إعمال شرط التحكيم في العقود الإدارية – قانوني متميز

تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت

مقال هام عن إعمال شرط التحكيم في العقود الإدارية

أثبث العمل الدولي في غير قليل من الحالات، التجاء الدولة المعنية إلى إنكار شرط التحكيم الذي سبق لها قبوله بدعوى عدم جواز الاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية وفقا لقوانينها الداخلية . وقد اضطرت أحكام التحكيم التجاري الدولي إلى رفض مثل هذا الإنكار واعتباره إخلالا بمبدأ حسن النية في المعاملات الدولية، وهو ماأكده حكم غرفة التجارة الدولية في القضية رقم 1939 لسنة 1971 بنصه.”على أنه لايجوز لأية جهة حكومية سواء خلال إجراءات التحكيم أو أتناء تنفيذ حكم التحكيم، في ضل النظام العام الدولي الادعاء ببطلان شرط التحكيم استنادا إلى قانونها الداخلي، بعد أن سبق لها الموافقة على هذا الشرط، وإبرام اتفاق التحكيم مع المستثمر الأجنبي الذي اعتمد ووثق في مثل هدا الاتفاق”. ويلقى هذا المبدأ السابق تأييدا كبيرا لدى فقه التحكيم التجاري الدولي، وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية على ذات المبدأ السابق وقد قضت صراحة على انه لايجوز لجهة إدارية فرنسية، وبخاصة في العقود الدولية أن تطلب بطلان شرط تحكيم سبق لها وأن وافقت عليه، وبعبارة أخرى لايجوز لجهة حكومية أو مؤسسة تابعة لها أن تدفع بعدم صحة شرط التحكيم بنقص أهليتها.

وقد تبنت المحكمة العليا التونسية ذات المبدأ السابق، في حكم لها صدر في 22 من مارس 1976 في نزاع بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز وشركة[1] entrepose
كما أن بعض التشريعات قد أكدت المبدأ السابق ولعل أكتر التشريعات وضوحا في هذا الصدد القانون السويسري في الأمور المرتبطة بالقانون الدولي الخاص حيت نصت المادة 177 من القانون المذكور على انه “لايجوز لدولة أو احد المشروعات أو الهيئات التابعة لها التي تكون طرفا في اتفاق التحكيم أن تعول على قانونها بغية الاعتراض على أهليتها في أن تكون طرفا في تحكيم أو قابلة النزاع للتحكيم “.
وفي هذا الخصوص قضت هيئة التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس، برفض دفع إحدى الهيئات العامة المصرية بصدد عقد أشغال بعدم جواز التحكيم في العقود الإدارية وقد اعتمدت هيئة التحكيم ( محكم منفرد ) على نص المادة 177 الفقرة الأولى من القانون السويسري السابق الإشارة إليه حيت كان هدا الأخير هو القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم حيت جرى هدا الأخير في سويسرا[2].

وقبل الانطلاق إلى المرحلة الثانية من التطور الذي شهدته إمكانية إدماج شرط التحكيم إعمالا لإرادة أطراف المنازعة وإن تعلقت بقواعد كانت تتسم فيما مضى بطبيعتها السيادية، فإن ملخص ماسبق. هو أنه على الرغم من الخلاف الفقهي، وعلى الرغم من عدم وضوح النصوص وتردد العمل القضائي في إمكانية إدراج شرط التحكيم إعمالا لإرادة أطراف المنازعة في اختيارهم لهذه الوسيلة لتسوية منازعاتهم، فإن التطور الذي عرفته التجارة الدولية والانفتاح المستمر للدول في تعاملاتها مع الأشخاص الخاصة الأجنبية، قد دفع رغم وجود هده النصوص إلى القبول ولو على مضض بإعمال هذا الشرط في عقود كانت تحضى بحماية سيادية على جميع الأصعدة لا من حيت الاختصاص القضائي، ولا من حيت الاختصاص التشريعي، على أساس أنه حتى أحكام التحكيم قد كرست هده الوسيلة حماية للطرف الذي يتعامل مع الدولة صاحبة السيادة من أية مفاجأة قد تهدده في أي وقت وحين. ذلك أنه حتى العمل القضائي ومسايرة منه لمواكبة التطورات التي تعرفها الساحة العالمية سمح بتنفيذ أحكام المحكمين في إطار المرافق العامة الاقتصادية والتجارية.
الفترة اللاحقة لصدور القانون رقم 27 لسنة 1994 والتعديلات التي لحقته بموجب القانون رقم 9 لسنة 1997.

[1] Rev arb n2 p 268 -1976
[2] قضية عرضت على غرفة التجارة الدولية بباريس CCI القضية 22 رقم 6162 لسنة 1995

إن القانون المشار إليه المتعلق بالتحكيم في إطار القانون المصري، قد استقى أغلب أحكامه إن لم نقل أحكامه الرئيسية من القانون النموذجي اليونسترال 1976. باعتبار أن أهم النقط التي عالجها هي محاولة وضع حد للخلاف الدائر حول جواز التحكيم في العقد الإداري، حيت حاول القانون حسم النزاع من خلال مادته الأولى، “مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقات الدولية المعمول بها بجمهورية مصر العربية، تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام، أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، إذا كان التحكيم يجري في مصر أو كان تحكيما تجاريا دوليا يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه إلى أحكام هدا القانون “. وبالرغم مما تقدم، فإن المسألة لم تدخل مرحلة الحسم وضل التساؤل والتشكك قائما قبل صدور القانون، وكذا بعد صدوره، ولم تحسم المسالة بشكل جلي إلا بعد تعديل أحكام القانون رقم 27 لسنة،1994 بموجب القانون رقم 9 لسنة 1997.

حيت أقدمت الحكومة المصرية في أعقاب الإبهام الحاصل إلى تقديم مشروع قانون بتعديل المادة الأولى من قانون التحكيم، والتي تم بالفعل تعديلها بموجب القانون المومأ إليه أعلاه ليأتي نصها كالتالي.” وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص، أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك”.
أما المشرع المغربي في إطار القانون رقم 05/08 ، فبعد أن منع جواز التحكيم في النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة أو الجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة باختصاصات السلطة العمومية في المادة 310 الفقرة الأولى.

نجده يستثني الفقرة الثانية من هذا المنع، حيث نص على أن النزاعات المالية الناتجة عنها يمكن أن تكون محل عقد تحكيم. أي حينما تتصرف الإدارة باعتبارها شخصا عاما في مسائل تتعلق بأنشطة تجارية.
إلا أن المشرع المغربي يعود في فقرته التالية، ويؤكد على الرغم من أحكام الفقرة الثانية من المادة 317 أدناه والتي تنص على أن يتضمن الاتفاق الأصلي تسميته بيانا لا التباس فيه يشير إلى شرط التحكيم، أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق التحكيم في دائرة التقيد بالمتطلبات الخاصة بالمراقبة أو الوصاية المنصوص عليها في النصوص التشريعية أو التنظيمية الجاري بها العمل في العقود المعنية.

إذا وبعد إجازة المشرع في إطار الفقرة الثانية من المادة 310 جواز التحكيم في المسائل التي تكون ناتجة عن تعاملات مالية، نجده يسلب هدا الاختصاص ويقيده رغم إيراد مثل هدا الشرط في العقد، بضرورة الخضوع إلى موافقة السلطة الوصية، دون تحديد مآل العقد الذي يبرم وينفد دون موافقة هده السلطة الوصية، وكذلك دونما أي تحديد إذا ما كانت هده الموافقة يمكن أن تكون محل تفويض من عدمه.
إلا أن أهم مايمكن اعتباره ايجابيا، وهو أن تذيل الحكم التحكيمي في إطار العقود الإدارية يعود الاختصاص فيه إلى المحكمة الإدارية، وإن كانت المادة لم تقل أن رئيسها هو الذي سيسند له هذا الاختصاص، إلا أنه يمكن القول قياسا على الأحكام التي تعرض على رئيس المحكمة التجارية أن الاختصاص يعود لرئيس المحكمة الإدارية.

وبالرجوع إلى أحكام القانون رقم 9 لسنة 1997 السابق الإشارة إليه، يتضح بأنه يتسم بخاصيتين أساسيتين، فمن ناحية أولى، فهو يعد نصا تشريعيا وتفسيريا بمعنى أنه يؤكد على جواز التحكيم في العقود الإدارية. وهو بذلك حكم كاشف ينسحب أثره مند صدور القانون رقم 27 لسنة 1994. ومن ناحية ثانية، فان هذا النص في شقه الأخر يعد تعديلا تشريعيا حيت يستلزم للاتفاق على التحكيم في العقود الإدارية الحصول على موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه ولا يجوز التفويض في هذا الشأن.

من هنا يتضح، على أن تطور التجارة الدولية والاستثمارات المالية وازدياد احتياجات الدول النامية لهذه الاستثمارات الأجنبية كانت السبب الأول والأساسي في التخفيف من حدة المنع الذي كان يشوب هده العقود، وبالتبعية إعمال إرادة الطرف المتعامل مع الدولة النامية من اجل حصوله على عدالة خاصة بإدراجه للشرط التحكيمي في مثل هده العقود، حتى لايفا جئ بتحيز من القاضي الوطني الذي يحمي بشكل أو بأخر نظامه القانوني، وكدا تطبيق قانون لايمت بأية صلة للنزاع إلا كونه قانون الدولة المتعاقدة.
وإذا كان هذا هو الوضع في ضل العقود الإدارية حيت تم تجاوز الحضر الذي كان يشوبها، فإنه يحق لنا التساؤل وبشكل أساسي عن الوضع بالنسبة للتحكيم في المنازعات الضريبية،

شارك المقالة

1 تعليق

  1. عند ولدتي محل تجاري العداد مش باسمها وجه عليه سرقة تيار كهرباء واخد مالك العداد براءة من المحكمه علما بان رفعوا العداد يجوز ان ولدتي تقدم علي عداد باسمها وهل يكون في مسئوليه بعد ذلك علي ولدتي ورقم اللوحه القديم هيشيله ولا هيفضل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.