الطعن 1660 لسنة 31 ق جلسة 12 / 3 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 55 ص 210 جلسة 12 من مارس سنة 1962
برياسة السيد/ محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى.
——————
(55)
الطعن رقم 1660 سنة 31 القضائية
غش “ألبان”. إثبات “بوجه عام”. “قرائن قانونية”.
(أ) جريمة عرض لبن مغشوش للبيع. المادة 2 من القانون 48 لسنة 1941.
مجرد تعهد المتهم بتوريد لبن ثبت غشه. غير كاف وحده لإدانته. يجب أن يثبت أنه هو الذى ارتكب الغش أو أنه ورد اللبن مع علمه بغشه.
(ب) قرينة العلم المفترض بالغش: المقررة بالقانون 522 لسنة 1955.
عدم مساسها بالركن المعنوي للجريمة الذى يلزم توافره للعقاب.
تعلقها بعبء الإثبات. مؤدى ذلك: رفع عبء إثبات العلم عن كاهل النيابة. قابليتها لإثبات العكس. عدم اشتراط نوع معين من الأدلة لدحضها. حرية محكمة الموضوع في تكوين معتقدها في الدعوى.
(ج) قرينة العلم المفترض بالغش. محل إثارتها. أن تثبت صلة المتهم بداءة – إذا كان من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين – بالفعل المادي للجريمة.
مثال. جريمة عرض لبن مغشوش للبيع. ثبوت قيام شريك المتهم – وحده – بتوريد اللبن المتعاقد عليه للمستشفى، دون تدخل المتهم أو حضوره أو اتفاقه. مقتضى ذلك: انقطاع صلته بواقعة الدعوى. الحكم ببراءته. صحيح.
—————
1 – الأصل أنه لا يكفى لإدانة المتهم في جريمة عرض لبن مغشوش للبيع مع علمه بغشه أن يثبت أنه هو الملزم بتوريد اللبن، بل لا بد أن يثبت أنه هو الذى ارتكب فعل الغش أو أن يكون ورد اللبن مع علمه بغشه.
2 – أنشأ الشارع قرينة قانونية بالتعديل المدخل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش، حين افترض العلم بالغش أو بالفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين. وقد رفع الشارع بهذه القرينة عبء إثبات العلم بالغش أو بالفساد عن كاهل النيابة العامة تحقيقا للمصلحة العامة ومحافظة منه على مستوى الألبان ما أفصح عنه في المذكرة الإيضاحية للقانون سالف الذكر وهذه القرينة – القابلة لإثبات العكس والتي لا يشترط نوع معين من الأدلة لدحضها – لم تمس الركن المعنوي في جنحة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 الذى يلزم توافره للعقاب، كما أنها لا تمس سلطة محكمة الموضوع في استظهار هذا الركن وفى استنباط معتقدها من عناصر الدعوى واطمئنانها إلى سلامة إسناد التهمة بكافة أركانها إلى المتهم.
3 – إن محل إثارة قرينة العلم المفترض بالغش المنصوص عليها بالقانون رقم 522 لسنة 1955 هو أن يثبت – بداءة ذي بدء – صلة المتهم، إذا كان من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة الجائلين، بالفعل موضوع الجريمة. فإذا كانت المحكمة قد قضت بحكمها المطعون فيه ببراءة المتهم واطمأنت في ذلك للأدلة السائغة التي أوردتها، إلى عدم ثبوت صلة المتهم بواقعة الدعوى – وهى قيام شريكه وحده بتوريد اللبن الذى ثبت غشه دون تدخل من المتهم أو حضوره أو اتفاقه – فلا يكون سديدا ما تنعاه النيابة على الحكم من أنه أغفل إعمال تلك القرينة القانونية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من المطعون ضده وآخر بأنهما باعا لبنا مغشوشا بإضافتهما ماء بنسبة 33% وطلبت عقابهما بالمواد 2/ 1 و3/ 2 و8 و9 و10 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 والمادتين 1/ 2 و12 من القانون رقم 132 لسنة 1950. والمحكمة الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 49/ 3 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول بحبس الأول سنة واحدة مع الشغل والنفاذ والمصادرة ونشر الحكم على نفقته بجريمة الأهرام وبحبس الثاني ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ. عارض المتهم الأول في هذا الحكم وقضى في معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وببراءته. استأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض … الخ.
المحكمة
… وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة بيعه لبنا مغشوشا مع علمه بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون إذ أسس قضاءه على أن المطعون ضده لم يكن حاضرا وقت أخذ العينة من اللبن المورد إلى المستشفى الانكلستوما بكوم امبو وأنه لا يكفى لمساءلته مجرد كونه متعاقدا على توريد اللبن للمستشفى المذكور بل انه يلزم لتوافر المسئولية في مذهب الحكم أن يثبت ارتكاب المطعون ضده فعل الغش أو توريده اللبن مع علمه بغشه علما واقعيا في حين أن العلم بالغش أصبح بمقتضى القانون رقم 522 لسنة 1955 مفترضا لدى المشتغلين بالتجارة والباعة المتجولين، والمطعون ضده من بينهم، وبذلك تحق عليه المسئولية عن السلعة التي يتجر بها وعليه أن يثبت من مصدرها دائما ومن استيفائها الشروط الصحية والقواعد التي تفرضها السلطات ذات الشأن وإذ طرأ عليها بعد ذلك عبث أو انتزاع شيء من عناصرها فهو المسئول حتما عن ذلك ولا يقبل منه الاحتجاج بعدم العلم بالغش ما دام مصدرها الأصلي مسئولا عن سلامتها عند التوريد وذلك حتى لا يفلت أحد من العقاب، وإذا ثبت إضافة مادة غريبة إلى اللين هي الماء فإن الركن المادي الجريمة الغش يتوافر في حق المطعون ضده – المفروض فيه العلم به، وذلك بغض النظر عما استلزمه القانون من إجراءات خاصة بأخذ العينة، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي – الغيابي والمعارض فيه – والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى مما مجمله أن مفتش الأغذية أثبت بمحضر ضبط الواقعة المؤرخ 27/ 5/ 1959 أنه كان قد أخذ في 17/ 5/ 1959 عينة من اللبن الذى يقوم بتوريده المطعون ضده “متعهد تويد الألبان لمستشفى الانكلستوما بكوم أمبو” وقد ضبطت العينة من اللبن الذى كان يحمله المتهم الثاني في الدعوى، شريك المتهم الأول في نقل وتوريد اللبن للمستشفى، وذلك في غير حضور المطعون ضده. وقد قرر المتهم الثاني في محضر أخذ العينة أنه مندوب هذا الأخير. وأرسلت العينة للتحليل فتبين أنها مغشوشة بإضافة 33% ماء إليها. وخلص الحكم إلى قوله” وحيث إن المستقر عليه في أحكام محكمة النقض أنه لا يكفى في مساءلة المتهم جنائيا عن غش اللبن أن يكون هو المتعاقد أصلا على توريده بل لابد أن يثبت أن له دخلا فيما وقع من المتهم الذى قام بالتوريد فعلا وأن العمل كان بالاتفاق بينهما … وحيث إنه بالبناء على ما تقدم ولأنه لم يثبت للمحكمة أن للمتهم الأول “المطعون ضده” دخلا فيما ظهر من غش باللبن الذى يقوم بينه وبين إدارة المستشفى المذكور عقد بتوريده ولا يمكن الاستناد على وجود مصلحة للمعارض “المطعون ضده” في الغش حتى تحمل عليه الإدانة …” وانتهى الحكم إلى تبرئة المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم سديدا في القانون، ذلك بأن مفاد ما أورده الحكم هو عدم اطمئنان المحكمة إلى ثبوت صلة المطعون ضده بغش اللبن المضبوط مع المتهم الثاني في الدعوى وهو ما يكفى لحمل قضاء الحكم بتبرئة المطعون ضده إذ يكفى في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضى له بالبراءة ما دام الظاهر من الحكم أنه قد أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة. ولا يعيب الحكم أن يكون هناك تعاقد بين المطعون ضده وبين إدارة المستشفى على توريد اللبن إليها، إذ الأصل أنه لا يكفى لإدانة المتهم في جريمة عرض لبن مغشوش للبيع مع علمه بغشه أن يثبت أنه هو الملتزم بتوريد اللبن بل لابد أن يثبت أنه هو الذى ارتكب فعل الغش أو أن يكون ورد اللبن مع علمه بغشه. وإذ كان الشارع قد أنشأ قرينة قانونية بالتعديل المدخل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 على المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش، حين افترض العلم بالغش أو بالفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة المتجولين – تلك القرينة التي رفع الشارع فيها عبء إثبات العلم بالغش أو بالفساد عن كاهل النيابة تحقيقا للمصلحة العامة ومحافظة منه على مستوى الألبان على ما أفصح عنه في مذكرته الإيضاحية للقانون سالف الذكر. وكانت هذه القرينة القابلة لإثبات العكس لم تمس الركن المعنوي في جنحة الغش المؤثمة بالقانون رقم 48 لسنة 1941 الذى يلزم توافره للعقاب عليها، كما لا تمس سلطة محكمة الموضوع في استظهار هذا الركن من عناصر الدعوى ولا يشترط نوع معين من الأدلة لدحض تلك القرينة، كما أنها لم تشل سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها من عناصر الدعوى واطمئنانها إلى سلامة إسناد التهمة بكافة أركانها إلى المتهم. وكانت المحكمة قد اطمأنت للأدلة السائغة التي أوردتها إلى عدم ثبوت صلة المطعون ضده بفعل الغش ذاته فلا سبيل إلى مصادرتها في عقيدتها وإثارة تلك القرينة القانونية التي محلها أن يثبت بداءة ذى بدء صلة المتهم – إذا كان من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة المتجولين – بفعل الغش موضوع الجريمة وهو ما دلل الحكم المطعون فيه على عدم توافره بما لا معقب عليه فيه. لما كان ذلك، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه لا يكون سديدا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً