اثبات الوكالة الضمنية في القانون المصري
الطعن 124 لسنة 26 ق جلسة 15 / 2 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 36 ص 228 جلسة 15 من فبراير سنة 1962
برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: محمود القاضي، وحسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.
———-
(36)
الطعن رقم 124 لسنة 26 القضائية
(أ) إعلان. “إعلان الشركات التجارية”.
وجوب تسليم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فان لم يكن للشركة مركز تسلم لأحد هؤلاء لشخصه او في موطنه. نص المادة 14 مرافعات فقرة أخيرة لا ينطبق إلا في حالتي الامتناع عن تسلم الصورة أو الامتناع عن التوقيع على أصل الإعلان بالاستلام.
(ب) وكالة. “وكالة ضمنية”. إثبات. “الإثبات بالقرائن”. نقض. “أسباب موضوعية”. محكمة الموضوع.
جواز إثبات الوكالة الضمنية في استلام الرسائل المشحونة من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن بالقرائن، استخلاص محكمة الموضوع قيام الوكالة الضمنية من وقائع ثابتة بمستندات الدعوى والقرائن وظروف الأحوال استخلاصا سائغا. المجادلة في قيام تلك الوكالة جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
———–
1 – تقضى المادة 14 من قانون المرافعات بأن تسلم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه، ومن ثم فإذا كان الثابت من الأوراق أن إعلان تقرير الطعن قد وجه إلى مركز الشركة المراد إعلانها فأجيب بأنه لا وجود لها بمحل الإعلان فوجه الطاعن الإعلان إلى المطعون عليهما بصفتهما مديري الشركة المذكورة، فإن الطاعن يكون قد اتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 12 و14 من قانون المرافعات. أما الفقرة الأخيرة من المادة 14 مرافعات التي توجب تسلم صورة الإعلان للنيابة فإنها تطبق في حالتي الامتناع عن تسليم صورة الإعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصل الإعلان بالاستلام.
2 – إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية في تسلم مورث المطعون عليهم الرسائل المشحونة – محل النزاع – من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن، وكانت الوكالة الضمنية في هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن وقد استخلصت المحكمة قيامها من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن المجادلة في تقدير الدليل على قيام تلك الوكالة جدل موضوع لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلا لعدم تقديم صورة رسمية من التفويض الصادر من مجلس إدارة بنك مصر لكل من رئيس مجلس الإدارة والعضوين المنتدبين لبيان السلطات المخولة لهم منه وما إذا كان من بينها توكيل محامين أمام محكمة النقض أم لا.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المستندات المقدمة بحافظة الطاعن رقم 17 دوسيه بجلسة أول فبراير سنة 1962 ومن بينها صورة رسمية من محضر جلسة مجلس إدارة بنك مصر المنعقدة في 19/ 4/ 1955 وصورة رسمية أخرى من محضر جلسة في 7/ 5/ 1920 أن التقرير بالطعن بطريق النقض الذى قرر به الأستاذ محمد كامل أحمد المحامي ومدير إدارة قضايا بنك مصر بصفته وكيلا عن بنك مصر شركة مساهمة مصرية يمثلها الأستاذ محمد رشدي رئيس مجلس الادارة بتوكيل رقم 5085 سنة 1955 توثيق عام القاهرة – هو تقرير توافرت فيه شروطه القانونية لأن رئيس مجلس الادارة له سلطة توكيل محامين أمام محكمة النقض ولأن المحامي الذى قرر به هو أحد هؤلاء المحامين الموكلين – لما كان ذلك فإن الدفع الذى أثارته النيابة العامة في هذا الشأن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن المطعون عليه الثاني دفع أيضا بعدم قبول الطعن شكلا لبطلان إعلانه بالنسبة للشركة التجارية ومضارب أرز النيل بإسكندرية وأسس هذا الدفع على أن الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات تقضى بأن تسلم صورة الاعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الادارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه وأن الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تنص على أنه “وإذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة” وان الطاعن لم يوجه إعلان الطعن إلى مركز الشركة المطعون عليها الثانية وهو 2 طريق الحرية بالإسكندرية وإنما وجهه إلى المنزل الكائن بشارع كلية الطب رقم 12 وأن المحضر عندما وجد المحل المذكور مغلقا أعلن الطعن إلى مأمور القسم فوقع بالإعلان على هذا النحو باطلا.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن وجه الاعلان (أولا) للمطعون عليهما محمد أحمد محمد صالح وكامل أحمد محمد صالح بصفتهما مديري الشركة التجارية ومضارب الأرز بالإسكندرية إلى مركزها بشارع الكوبرى بجوار محطة سكة حديد محرم بك بالإسكندرية وهو المركز المبين في الحكم المطعون فيه وفى إعلانه وفى تقرير الطعن فأجيب في 26/ 11/ 1960 على الاعلان المذكور بأنه اتضح أن الشركة المشار إليها لا وجود لها بالمكان المطلوب إعلانها به وأن أرضها حلت بها شركة أخرى فطلب الطاعن إعادة إعلانهما في 27/ 11/ 1960 بصفتهما بشارع كلية الطب رقم 12 بالإسكندرية فأشر على الاعلان بأن الشقة وجدت مغلقة وأنهما سيعلنان بالقسم وقد أعلنا في التاريخ نفسه إلى مأمور القسم وتأشر بالإخطار عنهما في ذات التاريخ وألصق بالإعلان إيصالي البريد – لما كان ذلك وكانت المادة 14 من قانون المرافعات تقضى بأن تسلم صورة الاعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الادارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه وكانت المادة 12 من قانون المرافعات تنص على أنه “إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره – فإذا لم يجد منهم أحدا أو امتنع من وجده عن تسلم الصورة وجب أن يسلمها على حسب الأحوال لمأمور القسم أو البندر أو العمدة أو شيخ البلد الذى يقع موطن الشخص في دائرته” فإن الطاعن يكون قد اتبع الاجراءات المنصوص عليها في المادتين المشار إليهما – أما الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المرافعات فإنها تطبق في حالتي الامتناع عن تسلم صورة الاعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصل الاعلان بالاستلام ويترتب على ما تقدم أن يكون الدفع السالف الذكر على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1487 سنة 1950 تجارى كلى مصر على المطعون عليه الأول بصفته وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع مبلغ 11478 ج و350 م وفوائده بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ وبلا كفالة وأسس الطاعن دعواه على أن بنك مصر(فرع الفيوم) في خلال المدة من 27/ 2/ 1950 حتى 4/ 5/ 1950 سلم أمين مخازن محطة سكة حديد الفيوم 19 رسالة أرز عبارة عن 4050 جوال أرز كارجو زنة كل منها 100 كيلو جرام وذلك لتصديرها باسم البنك إلى محطة محرم بك بالإسكندرية وتسلم البنك بوالص الشحن ولما توجه مندوب البنك إلى محطة محرم بك ومعه البوالص لاستلام الرسائل اتضح له أنها سلمت لشخص آخر دون وجه حق وأنه لما كانت مصلحة السكك الحديدية قد قامت بتسليم الرسائل لغير المرسل إليه دون استلام بوالص الشحن فإنها تكون بذلك مسئولة عن رد البضاعة المسلمة إليه أو دفع ثمنها نقدا وبتاريخ 5/ 4/ 1951 أدخل المطعون عليه الأول أحمد محمد صالح بصفته المدير المسئول عن الشركة التجارية ومضارب أرز النيل بالإسكندرية وطلب إلزامه بما يقضى به عليه مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ وبلا كفالة – ودفعت مصلحة السكك الحديدية الدعوى بأن أحمد محمد صالح (مورث محمد وكامل مديري الشركة المطعون عليها الثانية) اعتاد استلام رسائل الأرز الخاصة ببنك مصر نيابة عنه وذلك بموجب إيصالات مختومة بختم البنك على أن يتعهد بتقديم البوالص فيما بعد وأن هذا ما حدث بخصوص الرسالة محل النزاع إلا أنه لخلاف ثار بينهما أقام البنك الدعوى وطلب إلزام مصلحة السكك الحديدية بقيمة تلك الرسالة – كما دفع أحمد محمد صالح الدعوى بأن شركة مضارب أرز النيل التى يملكها اعتادت شراء الأرز من تودرى كارنتى على ألا تقوم بسداد الثمن إلا بعد تحققها من مطابقة الأرز لمواصفات معينة لا يمكن اكتشافها إلا بعد ضرب الأرز وأن مهمة البنك كانت قاصرة على تسليم الأرز له واستلام ثمنه منه وأن الشركة بعد أن استلمت الرسائل موضوع الدعوى اكتشفت عدم مطابقة الأرز المذكور للمواصفات المطلوبة فحبست الثمن عملا بالحق المخول لها بموجب المادة 457 فقرة ثالثة من القانون المدني ورفعت دعوى إثبات الحالة رقم 1110 سنة 1950 مستعجل الاسكندرية ثم دعوى الموضوع رقم 1252 سنة 1950 تجارى كلى الاسكندرية – وفى 10 من أبريل سنة 1952 قضت المحكمة حضوريا بإلزام المطعون عليه الأول بصفته بأن يدفع للطاعن مبلغ 11478 ج و350 م والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10 من يونيه سنة 1950 لحين السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بشرط الكفالة وبإلزام الضامن أحمد محمد صالح بأن يدفع للمطعون عليه الأول المذكور مبلغ 11478 ج و350 م والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 5 من أبريل سنة 1951 لحين السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بشرط تقديم الكفالة فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف 557 سنة 69 ق كما استأنفه ورثة أحمد محمد صالح بالاستئناف رقم 530 سنة 69 القاهرة وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1955 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى بنك مصر الطاعن وإلزامه بالمصاريف عن الدرجتين وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المستأنفين عنهما وبرفض دعوى الضمان الموجهة من وزارة المواصلات إلى أحمد محمد صالح وإلزامها بمصاريفها وبتاريخ 8 من مارس سنة 1956 قرر وكيل الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة أول فبراير سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت في تكييف استلام أحمد محمد صالح لمقادير الأرز موضوع الدعوى فوصفته بأنه كان بالوكالة عن الطاعن وهى في تكييفها قيام عقد وكالة صادر من البنك إلى أحمد محمد صالح يخوله استلام مقادير الأرز عن البنك لم تستند إلى أدلة مقدمة في القضية كما أن استنتاجها جاء مجافيا للحقيقة والقانون فليس في أوراق القضية ما يؤيد ما ذهبت إليه المحكمة من أن بنك مصر فرع الاسكندرية كان يخطر أحمد محمد صالح بشحن البضاعة ليقوم باستلامها فلا دليل على حصول مثل هذا الاخطار وإنما هو قول ذكرته المحكمة بغير دليل واستنادها في استخلاص عقد الوكالة من أن أحمد محمد صالح استلم كميات من الأرز في مرات سابقة على استلامه المقادير موضوع الدعوى بناء على إيصالات موقعا عليها منه في أغلب الأحوال وفى القليل موقعا عليها بختم بنك مصر لا ينهض في قيام الوكالة لأن مجرد استلامه مقادير في مرات سابقة لا يخوله صفة الوكالة الدائمة في استلام ما يرد مستقبلا باسم البنك من بضائع وأن الثابت أنه في جميع المرات السابقة التي استلم فيها أحمد محمد صالح بضائع كان يقدم للمصلحة بوالص الشحن وتقديم البوالص هو الذى يدفع المسئولية عن المصلحة أما في حالة الرسائل موضوع الدعوى فإن البوالص لم تقدم للمصلحة ولذا فإن ذمتها لا تبرأ وكان يجب على المصلحة أن تطالب أحمد محمد صالح بتقديم المستندات الدالة على صفة الوكالة المزعومة فإذا أهملت في ذلك فيجب أن تتحمل تبعة إهمالها ولا يسعفها أن تتوسل برسائل سابقة استلمها أحمد محمد صالح لأن الخطأ لا يبرر الخطأ – ويتحصل السبب الثاني في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت أيضا في تكييف استلام الرسائل بأنه تم بموافقة البنك استنادا إلى أن الشحن تم في الفترة من 27/ 2/ 1950 إلى 4/ 5/ 1950 وأن الدعوى لم ترفع إلا في يونيه سنة 1950 وأن البنك أرسل إلى المستلم أحمد محمد صالح خطابات مؤرخة 10 و12 و13 و22/ 3/ 1950 يطالبه بدفع قيمة كمبيالات مسحوبة عليه ومقبولة منه لأمر تودرى كارنتى وجاء بهامش أحد الخطابات لفظا 2 بوالص و2 فواتير وما ساقته المحكمة في هذا الصدد لا ينتهى إلى ما يؤيد نظرها – ويتحصل السبب الثالث في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت كذلك في استخلاص تنازل البنك عن الرهن لأن فرع بنك مصر بالفيوم هو الذى تعاقد مع عميله على رهن هذه المقادير من الأرز وأن الفرع المذكور هو الذى تولى شحنها من الفيوم ولا دليل على تنازله عن هذا الرهن، ولا يعقل أن يتنازل عنه وهو ضمانه الوحيد، يؤكد ذلك أنه كان من أثر تسليم المصلحة الأرز إلى الغير أن ضاع ضمان البنك وأصبح دينه قبل عميله بغير سداد – ويتحصل السبب الرابع في النعي على الحكم المطعون فيه بقصوره في التسبيب ذلك أن المحكمة قد أغفلت تحقيق دفاع البنك ولو قامت بتحقيقه لتغير وجه الحكم إذ أن البنك قدم المستندات الدالة على حقوقه قبل عميله تودرى كارنتى ولا يعقل مع وجود هذا الدين الجسيم أن يفرط البنك في الضمان المخول له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على “أن وزارة الواصلات تدفع الدعوى بأن التسليم إنما تم إلى المرسل إليه ووكيله أحمد محمد صالح وأنه لم يقع منها خطأ أو إهمال يستوجب مؤاخذتها ومساءلتها عن التسع عشرة رسالة موضوع هذه الدعوى وأن هذا الدفاع قد ثبتت للمحكمة صحته من الدلائل الآتية: أولا – أن بنك مصر فرع اسكندرية وهو الدائن المرتهن للأرز المباع من مدينه تودرى كارنتى إلى أحمد محمد صالح قد قبل أن يتخلى عن ضمانته وحيازته لهذا الأرز فكان يقوم فور علمه بشحن أي رسالة من الأرز من الفيوم بإخطار المشترى الذى كان يترقب وصول هذه الرسالة إلى محطة محرم بك فيقوم باستلامها فور وصولها ودون انتظار لورود بوليصة الشحن ويكتفى بأن يقدم مندوبه إيصالا عنها بالاستلام إلى أمين مخازن السكة الحديد بمحرم بك وهذه الإيصالات بعضها كان مبصوما عليها بختم بنك مصر والغالبية العظمى منها غير مبصومة بختم البنك المذكور بل كان عليها ختم الشركة التجارية ومضارب أرز النيل بإسكندرية التي يمثلها أحمد محمد صالح وفى الحافظة المقدمة من وزارة المواصلات بالملف الابتدائي وبالحافظة المقدمة لهذه المحكمة رقم 9 دوسيه عشرات الإيصالات والبوالص الدالة على صحة هذه الواقعة فمن هذا يكون الثابت لدى عمال السكة الحديد أن أحمد محمد صالح عند تسلمه لهذه الرسالات العديدة والتي كانت ترد تباعا طوال عام 1949 إنما كان يعمل كنائب عن بنك مصر المرسل إليه ولم يعترض يوما البنك على هذا التصرف بل كان يقره بعمل إيجابي أحيانا بتوقيعه على بعض هذه الإيصالات بختم البنك فهذا التصرف من جانب البنك إنما هو إقرار لإنابة أحمد محمد صالح في الاستلام ويكون عذر عمال السكة الحديد في تسليم الرسائل الأخرى من الأرز إلى أحمد محمد صالح واضحا جليا – ثانيا – أن مما يؤكد لهذه المحكمة صحة هذا النظر أن الرسائل التسعة عشر موضوع النزاع قد شحنت من محطة الفيوم في خلال المدة من 27/ 2/ 1950 حتى 4/ 5/ 1950 وقد ثبت أنها وردت إلى محطة محرم بك في الفترة من 18/ 3/ 1950 حتى 19/ 5/ 1950 وقد وصلت بوالص الشحن عن هذه التسع عشرة رسالة إلى فرع البنك في الاسكندرية وظل الفرع المذكور محتفظا بها عنده ولم يتقدم بها إلى محطة السكة الحديد يطالبها بالاستلام ولم يرفع البنك دعواه هذه ضد مصلحة السكة الحديد أو وزارة الموصلات إلا في 10 يونيه سنة 1950 – فهل سكوت البنك طوال هذه المدة عن المطالبة باستلام هذه الرسالات من محطة السكة الحديد تصرفا مقبولا وهو يعلم أن في بقاء طرد واحد أزيد من المدة المقررة بمحطة السكة الحديد ما يلزمه بدفع غرامة أرضية عن كل يوم من الأيام يمضى دون استلام فكيف يسكت فرع البنك بإسكندرية عن استلام هذه الآلاف من الطرود طوال هذه الشهور الأربعة وهل كان يجهل بأن ذلك سيكبده آلاف الجنيهات من الغرامة إن ظلت هذه الطرود بمحطة السكة الحديد. إن في هذا التصرف وحده من جانب فرع البنك بإسكندرية ما يؤكد أنه كان يعلم باستلام أحمد محمد صالح لهذه الرسائل فور ورودها بل إنه كان راضيا بهذا الاستلام بدليل أنه أرسل إليه الخطابات المقدمة بالحافظة 6 دوسيه وهى الخطابات الأربعة والمؤرخة 10/ 3 و12/ 3 و13/ 3 و22/ 3/ 1950 والتي فيها يطالب البنك أحمد محمد صالح بدفع قيمة الكمبيالات المسحوبة عليه والمقبولة منه لأمر تودرى كارنتى بائع الأرز وهذه الكمبيالات عددها كما هو ظاهر من الخطابات المذكورة ستة قيمة كل منها 528 جنيها أي أن مجموع قيمتها 3168 جنيها وفى الخطاب المؤرخ 13/ 3/ 1950 يشير البنك إلى رقم عدد 2 بوالص وعدد 2 فواتير فمن هذه الخطابات تبين أن بنك مصر فرع اسكندرية إنما كان يطالب أحمد محمد صالح بثمن الأرز موضوع النزاع والذى قام المذكور باستلامه ولم يدفع ثمنه فورا لما ظهر له من عيوب فيه كما سبق البيان – ثالثا – إن مما يرجح للمحكمة كذلك أن هذا التسليم كان برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه أن البنك حين رفع هذه الدعوى لم يوجه أى طلبات إلى أحمد محمد صالح بل رفعها على وزارة المواصلات وحدها وكيف دعواه على أنها دعوى ضمان ضد أمين النقل عن خطئه ولكن وزارة الموصلات درءا لمسئوليتها أدخلت المذكور ضامنا في الدعوى حتى يقضى عليه بما عساه أن تلزم به الوزارة من التعويضات – ففي تصرف البنك وتكييفه للدعوى على هذا الوجه مع علمه بأن المستلم للرسائل هو أحمد محمد صالح وبالرغم من ذلك لا توجه إليه أى طلبات ما يدل على شعور البنك ويقينه بأن استلام أحمد محمد صالح إنما كان استلاما بالنيابة عنه ولكن البنك وقد احتفظ تحت يده ببوالص الشحن الأصلية رآها فرصة سانحة أن يطالب بتعويض لا يستحقه”.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال أن أحمد محمد صالح قد تسلم الرسائل محل النزاع ممن مصلحة السكك الحديدية برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه – ولما كانت الوكالة الضمنية في خصوص هذه الدعوى يجوز إثباتها بالقرائن وكانت المحكمة قد استخلصت قيام تلك الوكالة الضمنية من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن جميع ما ينعاه الطاعن في السببين الأول والثاني لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقرير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
أما ما ينعاه الطاعن في السبب الثالث من خطأ الحكم المطعون فيه في استخلاص تنازل البنك عن الرهن فمردود بأنه لا جدوى من إثارة هذا النعي لأن تنازل البنك عن الرهن أو عدم تنازله عنه لا يغير وجه الرأي الذى انتهى إليه الحكم لأنه محمول على أن تسليم الرسائل قد تم برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه.
كما أن ما ينعاه الطاعن في السبب الرابع من أن المحكمة قد أغفلت تحقيق دفاع البنك مردود بأنه نعى مجهل إذ لم يبين الطاعن ما هو ذلك الدفاع الذى أغفلت المحكمة تحقيقه ولم يكشف عن وجه القصور في الحكم المطعون فيه في هذا الشأن كشفا وافيا كما لم يوضح العيب الذى يعزى للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه – لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً