إثبات الجنسية المصرية
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكى فرغلى وأحمد إبراهيم عبد العزيز وفريد نزيه تناغو نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 15/5/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن السيد / وزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2118 لسنة 32 قضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 18/3/1986 فى الدعوى رقم 2414 لسنة 36 قضائية المقامة من السيد / محمد حسن محمد الشاعر والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فى الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقدم السيد الأستاذ المستشار / ………………… تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى مسببا فى الطعن وقد انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه بشقيه العاجل والموضوعى وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/11/1989 والجلسات التالية حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها، وحضر محامى هيئة قضايا الدولة ومحامى المطعون ضده وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 21/9/1991 واستمعت إلى مرافعة الطرفين وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 15/12/1991 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أن المدعى أقام هذه الدعوى بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 24/3/1982 والتى طلب فى ختامها الحكم باعتباره متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات، وقال المدعى شرحا لدعواه أنه ولد بتاريخ 3/8/1920 بناحية الشيخ زويد برفح سيناء محافظة العريش لأبوين مصريين هما حسن محمد الشاعر ومريم محمد الشاعر، وظل يقيم بناحية الشيخ زويد منذ ولادته بلا انقطاع وعمل بالتجارة وحصل على سجل تجارى برقم 1000 صادر من مكتب السجل التجارى بمحافظة سيناء بتاريخ 23/8/1956 وسارى المفعول كما حصل على البطاقة العائلية برقم 2118 من مكتب سجل مدنى الشيخ زويد بتاريخ 27/10/1964 وحصل قبلها على بطاقات إثبات شخصية صادرة من الجهات الرسمية المصرية كما كان عضوا بهيئة التحرير منذ عام 1950 ومقيداً بجداول الانتخاب المصرية ويمارس حقوقه الانتخابية بصفته مواطنا مصريا منذ عام 1949 كما حصل على جواز سفر من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية برقم 34130 بتاريخ 15/9/1979 وأضاف أنه مصرى الجنسية من سلال مصرية مقيمة بالأراضى المصرية منذ عام 1800 وما قبلها وكان والده يعمل بالتجارة، كما يشهد بذلك مشايخ وأعيان رفح سيناء وكما يدل عليه ملف الأسرة الموجود بوزارة الداخلية ومحافظة سيناء ومن ثم انتهى المدعى إلى طلب الحكم بطلباته السالفة .
وقدم المدعى تأييدا لدعواه حافظتى مستندات طويت على شهادة ميلاده وشهادة قيده بجداول الانتخابات وبطاقة إثبات شخصية وصورة من بطاقته العائلية وصورة من سجله التجارى وصورة من جواز سفره وشهادة من مصلحة وثائق السفر والهجرة تفيد بأنه مصرى الجنسية تبعا لوالده، ومستندات أخرى.
وقدمت هيئة قضايا الدولة نائبة عن وزارة الداخلية مذكرة طلبت فيه، رفض الدعوى واستندت فيها إلى أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى، فى شأن تمسكه بالجنسية المصرية طبقا للقانون، أما المستندات التى قدمها فهى لا تكفى لثبوت تمتعه بالجنسية المصرية إذ لم يثبت توطنه بمصر هو أو والده اعتبارا من عام 1904 حتى عام 1929 طبقا لقوانين الجنسية المتعاقبة، كما قدمت هيئة قضايا الدولة حافظتى مستندات طويت على رد وزارة الداخلية ومحاضر انعقاد اللجنة الاستشارية لبحث جنسية أهالى سيناء والملف رقم 23/38/2585.
وبجلسة 18/3/1986 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإثبات الجنسية المصرية للمدعى وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن المستفاد من نصوص التشريعات التى نظمت أحكام الجنسية المصرية أن المشرع تطلب لثبوت الجنسية توافر ثلاثة شروط مجتمعة
الشرط الأول: التوطن فى مصر قبل أول يناير 1948 أو قبل يناير 1900 أو قبل الخامس من نوفمبر 1904 على حسب الأحوال، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع،
والشرط الثانى: المحافظة على الإقامة فى مصر حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الواجب التطبيق،
والشرط الثالث: عدم انتماء الشخص لدولة أجنبية وأضافت المحكمة أن المدعى قدم حافظة مستندات اشتملت على شهادة ميلاده بمصر وشهادة من مشايخ وأعيان رفح سيناء بأنه مصرى الجنسية وشهادة قيده بجداول الانتخابات المصرية وبطاقة إثبات الشخصية الخاصة به وصورة من بطاقته العائلية وصورة من شهادة الغرفة التجارية بمزاولة التجارة وصورة من السجل التجارى وخطابا من مصلحة وثائق السفر والهجرة إلى محافظة شمال سيناء بتاريخ 14/11/1983 يفيد أن المدعى مصرى الجنسية تبعا لوالده المصرى المقيد تحت رقم 23/38/2585.
وأضافت المحكمة أنه بالاطلاع على الملف رقم 23/38/2585 الخاص بـ / حسن محمد الشاعر واِلد المدعى تبين أن اللجنة المشكلة لبحث جنسية أهالى سيناء عام 1956 انتهت فى تقريرها المرفق صورته بالملف إلى أنه يعتبر مصريا كل من الأشخاص الوارد أسماؤهم بالبند أولا من قرار اللجنة وضمنهم حسن محمد الشاعر وأضافت محكمة القضاء الإدارى فى حكمها أن جهة الإدارة لم تجحد صحة المستندات التى تقدم بها المدعى وإنما أشارت فى ردها على الدعوى إلى أن جنسية والد المدعى أعيد النظر فيها بمناسبة بحث جنسية المدعى بمعرفة لجنة أخرى عام 1964 ونظراً لأنه قد تبين لهذه اللجنة الأخيرة الخطأ الذى شاب القرار عام 1956 فقد أصدرت قرارها فى 20/12/1964 بعدم اعتبار المدعى متمتعا بالجنسية المصرية لعدم تمتع والده بها.
واستطردت المحكمة أن ما انتهت إليه جهة الإدارة فى ردها يتناقض مع ما أثبتته اللجنة المشكلة عام 1956 من ثبوت الجنسية المصرية لوالد المدعى وتأيد ذلك بالكتاب الصادر من مصلحة وثائق السفر والهجرة إلى محافظة شمال سيناء بتاريخ 14/11/1983 والذى يفيد بأن المدعى مصرى الجنسية تبعا لوالده المصرى المقيد ملفه برقم 23/38/2585، كما لم تبين جهة الإدارة الخطأ الذى شاب قرار اللجنة المذكورة وأضافت أنه تبين للمحكمة من جماع ما تقدم من وقائع ومستندات أن الشروط اللازمة لاكتساب الجنسية المصرية وفقا لأحكام قوانين الجنسية قد توافرت فى حق المدعى مما يتعين معه الحكم بإثبات الجنسية المصرية له، ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإدارى إلى القضاء بحكمها السالف.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وذلك أنه طبقا لقوانين الجنسية المصرية فإنه يشترط ثبوت الإقامة المستمرة فى البلاد خلال المدة من 1914 حتى 1929 طبقا للقانون رقم 19 لسنة 1929، إلا أن شرف الإقامة المستمرة فى البلاد غير متوافر من جانب والد المطعون ضده الذى لا يعد متمتعا بالجنسية المصرية وتبعا لذلك لا يعد أيضا ابنه المطعون ضده المولود بتاريخ 3/8/1920 حسبما ذكر متمتعا بهذه الجنسية وذلك ما أكدته اللجنة المشكلة عام 1964 والتى صوبت الخطأ الذى وقعت فيه اللجنة السابقة المشكلة عام 1956، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف ذلك فإنه يكون خليقا بالإلغاء، ومن ثم انتهت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة الذكر .
ومن حيث إن المادة ( 6 ) من الدستور تنص على أن الجنسية المصرية ينظمها القانون وبامتداد الحلول العامة التى قصرها المشرع الدستورى على المصريين سواء حق تولى المناصب والوظائف العامة أو مباشرة حق الانتخاب أو الترشيح لمجلسى الشعب والشورى أو بتحمل مسئولية وشرف التجنيد دفاعا عن مصر وللدستور بما تضمنه القوانين تنفيذ المبادئ التى قررها يبين أن صفة المصرى من بين المراكز الأساسية التى تضمنها الدستور والقانون وفقا لما أرساه من أسس جوهرية للنظام العام الدستورى والقانون المصرى.
ومن حيث إنه قد بدأ التنظيم القانونى للجنسية المصرية منذ سنة 1929 بالمرسوم بقانون الصادر فى 26/5/1926 بعد أن أصبح لمصر الحق فى تنظيم جنسيتها نتيجة لاستقلالها عن الدولة العثمانية واستمر العمل به حتى صدر المرسوم بقانون رقم لسنة 1926 المنظم للجنسية المصرية، ثم تلاه القانون رقم 160 لسنة 1950 الذى بقى نافذا حتى صدور القانون رقم 391/1956 وبعد الوحدة مع سوريا صدر القانون رقم 82 لسنة 1958 وتلاه بعد الانفصال القانون 26/1975.
ومن حيث إن القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية ينص فى المادة الأولى على أن “المصريون هم :-
أولاً: المتوطنون فى مصر قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة .
ثانياً: من كان فى 22 فبراير سنة 1958 متمتعا بالجنسية المصرية طبقاً لأحكام القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية .
ثالثاً: من كسب جنسية الجمهورية العربية المتحدة طبقا لأحكام القانون رقم (82) لسنة 1958بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة .
وينص هذا القانون فى المادة الثانية على أن “يكون مصريا : – (1) من وُلد لأب مصرى.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 الخاص بالجنسية المصرية كانت تنص على أن المصريين هم أولا : المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نظر هذا القانون ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة متى كانت لديهم نية التوطن .
ثانيا : من ذكروا فى المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 الخاص بالجنسية المصرية.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 كانت تنص على أن يعتبر مصريا 1 – ……………………
2 – المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1948 أو كانوا محافظين على إقامتهم العادية حتى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية.
3 – الرعايا العثمانيون المولودون فى الأراضى المصرية من أبوين مقيمين فيها إذا كانوا قد حافظوا على إقامتهم العادية فيها حتى 10 من مارس سنة 1929 ولم يكونوا جنسية أجنبية.
4 – الرعايا العثمانيون المولودون فى الأراضى المصرية والمقيمون فيها الذين قبلوا المعاملة بقانون الخدمة العسكرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدل ولم يدخلوا فى جنسية أجنبية متى حافظوا على إقامتهم العادية فى مصر إلى 10 مارس 1929.
5 – الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواء كانوا بالغين أو قصر.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 المعمول به من 10 من مارس 1929 تنص على أنه يعتبر داخلا بالجنسية المصرية بحكم القانون أولاً : ……………………………..
ثانيا : كل من يعتبر فى تاريخ العمل بهذا القانون مصريا بحسب حكم المادة الأولى من الأمر العالى الصادر فى 29 من يونيو سنة 1900 وقد نصت المادة الأولى من الأمر العالى المشار إليه على أن المصريين هم ( أولا ) المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم فيه .
ثانيا : رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى من أبوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورون على محل إقامتهم فيه (وثالثاً) رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون القرعة العسكرية المصرى سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية ( رابعا) الأطفال المولودون بالقطر المصرى من أبوين مجهولين.
ومن حيث إنه قد استقرت الأحكام والدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 حتى دستور 1971 والقوانين المنظمة للجنسية المصرية حتى القانون النافذ رقم 29 لسنة 1975 على أن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحقق فى المواطن المصرى بواقع ميلاده أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط وللمدد التى حددها القانون وهى فى حالة التجنس مركز يستمده الفرد من القانون وليس ثمة تقدير لأحد أو ليس فى اسباغ صفة المصرى على من تتوفر فيه الشروط التى استلزمها المشرع للتمتع بشرف هذه الصفة بمجرد توفر الشروط التى تضمنها القانون لذلك ولا تملك الجهة الإدارية المختصة تقديرا فى اسباغ صفة المصرية على شخص أو حرمانه من هذه الصفة على خلاف حكم القانون وما حتمه فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والمستندات أنه فى عام 1956 شكلت لجنة إدارية برئاسة عضو من مجلس الدولة وعضوية أحد كبار الضباط بإدارة التفتيش العام بوزارة الداخلية وآَخرين وذلك للبحث فى مدى ثبوت الجنسية المصرية لبعض أهالى سيناء من عدمه، وقد انتقلت هذه اللجنة إلى العريش ورفح وعقدت اجتماعاتها بحضور وكيل محافظة سيناء، ومأمور قسم سيناء الشمالى ومعاون مباحث المحافظة وقامت اللجنة بالاستماع إلى معلوماتهم وملاحظاتهم فى هذا الشأن، كما اطلعت اللجنة على ملف الموضوع المحفوظ بالمحافظة، كما قامت اللجنة أيضاً بمعاينة مساكن الأهالى المذكورين وأراضيهم، وانتهت اللجنة فى تقريرها المؤرخ 14/3/1956 إلى ثبوت الجنسية المصرية للأشخاص المذكورين فى محضرها وضمنهم السيد/ حسن محمد الشاعر (والد المطعون ضده) تحت رقم مسلسل (15 ) ملف رقم 23/38/2585، كما استبعدت اللجنة ثبوت هذه الجنسية لآخرين ذكرتهم فى محضرها، كما رأت بالنسبة لاخرين عدم كفاية المعلومات الواردة منهم وطلبت تحريات المباحث عن كل واحد منهم بشأن تاريخ ومحل ميلاده ومحل إقامته وعمله هو ووالده وجده فى المدة من عام 1914 حتى 1929 ومدى تمتع كل منهم بالجنسية الفلسطينية. ( حافظة مستندات وزارة الداخلية) .
ومن حيث إن الثابت من الأعمال والإجراءات والأبحاث التى قامت بها هذه اللجنة أن ما استندت وانتهت إليه من ثبوت الجنسية المصرية لعدد من الأهالى المذكورين وبرفض ثبوتها للطائفة الثانية منهم وباستيفاء الأبحاث للطائفة الثالثة منهم كان بناء على ما استظهرته، مما قدم إليها مات مستندات وأجرته من تحريات وبيانات من أن إقامة كل منهم مع والده فى الفترة من عام 1914 متى عام 1929 ومن ثم جاء ما انتهت إليه فى هذا الشأن بالنسبة لثبوت الجنسية المصرية لوالد المطعون ضده باعتباره من الطائفة الأولى المشار إليها والتى تثبت لدى اللجنة إقامة أفرادها بمصر فى الفترة المشار إليها والتى أوجب القانون تحققها فيمن تثبت له الجنسية المصرية عن طريق إقامة الأصول طبقا للبند أولا من المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 بشأن الجنسية المصرية وما تلاه من أحكام مماثلة وفى قوانين الجنسية المتعاقبة حتى البند أولا من المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 سالف الذكر المشار إليه على أن المصريين هم ( أولا ) المتوطنون فى القطر المصرى قبل أول يناير سنة 1848 وكانوا محافظين على محل إقامتهم فيه.
ثانيا: رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى من ابوين مقيمين فيه متى حافظ الرعايا المذكورون على محل إقامتهم فيه (ثالثا) رعايا الدولة العلية المولودون والمقيمون فى القطر المصرى الذين يقبلون المعاملة بموجب قانون الخدمة العسكرية سواء بأدائهم الخدمة العسكرية أو بدفع البدلية (رابعاً) الأطفال المولودون بالقطر المصرى من أبوين مجهولين.
ومن حيث إن إقامة والد المطعون ضده بمصر اعتبارا من عام 1914 تعد ثابتة على النحو السالف البيان بناء على البحث الجدى والمستقصى الذى قامت به اللجنة السالفة واثبتته بمحاضرها عام 1956 ومن ثم فإن الجنسية المصرية تعد ثابتة فى حقه طبقا للقانون رقم 160 لسنة 1950 السارى فى هذا الوقت والذى كان ينصفه إذ قد توافرت فى والد المطعون ضده واقعة الإقامة والتوطن فى مصر على النحو السالف وهى الواقعة القانونية التى يشترطها القانون لتمتعه بالجنسية المصرية، وهى التى عقدت اللجنة المشار إليها لاستظهارها وأثبتتها فى تقريرها عام 1956 مما فحصته من مستندات وتحققت منه فى السجلات وما أجرته من مقابلات ومعاينات على النحو الوارد فى محاضر أعمالها وعليه فإنه يعتبر مصريا إعمالا لنصوص القانون السالفة.
ومن حيث إنه ما دام أن الجنسية المصرية تعد ثابتة لوالد المطعون ضده على النحو السالف فإن الأخير يعد مصريا طبقا للقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية المعمول به حاليا وذلك باعتباره قد توافرت فيه الشروط الواردة فى المادتين الأولى والثانية منه، بعد أن ثبت فى حقه التوطن فى مصر قبل 5 من نوفمبر 1914 وبصفة مستمرة حتى الآن ولأن إقامة والده تعد مكملا لإقامته طبقا لما أوردته المادة الأولى من هذا القانون وبحكم ولادته لأب مصرى طبقا للمادة الثانية من هذا القانون.
ومن حيث إن القرائن التى حوتها مستندات المطعون ضده وإن كانت بمفردها غير كافية قانونا لإثبات الجنسية باعتبار أن الجنسية مركز قانونى مستمد من القانون ويتصل بسيادة الدولة ولا يكفى لتوافره مجرد توافر بعض القرائن أو المظاهر التى تحيط عادة بالمتمتعين بها وإنما يتعين توافر الشروط والوقائع القانونية التى تطلبها القانون فى هذا الشأن، إلا إنه وقد توافرت الوقائع القانونية المتطلبة فى والد المطعون ضده لثبوت الجنسية المصرية له ومن بعده ابنه المطعون ضده، فإن الوقائع والمظاهر التى حوتها مستندات الأخير أكدت أيضا ما أثبتته اللجنة المنعقدة عام 1956 فى تقريرها، إذ يبين من هذه الأدلة والمستندات استمرار توطن المطعون ضده فى مصر مكملا توطن والده فيها، وارتباط إقامته وعمله ومصدر رزقه بها، وذلك بإقامته المستمرة بالبلاد وقيده بالسجل التجارى بمدينة العريش بمحافظة شمال سيناء وممارسته لحقه الانتخابى بالعريش بعد قيده بجداول الانتخابات بها، وحصوله على بطاقة عائلية من مكتب السجل المدنى بالناحية، ثم حصوله على جواز سفر من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بوزارة الداخلية، بل وإقرار هذه المصلحة فى كتبها إلى محافظة شمال سيناء عام 1983 بأن المطعون ضده مصرى تبعاً لجنسية والده المصرى المقيد تحت رقم 23/38/2585 وهو ذات رقم الملف الذى أشارت إليه اللجنة المنعقدة عام 1956 فى تقريرها، الأمر الذى يؤكد فى مجموعه توافر الشروط المتطلبة قانونا لثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده، بعد أن ثبتت هذه الجنسية لوالده أيضا.
ومن حيث إنه لا يقدح فى ذلك ما أشارت إليه الجهة الإدارية الطاعنة سواء فى ردها على الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى أو فى تقرير طعنها أمام هده المحكمة من أن اللجنة الثانية المشكلة عام 1964 انتهت إلى عدم ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده أو والده وهى بذلك قد صححت قرار اللجنة الأولى المنعقدة عام 1956 بعد أن تبين لها الخطأ الذى شاب قرار هذه اللجنة إذ يرد على هذا بأنه وإن كان من صحيح حكم القانون إنه مادام لم تتوافر الشروط اللازمة قانونا للتمتع بالجنسية المصرية على النحو الذى حدده المشرع الدستورى والعادى فإنه لا تثبت الجنسية المصرية لأحد حتى لو انقضت على التصرف الإدارى الذى يتضمن ذلك على خلاف القانون فترة الطعن أمام القضاء الإدارى لعدم تحصن هذا التصرف الذى لا يعد قانونا منشئاً لهذا المركز القانونى على أى وجه حيث ينشأ من القانون ذاته وحيث إنه لما كان الثابت من محاضر اللجنة الثانية المنعقدة فى عام 1964 أنها لم تطلع على ملف والد المطعون ضده سالف الذكر، كما لم تشر إلى قرار اللجنة الأولى أو تفنده أو تفند الأسباب التي قام عليها،
وإنما جاء محضرها خاليا من ذلك وبالتالى فإن قرارها لم يثبت قيامه على سند مستخلص استخلاصاً معقولا من واقع الحال الخاص بالمطعون ضده أو حالة والده ولا شك أنه مما يجافى المنطق الصحيح ويتعارض مع الحق والحقيقة القول بأنها صححت أو تبينت خطأ اللجنة السابقة عليها، لأنها لم تطلع وتفحص الملفات السابقة وما انتهت إليه الأبحاث واللجان السالفة عليها وتفندها إن رأت بالدليل الواقعى والسليم ما يخالفها، ومادام أن الثابت أن تقرير اللجنة المنعقدة عام 1964 قد جاء مبتسراً ولا سند يقوم عليه ولا يطمئن إليه فى هذا الشأن فإنه لا ينال من جديد الأبحاث والتحقيقات والمعاينات التى أجرتها اللجنة الأولى المنعقدة عام 1956 والتى ظاهرتها الدلائل والمستندات السالفة والتى تنطق كلها بأحقية المطعون ضده فى ما يتمسك به من ثبوت الجنسية المصرية تبعا لثبوتها لوالده على النحو السالف وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحا وسليما فى منطوقه .
ومن حيث إنه تبين مما سلف بيانه من أسباب أن الطعن الماثل لا يستند إلى أساس صحيح من القانون أو الواقع ومن ثم فإنه يكون خليقا بالرفض موضوعاً .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.
اترك تعليقاً