مقال قانوني عن إعادة النظر في تدبير الابعاد وفقا للتشريع الاماراتي
تدبير الإبعاد طبقاً لنص المادة (121) من قانون العقوبات الاتحادي لسنة ،1987 قبل تعديلها في سنة، 2005 يشير إلى أنه «إذ حُكم على أجنبي بعقوبة مقيدة للحرية في جناية أو جنحة جاز للمحكمة أن تأمر بإبعاد المتهم، ويجب الأمر بالإبعاد في الجنايات الواقعة على العرض»، حيث بينت المادة أن الإبعاد (جوازي) للمحكمة، بإطلاق سلطتها في تقدير الظروف المحيطة بالواقعة، وأسباب ارتكابها، وظروف المتهم في قضايا الجنح من حيث مكانته الاجتماعية وعمره، وشددت العقوبة في الجنايات فقط، لذلك فقد جانبه الصواب والحكمة والعدالة قبل تعديل نص المادة.
إذ حدث التعديل رقم (34) لسنة 2005 في نص المادة السابقة، فشددت العقوبة في قضايا الجنح، وذكرت في تعديلها أنه «(يجب) الأمر بالإبعاد في الجرائم الواقعة على العرض»، سواء أكانت جناية أو جنحة، وأغلقت باب سلطة المحكمة في تدبير الإبعاد بقضايا الجنح الواقعة على العرض.
وربما يقول قائل إن الغرض من التشديد الذي أراده المشرع هو الحد من الجريمة، بسبب الخوف من العقوبة، هذا صحيح، ولكن أجد أن «التشديد» في تدبير الإبعاد في الجنح هو أكثر حكمة وصواباً من «وجوب» الإبعاد، وذلك مثل التشديد في حالة العودة إلى ارتكاب الجريمة، فإن عاد المتهم وجب الإبعاد عليه، إضافة إلى تقدير خطورة المجرم على المجتمع، إذا تبين من أحواله أو ماضيه أو سلوكه أن هناك احتمالاً جدياً لإقدامه على ارتكاب الجريمة مرة أخرى.
وأرى أن يضع المشرّع شروطاً وأسباباً لإباحة التشديد، فإذا انتفى أحد شروطها أصبح الحكم بالإبعاد جوازياً للمحكمة، وليس وجوبياً، كما هو حاصل اليوم، ومن تلك الشروط والاسباب على سبيل المثال: ارتكاب الجريمة في مكان عام، أو في وضح النهار، أو أمام الجمهور، فتنظر المحكمة في القضية عن بصر وبصيرة، وترجع تقديرها العادل بتدبير الإبعاد، لأن بعض المتهمين هم طلاب دراسة أو حديثو سن، وبعضهم يعيلون أسراً، وهناك من تمنعه الأوضاع السياسية عن إبعاده إلى بلده، خصوصاً أن هناك تهماً بسيطة في هتك العرض، مثل الإشارة بالإصبع لشخص في لحظة غضب لا تساوي في عقوبتها الإبعاد الوجوبي الذي هو وجوبي الآن.
وبالتالي، فإنه يجب على المشرّع النظر في نص هذه المادة، وأن يخضع الإبعاد لتقدير المحكمة، وألا يكون وجوبياً كما هو الحاصل الآن.
كما أن نشر الوعي القانوني وعرض الجرائم التي تتداولها المحاكم وتضبطها الشرطة بمختلف أنواعها، عبر الصحف، أو توزيعها عبر المطارات والمنافذ الأخرى للزائرين أو المقيمين، سيكون له أكبر الأثر في الردع، لاسيما أنه سيكون توعوياً وتثقيفياً في آن واحد، فلا يعذر بعد ذلك بالجهل بالقانون، ويتحقق منه الغرض من التشديد والحد من الجريمة.
اترك تعليقاً