إعلان الإفلاس لا يعني انتهاء الشركة
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
قال خبراء استشاريون ومحللون إن «إعلان شركات عن إفلاسها لا يعني بالضرورة توقفها عن مزاولة أعمالها».
وأضافوا أن «القانون الأميركي يتيح للشركات التقدم للمحاكم لإعلان إفلاسها وفقاً للفصل (11) من قانون الإفلاس بهدف الحماية من مطالبات الدائنين، ولمنح الشركة فرصة لتنفيذ خطط لإعادة الهيكلة».
وأشاروا إلى أن «بعض الشركات الأميركية أعلنت من قبل عن إفلاسها وتمكنت من الاستمرار والتغلب على المشكلات المالية التي تواجهها والعودة أقوى في ما بعد، ومنها شركة الملياردير الأميركي، دونالد ترامب».
وشهدت أميركا ثلاث حالات إفلاس في غضون الأشهر التسعة الماضية تعد الأكبر من نوعها في تلك الفترة، وهي: «جنرال موتورز» لصناعة السيارات، وبنك «ليمان براذرز»، و«واشنطن ميوتوال».
كما عرف مجتمع الأعمال الإماراتي الإفلاس بمفهومه الأميركي من خلال إعلان الوحدة الأميركية التابعة لشركة «إعمار العقارية» إفلاسها نهاية العام الماضي، ما اضطر الشركة الأم إلى تحمل خسائر وعمليات شطب بنحو أربعة مليارات درهم منذ أن اشترت شركة البناء الأميركية في منتصف عام .2006
ويعرف الإفلاس بأنه إعلان الشركة عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أمام الدائنين، وحينها تقوم بتصفية كل أملاكها وحساباتها البنكية لتسدّد أكبر قدر ممكن من هذه الالتزامات، ثم تخرج من سوق العمل، وفي حال نتج فائض من بيع الأصول بعد استكمال سداد الالتزامات كافة، فإنه يوزّع على المساهمين.
ويحدث الإفلاس في الشركات جرّاء الاقتراض لعدم توافر السيولة الكافية، مع إمكانية تسديد هذه الالتزامات في موعدها المحدد عندما تبدأ مرحلة جني العوائد، لكن عندما لا يكون العائد المتوقع كافياً، بحيث يغطي التزامات الشركة، تضطر الشركة إلى تصفية بعض من أملاكها لتسديد تلك الالتزامات، فإذا لم تكف تلك الأملاك للتسديد، تعلن الشركة حينئذ إفلاسها.
ولفت الخبراء إلى أن «عملية الإفلاس أو التصفية وفقاً للبعد القانوني ليست دائماً عملية سيئة، فالشركات قد يتم تصفيتها للاندماج مع شركة أخرى، أو لاستحواذ شركة عليها، أو لانتفاء الغرض من تأسيسها، أو لانتهاء عمرها في عقد التأسيس».
عملية تنظيمية
وتفصيلاً، حدّد الخبير الاستشاري نائب الرئيس للالتزام التشريعي في «مصرف عجمان»، الدكتور سمير بسيسو، ثلاثة أبعاد رئيسة لعملية إفلاس الشركات أو تصفيتها، وهي: البعد القانوني، والبعد المالي، والبعد الاجتماعي، من خلال التأثير في العمالة في الشركة أو الاستغناء عنها.
وأوضح أن «عملية الإفلاس أو التصفية وفقاً للبعد القانوني ليست دائماً عملية سيئة، كما يظن البعض، فقد يكون إعلان التصفية مطلباً تنظيمياً، وهناك حالات للتصفية يحددها القانون وعقد تأسيس الشركة والنظام الداخلي لها».
وفسر ذلك بأن «هناك شركات يتم تصفيتها للاندماج مع شركة أخرى، وأيضا يمكن أن يتم تصفية شركتين تندمجان معاً ليتم تأسيس كيان جديد يضمهما معاً، وبالإضافة إلى ذلك فقد تستحوذ شركة على شركة بالكامل، وهنا يتم تصفية الشركة التي تم الاستحواذ عليها».
وأضاف أن «من حالات التصفية كذلك أن تنتفي الشركة الغرض الذي أنشأت من أجله أو أن ينتهي عمرها وفقاً لعقد التأسيس الذي يحدد عمر الشركة، وقد لا يتم تجديده».
وتابع أن «القانون في الإمارات يلزم مجلس إدارة الشركة التي تبلغ خسائرها 50٪ أو أكثر من رأسمالها بأن يدعو الجمعية العمومية غير العادية للانعقاد للنظر في قرار تصفية الشركة».
واستشهد على ذلك بحالة شركة «شعاع كابيتال»، حيث عقدت جمعية عمومية غير عادية بعد تجاوز خسائر الشركة النسبة المحددة قانوناً من رأس المال، ورفض المساهمون خلال الجمعية تصفية الشركة».
وأشار بسيسو إلى أن «الإفلاس من البعد المالي يتضمن حالات عدة: أولها وجود مشكلات في توفير السيولة اللازمة لمواجهة استمرار الشركة في عملها، بمعنى أن التدفقات النقدية التي تحصل عليها الشركة من مزاولة أعمالها تكون أقل من التدفقات الخارجة، مثل مستحقات المورّدين، ورواتب الموظفين، وغيرها؛ وهذه المشكلات يمكن التغلب عليها أحياناً ولا يشترط إعلان الإفلاس». ولفت إلى أن «الحالة الثانية تتمثل في تعرض الشركة لإعسار مالي، بمعنى أن التدفقات النقدية التي تنتج عن العمليات التشغيلية تكون أقل من الالتزامات طويلة الأجل على الشركة مثل أقساط القروض البنكية ومستحقات الموردين».
واستطرد بسيسو أن «حالة إعلان الإفلاس كما حـدث في (جـنرال موتورز) لا تعني أن الشركة ستغلق أبوابها أو تتوقف عن الإنتاج تماماً، ففي مثل هذه الحالة تستطيع الشركة تنفيذ خطة لإعادة الهيكلة من خلال بيع بعض الأصول أو بيع حصة للحكومة أو اتحاد العاملين، فضلاً عن أن منحها حماية من مطالبات الدائنين قد يمنحها فرصة للتغلب على مشكلاتها فتعود أقوى مما كانت عليه».
وأكمل أن «إعلان الإفلاس بغرض التصفية يستوجب قانوناً تعيين مصفي قضائي للشركة يتولى حصر أصولها وبيعها لسداد الالتزامات المالية المستحقة على الشركة محل التصفية».
«جنرال موتورز»
أشهرت مجموعة «جنرال موتورز» الأميركية لتصنيع السيارات، التي تأسست قبل نحو 100 عام، إفلاسها أمام محكمة الإفلاس في المنطقة الجنوبية من نيويورك، بحسب وثيقة نشرت على موقع المحكمة الإلكتروني.
وجاء في الوثيقة أن ملف «جنرال موتورز» رفع إلى محكمة في المنطقة الجنوبية من نيويورك، وهي المحكمة التي تتولى ملف «كرايسلر» ـ ثالث مجموعة لتصنيع السيارات الأميركية ـ منذ أن أشهرت إفلاسها في 30 أبريل الماضي. وأعلنت أميركا أن «جنرال موتورز» ستبدأ بعملية تصحيح قضائي تستغرق من 60 إلى 90 يوماً وتتضمن غلق 11 من مصانعها، وستتأسس شركة جديدة لاستعادة الأصول المربحة للمجموعة التي ستتقلص التزاماتها المالية إلى أكثر من النصف.
وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إن الدولة ستقدم 30.1 مليار دولار وتمتلك 60٪ من رأسمال الشركة الجديدة، وستقدم الحكومة الكندية ومقاطعة أونتاريو 9.5 مليارات دولار أميركي، وستحصلان على 12٪ من الأسهم؛ في حين سيحصل صندوق التقاعد في «جنرال موتورز» للعاملين التابع لاتحاد عمال صناعة السيارات على 5.71٪، فيما تذهب النسبة الباقية من الأسهم إلى قدامى الدائنين الذين اكتتبوا في خطة إعادة التنظيم.
وأكدت «جنرال موتورز» أنها ستقفل بموجب خطتها لإعادة التنظيم 11 مصنعاً وتضع ثلاثة مصانع في البطالة التقنية، وهكذا سيتراجع عدد المصانع الكبرى للشركة في أميركا من 47 في 2008 إلى 34 في نهاية ،2010 وإلى 33 بحلول 2012 بحسب بيان نشرته المجموعة الأميركية بعد إشهار إفلاسها رسمياً.
وإلى ذلك، أعلنت عمليات «جنرال موتورز» في الشرق الأوسط بأنها ليست جزءاً من اختيار «جنرال موتورز» الأم في اللجوء إلى إشهار إفلاسها تحت الفصل (11) من القانون الأميركي. وقالت «جنرال موتورز» في الشرق الأوسط، التي تزاول أعمالها تحت اسم شركة «جنرال موتورز للتوزيع عبر البحار» إنها مؤسسة ذاتية التمويل وتتمتع بأعمال حيوية ومربحة، وستستمر في ممارسة نشاطها كالمعتاد عبر شبكة وكلائها مثلما فعلت بنجاح منذ أكثر من 80 عاماً».
واختتم بالقول إنه «في مثل هذه الحالة قد يتم بيع الأصول بأقل من قيمتها العادلة، وأحيانا لا يحصل المساهمون على أي مستحقات من التصفية إذا زادت الالتزامات على الشركة عن ناتج بيع الأصول والتصفية، والأمر في النهاية يعتمد على جودة أصول الشركة والوقت الذي تتطلبه عملية التصفية التي قد تستغرق سنوات».
أنواع الإفلاس
وقال مدير قسم الأبحاث والدراسات في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي، إن «الإفلاس بشكل عام يعني عدم قدرة الشركة على سداد التزاماتها تجاه الدائنين، بمعنى أن الإيرادات الناتجة عن العمليات التشغيلية للشركة تكون غير كافية لسداد الالتزامات والأعباء التي تستحق للدائنين مثل البنوك المقرضة والموردين للمواد الأولية».
وأضاف أن «إعلان الإفلاس يتم بطريقتين أولهما توقف الشركة عن النشاط وتصفية أعمالها، وثانيها هو إعلان الإفلاس لحماية الشركة من مطالبات الدائنين».
وأوضح أن «إعلان الإفلاس كما حدث في (جنرال موتورز) يعد من النوع الثاني، حيث تتيح القوانين الأميركية للشركات التي تواجه مشكلات مالية والمتعثرة اتخاذ مثل هذا الإجراء بهدف الحماية من مطالبات الدائنين بسداد الالتزامات المستحقة على الشركة». وأكمل «في مثل هذه الحالة يحق للشركة الامتناع المؤقت عن سداد التزاماتها وأعبائها المالية والاستفادة من الأموال الخاصة بهذه الالتزامات لتصحيح أوضاعها من خلال إجراءات تمكنها من العودة لسداد هذه الالتزامات في المستقبل، ومنها تطوير خطوط الإنتاج أو إعادة هيكلة الشركة من حيث بيع بعض الأصول أو ضخ السيولة في الأصول المتعثرة لتعويمها».
وأكد عفيفي أن «تأثير إفلاس الشركة على المساهمين يختلف وفقاً لنوع الإفلاس، ففي حالة التصفية قد لا يحصل المساهمون على أي حقوق، إذ يأتون في المرحلة الأخيرة من حيث الحصول على المستحقات الناتجة عن بيع الأصول وتصفية الشركة، ويسبقهم بذلك الدائنون من موردين وبنوك وفقاً لنوع المديونية المستحقة».
لافتاً إلى أن «في حال إعلان الإفلاس من أجل الحماية من الدائنين تستمر الشركة في مزاولة أعمالها، لكن قد تتطلب سيولة لإعادة الهيكلة وإقالة الشركة من عثرتها، وهنا يكون المساهمون مطالبين بضخ سيولة لتعويم الشركة، سواء أكانوا مساهمين حاليين أو مستقبليين، مثلما حدث في «جنرال موتورز»، حيث أبدت الحكومة الأميركية استعدادها لضخ مبالغ مالية لتنفيذ خطة إعادة الهيكلة في مقابل تملك حصة كبيرة من الشركة».
مفهوم مختلف
من جهته، يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمارات، الدكتور أحمد المطوع، أن «مفهوم الإفلاس يختلف في الولايات المتحدة عن المفهوم السائد في الدول العربية».
وأوضح ذلك بالقول «إن إفلاس «جنرال موتورز» لا يعني تصفية الشركة كما يحدث في الدول الخليجية، فهناك شركات أميركية شهيرة طلبت إعلان الإفلاس ثم استطاعت أن تتغلب على مشكلاتها واستمرت في ما بعد، ومنها شركة الملياردير الأميركي الشهير، دونالد ترامب». وأشار المطوع إلى أن «إعلان أي شركة إفلاسها يكون له تأثير سلبي كبير على أسعار أسهمها فتنخفض بشدة عقب الإعلان».
ولفت الى أن «المساهمين يتضررون في جميع الأحوال، فإذا تعثرت الشركة ودخلت سيولة جديدة لإنقاذها سيدخل مساهمون جدد ليصبحوا شركاء للمساهمين الحاليين، وإذا أعلن عن تصفية الشركة يأتي حملة الأسهم في ذيل قائمة الحاصلين على مستحقات قد تنتج من بيع أصول الشركة بعد تصفيتها».
أكبر 7 حالات إفلاس في تاريخ أمريكا
1ــ «ليمان براذرز القابضة»
تاريخ إشهار الإفلاس: 15 سبتمبر .2008
حجم الأصول: 691 مليار دولار.
أبرز ضحايا الركود الاقتصادي الحالي، احتلت «ليمان براذرز» المرتبة الرابعة كأكبر شركة استثمار في «وول ستريت»، وأجبرت على إشهار إفلاسها في سبتمبر الماضي، لتدخل التاريخ كأضخم حالة إفلاس تشهدها المحاكم الأميركية.
بيع مقر الشركة في نيويورك إلى جانب وحدات منها: الاستثمار المصرفي لأميركا الشمالية، والقطاع التجاري إلى مصرف «باركليز» البريطاني، وتواصل بعض وحداته، كقطاع إدارة الثروات، العمل بشكل مستقل في ظل إدارة جديدة مثل «نيوبيرغر ـ بيرمان».
ومازالت تتواصل إجراءات تصفية المؤسسة العملاقة، نظراً لضخامتها، وأسفر سقوط «ليمان براذرس» عن إغلاق 80 مؤسسة صغيرة متفرّعة منها.
2ــ «واشنطن ميوتوال»
تاريخ الإفلاس: 26 سبتمبر .2008
حجم الأصول 327.9 مليار دولار.
دفعت مخاوف إفلاس أكبر مؤسسة ادخار وسادس أكبر مصرف في أميركا، بالعملاء للتدافع وسحب أكثر من 16 مليار دولار في غضون 10 أيام سبقت سقوطها، ما أدى إلى تدخل الحكومة والاستحواذ على الأصول المصرفية وبيعها إلى «جي بي مورغان شايس» في صفقة بلغت 1.9 مليار دولار.
وفي اليوم التالي لجأت الشركة لطلب الحماية من الإفلاس.
3ــ «ورلدكوم»
تاريخ الإفلاس: 22 يوليو .2002
حجم الأصول: 103.9 مليارات دولار.
طلبت ثاني أكبر شركة اتصالات بالولايات المتحدة، بعدAT&T، إشهار إفلاسها بعد فضيحة إدراج نفقات بقيمة 11 مليار دولار بشكل مخالف للقوانين، وعادت بعد عام تحت اسم MCI، لتستحوذ عليها شركة «فيرون للاتصالات» في ،2005 في صفقة بلغت 7.6 مليارات دولار.
4ــ «جنرال موتورز»
تاريخ الإفلاس: يونيو .2009
حجم الأصول: 91 مليار دولار.
يعد إفلاس «جنرال موتورز» أكبر عملية إفلاس لشركة صناعية في تاريخ أميركا.
5ــ «إنرون للطاقة»
تاريخ الإفلاس: 2 ديسمبر .2001
حجم الأصول: 65.5 مليار دولار.
سقطت أكبر شركة طاقة في أميركا تحت وطأة فضيحة محاسبية، ووجه الاتهام إلى عدد من كبار مديري الشركة، ومثّل سقوطها علامة فارقة، إذ دفع بالسلطات الأميركية لوضع معايير تنظيمية جديدة لقطاع الشركات العامة.
6ــ «كونسيكو»
تاريخ الإفلاس: 17 ديسمبر .2002
حجم الأصول: 61 مليار دولار.
دفع تراكم ديون بلغت أكثر من ثمانية مليارات دولار، جرّاء سوء الإدارة، بشركة التأمين والتمويل لإعلان الإفلاس في ديسمبر ،2002 وأعيد تنظيمها وخفض ديونها إلى 1.4 مليار دولار، لتخرج كشركة جديدة للتأمين على الحياة والصحة بعملاء يفوق عددهم أربعة ملايين عميل.
7ــ «كرايسلر»
تاريخ الإفلاس: 30 أبريل2009
.الأصول: 39 مليار دولار.
أجبرت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، «كرايسلر» على إعلان إفلاسها في إبريل، لتعد بذلك أضخم شركة صناعية أميركية في حينه تطلب الحماية بموجب الفقرة (11).
اترك تعليقاً