إغلاق الرهن
يوسف الفراج
لايزال الحديث موصولا بأهم أحكام الرهن الفقهية, ومحاولة تبسيطها للقارئ ومقارنتها بالوارد في مشروع نظام الرهن العقاري السعودي, الذي ينتظر صدوره قريبا بعد انتهاء مجلس الشورى من التصويت عليه, ومن ثم رفعه إلى مجلس الوزراء الذي بدوره يكمل إجراءات إصداره, ولا يكون نافذا إلا بصدوره بمرسوم ملكي كما هي الإجراءات النظامية, ونبهت إلى هذا مع وضوحه للكثير لكون البعض ظن أن النظام نافذ الآن بمجرد تصويت مجلس الشورى عليه.
ومن الأحكام المتعلقة بالرهن ما يتعلق بمدى جواز أن يشترط المرتهن – صاحب الحق- أن يأخذ الرهن ” العين” في مقابل ما له من دين, ويسمى في اصطلاح الفقهاء:”إغلاق الرهن”, ويقصد به: أخذ المرتهن (المقرض) الرهن بما له على صاحبه من الدين عند عجزه عن الوفاء, وكان من أفعال الجاهلية حيث كان صاحب الرهن يُمنع منه إذا لم يؤد ما عليه من دين. وقد ذهب جمهور العلماء إلى منع هذه الصورة, واستدلوا بالنص وهو قوله صلى الله عليه وسلم-: لا يَغْلَقُ الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غُرمه رواه الدار قطني والحاكم, ويغلق بفتح الياء أو ضمها, ومعنى الحديث عند القائلين بالمنع أن الرهن لا يمنع من صاحبه فهو مالكه ولا بد أن تبقى سلطته عليه.
وهناك من الفقهاء من أجاز هذه الصورة, ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين, وهو رواية في المذهب, وعلل ذلك ابن القيم بقوله:”..
ولم يبطله كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس صحيح ولا مفسدة ظاهرة “, وعلل ذلك الشيخ ابن عثيمين بأن فيه مصلحة للطرفين ولأنه شرط لا ينافي مقتضى العقد, والمفهوم من كلام المجيزين أن الموجب لأخذ الرهن هو أن الراهن صاحب العين قد باع العين على المرتهن بما عليه من دين وفقا للشرط الذي بينهما أثناء عقد الرهن.
أما في القوانين المقارنة ففي الكثير منها منع إغلاق الرهن بالصورة المشار إليها, والذي هو قول جمهور العلماء, وقد أخذ بهذا مشروع الرهن العقاري في المملكة كما في المادة العشرين، التي تنص على أنه لا يصح أن يشترط في عقد الرهن أن يتملك المرتهن المرهون مقابل دينه إن لم يؤده الراهن في أجله المعين, وقررت المادة أن الرهن صحيح والشرط فاسد, وهذا اختيار وسط حيث إن بعض المانعين لهذا الشرط يبطلون أصل الرهن, وهنا اختار صحة العقد وبطلان الشرط. ومن المسائل المتعلقة بهذه المسألة: مدى جواز أن يشترط المرتهن على الراهن أنه إذا لم يوف فإنه سيبيع الرهن بنفسه, ويستوفي حقه منه فذهب جمع من الفقهاء إلى منع هذه الصورة, واشترطوا أن تكون بأمر السلطان “القاضي”, وكل هذا في سبيل تحقيق العدالة في العقود وألا يستغل أحد الأطراف ضعف الطرف الآخر فيتصرف بما يضر به, وسيتم التطرق إلى هذه الصورة في مقال آخر إن شاء الله.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً