الزهرة البختي
حاصلة على ماستر الدراسات العقارية
طنجة
إختصاص المحافط العقاري فيما يخص مطلب التنفيذ في القانون المغربي
يوكل إلى المحافظ على الأملاك العقارية أمر السهر على تطبيق نظام التحفيظ العقاري،ويعتبر المحافظ النواة الصلبة التي يتمحور حولها نظام التحفيظ العقاري، ويتجلى ذلك من خلال الاختصاصات والصلاحيات الموكولة إليه بالإضافة إلى المسؤولية الملقاة على عاتقه.
ويتواجد المحافظون على رأس المحافظات العقارية الممتدة على تراب المملكة، تطبيقا لمقتضيات الفصل التاسع من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بمقتضى قانون 14.07 والذي نص على أنه ” يعين في دائرة نفوذ كل عمالة أواقليم محافظ أوأكثر على الأملاك العقارية.
يكلف المحافظ على الأملاك العقارية بمسك السجل العقاري الخاص بالدائرة الترابية التابعة لنفوذه والقيام بالإجراءات والمساطر المقررة في شأن التحفيظ العقاري”.
وإذا كان هذا الفصل قد تناول بصفة مقتضبة مهمة المحافظ العقاري المتمثلة في مسك السجل العقاري، ومباشرة إجراءات التحفيظ فإن نصوص أخرى تناولت المهام الرئيسية للمحافظ كالفصل الرابع من القرار الوزيري المؤرخ في 4 يونيو 1915، والفصل الثامن عشر من نفس القرار الوزيري، بالإضافة إلى المنشور الصادر عن المحافظ العام للملكية العقارية بتاريخ 16 دجنبر 1976 تحت رقم 273، والذي حدد في فصله الثلاثين السجلات والفهارس التي يجب على المحافظ مسكها[1] .
وعملية التحفيظ تنطلق مسطريا بإيداع مطلب التحفيظ لدى جهة وحيدة والمتمثلة في المحافظة العقارية التي يوجد بدائرتها العقار المراد تحفيظه، وعملية إيداع المطلب تعطي إشارة الانطلاق للمحافظ العقاري بمباشرة إجراءات البحث والمراقبة لملف مطلب التحفيظ وللوثائق المدعمة له قبل التقرير في مصير الطلب قبولا أو رفضا.
ويلعب المحافظ دورا رئيسيا في مسطرة التحفيظ العقاري، ويتخذ قرارات حاسمة أهمها قرار التحفيظ العقاري الذي يعتبر قرارا نهائيا غير قابل للطعن ونظرا لأهمية قرارات المحافظ وعلى رأسها تأسيس الرسم العقاري، فإن المحافظ لايقوم باتخاذ أي قرار إلا بعد دراسة ملف مطلب التحفيظ، وبعد المراقبة الدقيقة والمتأنية لشكل ومضمون الوثائق المدعمة، وذلك قبل الإعلان عن إجراءات التحفيظ.
وعلى ضوء ما سبق، سأتناول هذا الموضوع من خلال مبحثين :
المبحث الأول: مراقبة صحة بيانات مطلب التحفيظ
المبحث الثاني:الإعلان عن اجراءات التحفيظ.
المبحث الأول:مراقبة صحة بيانات مطلب التحفيظ
تخضع مسطرة التحفيظ العقاري المحددة في ظهير 12 غشت 1913 كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى قانون 14.07 لمجموعة من المراحل يتعين اتباعها والحرص على احترامها سواء من طرف المحافظ أومن طرف طالب التحفيظ وأن كل خلل يقع في إحدى هذه المراحل قد يؤدي إلى تعطيل المسطرة وبالتالي عرقلة عملية التحفيظ وعدم تأسيس الرسم العقاري.
يعتبر مطلب التحفيظ نقطة انطلاق مسطرة التحفيظ المؤدية إلى تأسيس الرسم العقاري, كما يعتبر هذا المطلب بمثابة تصريح يبدي فيه طالب التحفيظ رغبته في تحفيظ عقاره وفق اجراءات مسطرة التحفيظ العقاري
فمن هم الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ؟
وماهي البيانات التي يجب أن يتضمنها مطلب التحفيظ؟
أولا : الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ
مبدئيا فان التحفيظ هو عمل اختياري، وينبغي أن تأتي الخطوة الأولى للدخول في هذا النظام من جانب المالك الذي يقرر ويختار تطبيق مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري بشأن عقاره، وهذه الخطوة تكون بواسطة مطلب للتحفيظ يقدم إلى المحافظة العقارية المختصة من طرف من له الحق في تقديمه[2].
إن مطلب التحفيظ لايجوز تقديمه إلا من طرف الأشخاص الذين خول لهم المشرع حق تقديم طلب التحفيظ وذلك بناء على الفصول 10 و11 و12 من ق. 14.07، وأوردهم على سبيل الحصر وهم[3] :
مالك العقار أونائب عنه بصفة قانونية، ومالك العقار قد يكون شخصا طبيعيا أومعنويا.
الشريك في الملك مع الاحتفاظ بحق الشفعة لشركائه.
كل من يملك في العقار حق من الحقوق العينية التالية: حق الانتفاع، حق السطحية، حق الكراء الطويل الأمد، حق الزينة، حق الهواء والتعلية، حق الحبس.
كل شخص له حق من حقوق الارتفاق العقارية، ولكن ينبغي موافقة صاحب الملك.
الدائن الذي لم بقبض دينه عند حلول أجله.
للنائب الشرعي سواء كان وليا أووصيا أومقدما.
والجدير بالذكر أن المشرع في ظهير التحفيظ العقاري لم يحدد أي شكل معين لطلب التحفيظ بل اكتفى في الفقرة الأولى من الفصل 13 بالقول : ” يقدم طالب التحفيظ تصريحا للمحافظ على الأملاك العقارية، مقابل وصل يسلم له فورا، مطلبا موقعا من طرفه أوممن ينوب عنه بوكالة صحيحة …..”.
والتصريح ممكن أن يقدم بصفة كتابية بالمحافظة العقارية كما يمكن أن يتقدم طالب التحفيظ بنفسه أمام المحافظ، ليدلي بالمعلومات المتعلقة بطلب التحفيظ، ويقوم المحافظ بتحريرها في شكل طلب كتابي بواسطة مطبوع معد لهذا الغرض، ثم يقوم المصرح في النهاية بالتوقيع[4]، وفي حالة عدم القدرة على التوقيع أوجهله فان المحافظ يشير إلى ذلك، وقد ألزم القانون رقم 14.07 المحافظ بأن يسلم لطالب التحفيظ وبمجرد التوصل بالمطلب، كما أنه تراجع عن تحديد اللغة التي يجب أن يقدم بها المطلب، إلا أنه يمكن القول بأنه يتعين تقديمه باللغة العربية تنفيذا لقانون التغريب[5]
ونظرا للأهمية البالغة التي يحتلها طلب التحفيظ، باعتباره منطلق إجراءات التحفيظ فان المشرع المغربي استلزم تضمينه مجموعة من البيانات حددها في الفصل 13 من ظ.ت.ع [6].
وهذه البيانات منها ما يخص طالب التحفيظ، ومنها مايتعلق بالعقار المراد تحفيظه بالإضافة إلى الوثائق والمستندات التي يعتمد عليها طالب التحفيظ وتثبت ملكيته للعقار المراد تحفيظه.
ثانيا : البيانات ذات الصلة بطالب التحفيظ:
إن الهدف من هذه البيانات هو التعرف على هوية طالب التحفيظ وعلى حالته المدنية وعلى صفته إذا كان مقدم الطلب هو المالك نفسه أوصاحب حق من الحقوق العينية التي تقبل التحفيظ، أما إذا كان مقدم الطلب مجرد وكيل أونائب قانوني فعليه أن يبرر صفته. كما تختلف هذه البيانات حسب ما إذا كان طالب التحفيظ شخصا ذاتيا أوشخصا معنويا[7]
فإذا كان طالب التحفيظ شخصا ذاتيا، فيتعين عليه بيان اسمه الشخصي والعائلي وصفته ومحل سكناه وجنسيته، وإذا اقتضى الحال ذكر إسم الزوج والنظام المالي للزواج وإثبات هويته الكاملة استنادا إلى بطاقة التعريف الوطنية أوأية وثيقة أخرى تعرف بهويته، كما يتضمن في حالة الشياع نفس البيانات المذكورة بالنسبة لكل شريك مع التنصيص على نصيب كل واحد منهم، وإذا لم يكن لطالب التحفيظ محل إقامة في دائرة نفوذ المحافظة العقارية الموجود لها الملك، تعين عليه تعيين عنوان أوموطن مختار في الدائرة الترابية التابعة لنفوذ المحافظة التي قدم لها الطلب تسهيلا للإجراءات.
أما إذا كان طالب التحفيظ شخصا اعتباريا فيجب بيان تسميته، وشكله القانوني ومقره الاجتماعي وإسم ممثله القانوني، بالإضافة إلى الوثائق التي تثبت الوجود القانوني لها، كالنظام الأساسي للشخص المعنوي، ومحاضر الاجتماعات العادية، ولائحة أسماء الأعضاء المسيرين، ومحاضر تعين الأشخاص المفوض لهم بالتوقيع والتصرف بإسم الشخص المعنوي[8].
ثالثا: البيانات ذات الصلة بالعقار المراد تحفيظه
بالإضافة إلى البيانات المتعلقة بطالب التحفيظ والتي تبرر هويته ينبغي أن يتضمن طلب التحفيظ بيانات أخرى تتعلق بالعقار موضوع طلب التحفيظ وهذه المعلومات ينبغي أن تكون دقيقة وصحيحة قدر الإمكان وذلك لتسيير وتعجيل مسطرة التحفيظ، ذلك أن المعلومات غير الصحيحة من شأنها أن تعرقل عمل المحافظ العقاري وتسبب في تأخير المسطرة[9].
وتنصب هذه البيانات على وصف العقار المراد تحفيظه وذلك من خلال الإشارة إلى مشتملاته من بناءات وأغراس وأبار, كما يتعين أن يشير مطلب التحفيظ إلى موقع العقار ومساحته وحدوده والأملاك المتصلة به والمجاورة له وأسماء أصحابها وعناوينهم، مع الإشارة إلى الإسم الذي يعرف به العقار عند الاقتضاء، كما يتطلب بيان واقعة الحيازة من عدمها.
ويتعين أيضا الإشارة إلى القيمة التجارية للعقار وقت تقديم المطلب، وكذا بيان الحقوق العينية العقارية المترتبة على الملك مع التنصيص على بيانات أصحابها.
رابعا: بيان أصل الملك
يدخل أصل الملك ضمن البيانات التي يجب أن تتوفر في مطلب التحفيظ, فعلى طالب التحفيظ أن يقدم مع مطلبه الوثائق المؤيدة لحق الملكية وللحقوق العينية المترتبة على الملك، فوضع مطلب التحفيظ هو مجرد افتراض للملكية.
إن طالب التحفيظ يفترض فيه أنه المالك الحقيقي سواء كان يستند في ذلك على الحيازة المكتسبة أم على أسباب أخرى إلا أن هذه الفرضية تعتبر سوى قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس .
يكتسب تقديم الوثائق المدعمة لملف طلب التحفيظ سنده من الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري[10], لكن الفقه ومعه القضاء المغربي لم يستقرا على موقف موحد بخصوص طبيعة الرقابة التي يمارسها المحافظ على هذه الوثائق، مابين مؤكد على الطابع الإلزامي لرقابة المحافظ على مؤيدات مطلب التحفيظ، وبين منكر لهذه الرقابة[11]
الاتجاه الذي يعفي المحافظ من ممارسة رقابة مشددة على الوثائق الداعمة:
يعتبر أصحاب هذا الاتجاه بأن طالب التحفيظ غير مجبر على الإدلاء بالمستندات والوثائق التي يعتمد عليها في طلبه قصد إثبات ملكيته، كما يعتبرون أن تقديم مطلب التحفيظ قرينة قانونية على وجود الحق، ومن ثم لاتوجد أي سلطة، ولو كانت سلطة المحافظ، بإمكانها أن تمنع طالب التحفيظ من إيداع مطلبه. ومهمة المحافظ وفق هذا الرأي، تنص في القيام بدوره كأداة وصل بين من يدعي الملكية وبين من ينازعه فيها، حيث يرفع النزاع- في حالة استمراره- إلى المحكمة المختصة التي تفصل فيه استنادا على الوثائق والحجج المدلى بها من كل طرف[12].
ويجد أنصار هذا التوجه سندهم في الفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري، معتبرين أن صياغة هذا الفصل ليست وجوبية لأن المشرع استعمل عبارة “يقدم” على خلاف الصيغة الامرة التي استعملها في الفصل 72 من قانون 14.07.
ويذهب جانب من الفقه إلى القول بأن الفصل 14 من ظ.ت.ع. لايرتب أي جزاء قانوني بالنسبة لمطلب التحفيظ الخالي من أي سند يبرره، وحتى في الحالة التي يقدم فيها طالب التحفيظ وثائق نؤيد مطلبه، لايوجد أي نص قانوني يلزم المحافظ التثبت من صحتها كما أن المحافظ لايتمتع بالوسائل القانونية الكفيلة لمراقبة تلك المستندات[13].
ويضيف أنصار هذا الاتجاه بأن مطلب التحفيظ لا يعتبر في حد ذاته دليلا على الملكية وإنما مجرد افتراض لها. وأن المحافظ لا يعتبر سلطة قضائية وليست له الصفة للحسم في صحة الرسوم والوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ [14]
وقد ظل هذا التوجه سائدا منذ السنوات الأولى لوضع قانون التحفيظ العقاري وأكدت مجموعة من الدراسات أن مطلب التحفيظ يعتبر وحده قرينة قانونية على وجود الحق، وما دام أن طالب التحفيظ لايكون ملزما بإثبات حقه فهو يوجد في مركز المدعى عليه[15]
الاتجاه الذي يلزم المحافظ بممارسة رقابة مشددة على الوثائق المدعمة :
في مقابل الرأي الذي يعفي المحافظ من ممارسة رقابة مشددة على الوثائق المدعمة يذهب اتجاه مغاير إلى أن المحافظ ملزم بفحص المستندات المؤيدة لمطلب التحفيظ تفاديا لمحاولة السطو والاغتصاب والترامي على ملك الغير، ومن تم فان مراقبة المستندات تتم تحت مسؤولية المحافط وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في الفصل 72 من قانون 14.07، وبناء عليه، يتعين على طالب التحفيظ إرفاق طلبه بجميع رسوم التملك، ومختلف الوثائق التي من شأنها أن تعرف بالحقوق العينية المترتبة على العقار، ويعد التحقق من مستندات مطلب التحفيظ من الاختصاصات الأصلية الموكولة للمحافظ على الأملاك العقارية[16]
ويرى أنصار هذا التوجه، أن التأكد من الوثائق هو إجراء له الأولوية عن غيره من إجراءات التحفيظ، وبالتالي لا ينبغي تأجيله إلى نهاية المسطرة، لما في ذلك من ضياع الوقت والجهد والمال، كما أن الإدارة قد تفقد مصداقيتها لعدم وضوح المسطرة التي تعمل وفقها ولن تجد تبريرا تقنع به طالب التحفيظ حينما تطالبه بعد نهاية المسطرة وبعد إقفال باب التعرضات بحجج إضافية، كما يطالب أصحاب هذا الرأي بضرورة اجراء المحافظ العقاري لرقابة مشددة من ناحية الشكل والجوهر على كافة المستندات المؤيدة لمطلب التحفيظ من أجل التأكد من جدية الطلب وسلامته[17].
