أهمية المحكمة الدستورية في الرقابة على الدستور
لا رقابة على الدستور بدون محكمة دستورية / المحامي فيصل البطاينة
الدستور في أي دولة هو مصدر الشرعية للحاكمين والمحكومين صلاحيات الملوك والرؤساء وسلطات الدولة مصدر شرعيتها الدستور ، فإذا خرق الدستور من قبل أي جهة كانت تصبح قرارات هذه الجهة غير دستورية بما تحوي هذه العبارة من معان خطيرة دون ان تجد هذه الجهة من ينبهها بمخالفة الدستور سوى المحاكم الدستورية، من هنا لجأت معظم دول العالم الى إيجاد المحكمة الدستورية لتكون من اولى اختصاصاتها حماية الدستور من الخرق سواء كان هذا الخرق صادر عن رأس الدولة أو عن السلطات الثلاث أو من خلال القوانين والانظمة المخالفة للدستور .
وبما ان بلادنا من الدول النادرة التي لا توجد بها محكمة دستورية لو عدنا للسوابق القضائية لوجدنا ان هذه الخروقات كانت تعالج من قبل محكمة العدل العليا التي لا تملك الصلاحية الدستورية بمعالجتها حيث نجد على سبيل المثال لا الحصر حينما صدرت الإرادة الملكية السامية بالقرن الماضي بحل مجلس النواب سنداً للمادة 34 فقرة (3) من الدستور التي تعطي الملك صلاحية حل المجلس النيابي وحينما صدرت الإرادة بالحل كانت موقعة من جلالة الملك فقط ولم ينتبه المستشارين القانونيين للمادة (40) من الدستور والتي تنص على ان الملك يمارس صلاحياته بإرادة ملكية وتكون الإرادة الملكية موقعة من رئيس الوزراء والوزير او الوزاراء المختصين حيث تقدم أحدهم بالطعن بهذه الإرادة الخالية من توقيع الوزير المختص لدى محكمة العدل العليا والتي ابطلت الإرادة وما ترتب عنها من حل لمجلس النواب علماً بأن قرار المحكمة آنذاك لا يتعلق الا بالواقعة ذاتها ولم يمنع تكرار هذه الواقعة .
وعودة للموضوع لا يفاجأ القراء ان ذكرت لهم أن حكوماتنا الاردنية عند تشكيلها غالباً ما تكون مخالفة للمادة (40) من الدستور حيث تصدر الإرادة الملكية بتشكيل الحكومة سنداً للمادة (35) من الدستور وبدون توقيع رئيس الوزراء أو الوزير المختص لأنه لا يكون موجوداً حتى يوقع مع الملك على الإرادة . ولا أدري أين المجلس العالي لتفسير الدستور من هذه المخالفة الدستورية التي أصبحت عرفاً في بلادنا ، مثلما لا أدري ما الذي يخيف حكوماتنا المتعاقبة من انشاء المحكمة الدستورية هل السبب يكمن في الخوف من ايجاد هذه المحكمة لتبقى السلطة التنفيذية قادرة على التغول على الدستور وعلى بقية السلطات في اي وقت تشاء؟ أو السبب عدم وجود رجال مؤهلين لأن يكونوا اعضاء في هذه المحكمة الدستورية ؟ او لعدم ادراك المشرع الاردني لضرورة ايجاد المحكمة الدستورية بالتأكيد أن لدينا في الرجال القانونيين الدستوريين ذوي الكفاءات العالية اعداداً وفيرة استعانت بهم معظم الدول العربية المجاورة ، كما ان حكوماتنا المتعاقبة تضم من الرجال الكثيرين الذين يدركوا هذه الضرورة واطلعوا أو يطلعوا على الأنظمة الدستورية في العالم ولا اعتقد ان هناك مبرر لعدم وجود المحكمة الدستورية الا الحرص على تغول السلطة التنفيذية على بقية السلطات .
وخلاصة القول مطلوب من المستشارين في الديوان الملكي العامر ومن رؤساء حكوماتنا خاصة الرئيس الحالي ان يرجعوا الى الإرادة الملكية بتشكيل هذه الحكومة هل طبقت عليها المادة 40 من الدستور واذا لم تطبق كما هو واقع هل هذه الحكومة دستورية؟
والى ان تتشكل المحكمة الدستورية ويعاد النظر في التعديلات الدستورية منذ سنة 1952 مثلما يعاد النظر ببعض المواد الدستورية التي لم تعد تواكب التطور ..
اترك تعليقاً