أهمية القانون الدولي في مواجهة الكوارث
جنيف – أيرين : يرى العديد من الخبراء أنه ينبغي على المزيد من الدول الالتزام بمقتضيات القانون الدولي لمواجهة الكوارث من أجل ضمان توصيل المساعدات الدولية بشكل فعال.
وفي هذا السياق، أفادت إليز موسكيني، وهي كبيرة مسؤولي الدعوة وحشد التأييد في مقر الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بجنيف، في تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن “توصيل المساعدات المنقذة للأرواح غالباً ما يتأخر بسبب الإجراءات البيروقراطية العقيمة”.
والقانون الدولي لمواجهة الكوارث هو مجموعة الأدوات القانونية التي توفر توجيهات بشأن كيفية تقديم المساعدة في حالات الكوارث، “وهو أقرب شيء متوفر إلى كتيب القواعد المنظمة لإدارة عمليات الاستجابة للكوارث عبر الحدود”، حسب أوليفر لايسي هول، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لآسيا.
وكان برنامج القوانين والقواعد والمبادئ الدولية للاستجابة لحالات الكوارث (idrl) التابع للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قد قام بإعداد المبادئ التوجيهية لتسهيل العمليات الدولية للإغاثة والانتعاش الأولي في حالات الكوارث، الذي تم تقديمه لأول مرة في عام 2007.
وأضاف لايسي هول أن “هذه المبادئ التوجيهية تهدف إلى تقديم إرشادات للحكومات حول كيفية الحد من الروتين وتعزيز المساءلة”.ولكن للأسف، فإن البلدان لا تفكر العديد من الدول في حاجتها للمساعدة الخارجية إلى أن تصبح هذه الحاجة واقعاً ملحاً، حسب الخبراء. وحتى الآن، لم تقم سوى 9 دول فقط بتبني تشريعات محلية تستند إلى القوانين الدولية للاستجابة لحالات الكوارث. وتتمثل هذه الدول في فنلندا وإندونيسيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج وبنما وبيرو والفلبين والولايات المتحدة الأمريكية.
ويحث الخبراء على ضرورة اتخاذ المزيد من البلدان إجراءات عاجلة لتبني تشريعات محلية مستقاة من القانون الدولي للاستجابة للكوارث.
وفي هذا السياق، أشار لايسي هول إلى أن الفيضانات الأخيرة في الفلبين أثبتت جدوى تبني قوانين حاسمة لمواجهة الكوارث من خلال السلاسة التي تم بها تنفيذ عمليات الاستجابة، مضيفاً أنه “يبدو للأسف أن الاقتناع بضرورة تبني مثل هذه القواعد عادة ما يتطلب وقوع كارثة أولاً”. بدورها، حثت موسكيني الدول على التحرك قبل وقوع الكارثة القادمة بقولها: “ينبغي على المرء فقط أن ينظر إلى تزايد عدد ونطاق الكوارث الطبيعية خلال السنوات القليلة الماضية ليدرك مدى الحاجة الملحة للعمل الجاد في هذا المجال”.
ومن بين العقبات الواردة في هذا المجال منح تأشيرات الدخول لعمال الإغاثة، والقضايا المتعلقة بالجمارك والضرائب، بالإضافة إلى الحاجة العامة للتنسيق. تأشيرات الدخول
أكدت سارة أيرلند، المديرة الإقليمية لمنظمة أوكسفام لشرق آسيا، أن “هناك العديد من الحالات التي استغرق فيها الحصول على تأشيرات الدخول وقتاً طويلاً”، مشيرة كمثال واضح ومعروف على ذلك إلى رفض ميانمار منح تأشيرات دخول لعمال الإغاثة لعدة أسابيع بعد إعصار نرجس في عام 2008. وأضافت أيضا: “إننا نريد التمكن من استقدام الموارد المشروعة مثل الموظفين ومواد الإغاثة بأقصى سرعة ممكنة، في غضون أول أسبوعين”.
كما يمكن أن تتفاقم مشاكل التأشيرات بمجرد انتهاء الاستجابة الفورية للكوارث، وهو ما علق عليه جيسبر لوند، مسؤول الشؤون الإنسانية في فرع خدمات الطوارئ بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الذي يتخذ من جنيف مقراً له، بقوله: “غالباً ما يكون الحصول على تأشيرة دخول خلال الأسبوع الأول من الكارثة أكثر سهولة، ولكن بعد مرور أسابيع على بدء عمليات الاستجابة، لا تعود الإجراءات إلى أدنى أساسياتها فقط بل تؤدي أيضاً إلى تراكم طلبات المنظمات الدولية في كثير من الأحيان”.
وتغطي بنود القانون الدولي للاستجابة للكوارث قضايا منح أو إلغاء تأشيرات الدخول وتصاريح العمل لعمال الإغاثة، والاعتراف برخص القيادة ومؤهلات الأطباء والمهندسين، وبذل الجهد لتوظيف الموظفين المحليين قدر الإمكان.الجمارك والضرائب
أفادت موسكيني أن “هناك قصص شهيرة حول تأخر شحنات إغاثة من مراكز الجمارك لعدة أشهر بحيث لا يتم الإفراج عنها سوى بعد انقضاء فترة الحاجة الملحة إليها”. كما أشارت أيرلند إلى أن “هناك قضيتين متعلقتين بالجمارك، إحداهما تتمثل في السماح بجلب البضائع، حيث نضطر أحياناً إلى استيراد معدات مثل المركبات وأجهزة الاتصالات، التي يمكن أن تكون حساسة. بالإضافة إلى بعض التحديات المتعلقة بالضرائب التي قد تصل في بعض الأحيان إلى نسبة 100 بالمائة”.من جهتها، ذكرت إيزابيل سيشو، مديرة الخدمات اللوجستية الميدانية في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن “شاحنات نقل المياه مثلاً ظلت قابعة في مواقف السيارات في هايتي لعدة أشهر بسبب إجراءات التسجيل المعقدة هناك، مما تسبب في تحمل نفقات هائلة لاستئجار شاحنات نقل مياه محلية”.
وتقترح المبادئ التوجيهية للقانون الدولي للاستجابة للكوارث إعفاء شحنات الإغاثة من الرسوم الجمركية والضرائب، والسماح بإعادة تصديرها بمجرد أن تنتهي الحاجة إليها، والاعتراف المؤقت بالمركبات الأجنبية المسجلة، وخفض العوائق التي تحول دون استيراد معدات الاتصالات والأدوية. غياب التنسيق
أفاد لوند أن “جزء كبير من التبرعات الإنسانية في المرحلة الأولى من حالة الطوارئ ينبع من الشعور بالتعاطف ولا يكون مبنياً على التقييم الموضوعي للاحتياجات الإنسانية”.ففي عام 2004، أرسلت العديد من المنظمات الإنسانية، في إطار استجابتها لكارثة تسونامي المحيط الهندي، مواد إغاثة غير مناسبة، بل وضارة أحياناً، مثل المواد الغذائية والأدوية منتهية الصلاحية، حسب موسكيني. وهو ما علق عليه لايسي هول بقوله أن “الموقف في بداية عملية الإغاثة كان يعكس تصرفات منفردة من جانب جميع الأطراف. وكان غياب التنسيق يعني عدم وجود قواعد واضحة مما أدى إلى ظهور العديد من الاصطدامات بين منظمات الإغاثة حول تحديد مناطق ومجالات العمل الخاصة بكل منها”.
وتنص المبادئ التوجيهية للقانون الدولي للاستجابة للكوارث على تحمل الدول المتضررة المسؤولية الأساسية واحتفاظها بحق السيادة في تنظيم عمليات الإغاثة، بالإضافة إلى حقها في تقرير طلب المساعدة الدولية من عدمه. وتحث مقتضيات هذا القانون على ترتيب الأطراف الدولية الفاعلة لأولويات المعونة على أساس الاحتياجات فقط دون التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المتضررة، والتنسيق مع الجهات المحلية.
اترك تعليقاً