ويرى الدكتور محمد خيري أنه لايتصور فتح مطلب التحفيظ دون وثائق أوحجج تؤيد المطلب، كما أن سلامة مسطرة التحفيظ لا تغني عن الرجوع إلى الوثائق المؤيدة للمطلب، كما أنه لا ينبغي أن يفهم أن دور المحافظ يعتبر سلبيا في هذا الأمر، بل يتحمل مسؤولية خطيرة فإذا ما حفظ عقار بناء على وثائق غير صحيحة فانه هو الذي يتحمل مسؤولية تعويض الطرف المتضرر من جراء ذلك التحفيظ[18].
وفي نفس السياق، نجد الدكتور عمر أزوكار يؤكد على حق المحافظ من خلال الإطلاع على الوثائق المدلى بها رفقة المطلب، من أن يباشر نوعا من الرقابة القبلية على الوثائق المدلى بها، ومن تم حقه في اتخاذ قرار بعدم إدراج مطلب التحفيظ لعدم كفاية الرسوم والوثائق، ويضيف أن قبول المحافظ إدراج المطلب من خلال اطلاعه الأولي على الوثائق المرفقة بالمطلب لا تمنعه من إعادة تقديرها من جديد وبصفة نهائية بعد انتهاء مسطرة التحفيظ[19].
وفي نفس الإتجاه ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط في قرار لها إلى ضرورة إرفاق مطلب التحفيظ بالمستندات المؤيدة وتمديد رقابة المحافظ لتشمل حتى هذه الوثائق[20]
وفي قرار قضائي أخر جاء فيه ” إن موضوع هذه الدعوى هو تعويض الضرر الناتج عن السير المعيب لعملية التحفيظ حيث لم يتحقق المحافظ بمطابقة الوثائق على القطعة المراد تحفيظها فالمحافظ ملزم بالقيام بكافة الوسائل للتحقق من ثبوت حق طالب التحفيظ بما فيه موقع القطعة وحدودها، المحافظ ارتكب تقصيرا واضحا بمثابة الخطأ الجسيم حيث لم يقم بما يوجبه عليه القانون من جراء المطابقة[21].
وأرى أنه على المشرع التنصيص صراحة على الزامية المراقبة الدقيقة للوثائق المؤيدة لمطلب التحفيظ لأن عدم المراقبة تشجع أصحاب النوايا السيئة على الترامي على ملك الغير وذلك بالإسراع إلى تقديم مطالب التحفيظ كما يشجع على كثرة الطلبات الكيدية.
مع أنني أعتقد أن الفصل 14 من ق 14.07 يلزم طالب التحفيظ إرفاق مطلبه بوثائق ومستندات تؤكد مطلبه مما يقتضي ممارسة المحافظ لرقابة قبلية على هذه الوثائق، كما أن نهاية الرسم العقاري تقتضي منا مثل هذا الفهم، وخلاصة القول أن مطلب التحفيظ يجب أن يتضمن جميع البيانات الواردة في الفصل 13 من ظهير التحفيظ العقاري المغير ومتمم بقانون 14.07 وعلى المحافظ أن يكون حريصا على تطبيق هذا الفصل بكل دقة.
وبين الاتجاهين السابقين برز اتجاه ثالث ينحا إلى الاعتدال والوسطية ويرى أنه إذا كان على طالب التحفيظ وفقا للفصل 14 من ظهير التحفيظ العقاري أن يعزز طلبه بجميع الوثائق والمستندات وذلك في حالة وجودها، أما في حالة عدم وجودها أوكانت توجد في حوزة الغير فإن طالب التحفيظ يكتفي في طلبه بالإشارة إلى ذلك مع بيان سبب تملكه، وفي كلتا الحالتين لا يجوز للمحافظ رفض مطلب التحفيظ وإلا كان قراره قابلا للطعن أمام القضاء.
ومن الناحية العملية يقوم المحافظ بدراسة وتفحص الحجج والمستندات بدقة لترجيحها أورفضها، وهو ما أكده المحافظ العام من خلال مذكرة وجهها للسادة المحافظين بتاريخ 16 دجنبر 1988 رقم 2704 حول المراقبة الدقيقة والشديدة لجميع الحجج المودعة تأييدا لمطلب التحفيظ.
المبحث الثاني: الاعلان عن إجراءات التحفيظ
يعد قبول مطلب التحفيظ من أهم القرارات الإيجابية التي يتخذها المحافظ العقاري لصالح طالب التحفيظ، فمجرد اتخاذ قرار القبول وأداء واجبات مطلب التحفيظ يصبح العقار في وضعية متميزة عن الوضعية القديمة فيصير عقارا في طور التحفيظ، لتبدأ بذلك مسطرة التحفيظ بشأنه فيمر بمجموعة من الإجراءات أهمها وأولها اجراءات الشهر والنشر.
وحتى لا تمر عمليات التحفيظ في جو من السرية والكتمان، وتطبيقا لمبدأ العلنية في ميدان الشهر العقاري، وحتى تتاح فرصة الاطلاع لكل من يعنيه أمر التحفيظ، فقد قرر المشرع المغربي من خلال ظ.ت.ع المغير والمتمم بقانون 14.07 عملية إشهار واسعة لجميع عمليات التحفيظ بدءا من مطلب التحفيظ حتى تأسيس الرسم العقاري[22]
بعد إيداع مطلب التحفيظ يقوم المحافظ على الأملاك العقارية وداخل عشرة أيام بتحرير ملخص له مع نشره في الجريدة الرسمية، وتبليغ مضمونه إلى علم العموم بالوسائل المتاحة، وبعد نشر الملخص المذكور يحرر داخل أجل شهرين من تاريخ هذا النشر، إعلانا يتضمن تاريخ ووقت اجراء التحديد[23]
لقد أوجب المشرع على المحافظ من خلال الفصل 17 من القانون 14.07 القيام بعمليتن تتعلق الأولى بتحرير ملخص لمطلب التحفيظ خلال عشرة أيام من تاريخ التوصل بالمطلب، والثانية تتعلق بإصدار اعلان يتضمن تاريخ ووقف إجراء التحديد داخل أجل شهرين من تاريخ نشر ملخص مطلب التحفيظ.
وتجدر الإشارة إلى أن المحافظ بعدما يتوصل بمطلب التحفيظ المستوفي لجميع البيانات المطلوبة يخصص ملفا لهذا المطلب ويعطى له رقما ترتيبيا ليدرج ضمن مطالب التحفيظ ويصبح هذا الرقم هو المميز لهذا المطلب في جميع العمليات التي ستنجز بشأنه، ويسعى المحافظ بعد ذلك إلى تهيئ ملخص لمطلب التحفيظ يتضمن موجز للبيانات الأساسية المضمنة بالمطلب خاصة اسم طالب التحفيظ اسم العقار المراد تحفيظه، بيان حدوده ونوعه ومساحته التقريبية ووثائق التملك المستدل بها [24]
كما نص الفصل 18 من قانون 14.07 على أنه “يوجه المحافظ على الأملاك العقارية نسخا من الوثائق المشار إليها في الفصل 17 من هذا القانون، مقابل إشعار بالتوصل، إلى رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي الذين يقع العقار المعني في دائرة نفوذهم، وذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يوما.
يقوم كل واحد من هؤلاء لزوما، بتعليق الوثائق المذكورة في مقر إدارته، ويعمل على إبقائها معروضة على أنظار العموم إلى اليوم المعين للتحديد.
يقوم ممثل السلطة المحلية كذلك بإشهار ملخص المطلب والإعلان عن تاريخ ووقت التحديد في الأسواق الواقعة في دائرة نفوذه إلى يوم التحديد.”.
وحسب مقتضيات هذا الفصل يمكن القول بأن طرق الاشهار تتجلى في النشر والتعليق والاستدعاء الشخصي
الوسيلة الأولى :النشر بالجريدة الرسمية
تحضى عمليات نشر إجراءات التحفيظ بالجريدة الرسمية بأهمية بالغة، حيث تعطى الإجراءات القانونية المتعلقة بعملية التحفيظ حجيتها، وتضفي عليها الصبغة القانونية كما تشكل الوسيلة الأساسية للتعرف على وجود مطلب التحفيظ، وتصبح الجريدة الرسمية بمثابة استدعاء إلى كل شخص طبيعي أومعنوي له حقوق على العقار المطلوب تحفيظه[25]
وقد كان النشر في الجريدة الرسمية يضمن بصفحات الطبعة الفرنسية فيما قبل، ولا يظهر على الصفحات الطبعة العربية إلا بعد فوات الأوان الأمر الذي كان يتطلب ترجمة تلك الملخصات من الفرنسية إلى العربية، مما كان يقلل من قيمة الإعلانات التي تنشر بالطبعة العربية بالجريدة الرسمية. وقد وضع حدا لهذا الحيف بصدور ظهير 12 أبريل 1976، والذي أصبح يشترط نشر جميع الإعلانات المتعلقة بالتحفيظ العقاري باللغة العربية وحدها ابتداء من تاريخ صدور الظهير المذكور[26]
كما عمل المشرع على تلافي التأخير الذي كان يحدث نتيجة النشر بالجريدة الرسمية – نظرا لكثرة مهامها- بمقتضى المرسوم 1031\98\2 الصادر بتاريخ 02 دجنبر 1998، الذي يقضي بإحداث نشرة خاصة بالجريدة الرسمية مخصصة لإعلانات التحفيظ العقاري، وتصدر كل يوم أربعاء [27]
والجريدة الرسمية يعتبر تقنية قانونية اعتمد عليها المشرع المغربي لتبليغ ونشر مطالب التحفيظ، لكن الاشهار بالجريدة الرسمية الذي أوجبه المشرع المغربي لنشر خلاصة مطلب التحفيظ لا يعد وسيلة ناجعة ولا يحقق الهدف المتوخى منه[28]
ويرى الدكتور محمد خيري ان النشر بالجريدة الرسمية لا يحقق إلا نتائج نسبية جدا واعتبر هذا النشر وسيلة شكلية قانونية أكثر منها إعلامية مرجعا ذلك لعدة أسباب ندرج منها :
أن الأغلبية الساحقة من طالبي التحفيظ يجهلون القراءة والكتابة ويجهلون حتى وجود الجريدة الرسمية وقيمة ما ينشر بها، ومكان صدورها وأماكن بيعها .
إن من يهتم بالاعلانات الخاصة بالتحفيظ بالجريدة الرسمية في الحقيقة هو المحافظ قصد احترام مسطرة التحفيظ والقضاة قصد تطبيق مقتضيات الظهير المتعلف بالتحفيظ العقاري[29].
ووعيا من المشرع بهذا الواقع، ورغبة منه في أن يحقق النشر الغاية المرجوة منه، فإنه لم يقتصر على النشر بالجريدة الرسمية[30].
وما ينشر بالجريدة الرسمية طبقا للقانون رقم 14.07 هو ملخص
مطلب التحفيظ بخلاف ما كان عليه الحال سابقا حيث كان الإعلان في الجريدة الرسمية يتضمن ملخص مطلب التحفيظ وكذا التاريخ المعين لإجراء التحديد [31]
الوسيلة الثانية : تعليق الاعلانات لدى الجهات الإدارية والقضائية
بالإضافة إلى النشر في الجريدة الرسمية يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتوجيه نسخ من الوثائق المشار اليها في الفصل 14 من ظ.ت.ع إلى كل من رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية ورئيس المجلس الجماعي الذي يقع العقار المعني في دائرة نفوذهم.
مقابل اشعار بالتوصل كدليل على التعليق وذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يوما، ليقوموا بتعليق هذه الوثائق في اللوحة المعدة لذلك بمقر إدارتهم ويتعين أن تبقى معروضة إلى اليوم المعين للتحديد.
والملاحظ على أن القانون رقم 14.07 الذي عدل وتمم ظهير التحفيظ العقاري ألغى إمكانية توجيه ملخص المطلب إلى القاضي الشرعي أوقاضي الصلح، بالمقابل أضاف رئيس المجلس الجماعي إلى الأجهزة التي تلزم على المحافظ إشراكها في القيام بعملية الاشهار للعقار موضوع مطلب التحفيظ.
ويبرز دور القضاء من خلال التعليق لدى المحكمة الابتدائية، لكن هذا التعليق لا يعطي إلا نتائج جد ضئيلة ولا تمكن هذه العملية إلا عددا قليلا من الأفراد.
للإطلاع على عملية التحفيظ وذلك للأسباب التالية:
لجهل عدد كبير من الأفراد لمحتوى هذه التعليقات.
لعدم التنظيم الذي تتسم به هذه التعليقات، فكثيرا مانلاحظ على لوحات النشر بالمحاكم، إعلانات متراكمة ومختلطة بعضها يتعلق بالمحجوزات، وبعضها يتعلق بالبيوعات القضائية، ونادرا مانشاهد ملخصات مطالب التحفيظ من بينها. وأمام هذه الفوضى في التعليق، وعدم جرأة الأشخاص على بحث الصفحات المعلقة تفقد هذه التعليقات قيمتها لدى المحاكم، اللهم مايتعلق بالمحجوزات والبيوعات القضائية، فإن من يعينهم أمرها يتتبعونها باهتمام.
إن التعليق لدى المحاكم لم تبق له في الحقيقة إلا قيمة تاريخية يوم كانت المحاكم تعقد جلساتها في الساحات العمومية يحضرها الجميع فكانت فرصة للإطلاع على مجريات الأحداث في كل الأمور. أما اليوم فان المحاكم أصبحت لها أماكنها الخاصة، وأمام تراكم القضايا ومشاغل الناس فإنه لا يحضرها إلا من كان مضطرا للحضور إما بوصفه مدعى أومدعى عليه أوشاهد، وهؤلاء لا يهتمون بتاتا بالتعليقات المعروضة لانشغالهم بالقضايا التي أتو من أجلها[32]
وتجدر الاشارة إلى ان الفصل 18 من ظهير التحفيظ العقاري قبل تعديله بمقتضى القانون 14.07 كان يلزم رئيس المحكمة -وبعد التعليق وانتهاء الأجل المعين- بأن بيعث شهادة التعليق إلى المحافظ على الأملاك العقارية قصد إثبات أن إجراءات التعليق قد تمت وفق مسطرة التحفيظ العقاري، إلا أن الواقع أثبت أكثر من مرة، بأن هذه الشهادة لم تكن تبعث من طرف رئيس المحكمة إلى مصلحة المحافظة العقارية، أوتبعث مع تأخير يعرقل السير الجيد لنظام التحفيظ العقاري[33]، مادام المحافظ يمتنع عن اتخاذ قرار التحفيظ إلا بعد وصول ما يفيد التعليق، الأمر الذي جعل المشرع في القانون رقم 14.07 يستغني عن الشهادة المثبتة للتعليق واستبدالها باشعار بالتوصل[34]
أما التعليق لدى القيادة لم يقيده الفصل 18 من قانون 14.07 بوسيلة معينة، وهكذا يمكن للقائد بما له من سلطة إدارية، داخل دائرة نفوذه واستنادا إلى الفقرة الأخيرة من الفصل 18 التي تتحدث عن اشهار ملخص مطلب التحفيظ والإعلان في أسواق دائرته دون أن يحصر هذا الاشهار في وسيلة بعينها، يمكنه أن يعيد نظام التبريح العلني عن طريق تكليف أحد أعوان السلطة العاملين بدائرته، والعودة إلى نظام التبريح سيحقق فوائد مهمة تكمن في إخبار عامة الناس بلغة مفهومة لدى الوسط الذي يسمعها، كما أنها لاتحتاج لمعرفة القراءة ولا لوعي أواهتمام، فالرجوع إلى تطبيق هذا النظام سيحقق النتائج المرغوبة من الاشهار خاصة بالبوادي حيث تنتشر الأمية ويجهل الناس معنى التحفيظ[35]
إن ما يعطي للتعليق لدى القيادات والجماعات بعض الفعالية هو أن ملخصات التحفيظ يتم تعليقها في أكثر من جهة حيث يمكن تعليقها في الأسواق التابعة لنفس القيادة، لكن التعليق بالأسواق لا يتم في أكثر الحالات إما بسبب قلة النسخ المتوصل بها من المحافظة أوانعدام أماكن التعليق أونتيجة إهمال أحيانا [36]، مما يدفعنا للقول بأن نظام التبريح ذات فعالية كبيرة في نشر الأخبار في الوقت المناسب والمطالبة بالعودة إليه خصوصا وأن القانون 14.07 لم يقيد السلطات المحلية بوسيلة معينة للاشهار.
لكن وبالرغم من حلول شهادة التوصل محل شواهد التعليق، فإنإاشكال إرجاع شواهد التوصل بإعلان التحديد لازال قائما، ذلك أن مصالح المحافظة العقارية لا تتوصل بشواهد التوصل من طرف ممثلي السلطة المحلية ورؤساء الجماعات، بل إن هذه المصالح لم تتكيف بعد مع مقتضيات قانون 14.07، إذ أن أغلب هاته المصالح لا تزال تستمر في تطبيق القانون القديم بالرغم من نسخه، فلا تتقيد بشواهد التوصل بإعلان التحديد أوإعلان عن إنتهاء التحديد، أوأنهم لا يرسلونها إطلاقا بدعوى إتلافها أووجودها إلى جانب اعلانات متراكمة ومختلفة، مما يجعل المحافظ بضطر إلى إعداد نظير بخلاصة المطلب وإعادة الرسالة من جديد إلى المصالح المعينة وهذا يطيل في الإجراءات التي لايلزم المحافظ بالقيام بها، وإنما يتحمل تبعات عدم تنظيم المصالح الأخرى التي لها دور في التحفيظ العقاري إلى جانب الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية[37]
كما أن المحافظ لايكتفي ببعث ملخصات التحفيظ لدى الجهات المذكورة بل يقوم بدوره بنفس التعليق في المحافظة العقارية إلى غاية يوم التحديد المؤقت ونكاد نطمئن إلى التنظيم الذي تتسم به هذه التعليقات لدى بعض المحافظات إلا أن بعد المحافظات عن مناطق التحديد يعدم كل أثر لهذا التعليق بدوره[38] بالإضافة إلى أن الملاحظ عمليا أن بعض المحافظات تتولى مهمة التعليق والبعض الاخر لا يقوم به ويكتفي بالتعليق الذي يتم أمام الجهات الإدارية والقضائية ، وذلك راجع لعدم تنصيص المشرع في الفصل 18 على التعليق لدى المحافظة أثناء تعداد الجهات التي تتم لديها التعليق[39]
الوسيلة الثالثة : الاستدعاء الشخصي لكل من يهمه أمر التحفيظ
إذا كانت الطرق السابقة من نشر بالجريدة الرسمية وتعليق لدى السلطات القضائية والإدارية لا تعطي إلا نتائج نسبية لعملية الاشهار نظرا للأسباب المذكورة سابقا، فإن طريقة الاستدعاء الشخصي تبقى هي الوسيلة الفعالة والناجعة في هذا النطاق، وبواسطتها يتم إبلاغ كل من يعنيه أمر التحفيظ ولم يصل إليه الخبر رغم التعليق والنشر لدى الجهات المختلفة[40].
وقد حدد المشرع المغربي الأشخاص الذين يشملهم هذا الاستدعاء في الفصل 19 من قانون 14.07 وهم :
طالب التحفيظ
المجاورين المبينين في مطلب التحفيظ
المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية.
وتتضمن هذه الاستدعاءات الدعوى لحضور عمليات التحديد شخصيا أوبواسطة نائب بوكالة صحيحة، وتتحدد وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة المدنية وتجدر الإشارة بأن هذا التعداد ليس حصريا حيث يمكن للمحافظ أن يستدعي كل من يرى فائدة في حضوره ولو على سبيل الاستعلام، وكثيرا ما يلاحظ أثناء التحديد حضور عدد من الأشخاص دون أن يتم استدعاؤهم حيث يمكن أن يستمع المحافظ أومن ينوب عنه إلى إفادتهم و ملاحظتهم[41], ومن الاشخاص الذين يتم استدعاؤهم :
ممثلوا الأراضي الجماعية، إذا كان لهم علاقة بالعقار موضوع مطلب التحفيظ.
مصلحة الأشغال العمومية إذا كان العقار له علاقة بالطرق العمومية.
مصلحة خريطة المدينة إذا كان العقاريخص تجزئة بالمدينة قصد ربط التجزئة بالشوارع والأزقة وقنوات الماء الحار والكهرباء
[42]
.
لكن هناك من يرى أن الاستدعاءات الشخصية المنصوص عليها في الفصل 19 تهم أشخاص محصورين بل محدودين بناء على تصريحات طالب التحفيظ نفسه، وهو ماقد يحرم أصحاب الحقوق غير المصرح بهم من الحضور بسبب عدم الاستدعاء الشحصي لهم، بل أن طالب التحفيظ قد يتلاعب في حقيقة عناوين المجاورين حتى لايستطيعوا الحضور[43].
ويستدعي المحافظ على الأملاك العقارية شخصيا لهذه العملية بواسطة عون المحافظة العقارية أوبالبريد المضمون أوعن طريق السلطة المحلية أوبأي وسيلة أخرى للتبليغ[44]، دون أن يحدد المشرع هذه الوسائل حيث أبقى الأمر خاضعا لاجتهاد المحافظ وهذا خلل تشريعي كان على المشرع أن يتفاداه ويحدد الوسائل التي يتعين على المحافظ اللجوء إليها والكفيلة بإشعار العموم بملخص مطلب التحفيظ[45]
وإذا كانت طريقة الاستدعاء المباشر تسد نسبيا الخلل الموجود في الطرق الأخرى فإنه يجب مع ذلك إحكامها حتى يضمن وصول الاستدعاءات لكل الأطراف في الوقت المناسب وبالسرعة المطلوبة خاصة بالبوادي والأماكن النائية، وهذا لا يعني أن الوسائل الأخرى أصبحت عقيمة وسلبية بل يمكن أن تؤدي رغم ذلك دورها المطلوب في التبليغ والإعلام[46].
وتجدر الإشارة، أن عدم قيام المحافظ العقاري باجراءات النشر والتعليق يجعل المسطرة مشوبة بعيب ويؤخر البث في مطالب التحفيظ، ويطيل عمر مسطرة التحفيظ، وقد صدرت في هذا الشأن مذكرة عن مدير المحافظة العقارية بالرباط لتفعيل دور عون التبليغ في انجاز اجراءات مسطرة التحفيظ وذلك بتعيين أحد المستخدمين للقيام بمهمة التبليغ وتكليف المحافظ مسؤولية التتبع الشخصي لعمل عون التبليغ، لتسهيل مهمته بتوفير كافة الوسائل اللوجيستيكية الضرورية، والتواصل مع الإدارة المركزية لتوفير المستحقات النظامية التي قد تنتج عن تنقلات عون التبليغ[47]
خاتمة
إن مسطرة التحفيظ في التشريع المغربي تتسم بطابع إداري يتولاها المحافظ العقاري، فهو المكلف في الأصل بقبول الطلبات وإليه يرجع أمر البث فيها سواء بقبولها أورفضها أوإلغائها.
ويعتبر إيداع مطلب التحفيظ أول خطوة في مشوار نظام التحفيظ, ولقد حاولنا الوقوف على المستجدات والمتغيرات التي جاء بها القانون رقم 14.07 بخصوص طرق الاشهار التي تتجلى في النشر والتعليق والاستدعاء الشخصي, كما تم التطرق إلى البيانات التي يجب أن يتضمنها مطلب التحفيظ والأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ.
والملاحظ أن القانون 14.07 استغنى عن الشهادة التي كانت توجه إلى المحافظة العقارية المتبثة لتعليق ملخص مطلب التعليق وإعلان تاريخ وقت التحديد, وتعويضها بالإشعار بالتوصل.
وخلاصة القول أن قانون التحفيظ العقاري جاء بمجموعة من الوسائل لاشهار مطلب التحفيظ بعضها مخصص للنشر والبعض الاخر مخصص للتعليق إلا أنها غير كفيلة لاضفاء حجية مطلقة على بيانات الرسم العقاري.
ونشير إلى أن أول عملية تلي نشر ملخص مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية وتعليقه لدى الجهات المعنية, هو تعيين تاريخ التحديد.
اترك تعليقاً