المسؤولية الجنائية لإتلاف الاموال في قانون العقوبات العراقي
ترسم الشرائع السماوية والقوانين الوضعية قواعد معينة لسلوك الفرد في المجتمع فاذا خرج عن حدود هذه القواعد يكون مسؤولاً عن فعله ويترتب على ذلك تحمله المسؤولية الجزائية .واذا ترتب عن هذا الفعل ضرراً مادياً أو معنوياً لأحد الأشخاص فأنه يتحمل تعويض الضرر وهذا ما يعرف بالمسؤولية المدنية .
فالمسؤولية الجزائية : هي أهلية الانسان العاقل الواعي لأن يتحمل جزاءً عقابياً نتيجة فعل نهى عنه القانون أو ترك ما أمر به بأسم المجتمع ولمصلحة المجتمع().
اما المسؤولية المدنية : فهي التزام الشخص بتعويض الضرر الناشيء عن فعله الشخصي أو عن فعل من هم تحت رعايته أو رقابته من الاشخاص أو الاتباع أو تحت سيطرته الفعلية من الحيوان أو البناء أو الاشياء غير الحية الأخرى في الحدود التي رسمها القانون ().
عالج المشرع العراقي جرائم إتلاف الأموال في قانون العقوبات العراقي ضمن ابوب مختلفة من القانون وفي مواد عديدة منه لذا سنتناول في هذا المطلب انواع جرائم اتلاف الاموال في القانون والجزاء الجنائي لتلك الجرائم في النقاط التالية :
أولاً : جرائم إتلاف المحررات.
المادة (300)
1 – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل من اتلف او افسد أو عيب أو أبطل بسوء نية محررا موجودا أو مثبتا لدين أو تصرف في مال أو إبراء أو مخالصة أو أي محرر يمكن استعماله لإثبات حقوق الملكية.
2 – وتكون العقوبة الحبس إذا ارتكب الفعل في محرر آخر غير ما ذكر في الفقرة المتقدمة ().
بيَّن المشرع العراقي في المادة 300 من ق.ع.ع جريمة إتلاف المحررات او التصرف في مال أو مخالصة يمكن أن تستعمل في إثبات حقوق الملكية وعقوبة هذه الجريمة .
ويتضح من خلال هذه المادة أن أركان الجريمة هي ():-
الركن الأول : هو الفعل المادي الذي يتمثل بالإتلاف .
يقصد بالإتلاف :- هو تخريب المال بأية طريقة تجعله غير صالح للاستعمال او تعطيل الاستفادة به وكل ما اشترطه القانون هو مجرد تخريب هذا المال فلا يتحتم ان يكون الإتلاف تاماً بل يصح ان يكون جزئياً على ان يجعل الشيء غير صالح للاستعمال او تعطيله وهو امر يرجع تقديره الى قاضي الموضوع () .
ويشمل الإتلاف بقية التعابير أفسد، عيب ، أبطل، والإتلاف يعني جعل المحرر غير صالح للغرض الذي أُعد له ، وقد يكون هذا الإتلاف كلياً أو جزئياً وبأي طريقة كانت سواء بالتمزيق أو الإحراق أو الحك أو الشطب، أما الإفساد فيعني أن يبقى المحرر صحيحا لكن يبطل أثره لسبب خارج أركانه كأن تضاف جملة تحقق الشرط الذي توقف عليه إبطال المحرر، أما الإبطال فيعني جعل المحرر غير صحيح بالأصل، ويقصد بالتعييب أن يجعل المحرر غير صالح للاحتجاج به ،ويجب ان يكون الاتلاف المادي للسند ثابتاً وقاطعاً فلا يكفي ان يقام الدليل على اخفائه لان اخفاء السند يمكن اعتباره سرقة او خيانة امانة وحسب احوال الواقعة ().
والركن الثاني: هو نوع الشيء المتلف.
والشيء المتلف :- هو محرر موجد أو مثبت لدين أو محرر موجد أو مثبت لتصرف في مال أو محرر يطوي براءة أو مخالصة من دين أو أي محرر آخر يمكن استعماله لإثبات حقوق الملكية() .
والركن الثالث :-هو القصد الجرمي.
ويعني القصد الجرمي :- توجيه الفاعل إرادته إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفا إلى نتيجة الجريمة التي وقعت او أية نتيجة جرمية أخرى ()، تعد هذه الجريمة من الجرائم العمدية ويتمثل القصد الجرمي بإتلاف الجاني المحرر مع علمه بطبيعته واتجاه إرادته لإتيان الفعل عالما بنتائجه مهما كان الباعث على الإتلاف فلا فرق بين ان يكون اراد بالإتلاف الإضرار بالغير او الحصول على ربح غير شرعي لنفسه او لغيره او غير ذلك ().
الجزاء الجنائي:
لقد عدَّ المشرع العراقي هذه الجريمة من جرائم الجنايات استنادا للمادة 23 و25 من( ق .ع .ع ) كون عقوبة هذه الجريمة هي السجن بمدة قد تصل إلى سبع سنوات أو الحبس، والحبس يعني ان العقوبة يمكن ان تصل إلى خمس سنوات ().
ثانياً : إتلاف المال المنقول وغير المنقول بواسطة الحريق والمفرقعات .
وردت عدة نصوص قانونية في قانون العقوبات العراقي يحرم اتلاف المال سواء كان منقولاً أم عقاراً بواسطة الحريق والمفرقعات وكما ورد في المواد التالية ():
المادة 342
1 – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس عشرة سنة كل من اشعل نارا عمدا في مال منقول او غير منقول ولو كان مملوكا له اذا كان من شأن ذلك تعريض حياة الناس او اموالهم للخطر.
2 – وتكون العقوبة السجن المؤبد او المؤقت اذا كان اشعال النار في احدى المحلات التالية:
أ – مصنع او مستودع للذخائر او الاسلحة او ملحقاته او في مخزن عسكري او معدات عسكرية.
ب – منجم او بئر للنفط.
ج – مستودع للوقود او المواد القابلة للالتهاب او المفرقعات.
د – محطة للقوة الكهربائية او المائية او الذرية.
هـ – محطة للسكك الحديدية او ماكنة قطار او في عربة فيها شخص او في عربة من ضمن قطار فيه اشخاص او في مطار او في طائرة او في حوض للسفن او في سفينة.
و – مبنى مسكون او محل اهل بجماعة من الناس.
ز – مبنى مشغول من دائرة رسمية او شبه رسمية او مؤسسة عامة او ذات نفع عام.
3 – وتكون العقوبة السجن المؤبد اذا كان الغرض من الجريمة تيسير ارتكاب جناية او جنحة او طمس آثارها او اذا عطل الفاعل الات الاطفاء او وسائله او افضى لحريق الى عاهة مستديمة او كان اشعال النار باستعمال مفرقعات او متفجرات.
4 – وتكون العقوبة الاعدام او السجن المؤبد اذا افضى الحريق الى موت انسان.
المادة (343).
1 – يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تسبب بخطئه في إحداث حريق في مال منقول أو غير منقول إذا كان من شأن ذلك تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر.
2 – وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس إذا نشأ عن الحريق تعطيل مرفق عام أو ضرر جسيم بالأموال.
3 – وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين إذا نشأ عن الجريمة موت إنسان ().
المادة (346)
يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين كل من استعمل عمدا أو شرع في استعمال المفرقعات أو المتفجرات استعمالا عرض أو كان من شأنه تعريض أموال الناس للخطر، وتكون العقوبة السجن إذا احدث الانفجار ضررا جسيما بتلك الأموال ().
يظهر لنا من خلال المادة 342 من قانون العقوبات العراقي إن جريمة إتلاف الأموال المنقولة والعقارية بواسطة الاحراق تتكون من الأركان التالية () :-
الفعل المادي :- فعل الإحراق.
عبر المشرع العراقي في المادة 342 من ق.ع.ع عن هذا الركن بتعبير(من أشعل نارا ) ، فالقانون يعاقب على هذا الفعل (الاحراق) اذا توفرت بقية الاركان بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في إشعال النار فلا يهم ان كان بواسطة الكبريت او فحم مشتعل او غير ذلك .
نوع الشيء المحرق (الذي وقعت عليه الجريمة).
وفق هذه المادة لا فرق بين أن يكون المال المحرق منقولا أو عقارا ولا فرق بين أن يكون مملوكا للجاني أو مملوكا لغيره ، فتقع الجريمة متى ما كان هذا الفعل يؤدي إلى تعريض حياة الناس وأموالهم لخطر الإتلاف .
القصد الجنائي.
تعد جريمة الإحراق العمد وفق المادة (342) من قانون العقوبات العراقي من الجرائم العمدية فيكفي في الركن أن يكون الفاعل قد وضع أو أشعل النار عمدا في أموال منقولة او عقارية وهو قاصدا الإحراق سواء كان يقصد إتلافها أو كان يقصد مزاحا سيئا او انه يريد إطفائها بعد إشعالها منعا لازدياد الضرر ليتمكن من اتهام شخص آخر بها تهمة كاذبة ، وكان هذا الفعل من شأنه تعريض حياة الناس أو أموالهم للخطر().
الجزاء الجنائي :
عاقب المشرع العراقي الجاني بعقوبة جزائية باعتبارها جناية بالسجن مدة لا تزيد عن خمس عشرة سنة ، وقد شدد المشرع عقوبة الاحراق وجعلها السجن المؤبد او المؤقت اذا كان اشعال النار في احدى المحلات التالية:
مصنع او مستودع للذخائر او الاسلحة او ملحقاته او في مخزن عسكري او معدات عسكرية او منجم او بئر للنفط او مستودع للوقود او المواد القابلة للالتهاب او المفرقعات اومحطة للقوة الكهربائية او المائية او الذرية اومحطة للسكك الحديدية او ماكنة قطار او في عربة فيها شخص او في عربة من ضمن قطار فيه اشخاص او في مطار او في طائرة او في حوض للسفن او في سفينة او مبنى مسكون او محل اهل بجماعة من الناس او مبنى مشغول من دائرة رسمية او شبه رسمية او مؤسسة عامة او ذات نفع عام ، كما وضع المشرع العراقي عقوبة السجن المؤبد اذا كان الغرض من الجريمة تيسير ارتكاب جناية او جنحة او طمس آثارها او اذا عطل الفاعل الات الاطفاء او وسائله او افضى الحريق الى عاهة مستديمة او كان اشعال النار باستعمال مفرقعات او متفجرات. اما اذا افضى فعل الجاني الى موت انسان فتكون العقوبة هي الاعدام او السجن المؤبد() ،اما المادة ( 343 من ق .ع .ع) التي تناولت جريمة الاحراق غير المتعمد، فهذه الجريمة تتكون من الفعل المادي وهو الاحراق الذي يقع على الاموال المنقولة او العقارية سواء كانت مملوكة للجاني ام لغيره وكان من شأنها تعريض حياة الناس واموالهم للخطر، نتيجة اهمال أو خطأ من قبل الجاني ، فتعد هذه الجريمة من الجرائم غير عمدية ، فعاقب المشرع الجاني بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وبالتالي فهي جريمة جنحة استنادا للعقوبة المشرعة للجاني ، اما اذا نشأ عن هذه الجريمة تعطيل مرفق عام أو ضرر جسيم بالأموال فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس، وبالتالي يكون هذا الفعل جناية ، كما شدد المشرع العقوبة إذا نشأ عنها موت إنسان فجعل العقوبة هي السجن مدة لا تزيد على عشر سنين.
وفي المادة 346 من ق.ع .ع عالج المشرع العراقي جريمة استعمال المفرقعات او المتفجرات بصورة عمدية وكذلك الشروع باستعمالها وبغض النظر عن قصد الجاني اذا كان هذا الاستعمال من شانه تعريض اموال الناس للخطر فعد هذه الجريمة من جرائم الجنايات وفرض على الجاني عقوبة السجن مدة لاتزيد على عشر سنين ، اما اذا أحدث الانفجار ضرراً جسيماً بالاموال فشدد المشرع العقوبة وجعلها السجن ، وهذا يعني ان العقوبة قد تصل الى خمس عشرة سنة ().
ثالثاً : جرائم تخريب وإتلاف المال سواء كان عقاراً أم منقولاً بأي طريقة كانت .
وردت هذه الانواع من الجرائم في المواد ( 477 ، 478) من ق.ع .ع
المادة( 477)
مع عدم الإخلال بأية عقوبة اشد ينص عليها القانون:
1 – يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار او بإحدى هاتين العقوبتين من هدم أو خرب أو اتلف عقارا او منقولا غير مملوك له أو جعله غير صالح للاستعمال أو اضر به أو عطله بأية كيفية كانت.
2 – وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو عمل من أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليها جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من خرب أو اتلف أو شوه عمدا أي بناء معد لاستعمال الجمهور أو نصب قائم في ساحة عامة.
3- وإذا ترتب على الجريمة موت إنسان فتكون العقوبة السجن ().
تتكون هذه الجريمة من الأركان التالية:-
الفعل المادي (الإتلاف ).
يحمي الشارع بهذا النص حق الملكية سواء كانت الملكية عقارية ام منقولة وهو يحميه عن طريق حماية موضوعه من الأفعال التي تفني مادته او قيمته في صورة كلية أو جزئية فتقضي أو تنقص تبعاً لذلك من منفعة الشيء لمالكه وكفاءته لتحقيق الأغراض التي من شأنه تحقيقها ويحمي القانون قيمة الشيء الاقتصادية التي تعتمد على صلاحية مادته لاستعمال معين ، فالاتلاف يعني افناء مادة الشيء أو على الأقل ادخال تغييرات شاملة عليها بحيث تصير غير صالحة إطلاقا للاستعمال في الغرض الذي من شانه ان يستعمل فيه الشيء فتضيع تبعا لذلك قيمته بالنسبة لمالكه (). فيشترط القانون التخريب او الاتلاف بالأموال بشكل يجعلها غير صالحة للاستعمال او تعطيلها ولا يحتم ان يكون الاتلاف تاماً بل يصح ان يكون جزئياً ولكن يشترط في الإتلاف الجزئي ان يكون من شأنه جعل الشيء غير صالح للإستعمال او تعطيله وهذا الامر يقدره قاضي الموضوع ()
وتنص هذه المادة على عقوبة الشخص الذي يقوم بجريمة إتلاف الأموال العقارية أو المنقولة بأي طريقة كانت وتجعله غير صالح للإستعمال او تعطيل الإستفادة منه وسواء كان الإتلاف جزئياً ام كلياً () (ماعدا إذا ما حصل الإتلاف بالحريق أو المفرقعات فأن حكم المادة 343 و346 من ق.ع .ع هي التي ستطبق)()
أن يكون الإتلاف على الأموال العقارية أو المنقولة.
ويعني إن الإتلاف يقع على كل مال سواء كان منقولاً أم عقاراً، إلا ما خرج بنص خاص في قانون العقوبات حيث اخرج بعض الأموال وفرض عقوبات خاصة لها كما في إتلاف المزروعات ، ويتعين أن يكون الشيء ذو طبيعة مادية على الرغم ان الشارع لم يصرح به، لكنه مستخلص من إن هذه الجريمة تقع على شكل اعتداء على حق الملكية وهذا الحق كسائر الحقوق العينية لا ينصب الا على أشياء ذات كيان مادي ، والكهرباء في نطاق هذه الجريمة كيان مادي فإن من يستهلك كهرباء الغير دون رضائه وبدون قصد تملكها وغير ان ينتفع منها او يمكن الغير من الاستفاده منها كما لو جعلها تتسرب الى الأرض فإنه يرتكب جريمة الإتلاف().
ان يكون الإتلاف واقع على مال الغير.
وهو أن يكون المال الذي وقع عليه فعل الإتلاف مملوك للغير، أي غير مملوك للجاني، والاعتداء على المال لا يتصور مالم يكن الفعل على مال مملوك لغير مرتكبه لان المالك له حق التصرف في ماله فيمكنه أن يتلف الشيء الذي يملكه دون ان يلحقه أي عقاب ()، لان فعله هو استعمال لسلطة التصرف المادي بالشيء وهي سلطة نابعة من حق الملكية فهو صورة من ممارسة الحق فلا تقوم به جريمة ()، كما انه لا يحق له اتلاف المال الذي يشاركه فيه شخص أو اشخاص آخرين لانه مملوك على الشيوع ولشركائه حصة في كل ذرة من المال فاذا اتلف فيعد مرتكب جريمة الاتلاف ().
القصد الجنائي .
جرائم الإتلاف من جرائم العمدية التي يجب توفر القصد الجنائي، وهو إتجاه ارادة الجاني الى إحداث الإتلاف او التخريب او الهدم بالمال بغير حق وهو يعلم انه غير مملوك له بقصد جعله غير صالح للاستعمال أو الإضرار به أو تعطيله بأية كيفية كانت(). والقصد العام كاف لقيام هذه الجريمة ، ويتطلب هذا القصد ثبوت علم الجاني بإن المال الذي ينصب عليه فعله مملوك لغيره ، وان من شأن فعله التأثير على مادته او قيمته، وإتجاه إرادته لارتكاب هذا الفعل وتحقيق الضرر المترتب عليه ، وبالتالي ينتفي القصد اذا اعتقد المتهم ان المال مملوك له او غير مملوك لاحد() .
الجزاء الجنائي .
لقد عد المشرع العراقي جريمة الاتلاف في الفقرة الاولى من هذه المادة من جرائم الجنح وعاقب فاعلها بالحبس الذي لا يتجاوز سنتين او بالغرامة او باحداهما ، لكننا نجد ان المشرع قد تشدد بالعقوبة أكثر في حالة إذا نشأ عن الجريمة تعطيل مرفق عام أو عمل من أعمال مصلحة ذات منفعة عامة أو إذا ترتب عليها جعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر فجعل العقوبة هي الحبس ، فإذا جاء لفظ الحبس مطلق فهذا يعني انه يجوز لمحكمة الموضوع الحكم على الجاني بعقوبة الحبس التي قد تصل الى خمس سنوات ، كما يعاقب بالحبس كل من خرب أو اتلف أو شوه عمدا أي بناء معد لاستعمال الجمهور أو نصب قائم في ساحة عامة().
كما تشدد المشرع العراقي بعقوبة جرائم تخريب وإتلاف الاموال العقارية والمنقولة من قبل عصبة مؤلفة من خمسة أشخاص على الأقل وحسب ما ورد في المادة 478 من (ق.ع.ع )، فقد نص على عقوبة الحبس لهذه الجريمة اذا لم يستخدم العنف فيها، اما اذا استخدم العنف فتشدد العقوبة أكثر لتكون هذه الجريمة من جرائم الجنايات فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او الحبس، وإذا انتهز الفاعلون لارتكاب الجريمة فرصة قيام هياج أو فتنة، أو كارثة فتشدد العقوبة أيضاً فتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين () .
رابعاً: جرائم إتلاف المزروعات والأشجار .
المادة (479)
1 – يعاقب بالحبس وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين:
أ – من اتلف زرعاً غير محصود أو أي نبات قائم مملوك للغير.
ب – من اقتلع أو قطع أو أتلف شجرة مملوكة للغير أو طعماً في شجرة أو قشرها ليميتها.
2 – وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس أذا وقعت الجريمة بين غروب الشمس وشروقها من ثلاثة أشخاص على الأقل أو من شخصين استعمل احدهما العنف على الأشخاص أو كان احدهما يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ. ()
الفعل المادي (الإتلاف ).
والإتلاف هنا يمكن أن يحصل بأية طريقة كانت سواء ببث نباتات مضرة او وضع مواد سامة عليها او يضع النار فيها، كذلك اتلاف الثمر وقلع الأشجار او تقطيعها او تقطيع فروعها او نزع قشرتها بقصد إماتتها ().فالمقصود بالاتلاف هنا انهاء حياة النبات سواء كان كلياً كاقتلاعها من جذورها ام جزئياً كقطع الشجرة من منتصف جذعها اما اذا اقتصر الفعل على مجرد تععيب دون ان يؤثر ذلك على حياتها او كفائتها فلا يشكل ذلك جريمة .()
أن يكون الإتلاف على المزروعات او الأشجار.
المراد هنا بالفقرة ( أ ) كلمة زرعاً او نباتاً هو اسم جمع لمجاميع نباتية وان الاتلاف المقصود هنا لا يكون الا اذا تناول كمية معتبرة وافيه منه وهذا الامر يعود تقديره الى قاضي الموضوع، اما الاتلاف المقصود في الفقرة ( ب ) فانه يكون متحقق حتى لو حصل على شجرة واحدة كما يلحق بالاتلاف اقتلاع الشجرة او قطعها وكذلك الضرر الذي يلحق بالطعم في الشجرة او اذا قام بتقشير شجرة اذا كان يقصد اماتتها().
أن يقع الإتلاف على مزروعات الغير. لتحقيق هذا الركن لابد ان يكون هذا الزرع او النبات او الشجر ملكا للغير، فإن اتلف شخص زرعه او اشجاره فلا عقاب عليه حتى لو ترتب على ذلك ضرراً لدائنه ،فلا عقاب على من يقتلع اشجاره المثمرة من العقار الذي أجره بقصد حرمان المستأجر من محصولها وبالعكس يعاقب المستأجر الذي يقتلع أو يتلف الاشجار المغروسة في الارض المؤجرة ()
القصد الجنائي . وهي من الجرائم العمدية التي لايتطلب القانون في هذا النوع من الجرائم قصد جنائي خاص بل تتحقق بمجرد توفر القصد الجنائي العام ، أي ان مجرد الإتلاف او القطع ولو بغير نية الإنتقام من صاحب الزرع او الإضرار به يتحقق فيها القصد الجنائي شأنها شأن بقية الجرائم العمدية () اما اذا اذا كان الفعل عن طريق الخطأ او الإهمال او اعتقد بحسن نية انه مالك للشيء الذي أتلفه فلا يشكل ذلك جريمة ().
الجزاء الجنائي :-
عاقب المشرع العراقي مرتكب هذه الجريمة بالحبس وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين ، ويتبين من خلال هذه العقوبة ان الجريمة من نوع الجنح .ويجدر بالذكر ان المشرع العراقي فرض عقوبة مشددة أذا وقعت الجريمة بين غروب الشمس وشروقها من ثلاثة أشخاص على الأقل أو من شخصين استعمل احدهما العنف على الأشخاص أو كان احدهما يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ، وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس، أي ان الجريمة تصبح في عداد الجنايات استنادا للعقوبة المفروضة على مرتكبها().
خامساً:- جرائم قتل الحيوانات والإضرار بها .
عالج المشرع العراقي جرائم اتلاف الحيوانات بالمواد التالية: ()
المادة (482 )
يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين:
أولا : من قتل عمدا أو بدون مقتضى دابة من دواب الركوب أو الجر أو الحمل مملوكة لغيره أو جرحها جرحا بليغاً أو أضر بها بوجه آخر ضررا جسيماً.
المادة ( 483)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار من قتل عمدا وبدون مقتضى دود القز او مجموعة من النحل او أي حيوان مستأنس او داجن مملوك لغيره غير ما ورد ذكره في المادة 482 أو اضر به إضرارا بليغا.
المادة (484)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر او بغرامة لا تزيد على عشرين دينارا من اضر عمدا بأي حيوان مملوك لغيره ضررا غير جسيم.
المادة (485)
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشرة ايام او بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير من تسبب بخطئه في موت او جرح بهيمة او دابة مملوكة للغير.
وأركان جريمة قتل الحيونات والاضرار بها هي ():-
الفعل المادي (قتل أو إضرار الحيوان بدون مقتضى) : ويتمثل هذا الركن بفعل القتل العمدي للحيوان بدون مبرر، والقتل يعني ازهاق روحه بأي وسيلة او طريقة كانت، كما يتحقق هذا الركن اذا تسبب الجاني بجرح كبير او ضرر جسيم للحيوان ولا يتحقق هذا الركن اذا كان الجرح او الضرر بسيط حسب المادة 482 والمادة 483، لكنها تصبح من جرائم المخالفات حسب المادة 484 من قانون العقوبات العراقي . ويقصد بدون مقتضى:- أي بدون ضرورة ، والمقتضى:- هي الضرورة التي تلجأ الانسان الى قتل الحيوان او الاضرار به ، فكلما كان بمقدور الانسان دفع خطر الحيوان بدون ارتكاب الجريمة فإن المقتضى يكون منعدماً()، ويقصد بالإضرار هي جرائم الاعتداء على ملكية شيء او على تخصيصه لغرض معين عن طريق التاثير على مادته تاثيرا من شانه افناؤها او ادخال التعديل عليها او افقادها صلاحيتها للغرض الذي من شانها ان تستعمل فيه، فهي تقضي على القيمة الاقتصادية للشيء سواء بصورة كلية ام جزئية او يجعله غير صالح للاستعمال طبقا للغرض المتفق مع تخصيصه المعتاد() .
نوع الحيوان: حسب المادة 482 فإن هذا الركن يتحقق اذا حدث القتل او الضرر او الجرح الجسيم على أحد الدواب التي تستخدم للركوب او الجر او الحمل (كالحمار والحصان والبغل) هذا وقد ذكر المشرع هذه الدواب على سبيل الحصر فلا يجوز ان تشمل حيوانات غير معدة لهذه الاغراض ، اما الحيوانات الاخرى سواء كانت مستأنسة ام داجنة وكذلك دود القز والنحل فقد شملها حكم المادة 483 من ق.ع .ع ، والجريمة حسب هذه المادة لا تتحقق اذا كان القتل او الاضرار حصل على دودة واحدة او نحلة واحده اذن يجب ان يكون عدد معتبر يترك تقديره لقاضي الموضوع اما بقية الحيوانات المستأنسة او الداجنه فيكفي لتحقق هذا الركن ان يكون حيوان واحد فقط
أن يكون الحيوان مملوك للغير: ان احكام هذه المواد وضعت لحماية مالك الحيوان وليس للحيوان نفسه، ولكي يتحقق هذا الركن يجب ان يكون هذا الحيوان او الدود او النحل غير مملوك للجاني ، لان المالك يستطيع التصرف بملكه كيفما يشاء فلو قتل حيوان له او ذبحه او أضر فيه فلا تطبق أحكام هذه المواد عليه.
القصد الجنائي: لكي تنهض هذه الجريمة وتتحقق مسؤولية الشخص عن فعله يجب ان يثبت تعمده بإرتكاب الجريمة وهي القتل او الإضرار وانصراف نيته الى ذلك الفعل وعالماً إن الحيوان مملوك للغير وبهذا يكون خاضع لأحكام المواد 482 و 483 و484 من قانون العقوبات، وان الشخص الذي يتسبب بموت او ضرر لحيوانات الغير بدون تعمد وكان فعله نتيجة خطأ او إهمال فلا تنطبق عليه أحكام المواد السابقة لانتفاء القصد الجنائي() ، وتطبق عليه أحكام المادة 485 من قانون العقوبات بإعتبارها من جرائم المخالفات البسيطة .
الجزاء الجنائي :-
تعد الجريمة وفق المادة 482 من ق.ع.ع من جرائم الجنح وذلك من خلال تحديد المشرع العراقي لعقوبة الحبس والغرامة او باحداهما لمرتكب الفعل الجرمي وفق هذه المادة ، وفي المادة( 483) يعاقب بالحبس البسيط مدة لا تزيد على سنة او بغرامة لا تزيد على مائة دينار من قتل عمدا وبدون مقتضى دود القز او مجموعة من النحل او أي حيوان مستأنس او داجن مملوك لغيره غير ما ورد ذكره في المادة 482 أو أضر به إضرارا بليغاً. كما عاقب بالحبس مدة لا تزيد على شهر او بغرامة لا تزيد على عشرين دينارا من أضر عمدا بأي حيوان مملوك لغيره ضرراً غير جسيم وفق المادة (484) من قانون العقوبات بإعتبار هذا الفعل مخالفة وليس جنحة ،اما اذا كان قتله للحيوان او الاضرار به عن طريق الخطأ فيعاقب عقوبة بسيطة بأعتبار ذلك مخالفة فيعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشرة ايام او بغرامة لا تزيد على عشرة دنانير.
د. حامد جاسم الفهداوي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً