إلقاء القبض على المتهم
يعتبر القبض على الفرد اعتداء على حرية ، إلا أن مصلحة المجتمع في مكافحة الأجرام قد تبرره، وللتوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع ضمن القانون للفرد الملقى القبض عليه حقوق تحول دون التعسف في اتخاذ ذلك الإجراء.
يعرف القبض بأنه (الإمساك بالشخص من جسمه وتقيد حركته وحرمانه من حرية التجول دون أن يتعلق الأمر على قضاء فترة زمنية معينة)1
فقد نصت المادة (29) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001، على ما يلي (لا يجوز القبض على أحد أو حبسه إلا بأمر من الجهة المختصة بذلك قانوناً، كما تجب معاملته بما يحفظ).
وقد حرص القانون الأساسي الفلسطيني المعدل بالمادة(11)حيث نصت على ما يلي (الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس. لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون ).
مما تقدم فإنه لا يجوز إلقاء القبض على الفرد إلا بمذكره صادرة من جهة قضائية وهي النيابة العامة ممثلة في النائب العام أو أحد مساعديه أو رئيس النيابة أو وكيل النيابة ،وكذلك سمح القانون لمأموري الضابطة القضائية إلقاء القبض على الفرد بمذكرة تصدر من المسوؤل عن أعضاء الضابطة القضائية . منه إلا أنه يجب أن يعامل الفرد المقبوض عليه معاملة حسنه تحفظ له كرامته الإنسانية وبهذا فلا يتم التعرض له بأي تعذيب جسدي أو معنوي .
القبض على المتهم دون أذن.
إلا أن المشرع قد وضع استثناء لهذه القاعدة وهي إلقاء القبض على المتهم دون إذن من الجهات المختصة وهذا ما نصت عليه المادة (30) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني رقم (3) لسنة 2001، حيث نصت على ما يلي ( لمأمور الضبط القضائي أن يقبض بلا مذكرة على أي شخص حاضر توجد دلائل على اتهامه في الأمور التالية:
حالات التلبس في الجنايات، أو الجنح التي تستوجب عقوبة الحبس مدة تزيد على ستة أشهر.
إذا عارض مأمور الضبط القضائي أثناء قيامه بواجبات وظيفته، أو كان موقوفاً بوجه مشروع وفر أو حاول الفرار من مكان التوقيف.
إذا ارتكب جرماً أو أتهم أمامه بارتكاب جريمة، ورفض إعطاءه اسمه أو عنوانه أو لم يكن له مكان سكن معروف أو ثابت في فلسطين). يعد إجراء القبض على المتهم من قبيل جمع الاستدلالات وإقامة الدعوى.
شروط القبض على المتهم:
يجوز لأي موظف من موظفي الضابطة القضائية القبض على المتهم إذا توافرت الشروط التالية:
الشرط الأول :-
أن يكون القابض من مأموري الضبط القضائي 21
أجاز القانون لمأموري الضبط القضائي إلقاء القبض ، وينحصر عمل مأموري الضبط القضائي حين وقوع الجريمة بهدف الكشف عنها والبحث عن مرتكبيها وجمع أدلتها وتنظيم الضبوط اللازمة لذلك وعليه فإن فئة معينة من أفراد الشرطة ممن يتمتعون بصفة مأموري الضبط القضائي ونظرا لخطورة وأهمية أعمال الضبط القضائي وعلية فإن من يقوم بهذه الصفة أطفأها عليه القانون وتأسيسا على ذلك حددهم قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة2001 بالمادة (21) حيث نصت على ما يلي (يكون من مأموري الضبط القضائي :-
مدير الشرطة ونوابه ومساعدوه ومديرو شرطة المحافظات والإدارات العامة.
ضباط وضباط صف الشرطة، كل في دائرة اختصاصه.
رؤساء المراكب البحرية والجوية.
الموظفون الذين خولوا صلاحيات الضبط القضائي بموجب القانون) وكذلك منحة قوانين خاصة صفة الضبط القضائي لأعضائها ومثالها ضباط المخابرات العامة في المادة (12) قانون المخابرات العامة رقم (17) سنة2005 حيث نصت على ( يكون للمخابرات في سبيل مباشرة اختصاصاتها المقرة بموجب هذا القانون صفة الضابطة القضائية)، وكذلك فإن موظفي التموين لضبط المخالفات التموينية وشرطة المرور ومأموري التبغ والتنباك وموظفي الضرائب وموظفي البريد إلا أنه من الجدير بالقول بأن أفراد الأمن الوقائي ليسوا من أعضاء الضابطة القضائية لعدم منح القانون لهم هذه الصفة ،ومثال على ذلك إن قام مخبران بإلقاء القبض على شخص وقادواه إلى الشرطة فإن عملهما يعتبر باطل لعدم تمتعهم بصفة الضبط القضائي 2
الشرط الثاني
أن تكون الجريمة المنصوص عليها في المادة(30) من قانون الإجراءات الجزائية وهي:
1. حالة التلبس في الجنايات.
2. حالة التلبس في الجنح التي تستوجب عقوبة الحبس مدة تزيد على ستة أشهر، تعرف حالة التلبس3( هو الجرم الذي يشاهد حال ارتكابه أو عند الانتهاء من ارتكابه أو عند القبض على مرتكبها بناء على صراخ الناس اثر وقوعها أو يضبط معهم أشياء أو أسلحة أو أوراق يستبدل منها إنهم فاعلوا الجرم وذلك في لأربعة والعشرين ساعة من وقوع الجرم أو إذا وجدت بهم في هذا الوقت آثار أو علامات تفيد ذلك ) .
فالجرم المشهود حالة أو وصف يلحق الفعل الجرمي من حيث طريقة اكتشافه أثناء وقوعه أو بعد وقوعه بفترة زمنية قصيرة ويؤدي ذلك إلى تخويل مأموري الضبط القضائي سلطة القيام ببعض أعمال كالقبض أو التفتيش وعليه فإن الجرم المشهود يتصف بأنه حالة موضوعيه ينصب على الفعل أو الواقعة ولا ينصرف إلى الفاعل 4 وحالة محسوسة يشاهدها ويلاحظها الشخص الذي قام بضبط الجريمة وعليه فالجرم لا يكون مشهودا على شهادة الشهود وإن الجرم المشهود يتصف بالنسبية ومحصورا بالموظف الذي شاهد الواقعة .
مثال ذلك مشاهدة المتهم وهو يقترف جريمة سرقة أو قتل وقام أحد مأموري الضبط القضائي بإلقاء القبض عليه دون مذكرة قبض هو إجراء صحيح . ويستوي الحال إذا كلف مأموري الضبط القضائي مخبرا بشراء كمية من المخدرات من صاحب متجر وأثناء عملية البيع تم إلقاء القبض عليه فإن القبض صحيح لأن الواقعة في حالة تلبس5.
من الجدير بالذكر أن حالة التلبس في الجنح التي عقوبتها ستة أشهر أو أقل أو الغرامة فلا يجوز القبض على المتهم حتى لو كان الجرم متلبس فيه .
3. إذا عارض مأمور الضبط القضائي أثناء قيامه بواجبات وظيفته، أو كان موقوفاً بوجه مشروع وفر أو حاول الفرار من مكان التوقيف.
مثال ذلك قيام أفراد الضابطة القضائية بأعمال في مسرح الجريمة وقاومهم أحد الأفراد المتواجدين أو عارضهم وهم يقومون بواجبهم ،أو إذا كان شخص قد طلب منه عدم مغادرة مسرح الجريمة ورغما عن ذلك حاول الفرار من المكان فكان جائزا إلقاء القبض عليه ،أو كان شخص موقوفا وفر من مكان توقيفه أو أثناء ترحيله من المحكمة إلى مكان توقيفه وفر فيجوز إلقاء القبض عليه وتوقيفه .
4. إذا ارتكب جرما أو اتهم أمامه بارتكاب جريمة، ورفض إعطائهم اسمه أو عنوانه أو لم يكن له مكان سكن معروف أو ثابت في فلسطين.
ومن الجدير بالذكر أنه لا يجوز إلقاء القبض على المتهم بدون مذكرة في حالة عدم التلبس في الجنايات والجنح فإذا لم يضبط المتهم في حالة التلبس في يجوز إلقاء القبض عليه.
الشرط الثالث:
وجود دلائل كافية على الاتهام:
أن الأدلة ما هي إلا أمارات لا ترقى إلى إلى مستوى الدليل وأضعف من القرائن
اشترطت المادة (30) من القانون على أن يكون الدلائل كافية للقبض على المتهم ويعني ذلك توافر شيء مادي لدى مأموري الضبط القضائي حول ربط الشخص بالجريمة المرتكبة ومن أمثلة الدلائل توافر الدافع لديه لارتكاب الجريمة أو أن له مصلحة في وقوعها أو وجود عداوة مع المجني عليه أو كان في مسرح الجريمة وكان يحمل أداة الجريمة ،أو كان متواجد في مكان وقوع الحادث وهرب أو حاول الهروب، أو قاوم مأموري الضبط القضائي في مكان وقوع الحادث وكذلك عدم استطاعة المشتبه به اثبات مكان وجوده وقت وقوع الجريمة وعليه فإن وضع المشتبه به في حالة ارتباك أو حيرة ووضع يده في جيبه ليست دلائل كافية 6 .
يتوجب لاعتبار الدلائل كافية لاتهام المقبوض عليه إخضاعها للمعيار الموضوعي وهو الرجل المعتاد ، ويخضع ذلك لرقابة سلطة التحقيق ومحكمة الموضوع، فإذا وجدت أن الدلائل غير كافية كان القبض باطلاً . ويعتبر هذا الشرط من أهم الشروط الممنوحة للمتهم لضمان حقوقه .
الشرط الرابع
أن يكون المشتبه به حاضراً:
اشترطت المادة (30) من القانون أن يكون ما تقرر القبض عليه حاضراً في مسرح الجريمة، فإن لم يكن حاضراً لا يجوز إصدار أمر بالقبض عليه . فإن تم إلقاء القبض على شخص غير حاضر فإن الإجراء يكون باطل
اترك تعليقاً