بواسطة باحث قانوني
أوجه الشبة والخلاف بين جريمة الاختلاس وجريمة اساءة الائتمان
تمهيــــــد :-
قبل أن نبدأ في ذكر أوجه الشبة بين الجريمتين ، لا بد لنا من التعرف على جريمة اساءة الائتمان من خلال نص المادة (422) من قانون العقوبات الاردني والتي عرفت اساءة الائتمان بأنها: ” كل من سلم اليه على سبيل الامانة او الوكالة ولاجل الابراز والاعادة او لاجل الاستعمال على صورة معينة او لاجل الحفظ او لاجراء عمل – باجراء او بدون اجر – ما كان لغيره من اموال ونقود واشياء واي سند يتضمن تعهداً او ابراءً ، وبالجملة كل من وجد في يده شيء من هذا القيل وكتمه او بدلهه او تصرف به تصرف المالك او استهلكه او اقدم على أي فعل يعد تعدياً ، او امتنع عن تسليمه لمن يلزم تسليمه اليه ، يعاقب بالحبس من شهرين الى سنتين وبالغرامة من عشرة دنانير الى مائة دينار “.
ومن خلال هذا التعريف الواضح نستطيع تحديد اوجه الشبهه والخلاف بين الجريمتين على النحو التالي :-
أولاً – اوجه الشبه :-
1- شكل حيازة المال محل الجريمة :
ان شكل حيازة المال محل جريمتي الاختلاس واساءة الائتمان هي : الحيازة الناقصة ، فالجاني يجوز المال لحساب غيره سواء أكان الغير هو الدولة او احد الافراد ويلتزم برده للمالك او لصاحب الحق فيه.
2- الركن المعنوي القصد الجنائي :-
ففي كلا الجريمتين يكون القصد الجنائي لدى الجاني هو ادخال هذا المل في ذمته لتحويل الحيازة الناقصة الى حيازة كاملة وذلك من خلال نية الجاني لتملك هذا المال .
3- محل الجريمة :-
ففي كلا الجريمتين يكون محل الجريمة مالا ًمنقولاً مملوكاً للغير ، والجريمتان تقعان عندما يسلك الجاني سلوكا ًيستدل به على نيته الى تملك هذا المال او الشيء المسلم اليه ، والموجود بحوزته حيازة ناقصة .
ان كلا الجريمتين من الجرائم الــوقتيه التـي تتم وتنتهي بمجرد اضافة المختلس للشيء الذي سلم اليه الى ملكيته ، فهي ليست من الجرائم المستمرة.
ثانياً – اوجه الخلاف :-
1- صفة الجاني :-
ففي جريمة الاختلاس يشترط ان يكون الجاني موظفاً عاماً ، او من في حكمه من العاملين في البنوك ومؤسسات الاقراض المتخصصة ، او الشركات المساهمة العامة ، وهذه الصفة هي من اركان جريمة الاختلاس اما في جريمة اساءة الائتمان فليس من الشرط ان يتصف الجاني بمثل هذه الصفة ، فجاء في بداية نص المادة (422 ) ” كل من سلم اليه …..” ، فالنص هنا جاء شاملاً وعاماً ولم يخصص على سبيل التحديد من يستلم المال.
2- سبب حيازة المال محل الجريمة:-
1- ففي جريمة الاختلاس يكون سبب حيازة المال هي الوظيفة التي يعمل بها الجاني، والتي تقضى ان يكون قد اوكل اليه امر جباية او ادارة او حفظ ذلك المال، بينما لا نجد هذا السبب في جريمة اساءة الائتمان ، فسبب الحيازة يكون بناءاً على عقد من عقود الامان الواردة في المادة (422) وه ي: ( عقد الوديعة عقد الوكالة ، عقد العاريـة ، وعقد الحراسة ) ، وقد عبر عنها المشرع بقوله : “….. على سبيل الامانة او الوكالة او لاجل الابراز او الاعادة او لاجل الاستعمال على صورة معينة ، او لاجل الحفظ ” ، وبالاضافة الى عقد المقاولة .
1- د0 محمود محمود مصطفى ، شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ، دار النهضة العربية، 1984، ص 64
او الخدمـة المجانــية حيث عبر عنها المشرع بقوله :”…. او لاجراء عمل بأجر او بدون أجر ” .
3- علة التجريم والعقوبة :-
في جريمة الاختلاس نجد ان علة التجريم هـــي حمايــة المصلحة العامة
والثقـة العامة ، القائمة بين الدولة والافراد ، او بين الافراد والمؤسسات التي ذكرها المشرع في المادة (174/2) فكون اموال هذه المؤسسات او الاموال العامة تهدف للنفع العام سواء اكانت اموالاً خاصة او اموالاً عامة ، اما علة التجريم في جريمة اساءة الائتمان فنجد ان المشرع هدف الى حماية المصلحة الخاصة .
وقد صنف المشرع جريمة الاختلاس على انها : –
جناية نص عليها في باب الجرائمن المخلة بالثقة بواجبات الوظيفة ، في حين صنف المشرع جريمة اساءة الائتمان على انها جنحة نص عليها في باب الجرائم الواقعة على الاموال .
المبحث الثالث
الاختصاص القضائي لجريمة الاختلاس
تنص المادة (2) من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (17) لسنة 2001 على انه : ” تمارس المحاكم في المملكة الاردنية الهاشمية حق القضاء علىجميع الاشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية باستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء الى محاكم دينية او محاكم خاصة بموجب أي قانون اخر”.
وتنص المادة (4) بالفقرة (أ ) :-
بصفتها البدائية :-
صلاحية القضاء في جميع الدعاوى الحقوقية والدعاوى الجزائية التي لم تفوض صلاحية القضاء فيها لاي محكمة اخرى .
1-د0 محمد نجم ، ود عبد الرحمن توفيق ، المرجع السابق ، ص 512
2- تنص المادة 99 من الدستور الاردني على ان المحاكم ثلاثة انواع هي :
أ- المحاكم النظامية ، ب- المحاكم الدينية ج- المحاكم الخاصة
لذلك نرى ان محاكم البداية تنظر في جريمة الاختلاس لكون العقوبة في هذه العقوبة تتجاوز سنتين حبس فتكون قد خرجت من اختصاص محاكم الصلح عملاً باحكام المادة ( 5/ج) من قانون محاكم الصلح التي تقضي ان هذه المحاكم تختص بالنظر بالدعاوى الجزائية التي لا تزيد العقوبة فيها عن سنتين.
وبذلك تدخل هذه الجريمة ضن اختصاص محاكم البداية ، وبقي الحال كذلك الى عام 1976 م الى ان اضيفت الفقرة (ن) للمادة (8) من تعليمات الادارة العرفية الصادرة عام 1967 م ، وبذلك اصبحت جرائم الاختلاس من اختصاص المحاكم العرفية .
ونظراَ لالغاء الاحكام العرفية عام 1991م فالاصل ان يعود الاختصاص الى المحاكم النظامية الا اذا اسند الامر الى محاكم خاصة كما هو الحال في المحاكم العسكرية تبعاً لصفة الجاني في هذه الجريمة اذا كان من افراد القوات المسلحة او الامن العام .
1- اضيفت هذه الفقرة بموجب تعليمات الادارة العرفية المعدلة رقم (5) لسنة 76 المنشورة والاعلان الصادر عن الحاكم العسكري العام بتاريخ 12/8/76 المنشور على الصفحة 2053 من العدد 2650 من الجريدة الرسمية
2- الغيت الاحكام العرفية بموجب الغاء تعليمات الادارة العرفية لسنة 91 المنشورة في عدد الجريدة الرسمية.
اترك تعليقاً