تنفيذ حكم الإلغاء
عرضنا في السابق الإجراءات الخاصة بالتظلم من القرارات الإدارية وكذلك العيوب التي تصيب القرارات الإدارية وتجعلها عرضة لدعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري.
وأنه عند صدور حكم بالإلغاء ، فانه يتعين على جهة الإدارة القيام بتنفيذه وإجراء مقتضاه وإنها في حالة الإمتناع تتعرض إلى العقوبات المقررة.
إلا أن الحكم الصادر بالإلغاء وإن كان واجب النفاذ، إلا أنه قد يصادفه في كثير من الأحيان كثير من الصعوبات والمشاكل من الناحية العملية وهو ما نتعرض له في التالي:
إلتزام الإدارة بتنفيذ حكم الإلغاء
على جهة الإدارة واجب تنفيذ الحكم دون إبطاء أو تراخي وعلى السلطات المختصة أن تعين على إجرائه حتى ولو اقتضى الأمر استعمال القوة متى طلب منها ذلك. وهنا يتحدد واجب الإدارة في التنفيذ في أمرين:
إلتزام إيجابي يتمثل بضرورة إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل إتخاذ القرار الملغي وإعتباره لم يصدر على اي وجه ومن ثم إلتزام الادارة بإزالة ما ترتب على القرار الملغي من آثار وكذلك هدم الاعمال القانونية التي استندت في صدورها إلى القرار الذي تم إلغاءه، ويكون ذلك من خلال اصدار قرار اداري بسحب القرار الملغي أو اصدار قرار بالموافقة على طلب ذوي الشأن اذا كانوا قد تقدموا بطلبات وتم رفضها وذلك بالنسبة للقرار السلبي. وقيام الادارة بإزالة اثار القرار الاداري الملغي يمثل الخطوة الايجابية الهامة في سبيل تنفيذ حكم الالغاء.
غير انه، قد يستحيل أحيانا على الادارة ان تزيل الآثار المادية للقرار الملغي، اذا كانت عملية تنفيذ القرار الاداري قد استنفذت كل مضمونه، فان الحكم بإعدام القرار الاداري في هذه الحالة يصبح مجرد فرض نظري.
كما انه، ايضا يستحيل في بعض الأحيان إزالة الاثر المادي في جزء من القرار، وذلك في حالة عدم إستنفاذ كل آثار القرار، مثل مرور فترة زمنية طويلة على صدور ترخيص ما بمزاولة نشاط معين قبل الحكم بالغاءه، وهنا يستحيل إزالة الآثار المادية للقرار الملغي بصفة جزئية أو كلية وعليه فينقلب حق المحكوم له بالتعويض لإستحالة التنفيذ العيني لحكم الالغاء.
أما من ناحية التزام الادارة بهدم الاعمال القانونية التي تم صدورها إلى القرار الملغي فانه يتم التفرقة بين كون القرار الاصلي تنظيميا أو فرديا.
في حالة كون القرار الاصلي قرارا تنظيميا، فإنه إذا ما تم الطعن في القرارات الإدارية الفردية المستندة إلى القرار التنظيمي الاصلي المطعون فيه في وقت واحد، فانه عندئذ يتم الحكم بإلغاء القرارات الفردية أسوة بالقرار التنظيمي الاصلي المستندة اليه.
أما في حالة الطعن على القرار التنظيمي فقط، فانه لا يترتب على الحكم بإلغاءه ان يتم إلغاء القرارات الادارية الفردية التي صدرت إستنادا له لان الحكم بإلغاء القرار التنظيمي الاصلي لا ينصرف إليها لكونها قد رتبت حقوقا للأفراد.
بينما من الوجهة الاخيرة فانه لو تم الطعن على القرارات الادارية الفردية والتي صدرت بناء على لائحة، ولم يتم الطعن على هذه اللائحة، فانه يتم التصدى من قبل المحكمة لفحص مشروعية اللائحة أثناء نظر الدعاوى الموجهة إلى القرارات الادارية الفردية، وفي حالة ثبت عدم مشروعيتها فيتم الإمتناع عن تطبيقها فيتم الحكم بإلغاء كل من اللائحة والقرارات الفردية.
أما إذا كان القرار الأصلي قرارا فرديا وصدرت قرارات فردية أخرى تأسيسا عليه، فاذا ثبت عدم مشروعيتها فيتم عندئذ الحكم بإلغاء القرار الأصلي والقرارات الصادرة إستنادا لها لعدم توافر الأساس القانوني اللازم لصدورها، كما ينطبق نفس الحال في حالة عدم الطعن على القرار الفرعي المستند إلى القرار الأصلي، فعندئذ يسقط القرار الفرعي بسقوط القرار الأصلي، اذا كان مرتبطا به ارتباطا لا يقبل التجزئة أو كان القرار الاصلي يشكل السبب الجوهري لصدور القرار الفرعي أو أحد أسبابه.
وعلى عكس من ذلك، فانه التبعي لا يسقط نتيجة سقوط القرار الاصلي اذا كان القرار الاصلي لا يعتبر سببا دافعا له او من عداد الأسباب الجوهرية التي كانت سببا في إصداره والحالة الأخيرة التي يكون فيها القرار الاداري جزء من عملية قانونية مركبة، كما هو الحال في العقد الاداري، فإنه يجب التفرقة بين حالتين الأولى وهو الحكم بالإلغاء قبل التعاقد، فان العقد المزمع إبرامه لا يخرج إلى النور احتراما لحجبة الشئ المقضي. بينما لو صدر الحكم بعد إتمام التعاقد فانه لا يؤثر على العقد ويتم الإتفاق على تعديل الشروط التي تتعارض مع حكم الإلغاء.
الامتناع عن تنفيذ
القرار الملغي أو اعادة اصداره
في حالة صدور الحكم بإلغاء القرار الاداري، فان على الادارة ان تمتنع عن البدء في تنفيذ القرار الملغي كما عليها ان تتوقف عن تنفيذه اذا كانت قد شرعت في التنفيذ وذلك لان الحكم بإلغاء يعتبر اعداما للقرار.
كما انه يتعين على الادارة عدم اعادة ذات القرار الملغي بنفس منطوقة ، إلا ان للإدارة ان تعيد اصدار القرار الملغي اذا كان بطلان القرار قد تعلق بركن اخر غير محل القرار مثل تعلق البطلان بعيب الاختصاص او الشكل او السبب فان للإدارة ان تزيل العيب الذي اعتور القرار .
وفي حالات اخرى تكون الادارة ملزمة بإصدار قرار جديد تنفيذا للحكم مثل رفض الادارة منح ترخيص معين او ترقية ثم صدر حكم خاص بإلغاء ذلك القرار السلبي ، فانه يكون متعينا عليها ضرورة اصدار قرار جديد تنفيذا لحكم الالغاء.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً