إجراءات تسوية منازعات الاعتمادات المستندية في القانون العماني
تقوم البنوك بدعم التجارة الدولية عبر عدة منافذ من أهمها تمويل نشاط الاعتمادات المستندية الذي يحرك عمليات الصادر والوارد من ركن لآخر عبر المحيطات والسموات. وهذه التجارة بمبالغ كبيرة جدا لا حصر لها، ولولا البنوك وأموالها المتحركة لانتكست وتوقفت هذه التجارة وتضرر الجميع.
ولأهمية التجارة الدولية لكل الأطراف، قامت غرفة التجارة الدولية بباريس بإصدار العديد من اللوائح والأنظمة «الموحدة» لتنظيم كيفية تمويل التجارة الدولية عبر البنوك، ونذكر منها، القواعد الموحدة والممارسات المصرفية لتنظيم الاعتمادات المستندية والقواعد الموحدة لإعادة الدفع بين البنوك للاعتمادات المستندية والقواعد الموحدة لغرفة التجارة الدولية للتحصيل، والقواعد الموحدة لأحكام الضمانات المصرفية وغيرها.
من دون شك، فإن عمليات البنوك لتمويل التجارة الدولية وعملياتها الدؤوبة المرتبطة بالزبائن تجد الرعاية القصوى من غرف التجارة وبيوت التجار. ولهذا اهتمت غرفة التجارة الدولية اهتماما خاصا بتنظيم هذه العمليات، إضافة لوسائل تسوية المنازعات التي من الطبيعي أن تطرأ من وقت لآخر بين الأطراف في مثل هذه الأعمال الفنية.
وفي هذا المسعى، قامت غرفة التجارة الدولية بإنشاء محكمة التحكيم الدولية كبديل لتسوية المنازعات التجارية والمصرفية وغيرها. ولقد قامت محكمة التحكيم الدولية بإنجاز أعمال كبيرة تم من خلالها التسوية الناجزة للمنازعات المستعصية، وهذا بدوره شكل حافزا كبيرا ودعما قويا ملموسا لدعم التجارة الدولية لأن توفير العدالة يخلق الثقة ويوفر الطمأنينة في ظل حكم القانون.
غرفة التجارة الدولية، واصلت السير في مشوار البحث لتقديم المزيد من بدائل تسوية المنازعات وخاصة المرتبطة بالاعتمادات المستندية وذلك لخصوصية هذه المعاملات وأثرها القوي المباشر في وعلي التجارة الدولية. وعليه تم استحداث نظام غرفة التجارة الدولية للتسوية الفنية لمنازعات الاعتمادات المستندية، وبموجب هذا النظام تم إنشاء مركز الخبرة التابع لغرفة التجارة الدولية والمرتبط مباشرة بسكرتارية غرفة التحكيم الدولية.
مركز الخبرة المشار له أعلاه، يتكون من خبراء مصرفيين وقانونيين ومستشارين فنيين يتم اختيارهم بعناية بواسطة غرفة التجارة الدولية وتتم إحالة المنازعات الخاصة بالاعتمادات المستندية لهم للنظر فيها وإصدار القرارات الفنية في كل نزاع. ووفق نظام تسوية منازعات الاعتمادات المستندية، يجوز للمدعي تقديم طلبه لمركز الخبراء موضحا قضيته ومرفقا كل المستندات والبيانات الضرورية وعلى المدعي عليه تقديم رأيه ودفاعه مشفوعا بالمستندات والبيانات للمركز، مع العلم أن القرار بشأن النزاع قد يصدر إذا لم يقم المدعي عليه بتقديم دفاعه ومستنداته خلال الفترة الزمنية المحددة له.
وتتوفر بغرفة التجارة الدولية قوائم تتضمن أسماء الخبراء الفنيين والمصرفيين والمختصين المؤهلين للنظر في مسائل الاعتمادات المستندية، وتقوم الغرفة باختيار ثلاثة من قائمة الخبراء ممن تتوفر فيهم الكفاءة والخبرة الفنية الخاصة لدراسة وتقييم المنازعات وإصدار القرارات الفنية حولها.
مع العلم، أن لجنة الخبراء بعد الانتهاء من عملها تقوم بتقديم رأيها لأحد الخبراء الذي يتم تعيينه بواسطة لجنة المصارف التابعة لغرفة التجارة الدولية. ولهذا الخبير دور فني هام يتمثل في مراجعة القرار للتأكد من أنه ينسجم أو لا يتعارض مع القواعد التنظيمية الخاصة بالاعتمادات المستندية الصادرة من غرفة التجارة الدولية بباريس.
عبر هذه الممارسة يتم نظر المنازعات المتعلقة بالاعتمادات المستندية في خلال فترة زمنية لا تتجاوز ثلاثة أشهر على أقصى حد، وفي هذا تطور كبير لأن عرض مثل هذه المنازعات للمحاكم يأخذ وقتا طويلا بل سنوات عديدة وفي الكثير من الحالات فان القرارات القضائية الصادرة قد لا تكون منسجمة مع الممارسات المصرفية السليمة المتعارف عليها دوليا، مما يسبب ربكة في العمليات المصرفية الدولية.
ومن هذا يتبين أن التحكيم له أفضال كثيرة في حسم المنازعات المصرفية الفنية، مهما كانت صعبة معقدة الجوانب، في أسرع وقت. وبفضل التحكيم، يتم تجاوز المشكلات التي قد تعترض التجارة الدولية والممارسات المصرفية السليمة ويستمر دولاب التجارة لتغطية متطلبات جميع أركان المجتمع في عالمنا الواحد المكمل لبعضه البعض.
إضافة لما أوضحنا، فان من مميزات هذا النظام، أن قراراته لها اعتبار كبير وسط المهنة المصرفية وتؤخذ كمعايير «بنش مارك» يتم الاسترشاد بها واتباعها بواسطة البنوك عند التعامل مع الاعتمادات المستندية، وهذه المرجعية تدعم تطور المهنة المصرفية وانتهاج أفضل الممارسات المصرفية لتقديم أفضل الخدمات لصالح البنوك والزبائن من أفراد أو شركات أو دول.
ومن واقع التجربة، فإننا ندعم اللجوء لهذا التحكيم الخاص بحسم منازعات الاعتمادات المستندية، نظرا لما حققه من نجاح ولأهميته لهذا النشاط المصرفي الهام والحساس.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً