إختلاس المال العام
تنص المادة (112) من قانون العقوبات الصادر بالأمر رقم 300 لسنة 1954 بأن كل موظف عام اختلس أموالاً أو غيرها أو أوراقاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة .
ولقد جاءت نصوص القانون الصادر بالأمر رقم 300 لسنة 1954 معدلة للنصوص المتعلقة بجريمة الرشوة واختلاس المال العام التي تضمنها قانون العقوبات رقم 74 لسنة 1936 ورغم أن المادة السابقة نصت على عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة لكل موظف عام يختلس أموالاً أو غيرها إلا أن ذلك النص تضمن حالات ثلاثة واعتبرها ظرفاً مشدداً ورتب عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وذلك :-
1-إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة .
2-إذا ارتبطت جريمة الاختلاس بجريمة تزوير أو استعمال محرر مزور ارتباطاً لا يقبل التجزئة.
3-إذا ارتكبت الجريمة في وقت الحرب وترتب عليها أضراراً بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها.
وفيما يلي نتناول أركان جريمة اختلاس المال العام وبيان العقوبة المقررة لها وذلك على النحو التالي:-
أركان جريمة إختلاس المال العام:
بالرجوع لنص المادة (112) سالفة الذكر يتبين لنا أن جريمة الاختلاس تقوم على ثلاث أركان وهي :- الركن المفترض ويتعلق بصفة الجاني ، والركن المادي ويتعلق بالنشاط الإجرامي ، والركن المعنوي أي ركن القصد الجنائي.
أولاً : الركن المفترض ( صفة الجاني)
وهذا الركن يتعلق بالصفة التي يجب أن يكون عليها الجاني وهو ما بينه نص المادة (112) حيث جاء فيه على أن كل موظف عام اختلس أموالاً أو أوراقاً …… الخ .
والمقصود هنا بالموظف بمعناه الواسع ويشمل إلى جانب القائمين بأعباء السلطة العامة والعاملين في الدولة وكل ضابط في السلطة العسكرية ، ذوي الصفة النيابية العامة ، وأعضاء المجالس المحلية والعاملون فيها والمحكمون والخبراء والحراس القضائيين ووكلاء الدائنين والمصفون ورؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات والجمعيات والمؤسسات التي تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة في رأس مالها وكذلك العاملون في أي منها ، والأشخاص المكلفون بخدمة عامة بالنسبة للعمل الذي يتم تكليفهم به .
ولا يشترط في الموظف العام أن يشغل وظيفته بصفة دائمة ، ولا عبرة في درجة الموظف الوظيفية لأنه تتحقق بجميع الموظفين صفة الموظف العام المتطلبة كركن مفترض لقيام جريمة اختلاس المال العام .
ثانياً : الركـــــن المــادي :
يتحقق الركن المادي باجتماع عنصرين وهما : فعل الاختلاس وهو يمثل النشاط الإجرامي الذي يقوم به الجاني ، ومحل الاختلاس وهو كل ما وجد تحت يد الموظف العام ودخل حيازته بحكم وظيفته :
1-فعــــــــــــل الاختــــــــــــــــــلاس :-
يقصد بفعل الاختلاس في جريمة اختلاس المال العام كل سلوك يكشف بصورة قاطعة عن نية الفاعل في تغيير حيازته الناقصة للمال الموجود في حيازته بسبب وظيفته إلى حيازة كاملة .
ويعني ذلك بأن تتجه إرادة الموظف إلى الاستئثار بالشيء والظهور عليه بمظهر المالك ولو لم يترتب عليه خروج الشيء من حيازته .
وقد يتمثل هذا الفعل في تبديد المال بإنفاقه أو إقراضه أو بيعه أو رهنه أو مجرد عرضه للبيع أو الرهن أو نقله إلى بيته لاستغلاله أو إنكار تسلمه للمال أو إدعاء ملكيته أو إيداعه في أحد المصارف باسمه .
2- محــــل الاختـــلاس :-
يجب أن ينصب الاختلاس على مال ، ويتعين أن يكون هذا المال قد دخل أو أدخل في حيازة الموظف بمناسبة ممارسته لمهام الوظيفة التي أسندت إليه.
والمقصود بالمال هو المعنى العام النقود وأي أشياء أخرى ذات قيمة أي أن المال يشتمل على كل شيء له قيمة سواء أكانت القيمة مالية أو اقتصادية أو معنوية ولا يشترط القانون أي صفة أخرى غير ذلك فقد يكون المال من الأموال العامة إلا أنه قد يكون كذلك من الأموال الخاصة أي أن الاختلاس يقع في كلتا الحالتين .
ثالثاً : الركـــن المعنــــــوي :-
القصد الجنائي المتطلب في جريمة اختلاس الأموال من طبيعة القصد العام لأنها من الجرائم العمدية التي لا تقع عن طريق الخطأ ويقوم القصد الجنائي العام لمجرد علم الجاني أن من شأن تصرفه إضافة المال لملكه وعلمه كذلك بأن حيازته لهذا المال المسلم إليه بمقتضى الوظيفة هي حيازة مؤقتة تقتضيها أعمال الوظيفة كأمين الأموال أو أمين الخزنة أو مسئول الحسابات …..الخ والعناصر المتطلبة في القصد العام هي العلم والإرادة . فيجب أن يعلم الجاني بأن المال محل الاختلاس موجود لديه بصفة مؤقتة وإن وجد بسبب الوظيفة وأن حيازته للمال هي حيازة مؤقتة وليست أبدية أو دائمة فإن لم يقم العلم لدى الجاني بذلك أي أنه إن تخلف العلم لدى الجاني بأن حيازته للمال موضوع الاختلاس هي حيازة مؤقتة بأن وقع في خطأ فهم بمقتضاه أنه يملك المال أو أن حيازته له ليست حيازة مؤقتة وأن الوظيفة ليست هي السبب في حيازته لهذا المال إن لم تقم القرينة على كل تلك الأمور انتفى القصد الجنائي لدى الجاني وذلك ما يستخلصه القاضي من وقائع الدعوى المنظورة أمامه باعتبارها من المسائل الموضوعية التي تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع.
وينبغي كذلك أن تنصرف نية الجاني إلى ضم المال محل الاختلاس إلى ملكه وذلك يكون بتحويل الجاني للمال من حيازة ناقصة ومؤقتة إلى حيازة تامة وأما إن قام الموظف بمجرد استعمال المال فقط في أمر معين ثم قام بعد ذلك الاستعمال برد المال إلى الجهة التي يجب أن يؤديه لها لم تقم جريمة الاختلاس في حقه .
والبعض من الفقهاء تطلب قيام قصد خاص في جريمة الاختلاس بالإضافة للقصد العام وهذا القصد الخاص الذي تطلبه ذلك الفريق من الفقهاء يتمثل باتجاه نية الجاني إلى إنكار ملكية الدولة للمال واتجاه نيته لاستعمال جميع الحقوق المعطاة لمالك المال أي نية تملك المال المختلس .
عقـوبة جــريمة الاختـلاس
الجزاء الجنائي أو العقوبة هي الأثر المترتب على ارتكاب الجاني للجريمة وإذا ما وقعت الجريمة وتوافرت جميع الأركان التي تقوم عليها استحق الجاني العقاب الذي يقرره المشرع لها . وفي جريمة الاختلاس التي يرتكبها الموظف العام يعاقب القانون عليها بعقوبة أصلية وعقوبة تكميلية.
العقوبة الأصلية: هي الأشغال الشاقة المؤقتة حيث نصت المادة (118) من قانون العقوبات الفلسطيني سالف ذكره بأنه يعاقب على الاختلاس بالإشغال الشاقة المؤقتة وقيام الجاني أو المختلس برد الأموال محل الاختلاس للدولة أو للخزينة لا ينفي المسئولية الجنائية لديه لأن ذلك ظرف لاحق على ارتكاب الجريمة ولا يحول دون قيام المسئولية الجنائية شيء ورد المال محل الاختلاس شيء آخر وإن كان له أثر على العقوبة باعتباره من الظروف المخففة.
وتشدد العقوبة لتصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة إذا كان الجاني من مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب النقود واختلس شيئاً مما سلم إليه بهذه الصفة.
العقوبات التكميلية: وقد تناولت هذه العقوبات المادة (118) من القانون السابق ذكره حيث نصت هذه المادة بأنه فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد من 112 إلى 118 يحكم على الجاني بالعزل والرد بغرامة مالية مساوية لقيمة ما أخذ أو استولى عليه من مال أو من منفعة أو ربح على أن لا تقل الغرامة عن خمسمائة جنيه .
الإعفاء من العقوبة : فقد نصت المادة (118) مكرر في فقرتها على أن يعفى من العقوبة المقرر للجرائم المنصوص عليها كل من بادر من الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية والإدارية بالجريمة بعد ارتكابها وقبل اكتشافها . إلا أنه يجوز الإعفاء كذلك إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي إذا أدى الإبلاغ إلى رد المال موضوع الاختلاس أما إذا لم يؤدي الإبلاغ إلى ذلك وكان بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فلا ينتج أثره من حيث الإعفاء من العقوبة .
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً