بقاء ضريبة الدمغة قبل التحصيل في ذمة الممولين دون الجهات المكلفة بتحصيلها
الدعوى رقم 238 لسنة 24 ق ” دستورية ” جلسة 1 / 12 / 2018
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من ديسمبر سنة 2018م، الموافق الثالث والعشرون من ربيع أول سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 238 لسنة 24 قضائية ” دستورية “.
المقامة من
شركة الإسكندرية لتوزيع الكهرباء
ضــــد
1 – رئيس الجمهوريـــة
2 – رئيس مجلس الشعب (مجلس النـواب حاليًا)
3 – رئيس مجلس الــوزراء
4 – وزيـــر العــــدل
5 – وزير المالـية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب
6- رئيس مأمورية ضرائب الدمغة بالإسكندرية
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من يوليو سنة 2002، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بعدم دستورية نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية – شركة مساهمة مصرية، تابعة لقطاع الأعمال العام، وغرضها تسويق الطاقة الكهربائية والغاز والطاقة الشمسية – كانت قد اعترضت على تقديرات مأمورية ضرائب الدمغة بالإسكندرية عن المدة من 1/7/1989، حتى 30/6/1992، بموجب الطعـن رقم 113 لسنة 1995/دمغة، وعن المدة من 1/7/1992، حتى 30/6/1994، بموجب الطعن رقم 181 لسنة 1995/ دمغة. وأحيل الطعنان إلى لجنة طعن ضرائب الإسكندرية (الدائرة الثامنة)، والتى قامت بضم الطعنين، وأصدرت فيهما قرارها بتاريخ 18/3/1999، نص البند (ثانيًا) منه على “تأييد مأمورية الضرائب في مطالبتها للشركة بمقابل تأخير عن سداد ضريبة الدمغة النوعية عن استهلاك الكهرباء والغاز للأغراض الصناعية وغير الصناعية، عن الفترة الأولى بمبلغ 1952405,23 جنيه، وعلى توريد الكهرباء والغاز والطاقة الشمسية عن الفترة الثانية بمبلغ 25105,65 جنيه، ورفض طلب الشركة الطاعنة باحتسابه على أساس ما تم تحصيله من الضرائب المستحقة”. وأسست اللجنة قرارها في هذا الشأن على أن الشركة مكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من المستهلكين، وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، ولها من الصلاحيات ما يمكنها من ذلك. ولم يصادف هذا القرار قبول الشركة المدعية، فأقامت الدعوى رقم 898 لسنة 1999 ضرائب كلى، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، ضد المدعى عليهما الخامس والسادس، طلبًا للحكم، أصليًّا: بإلغاء قرار اللجنة المطعون عليه، فيما تضمنه البند ثانيًا منه بشأن احتساب مقابل تأخير على ما لم يتم توريده من الضريبة خلال المدد المشار إليها، لعدم استحقاقه، ورد المبالغ التى سددتها الشركة كمقابل تأخير، واحتياطيًّا: ندب خبير لتحقيق دفاعها. وأسست الشركة طلباتها على أنه يجب حساب مقابل التأخير من تاريخ تحصيل الضريبة من المستهلكين، دون تاريخ إصدار إيصال (فاتورة) استهلاك الكهرباء أو الغاز. وتدوول نظر الدعوى بالجلسات، وقضت المحكمة بندب خبير، باشر المأمورية التى حددتها المحكمة، وانتهى إلى تأييد قرار اللجنة المطعون عليه من احتساب مقابل التأخير من تاريخ إصدار إيصال استهلاك الكهرباء أو الغاز. وحال نظر الدعوى بجلسة 13/5/2002، دفع محامى الشركة المدعية بعدم دستورية المادتين (38و97) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، والمادة (38) من لائحته التنفيذية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة بإقامة الدعوى الدستورية، أقامت الدعوى المعروضة، طلبًا للحكم بعدم دستورية المادة (38) من ذلك القانون.
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن نطاق الدعوى الدستورية التى أتاح المشرع للخصوم إقامتها – وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وعلى ضوء الطلبات التى تضمنتها صحيفة الدعوى الدستورية. متى كان ذلك، وكانت الشركة المدعية قد قصرت طلباتها الواردة بصحيفة الدعوى المعروضة على عدم دستورية نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، دون نص المادة (97) منه، والمادة (38) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980، ومن ثم يتحدد نطاق هذه الدعوى في نص المادة (38) من ذلك القانون، دون سواه.
وحيث إن المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980 – قبل استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 – تنص على أن “تلتزم الجهات المكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من الممولين وتوريدها إلى مصلحة الضرائب بأداء مقابل تأخير مقداره ستة في المائة سنويًّا من قيمة الضريبة الملزمة بتوريدها.
ويسري ذلك من اليوم التالى للمواعيد المحددة للتوريد في هذا القانون أو لائحته التنفيذية، مع اعتبار كسور الشهر شهرًا كاملاً.
ولا يستحق المقابل إذا لم تجاوز مدة التأخير سبعة أيام”، هذا وقد اقتصرت أحكام نص الفقرة الأولى من تلك المادة بعد استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 على تعديل مقابل التأخير، ليكون (1%) من قيمة الضريبة الملزمة تلك الجهات بتوريدها عن كل شهر تأخير حتى تاريخ التوريد، مع جبر كسور الشهر والجنيه إلى شهر أو جنيه كامل.
وتنص المادة (96) من هذا القانون، بعد استبدالها بالقانون رقم 2 لسنة 1993 على أن “تستحق ضريبة نوعية على النحو التالى:
(أ ) ثلاثة جنيهات سنويًّا على توريد كل من المياه أو الكهرباء أو الغاز ولو قلت مدة التوريد الفعلى عن سنة كاملة.
(ب) ثلاثة قروش على كل كيلو وات / ساعة من الكهرباء المستعملة للإضاءة في أى مكان، أو للأغراض السكنية أو التجارية بما في ذلك إدارة المصاعد.
(ج) 0,6 من القرش على كل عشرة كيلو وات / ساعة من الكهرباء المستعملة في الأغراض الصناعية.
(د ) 3,6 قروش عن كل متر مكعب من استهلاك الغاز في غير الأغراض الصناعية.
(هـ ) تسعة قروش عن كل كيلو جرام من استهلاك البيوتين (البوتاجاز) أو ما يماثله من المستحضرات في غير الأغراض الصناعية.
( و ) ثلاثة جنيهات للطن من استهلاك الغاز والبوتاجاز في الأغراض الصناعية”.
وتنص المادة (97) من القانون المشار إليه – بعد استبدال البند (أ) منها بالقانون رقم 95 لسنة 1986 – على أن “يتحمل الضريبة: (أ) المورد بالنسبة للتوريد، فيما عدا ضريبة دمغة توريد الكهرباء، فيتحملها المستهلك. (ب) المستهلك بالنسبة للاستهلاك”.
وتنص المادة (38) من اللائحة التنفيذية لقانون ضريبة الدمغة المشار إليه، الصادرة بقـرار نائب رئيس الوزراء للشئون الماليـة والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980 – قبل استبدالها بموجب قرار وزير المالية رقم 525 لسنة 2006 – على أن “تؤدى الضريبة المنصوص عليها في المادة (96) من القانون على النحو التالى:
( أ ) بالنسبة للضريبة على عمليات توريد كل من المياه والكهرباء والغاز المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة: تؤدى بإخطار سنوى تقدمه إلى مأمورية الضرائب المختصة الجهات التى تورد المياه أو الكهرباء أو الغاز، وذلك في موعد غايته نهاية شهر فبراير من كل سنة، على أن يتضمن الإخطار عدد عمليات التوريد القائمة فعلاً وتلك التى استجدت خلال السنة، كل نوع على حدة، وقيمة الضريبة المستحقة.
(ب) وبالنسبة للضريبة المنصوص عليها في البنود (ب، ج، د، هـ، و) من المادة: تؤدى بإخطار تقدمه إلى مأمورية الضرائب المختصة الجهات التى تورد أو تنتج الكهرباء أو الغاز أو البوتاجاز، وذلك خلال العشرة أيام الأخيرة من كل شهر، على أن يتضمن الإخطار الكمية الموردة من كل نوع على حدة خلال الشهر السابق، وقيمة الضريبة المستحقة”.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفهوم شرط المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، يتحدد على ضوء عنصرين أولين يقيمان معًا مضمونها، ولا يتداخل أحدهما مع الآخر، أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض، لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز أن تباشر المحكمة الدستورية العليا رقابتها على دستورية النصوص التشريعية، أولهما: أن يقيم المدعى – وفى حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعى المطعون فيه – الدليل على أن ضررًا واقعيًّا – اقتصاديًّا أو غيره – قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية، بغية ردها وتصفية آثارها القانونية، ولا يتصور أن تقوم المصلحة الشخصية المباشرة إلا مرتبطة بدفعها. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعى المطعون عليه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعى في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية إذا كانت صحيحة في ذاتها، ذلك أن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التى فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التى فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها. ومن المقرر – أيضًا – في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في النصوص التشريعية ألا تحمل على غير مقاصدها، وألا تفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو بما يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، أو يعتبر تشويهًا لها، سواء بفصلها عن موضوعها أو بمجاوزتها الأغراض المقصودة منها، ذلك أن المعاني التى تدل عليها هذه النصوص، والتى ينبغى الوقوف عندها، هى التى تعتبر كاشفة عن حقيقة محتواها، مفصحة عما قصده المشرع منها، مبينة عن حقيقة وجهته وغايته في إيرادها، ملقية الضوء على ما عناه بها، ومرد ذلك أن النصوص التشريعية لا تصاغ في الفراغ، ولا يجوز انتزاعها من واقعها محددًا بمراعاة المصلحة المقصودة منها.
وحيث إن نصوص قانون ضريبة الدمغة الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1980، تعتبر كلاًّ واحدًا، يكمل بعضها البعض، ويتعين أن تفسر نصوصه بما يمنع التعارض بينها، إذ إن الأصل في النصوص القانونية التى تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها، لتكوّن نسيجًا متآلفًا.
وحيث إن المشرع قد ضمَّن الباب الأول من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه، الأحكام العامة لتلك الضريبة، وخصص الفصل الخامس منه للجزاءات، ومن بينها ما ورد في نص المادة (38) المطعون عليها – قبل استبدالها بالقانون رقم 10 لسنة 2000 – من جزاء مالى على التأخير في توريد الضريبة إلى مصلحة الضرائب، إذ نصت على أن “تلتزم الجهات المكلفة قانونًا بتحصيل الضريبة من الممولين وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، بأداء مقابل تأخير مقداره ستة في المائة سنويًّا من قيمة الضريبة الملزمة بتوريدها. ويسرى ذلك من اليوم التالى للمواعيد المحددة للتوريد في هذا القانون أو لائحته التنفيذية .. ولا يستحق المقابل إذا لم تجاوز مدة التأخير سبعة أيام”. وأوضحت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون ضريبة الدمغة المشار إليه العلة من فرض هذا الجزاء، بأن “المشروع استحدث بالنسبة للجهات المكلفة بتحصيل الضريبة ممن يقع عبؤها عليهم، ثم توريدها للمصلحة، حكمًا يقضى بالتزام تلك الجهات بمقابل مالى في حالة حبس الضرائب المحصلة تحت يدها، والتأخير عن توريدها للمصلحة في المواعيد المحددة للتوريد، وذلك كتعويض للمصلحة عن عدم استغلال مبالغ الضريبة فترة التأخير، كنوع من إجراءات إحكام تحصيل الضريبة فور استحقاقها”. وقد تناولت أحكام الباب الثانى من القانون المشار إليه، بيان أوعية تلك الضريبة، ومن بينها ما ورد في الفصل الثانى والعشرين منه، بشأن توريد المياه والكهرباء والغاز والبوتاجاز واستهلاكها، إذ حددت المادة (96) قيمة الضريبة المستحقة عن توريد واستهلاك كل نوع منها، وأفصحت المادة (97) – المعدلة بالقانون رقم 95 لسنة 1986 – عمن يتحمل عبء هذه الضريبة، بما نصت عليه من أن “يتحمل الضريبة: (أ) المورد بالنسبة للتوريد، عدا ضريبة دمغة توريد الكهرباء؛ فيتحملها المستهلك. (ب) المستهلك بالنسبة للاستهلاك”. وحددت المادة (98) من ذلك القانون الجهات التى تعفى من تلك الضريبة. وقد تناولت المادة (38) من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه – الصادرة بقرار نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رقم 414 لسنة 1980 – قبل إحلال لائحة جديدة محلها بموجب قرار وزير المالية رقم 525 لسنة 2006 – تحديد طريقة وميعاد توريد الضريبة المنصوص عليها في المادة (96) من القانون لمصلحة الضرائب، بأن يكون أداء الضريبة على عملية التوريد في موعد غايته نهاية شهر فبراير من كل سنة، وفى شأن الاستعمال أو الاستهلاك، يكون أداء الضريبة خلال الأيام العشرة الأخيرة من كل شهر.
وحيث إن مؤدى ما تقدم، أن الجهات المكلفة بتحصيل ضريبة الدمغة من الممولين، يتحدد ما تلتزم بتوريده لمصلحة الضرائب، بقدر الضريبة التى قامت بتحصيلها من الممولين تحصيلاً فعليًّا، ويستحق عنها مقابل التأخير المنصوص عليه في المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة السالف الذكر، اعتبارًا من تاريخ تحصيلها لتلك الضريبة، وانقضاء المواعيد المنصوص عليها في المادة (38) من اللائحة التنفيذية لذلك القانون دون توريد ما حصلته من هذه الضريبة، ليُعد تحصيلها للضريبة شرطًا مفترضًا لقيام التزامها بالتوريد في المواعيد المقررة، وهو ما يتفق وطبيعة الالتزام الملقى على عاتقها، باعتبـاره محض تحصيل للضريبة من الممولين، وتوريد قدر ما حصلته لمصلحة الضرائب. وهو – أيضًا – عين ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المشار إليه، بشأن العلة من استحداث هذا الجزاء المالى، مفصحة في الآن ذاته عن شروط تطبيقه، باحتباس الجهات المكلفة بتحصيل الضريبة قدر ما حصلته منها تحت يدها، والتأخير عن توريده لمصلحة الضرائب في المواعيد المحددة للتوريد، واستحقاق المصلحة لقيمته كتعويض عن عدم استغلال مبالغ الضريبة خلال فترة التأخير، لتجتمع بذلك في هذا المقابل صفة الجزاء والتعويض، وغايته إحكام تحصيل الضريبة فور استحقاقها. ومؤدى ذلك، أن شرط توقيع الجزاء المالي الوارد بالنص المطعون فيه، هو إخلال المكلف بالتزام قانونى قوامه تحصيل الضريبة من الممولين (المستهلكين)، وتوريدها لمصلحة الضرائب في المواعيد المقررة قانونًا، ويقع ذلك حال تأخره في توريد ما تم تحصيله منها للمصلحة خلال تلك المواعيد. وفى غير هذه الحالة، فإن الخطأ الموجب لتوقيع هذا الجـزاء المالى، واستحقاق مصلحة الضرائب لقيمته كتعويض عن الضرر الذى أصابها، يكون منتفيًا، بما لا تقوم به المسئولية عن ذلك، لاستحالة تنفيذ الالتزام بالتوريد في هذه الحالة، تبعًا لعدم تحصيل الضريبة.
حيث كان ما تقدم، وكانت مناعي الشركة المدعية على نص المادة (38) من قانون ضريبة الدمغة المشار إليه – في مجال إعمال أحكامه على نصى المادتين (96) و(97) من القانون ذاته – انصبت على ربط حساب مقابل التأخير، بواقعة إصدار إيصالات استهلاك الكهرباء والغاز، وليس بواقعة تحصيل قيمة تلك الإيصالات من الممولين، بما تشتمل عليه من قدر ضريبة الدمغة المستحقة عن كل منها، ومن ثم بقاء تلك الضريبة – قبل التحصيل – في ذمة الممولين، الملزمين قانونًا بدفع تلك الضريبة، فإن الأمر على هذا النحو يضحى متصلاً بتطبيق النص المطعون فيـه، ولا يمثل عوارًا دستوريًّا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا في الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح المقرر بنص المادة (192) من الدستور، والمادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. ولما كانت غاية الشركة المدعية من دعواها الموضوعية، القضاء ببراءة ذمتها من أداء مقابل التأخير عن سداد ضريبة الدمغة لمصلحة الضرائب، المستحقة عن توريد الكهرباء والغاز للأغراض الصناعية وغير الصناعية، والضريبة المستحقة عن استهلاك الكهرباء، والغاز والطاقة الشمسية، والتى لم يتم تحصيل قيمتها من المستهلكين (الممولين)، ورد ما سبق لها سداده منها، فإن التطبيق الصحيح لنص المادة (38) من القانون رقم 111 لسنة 1980 المشار إليه – المطعون عليها – وما يرتبط به من أحكام المادتين (96 و97) من ذلك القانون، يكون محققًا لمبتغاها من الدعوى الموضوعية، ولا يكون لها مصلحة في الفصل في دستوريته، بحسبان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون فيه، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة في الدعوى المعروضة، ويتعين القضاء بعدم قبولها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً