس من أسبوع ولغاية ثلاث سنوات ، والغرامة من خمسة دنانير ولغاية مايتي دينار(1).
ج . العقوبات التكديرية : وهي الحبس التكديري ، و الغرامة ، حيث يكون الحبس من بين أربع وعشرين ساعة وأسبوع ، والغرامة بين دينارين وعشرة دنانير (2).
إن العقوبات الجنائية تهدف إلى زجر وردع كل فرد تسوّل له نفسه إلي ارتكاب الجريمة ، فالعقوبة الجنائية تعد نوع من أنواع الدفاع الاجتماعي ، أو ردّ فعل المجتمع تجاه من يرتكب الجريمة أو يعد عدتها (3) ، فالرد العام هو الهدف الرئيس من فرض العقوبات الجنائية للمحافظة على الأمن العام للمجتمع .
2 . الجزاء المدني : هو الجزاء الذي يوقع عند مخالفة إحدى قواعد القانون المدني أو أي قانون آخر ساري المفعول غير القانون الجنائي من شأنه حماية الحق الخاص بالأفراد(4).
– صور الجزاء المدني :
أ. التنفيذ الجبري (5) : وهو أن يجبر المدين بأمر من المحكمة على تنفيذ ما ألتزم به فالأصل أن ينفذ المدين ما ألتزم به تجاه الدائن طوعاً واختيارا ، ولكن في حال امتناع المدين عن الوفاء بالتزامه تجاه الدائن فيكون المدين هنا قد خالف أحكام قواعد القانون المدني ، وللدائن إقامة دعوى أمام القضاء للمطالبة بدينه والحصول على حكم يقضي بجبر المدين على التنفيذ .
وقد يكون التنفيذ الجبري مباشرا ًحيث يجبر المدين على الوفاء بعين ما ألتزم به ويسمى التنفيذ العيني ، كإجبار البائع على تسليم العقار المتفق عليه للمشتري ، وقد يكون التنفيذ الجبري بطريقة غير مباشرة وهذا يكون في حال تعذر التنفيذ العيني كان يكون مستحيلاً ، أو مرهقاً للمدين أو غير مجدي للدائن فيتم بطريقة البدل أو التعويض .
ب. بطلان التصرف : ويقصد هنا بطلان الاتفاق المخالف للقانون ، فإذا كان التعاقد على شيء غير مشروع أصلاً أو مخالفاً لأحكام القانون المدني ، كالاتفاق على بيع المخدرات ، وقد يكون بطلان التصرف ببطلان العقد أو اعتباره موقوفاً أو قابلاً للفسخ بحسب الأحوال (6) .
ج. التعويض عن الفعل الضار(1) : والمقصود بهذا النوع من الجزاءات المدنية هو وجوب محو أثر المخالفة وإزالة كل ما يترتب عليها إذا كان ذلك ممكناً ، فإذا عمد شخص على شق طريق في أرض الغير دون أن يكون له حق بذلك بموجب القانون ( حق ارتفاق ) فيعد هنا مخالفاً لأحكام القانون المدني ويكون جزائه المدني هو سد الطريق وإعادة الوضع لما كان علية ، ولكن في حال تعذر ذلك ولم يكن بالإمكان إعادة الوضع وإزالة أثر المخالفة وجب التعويض لجبر آثار الضرر(2) .
يهدف الجزاء المدني إلى حماية الحقوق والمصالح الخاصة بالأفراد ، وإصلاح الضرر وجبر آثاره والتعويض عنه .
3. الجزاء الإداري أو التأديبي : وهو الجزاء الذي يفرض على من يخالف أحكام القانون الإداري ، وتتدرج جسامة هذا الجزاء بحسب المخالفة الإدارية المرتكبة من التنبيه حتى تصل إلى الفصل أو الطرد .
يتميز الجزاء الإداري بأنه يتم من خلال السلطة الإدارية ، كالرئيس الإداري أو الهيئات المشرفة على ممارسة الوظيفة ولا تناط دائماً بالقضاء .
ومن الجدير بالإشارة إليه هنا أنه من الممكن أن تجتمع أكثر من صورة من صور الجزاء التي تم ذكرها ، فقد يجتمع الجزاء الجنائي والمدني والإداري على ذات الواقعة , ومثال ذلك أن يرتكب أحد الموظفين فعل الإيذاء أثناء تأديته واجبه بغير حق مما ألحق بالمعتدى علية ضراراً مادياً ، فيتم إيقاع الجزاء الجنائي بالجاني فيصار إلى حبسه ، ويتم إيقاع الجزاء المدني بإلزامه بالتعويض عن الضرر الذي ألحقه بالمتضرر، ويتم تأديبه إدارياً بإحدى العقوبات التأديبية كالفصل مثلاً .
اترك تعليقاً