التفويض التشريعي في اطار مبدأ قانونية الجريمة والعقاب
إذا ورد مبدأ قانونية الجريمة والعقاب بصيغة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون أو بناء على قانون)
فهذا يعني ان المشرع الدستوري قد اجاز للسلطة التشريعية ان تفوض السلطة التنفيذية صلاحية خلق جرائم وعقوبات بصيغة انظمة أو تعليمات (لوائح) تنفيذاً لقانون صادر من السلطة التشريعية وفي حدود هذا القانون.
واذا كانت الدساتير تجيز التفويض في اطار التجريم والعقاب، فانها لا تجيز التفويض في اطار الاجراءات الجزائية ، والعلة في ذلك ان التفويض في اطار التجريم يمكن ضبطه في حدود معينة لا تؤثر على جوهر الحرية الشخصية للفرد ، اما اذا فوضت السلطة التنفيذية صلاحية وضع انظمة وتعليمات ولوائح اجرائية فان ذلك سيمس جوهر الحرية الشخصية للفرد خاصة وانها غالباً ما تدخل في خصومات مع الافراد وتفويضها سلطة وضع قواعد اجراءات التقاضي سيكون ولا شك سبباً لتحيزها لنفسها تحت غطاء حجج وذرائع شتى وفي مقدمتها الادعاء التقليدي المرن ( مقتضيات المصلحة العامة ) مما يؤدي الى هدر المبادىء العامة التي يقوم عليها قانون الاصول ومنها مبدأ اصل البراءة .
كما أن التفويض في مجال القانون الإجرائي يمس استقلال القضاء كونه هو المعني بتطبيق تلك الاجراءات.
وفي ضوء ماتقدم لا يجوز للمشرع ان يفوض اختصاصه في مجال تحديد قواعد الإجراءات الجنائية إلى أية سلطة أخرى ، وأي تفويض من هذا القبيل يكون مخالفاً للدستور .
خاتمة البحث
قال تعالى
( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ). هود (117)
أي لم يكن الله تعالى ليهلكهم بالكفر وحده حتى يضاف إليه الفساد، أي فيما بينهم في تعاطي الحقوق ورد المظالم والحكم بالعدل ، كما أهلك قوم شعيب ببخس المكيال والميزان. والله اعلم.
اترك تعليقاً