أوجه الفرق بين الشروع والجريمة الظنية أو الوهمية – مقال قانوني .
الفرق بين “الشروع” و “الجريمة الظنية”:
الجريمة الظنية أو الوهمية هي: “فعل لا يجرمه القانون ولكن اعتقد مرتكبه تجريم القانون له، وقد سبق أن أتينا بمثالين لها وميزنا بينهما وبين الشروع الذي يفترض فعلاً يجرمه القانون ولكن لم تتحقق نتيجته؛ ونضيف مثالين آخرين: شخص يقرض بفوائد يسمح بها القانون معتقداً أن الشارع يحظر كل فائدة، وشخص يعطي كمبيالة بغير مقابل وفاء معتقداً أن القانون يجرم ذلك. وحكم الجريمة الظنية ألا عقاب يوقع من أجلها، إذ لا عقاب من أجل فعل لم يجرمه القانون، والمرجع في التجريم والعقاب إلى نصوص القانون لا إلى اعتقاد من ارتكب الفعل، إلا لا يستطيع بظنه أن يغير حكم القانون في فعله وأن يحيله من فعل مشروع إلى فعل غير مشروع.
علة العقاب على الشروع:
يعاقب القانون على الجريمة التامة لأنها تقع عدواناً على مصلحة أو حق جدير بالحماية الجنائية، ولكن هذا الاعتداء لا يتحقق في الشروع، إذ الفرض فيه عدم تحقق النتيجة التي يتمثل فيها الاعتداء، ولو أن الشارع جعل التجريم رهناً بالاعتداء الفعلي على الحق لما جرم الشروع. ولذلك يقوم تجريم الشروع على علة أخرى، هي حماية الحق من الخطر الذي يهدده: فالأفعال التي يقوم بها الشروع من شأنها إحداث الاعتداء، ولدى مرتكبها نية إحداثه، ويعني ذلك أن ثمة خطراً على الحق، وإذا كان الخطر “اعتداء محتملاً”، وكانت الحماية الكاملة للحق مقتضية وقايته من كل صور الاعتداء، لم يكن بد من تجريم الشروع.
وللخطر مصدران: أفعال الجاني، ونيته الإجرامية؛ ومن المتعين اعتداد الشارع بهما معاً، ولكن التساؤل يثور حول تحديد أجدرهما بالترجيح، والإجابة على هذا التساؤل محل نزاع بين المذهبين “الموضوعي” و “الشخصي” اللذين يتنازعان أحكام الشروع. ولا مفر من القول بأن الشارع يعترف بأهمية واضحة للنية الإجرامية، ونستطيع القول بأنه يرجحها في حدود ماديات الجريمة، والدليل عل ذلك أنه يسأل الجاني من أجل ما أراد أن يفعل لا من أجل ما فعل.
وتجريم الشروع نوعاً من الخروج على القواعد العامة، ذلك أنه إذا تطلب القانون لقيام الجريمة توافر عناصر معينة، فمعنى ذلك أنه إذا انتفى أحدها لم يعد للعقاب محل، ولما كان الشروع يفترض تخلف النتيجة الإجرامية، وهي أحد عناصر الجريمة، فقد كان ذلك مقتضياً عدم توقيع العقاب من أجله، ولذلك يعد العقاب عليه نوعاً من التوسع في المسئولية الجنائية بتقريرها في حالة لا تتوافر كل شروطها.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً