اجتهاد قضائي – إبطال الحكم لوجود غش في التبليغ

اجتهاد حول ابطال الحكم لوجود غش في التبليغ

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

1- إن دعوى إبطال الأحكام لا أصل لها في التشريع السوري و لا سند لها، و لا يجوز التمسك ببطلان الحكم إلا عن طريق الطعن فيه أو سلوك طريق الانعدام.
2- إن وضع عنوان غير حقيقي للمدعى عليه و التبليغ على العنوان المذكور يجعل الخصومة غير منعقدة و النزاع لم يتم ربطه بين طرفيه فيكون الإجراء معدوما و ينسحب الانعدام بدوره على القرار الصادر تبعا لذلك فيكون معدوما.
3- إن القول بتطبيق حالة الغش في التبليغات و الإجراءات على أحكام المادة /241/ أصول محاكمات و توجب سلوك طريق إعادة المحاكمة، لا يحجب على المدعي حقه في سلوك طريق الطعن.
4- إن قانون السجل العقاري هو قانون خاص، و الخاص أولى بالتطبيق من العام، ما لم تعرض حالة سكت عنها النص الخاص، حينها يتم العودة للقانون العام القانون المدني.

5- إن أحكام قانون السجل العقاري هي الواجبة التطبيق على النزاع المتعلق بحق شخصي أو عيني عقاري و ليس القانون المدني و إن صدر لاحقا لقانون السجل العقاري، لأن القانون المدني و أسبابه الموجبة لم تشر إلى إلغاء أحكام قانون السجل العقاري أو تعديلها.
6- العبرة في اكتساب الحقوق العينية هي لقيود السجل العقاري.

7- إن اكتساب الشخص الثالث للحق الذي كان مقيدا بالسجل العقاري باسم من باعه يكون استنادا لقيود السجل العقاري و مستمدا من تلك القيود و ليس من العقد المزور أو الحكم القضائي المعدوم الذي جرى القيد بموجبه لاسم البائع و بالتالي فلا وجه للاحتجاج بمواجهته بتلك العقود المزورة أو الأحكام المعدومة و الاتكاء عليها للادعاء ببطلان القيد لاسم البائع بمواجهة هذا، بحسبان أن الحق لم ينقل إليه استنادا إلى العقد المزور و لا استنادا إلى الحكم المعدوم بل لقيود نظيفة حسبما كان ظاهرا حين الاطلاع على صحيفة العقار.
8- إن بقاء العقار بيد مالكه الأساسي الذي انتزعت منه ملكيته تزويرا أو احتيالا يشكل قرينة على سوء نية المشتري الثالث لا بد أن تعزز بدليل.

وقائع الدعوى
——————————————————————————–
أسباب الطعن:
1- المحكمة لم تتبع القرار الناقض و لم تواجه دفوع الطاعن خاصة المتعلقة بإعادة المحاكمة و إن حكم النقض واجب الاتباع.
2- إن واقعة الإنعدام التي ذهب إليها القرار المطعون فيه لا وجود لها إطلاقا في الدعوى و قد حسم ذلك القرار الناقض يتوجب الأخذ بإعادة لأن الغش في التبليغ يطعن معه بطريق إعادة المحاكمة و أشار إلى عدة قرارات لمحكمة النقض حول اعتبار الغش في التبليغ من أسباب إعادة المحاكمة و أضاف أن المحكمة اختلط عليها الأمر بين أسباب الانعدام و بين الغش في التبليغ المبرر لطلب إعادة المحاكمة و الخصم فوت على نفسه ميعاد الطعن بإعادة المحاكمة.
3- الاجتهادات التي ساقتها المحكمة بحالة عدم انعقاد الخصومة و عدم صدور حكم في جلسة علنية.
4- لم ترد المحكمة على دفوعنا المتعلق بأن الطاعن محمد… قد اشترى استنادا لقيود السجل العقاري المعلنة و هو حسن النية لا يعلم شيء عن النزاع إلا أن المحكمة افترضت سوء النية بالموكل افتراضا دون أي دليل على وجود سوء النية لدى الموكل و القرار خالف قرار الهيئة العامة رقم /41/ لعام 1974 و كذلك المادة /3/ و /8/ من قانون السجل العقاري.
5- الموكل لم يشتر من المطعون ضده استنادا لعقد شراء عادي أو حكم قضائي صادر بالغش بل اشترى استنادا لقيود السجل العقاري المعلنة و التي هي حجة على الكافة.
6- إن الحكم الجزائي قد صدر بين المطعون ضدهما سمير و حسام و الموكل حسن طرفا فيه و هو إن قضى فعلا بالتزوير و العفوية فهذا الحكم حجة على سمير و لا علاقة للطاعن به كونه لم يشتر استنادا للعقد العادي المزور و المقضي بتزويره.
7- الحكم المطعون فيه غير مبني على أساس قانوني و أسبابه جاءت متناقضة مع بعضها البعض بشكل يمنع على المحكمة ممارسة رقابتها على حسن تطبيق القانون.

في المناقشة و الحكم:
من حيث هدفت دعوى المدعي سمير… و التي تقدم بها أمام محكمة البداية المدنية في دمشق بتاريخ 2012-11-10 إلى إعلان بطلان القرار رقم /346/ أساس /18633/ بتاريخ 2002-08-27 المنتهي إلى تسجيل العقار رقم (3730/7 و 9) مسجد أقصاب باسم المدعي عليه حسام… و إلى فسخ تسجيل ملكية العقار عن اسم المدعى عليه حسام و كذلك عن اسم المدعي عليه الطاعن محمد… تأسيسا على أن القرار المذكور قد صدر استنادا لغقد بيع مزور مؤرخ في 2001-02-08 بزعم أن المدعي سمير باعه عقاره المذكور و بأن المذكور حصل على حكم قضائي جرى في خصومة معدومة بعد أن جرى تبليغ المذكرات للحضور على غير عنوانه الحقيقي و لا صلة له به و بأن المدعو حسان بعد ذلك قام ببيع العقار إلى الطاعن المدعى عليه محمد… الذي قام بإشغاله على الفور.
ثم تقدم المدعي بطلب عارض بتاريخ 2003-12-09 طلب فيه إعلان انعدام الحكم المدعى ببطلانه و إلزام المدعى عليهما بالتكافل و التضامن بالتعويض مما لحق به و التأكيد على طلباته لجهة فسخ قيد العقار حيث تم قبول الطلب العارض و تكليف المدعي بدفع رسم الطلب بتاريخ الطلب.

و نتيجة المحاكمة صدر القرار البدائي عن محكمة الدرجة الأولى رقم /1522/ لعام 2009 بقبول الطلب العارض و إعلان انعدام القرار و فسخ تسجيل العقار عن اسم الطاعن محمد…. و تسجيله باسم المدعي سمير… و إلزام المدعي عليه حسام بدفع تعويض مقداره خمسمائة ألف ليرة سورية و سايرتها بذلك محكمة الاستئناف المدنية بقرارها رقم /153/ لعام 2012 حيث صدقت القرار موضوعا إلا أن محكمة النقض بغير هيئتها الحالية نقضت القرار بقرارها رقم /203/ لعام 2013 لعلة عدم الرد على الدفوع المثارة من قبل الطاعن و بعد تجديد الدعوى صدر القرار الاستئنافي المطعون فيه الذي انتهى إلى ذات النتيجة السابقة و حيث إن القرار لم يلق قبولا لدى المدعى عليه محمد… فقد أوقع عليه طعنا للأسباب المثارة أعلاه.
و حيث أنه لا خلاف بأن الجهة المدعية قد أسست بداية دعواها تأسيسا خاطئا من حيث مطالبتها بإعلان بطلان القرار المشكو منه إذ أن دعوى إبطال الأحكام لا أساس لها في التشريع السوري و لا سند لها و لا يجوز التمسك بطلان الأحكام إلا عن طريق الطعن فيه أو سلوك طريق الانعدام دفعا إن لم يكن القرار قد اكتسب الدرجة القطعية أو بدعوى مبتدأة في حال اكتسب الدرجة القطعية.

و حيث إن المدعي قد صوب دعواه بطلبه العارض القبول شكلا المتفق مع الأصول و القانون فإن مقطع النزاع أصبح يتعلق بشقين الأول: إعلان إنعدام القرار المطلوب التحلل منه و من الآثار التي رتبها و الثاني: فسخ قيد العقار من اسم المدعي عليه الطاعن و كذلك التعويض فكان لا بد بداية من البحث في صحة الطلب الأول توصلا بعد ذلك إلى مدى تأثيره على التصرف اللاحق للقرار المطلوب انعدامه ليصار إلى إعمال النصوص القانونية الواجبة التطبيق.
و حيث إنه ثابت بالأدلة الناهضة في هذه القضية بأن كافة التبليغات الجارية للمدعي سمير…

في ظل القرار المطلوب انعدامه هي تبليغات باطلة جرت على عنوان لا يقيم فيه المذكور و بشكل مقصود من قبل المدعي حينها حسام الذي مارس الغش في التبليغ و ذكر عنوانا وهميا للمدعى عليه حينها بشكل باطل وصلت لمرحلة انعدام الخصومة ذلك أنه بوضع عنوان غير حقيقي للمدعى عليه و التبليغ على العنوان المذكور لصقا يجعل الخصومة غير منعقدة و النزاع لم يتم ربطه بين طرفيه فجاء الإجراء معدوما و انسحب الانعدام بدوره على القرار الصادر تبعا لذلك فصدر معدوما و إن الانعدام بهذه الصورة إنما قرره الفقه كالدكتور أحمد أبو الوفا في كتابه نظرية الأحكام في قانون المرافعات و كذلك الاجتهاد القضائي المستقر في العديد من الأحكام و كانت غاية الفقه و الاجتهاد من تقرير الانعدام في هكذا واقعة يعود لحقيقة (إن الأصل في القضاء أن يكون في مواجهة الخصم الآخر بحيث يقول المدعي ما شاء و يتمكن خصمه من الرد بما يشاء و يراه من دفوع فإذا تحقق هذا الأصول فإن الغاية المقصودة من توخي الدقة في إجراءات التبليغ تكون قد تحققت، و من ذلك تقول ما قالت به محكمة النقض بقرارها رقم /1136/ تاريخ 1986-12-16:

إن إجراءات الأصول لم توضع أصلا إلا لتحقيق العدل و كل تهاون في مراقبة سلامتها يؤدي إلى ضياع حق الدفاع المقدس و تصبح حينها المحكمة المتهاونة عونا لم يكن غير محق في دعواه على الفور بما يدعيه في غفلة من خصمه الذي لم يعلم بالدعوى على الوجه الصحيح و عليه فإن القرار المذكور و الذي صدر وفق هذا الواقع يغدو معدوما لصدوره في ظل إجراءات معدومة و يتوجب إعلان انعدامه و إن حالة الغش في الإجراءات و التبليغات إنما توجب قيام حالة اللانعدام في القرار و تعطي حقا لمن صدر القرار بغيابه و بظل تبليغات مبنية على الغش و التدليس بطلب إعلان انعدام القرار أما القول بتطبيق حالة الغش من التبليغات و الإجراءات على أحكام المادة /241/ أصول

و توجب سلوك طريق إعادة المحاكمة فإنه لا يحجب عن المدعي حقه في سلوك طريق الانعدام فضلا عن أن الغش الذي تكلمت عنه المادة (241/1 و 2) المتوجب لقبول دعوى إعادة المحاكمة هو الغش الذي يقوم به الخصم أثناء نظر الدعوى و بموجب عمل إيجابي و أن يكون مجهولا لا يمكن للخصمه كشفه أو دفعه و أن يكون مؤثرا في تكوين قناعة المحكمة و لما كان الغش في الإجراءات و خاصة مذكرات الدعوى لا شأن له في تكوين القناعة لدى المحكمة و لا يتم أثناء النظر في الدعوى فإن التطبيق القانوني السيلم على هكذا حالة يكون بسلوك طريق الانعدام لما سلف و قد ذهبت محكمتنا هذا المذهب بقرارها رقم /731/ أساس / 737/ لعام 2013 و حيث إنه و الحالة ما ذكر فإن مطاعن الجهة الطاعنة لهذه الناحية لا تنال من القرار الذي أحسن و أجاد التعليل من هذه الوجهة من مقطع النزاع.

أما فيما خص الجهة الأخرى من النزاع و المتعلقة بتملك الطاعن للعقار موضوع النزاع بشرائه و فسخ ملكية المذكور فإن انعطافة المحكمة للقول بفسخ التسجيل اتكاء على إعلان انعدامه القرار و على بطلان البيع المنسوب للمدعو سمير من قبل حسام و توظيف ذلك وفق أحكام المادة /142/ قانون مدني و قاعدة ما بني على باطل فهو باطل فإنه توظيف خاطئ للنصوص القانونية و تطبيق مخالف للقواعد القانونية المستقرة و آية ذلك ما يلي:
حيث إن إنصراف النزاع في شقه هذا يتعلق بفسخ تسجيل ملكية شخص لعقار انتهى إليه تسجيلا في السجل العقاري و بعقد أصولي و شراء من مالكه قيدا في قيود السجل العقاري فإنه لا بد من تطبيق أحكام قانون السجل العقاري على هذه الحالة و لا مطرح للقول بتطبيق أحكام القانون المدني و القواعد المستقاة منه ذلك أن قانون السجل العقاري إنما هو قانون خاص و الخاص أولى بالتطبيق عن العام ما لم تعرض حالة سكت عنها النص الخاص حينها يتم العودة للقانون العام القانون المدني.
و حيث إن الأسباب الموجبة لصدور القانون المدني و إن صدر لاحقا لقانون السجل العقاري لم تشر إلى إلغاء أحكام قانون السجل العقاري أو تعديلها و بالتالي تبقى هي واجبة التطبيق على النزاع المتعلق بحق شخصي أو عيني عقاري.
و حيث إنه و الحال ما ذكر و بحسبان إن الطاعن قد اكتسب حقه على العقار من قيود السجل العقاري بعد أن أفرغ العقد العقاري الناظم لعملية شرائه و جرى تسجيل العقار لاسمه في السجل العقاري فإن الناظم للمركز القانوني للطاعن محمد… إنما هي أحكام قانون السجل العقاري و خاصة المواد /18/ و /13/ و /14/ من قانون السجل العقاري.
و حيث إن المادة /8/ من قانون السجل العقاري رقم /188/ لعام 1926 قضت بأن يكون لشروحات السجل العقاري قوة إثباتية و تكون الوقائع و الحقوق المذكورة فيها حجية تجاه الآخرين و قضت المادة /14/ من القانون ذاته بما يلي: يعتبر التسجيل مغايرا للأصول إذا جرى بدون وجه حق و كل من يتضرر من معاملة التسجيل يمكنه الادعاء مباشرة بعدم قانون ذلك التسجيل على الشخص الثالث سيئ النية.

و باعتبار أن نص المادة /14/ أعلاه يتعلق بانتقال الحق تسجيلا و يقصد به حق الملكية حصرا فإن هذا النص هو الواجب التطبيق على الواقعة المدعى بها بدلالة ما ذهبت إليه المادة /13/ من ذات القانون في حديثها عن توجب توفر حسن النية و العلم بالعيوب المبطلة للبيع.

و من حيث إنه يتضح من استقراء تلك المواد أن المشرع قد حمى المشتري حسن النية و قصد هنا بالحماية الأشخاص الثالثين الذين يستمدون حقوقهم من قيود السجل العقاري ذات الحجية و القوة الثبوتية كما قالت به المادة الثامنة و لا يقصد هنا من استمدوا حقوقهم من العقود الباطلة أو الأحكام المعدومة أو المبنية على التزوير و بمعنى أصح فإنه و باستقراء المواد /8/ و /13/ و /14/ و /15/ يتضح أن العبرة في اكتساب الحقوق العينية تبقى لقيود السجل العقاري إذ إن الصحيفة العقارية فيما يخص الغير تبقى عنوان الحقيقة بالنسبة له و حجة فيما يراه حسب ظاهرها طالما أن هذه الصحيفة تثبت له ملكيته حتى لو لم يكن البائع صاحب القيد مالكا شرعيا لهذا العقار الذي اشتراه منه كأن يكون قد توصل لتسجيل القيد لاسمه بصورة غير مشروعة سواء بتزوير وكالة أو الحصول على حكم قضائي معدوم أو مستند لعقود مزورة

و نجد أن هذه القاعدة و التي حمت هذا الثالث الذي لا رابطة تربطه بتلك العلاقة أو النزاع الذي كان قائما بين مالك القيد تزويرا و بين صاحب القيد السابق سوى الحالة التي يكون فيها مكتسب الحق تسجيلا (الشخص الثالث) سيء النية أي إن حقه يبقى محصنا بموجب المادة /14/ و ما سبقها من الإلغاء ما لم يكن هذا الشخص الثالث سيء النية و بالتالي فإنه مع عدم ثبوت سوء نية هذا الثالث فإنه يتوجب عدم إلغاء حقه في ملكية العقار.

و قد استقر الاجتهاد القضائي في هذا الاتجاه بما يتفق مع النصوص العقارية الناظمة لذلك و بما يتفق مع غاية المشرع في إسباغ صفة الحصانة بل القدسية لقيود السجل العقاري بشكل يبقيه بمنأى من أن تتزعزع ثقة الناس في هذا السجل و حتى يحقق الغرض الذي أنشئ من أجله السجل العقاري و قد قالت محكمة النقض بقرارها الصادر عن هيئتها العامة رقم /59/ لعام 1972: (إن الشاري حسن النية الذي تنقل إليه الحقوق العينية بمفعول القيود العقارية هو صاحب حق مكتسب و لا يمكن أن يعترض تجاهه بأي دعوى و ليس للمتضرر سوى إقامة الدعوى الشخصية على مسبب العطل و الضرر و عللت بأن الأخذ بهذا المبدأ المستقى من الأسباب الموجبة للقرار /188/ لعام 1926 باعتباره إعطاء حق المداعاة ضد مكتسب الحق العيني تجاه من اكتسب حقه بسوء نية حلا وسطا يوفق بين القوة الثبوتية لقيود السجل و مصلحة صاحب الحق و أضافت إن الأخذ بهذا المنطلق يجعل الشاري حسن النية الذي انتقل إليه الحق بقيود السجل العقاري صاحب حق مكتسب و لا يمكن الاعتراض تجاهه بأي دعوى سواء كان البائع صاحب القيد قد حصل على التسجيل بطريق التدليس أو الغش أو التزوير و ليس للمتضرر سوى إقامة الدعوى الشخصية على مسبب الضرر و عبر الشرع عن هذه الحالة تماما بنص المادة /14/ سجل عقاري.

و كذلك مع إقرارنا بأن هذا الذي نذهب إليه قد يجافي قواعد العدالة المطلقة فيما لو قلنا بأن من سلب منه حقه تزويرا أو احتيالا لا ذنب له و لم يرتكب خطأ يستوجب أن لا يراعى حقه المحفوظ بقيود السجل العقاري فإن هذا القول يبقى متعلقا بمصلحة فردية لا تصل لمرتبة المصلحة العامة المتمثلة بوجود بقاء ثقة الناس متوفرة بالسجل العقاري و حتى لا تضيع هذه الثقة فتنعدم المعاملات العقارية و استطرادا الملكية يتزعزع في ضمير الناس و قد استقر الاجتهاد القضائي كما استقر قانون السجل العقاري و نصوصه من هذا الاتجاه و صدرت الاجتهادات المتعاقبة التي تقول حكم القانون في هكذا حالة منها و أيضا القرار رقم /1811/ أساس /1047/ تاريخ 1981-11-21

و حيث إنه و الحال ما ذكر فإن اكتساب الشخص الثالث للحق الذي كان مقيدا بالسجل العقاري لاسم من باعه يكون استنادا لقيود السجل العقاري و مستمدا من تلك القيود و ليس من العقد المزور أو الحكم القضائي المعدوم الذي جرى القيد بموجبه لاسم البائع و بالتالي فلا وجه للاحتجاج بمواجهته بتلك القيود المزورة أو الأحكام المعدومة و الاتكاء عليها أدعى ببطلان القيد لاسم البائع بمواجهة هذا المشتري فالحق لم ينقل إليه استنادا إلى العقد المزور و لا استنادا إلى الحكم المعدوم بل لقيود نظيفة حسب ما كان ظاهرها حين الاطلاع على صحيفة العقار.

و حيث إن ذلك المبدأ يستتبع القول:
إن أحكام السجل العقاري و نصوصه قد عالجت الحالة التي تقوم عليها الدعوى التي نحن بصددها فلا مجال لتطبيق نصوص أو قواعد على هذا النزاع طالما أن قانون السجل العقاري لم يسكت عن هذه الحالة كما أن هذا المبدأ و مع استبعاد تطبيق أحكام القانون المدني لما سلف فإن قاعدة بني على باطل فهو باطل و أحكام المادة /142/ قانون مدني و كذلك القول بأن الحكم الجزائي له حجية على الكافة لا وجه للأخذ بها في هذه الدعوى و يمثل وقائعها طالما أن المدعى عليه الطاعن قد استقى حقه من قيود السجل العقاري لا من العقد الثابت و تزويره و لا من الحكم المقرر انعدامه كما أنه لا يجوز ربط المدعي طالب المخاصمة بعقود أو بنزاعات قائمة عليها سواء تعلقت بدعوى تزوير العقد أو انعدام الحكم مصدر التملك للبائع طالما أن هذا المشتري الثالث الطاعن لم يكن طرفا في العقد و لم يشتري العقار استنادا للعقار الثابت تزويره و لم يكن طرفا في الدعوى المعدوم قرارها و لم يكتسب الحق استنادا لذلك الحكم المعدوم و إنما استمد الحق بعد أن استقرت الملكية في قيود السجل العقاري من تلك القيود فحسب دون أي رابط عقدي أو قانوني بينه و بين أسباب نزع الملكية من المطعون ضده.

و حيث إن ما تمسك به المطعون ضده في بعض دفوعه لجهة القرار رقم /169/ لعام 2009 الصادر عن الهيئة العامة للنقض فإنه لا ينطبق على هذه الدعوى و لا على وقائعها لتعلقه بحق قضى به استنادا لوكالة مزورة و لم ينتقل في السجل العقاري لاسم مدعي الحق لثبوت التزوير كما إنه لم يجري نقله لاسم شخص ثالث و إنما بقي أطرافه متصلين برابطة العقد و الوكالة المزورة بحسبان أن اكتساب الحق من تلك الدعوى كان متصلا بالوكالة المزورة فإنه لا محل هذا القرار على هذا النزاع أو القول بمخالفته كقاعدة أو مبدأ عام و لا مجال للأخذ بمن قال به من توجب تطبيق قاعدة ما بني على باطل فهو باطل كما إنه لا بد من الإشارة أن قانون التحديد و التحرير من المادة /17/ حيث لم تستقر الملكيات بعد منع طلب فسخ القيد حتى لو ثبت أن من سجل قد مارس الغش و التدليس و من ذلك التزوير و أعطى حق المداعاة بالتعويض على من سجل و ليس على من انتقل لاسمه العقار بيعا من المذكور فكيف الحال و البيع هنا سنده السجل العقاري المستقر من هذا كله يتبين أن المحكمة مصدرة القرار قد خالفت هذه المبادئ و خالفت قرار الهيئة العامة المتفق مع طريقة هذه الدعوى رقم /59/ لعام 1972 و لم تعمد لتطبيق أحكام القانون على النزاع بشكل أوقعها في خطأ التطبيق الغير سليم لنصوص القانون الأمر الذي يتوجب معه نقض القرار لهذه الناحية.
و حيث إن هذه المحكمة إذ تنظر بهذه الدعوى للمرة الثانية فإنها تنظر بالنزاع كمحكمة موضوع.

و حيث إن تقرير الانعدام و قد اتفق مع حكم القانون لما سلف على حكم قضائي لم يكن الطاعن طرفا فيه و لم يستمد حقه على العقار من هذا الحكم و طالما أنه لم يثبت علم المدعى عليه الطاعن بواقعتي التزوير أو الانعدام و لا علمه بهما فإنه و مع التسليم قانونا بأنه يجب على المحكمة التي قررت الانعدام أن تفصل بالدعوى المقامة من المطعون ضده حسام و أن تقول كلمتها بخصوصها و تقضي بردها لعدم الثبوت اتكاء على أن العقد المدعى به مزور فإنه لم يعد بوسع المحكمة القول بفسخ تسجيل ملكية المدعى عليه الطاعن محمد….

لما تم شرحه من مبادئ قانونية خاصة و أن الحق بفسخ التسجيل قد انقضى بحسن نية المشتري التي لم يستطع المدعي إثبات عكسها ذلك أنهن و قد نشأ حق المدعى عليه و هو من الغير حسن النية من قيود السجل العقاري فإنه لا انعكاس لتصرفات الأشخاص الآخرين مهما كان طبيعتها أو عدم مشروعيتها على حقوق هذا الإنسان المستمدة من قيود السجل العقاري لا من عقد مزور أو من حكم معدوم و كان بذلك جديرا بها أن تقضي برد الدعوى عن الطاعن أما و إن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه و رغم ذهابها لتقرير انعدام القرار و انعكاس هذا الانعدام و العقد المزور على حقوق الطاعن المكتسبة فقد ذهبت للقول بثبوت سوء نية المشتري الطاعن فهو تزويد منها من جهة و تناقض مع ما ذهبت إليه و مخالف للقانون من جهة أخرى فالأول إن القرار المنقوض عن ذات المحكمة لم يتعرض في مضمونه لموضوع حسن النية و لم تبحث فيه و كان نقض القرار المذكور بقرار هذه الغرفة بغير هيئتها إنما جاء استنادا لطعن المدعى عليه الطاعن محمد…..

و أتاح له إثارة دفوعه مجددا مما لا يعطي المحكمة حقا للتصدي لهذه الناحية و لتناقضها مع ما قالت به بأن الانعدام ينسحب على ملكية الطاعن و يبطلها أما قانونا و قد تصدت لواقعه بثبوت النية حسنة كانت أم سيئة على أساس أن المدعى عليه قد دفع بها فإن هذا الأمر لا بد من إثباته يقينا لا أن تستنتجه المحكمة و من تصرفات لا يجوز البناء عليها و القول بأن المدعى عليه قد سجل بسوء نية فكون والده صاحب مكتب عقاري كما جاء بالقرار لا يعد قرينة على سوء النية بل على العكس فإن طبيعة عمل هؤلاء الأشخاص على فرضها أنهم يعملون في هذا المجال تتطلب السرعة في إنجاز معاملاتهم خاصة إذا كانت شخصية بالنسبة إليهم و بالتالي لا يمكن اعتماد إثبات سوء النية بالقرائن و لا بد من إثباتها يقينا كما لا بد من توافر شرطين و ثبوتهما و هما إثبات العلم و قصد الإضرار ذلك أن ما ذهبت إليه المادة (14/188)

لعام 1926 يتعلق بثبوت سوء النية و التي يحكمها القانون المدني وما أوجبه من العلم و قصد الإضرار و لم يتكلم عنه قانون السجل العقاري و إن افتراض مجرد العلم إنما يتعلق بأحكام المادة (5/13) سجل عقاري التي قالت صراحة إنه لا يمكن أن يتذرع بمفعول القيود الأشخاص الذين عرفوا وجود عيوب إذ إن المشرع هنا فقط و من حال اكتساب الحق من خلال أعمال التحديد و التحرير افترض المعرفة أو العلم بوجود عيوب داعية لإلغاء الحق أو نزعه.
و حيث إنه لم يثبت سوء نية الطاعن كشخص ثالث فإن ذلك مدعاة لرد الدعوى بمواجهته لعدم الثبوت.

و حيث إنه لا بد من معيار ثابت في هذا النوع من الدعاوى يمكن معه ترسيخ قاعدة يفترض معها سوء النية أو يستفاد منها كقرينة مع الأدلة الأخرى المثبتة لسوء النية ألا و هي أن يكون البيع الجاري من مشتر حسن النية و الذي قام بنقل الملكية من قيود السجل العقاري من المالك قيدا و كان قيده مزورا أن يقترن هذا الشراء بالتسليم بحسبان أن البيع قد أصبح منجزا و أن التسليم من مستلزماته و إن بقاء العقار بيد مالكه الأساسي الذي انتزعت منه ملكيته تزويرا أو احتيالا بشكل قرينة على سوء نية المشتري الثالث لا بد من أن تعزز بدليل.
و كان حال هذه الدعوى لا يختلف مع ما أوجبه القانون و ما ذهبنا إليه من عدم ثبوت سوء نية الطاعن و من استلامه للعقار على ما جاء في استدعاء دعوى المدعي المطعون ضده.
لذلك و حيث إن الدعوى جاهزة للفصل و عملا بالمادة /260/ أصول.

تقرر بالاتفاق ما يلي:
1- قبول الطعن شكلا.
2- قبوله موضوعا و نقض القرار و الحكم بما يلي:
* قبول استئناف المستأنف محمد…. شكلا بدمشق.
* قبوله موضوعا و فسخ قرار محكمة البداية المدنية رقم /1552/ أساس /1439/ لعام 2009 جزئيا في فقرته الثالثة و القاضية بفسخ تسجيل العقار رقم (3730/7/9) بحيث تصبح:
3- رد الدعوى عن المدعى عليه محمد…. لعدم الثبوت تعديل الفقرة الرابعة بحيث تصبح:
4- ترقين إشارة الدعوى الموضوعة بموجب العقد (4686/2002) بعد قطعية القرار تصديق ما عدا ذلك من القرارات.
قرار 1134 / 2013 – أساس 1309 – محكمة النقض – الدوائر المدنية – سورية
قاعدة 1 – م. المحامون 2014 – اصدار 01 إلى 06 – رقم مرجعية حمورابي: 73294

شارك المقالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.