إجراءات تسجيل عقد الزواج العرفي حسب القانون الجزائري

إجـــــراءات تسجيــــل عقـــد الـزواج العرفـــي

والتسجيل يقتضي إتباع إجراءات خاصة ، بإختلاف مكان إنعقاد العقد وبإختلاف الفترة الزمنية التي أبرم فيها ، ولذلك حاول المشرع في كل مرحلة معالجة عقود الزواج العرفية عن طريق سنّه لمجموعة من النصوص القانونية ، والتي تلزم المواطنين المتزوجين عرفيا أن يتقدموا إلى المحاكم لإستصدار أمر أو حكم لتسجيل عقودهم في سجلات الحالة المدنية وفقا للإجراءات المنصوص عليها في تلك القوانين ، وعليه سنتطرق إلى هذه النصوص القانونية .
المطلــب الاول :
النصــوص التـي تنـاولت تسجيل عقــد الـزواج العرفي
بداية من سنة 1882 تاريخ إنشاء نظام الحالة المدنية في الجزائر ، وإلى غاية سنة 1984 تاريخ صدور قانون الأسرة ، صدرت عدة قوانين ومراسيم نصت على تسجيل عقود الزواج العرفية ، منها ما صدر قبل الإستقلال ومنها ما صدر بعده .
1- القوانين الصادرة قبل الاستقلال :
إن أول تنظيم لقانون الحالة المدنية في الجزائر كان على يد الإستعمار عندما أصدر قانون 23/03/1882 المتعلق بالحالة المدنية للأهالي المسلمين بالجزائر والمعدل بقانون 02/04/1930 ، ونصت المادة 16 منه على أن :
وثائق الميلاد و الوفاة المتعلقة بالأهالي الجزائريين يجري تنظيمها و تسجيلها في سجلات الحالة المدنية وفقا للأشكال و الأوضاع المنصوص عليها في القوانين الفرنسية النافذة أما الوثائق المتعلقة بالزواج و التفريق و الطلاق الرضائي فإنها ستنظم وتسجل في سجلات الحالة المدنية بناءا على تصريح يقدمه الزوج إلى رئيس البلدية أو المحاكم العسكرية ” (1) .
كما رتب هذا القانون على كل مخالفة لأحكام هذه المادة عقوبة بدنية تتراوح ما بين 6 أيام إلى 6 أشهر حبسا وعقوبة مالية تتراوح مابين 16 إلى 300 فرنك غرامة .
غير أن هذا القانون إنحصر تطبيقه في جهات معينة أهمها المناطق التي تركزت فيها مصالح الإستعماريين وإحتاجت فيها السلطة الفرنسية إلى التعامل مع بعض الجماعات من الجزائريين لإستخدامهم في إداراتها.
وظل هذا القانون هو المطبق في بلادنا إلى أن ألغي بموجب المادة 18 من الأمر رقم 66-307 المؤرخ في 14/10/1966 والمتضمن شروط تأسيس الحالة المدنية (2).
يمكن القول بأن إنفراد مناطق معينة بتطبيقها لهذا القانون جعل عقد الزواج في المناطق الأخرى خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية والتي لا تشترط تسجيله في سجلات الحالة المدنية ، ولا تخضعه لإجراءات معينة .
قانون 57-777 :
صدر هذا القانون خلال سنة 1957 ، ويتعلق بإثبات و تسجيل عقود الزواج السابقة له ، وقد نص في المادتين الثالثة والرابعة منه على :
(1) بداوي علي ، مقال عقود الزواج العرفية بين قصور أحكام القانون ومتطلبات المجتمع ، موسوعة الفكر القانوني ، العدد الثاني ، ص 33 .
(2) عبد الله شناح ، الزواج العرفي ، مذكرة نهاية التربص بالمعهد الوطني للقضاء ، سنة 1993 ، ص 05 .
وجوب تسجيل عقود الزواج في سجلات الحالة المدنية بموجب حكم من رئيس المحكمة في غرفة المشاورة بناءا على طلب الزوجين أو طلب أحدهما ،وأن الحكم الصادر لا يقبل أي طريق من طرق الطعن ” (1) .
هذا القانون تم إلغاؤه فيما بعد ، وقبل ذلك كان يطبق بأثر رجعي بالنسبة لجميع عقود الزواج المبرمة قبل صدوره ، بحيث تضمن إجراءات تسجيل عقود الزواج والتي تتم بناءا على طلب ينتهي بصدور حكم فيه ، خلافا للقانون السابق الذي يتم فيه التسجيل بناءا على تصريح يقدمه الزوج إلى رئيس البلدية أو المحاكم العسكرية .
وهذا يعني أن إجراءات التسجيل حسب هذا القانون ترفع أمام رئيس المحكمة بصفته الجهة المنوطة بالفصل في طلب تسجيل عقد الزواج .
الأمر 59-224 المؤرخ في 04/02/1959 ، والخاص بعقود الزواج التي يعقدها
[size=21]الأشخاص الذين يخضعون للأحوال الشخصية المحلية وذلك في عمالات الجزائر ، والساورة و الواحات .
حيث نص هذا الأمر في المادة الثالثة منه على تسجيل عقود الزواج في سجلات الحالة المدنية ، غير أنه فرق بين إجراءات التسجيل بحسب الجهة التي يتم إبرام الزواج أمامها .
فإذا تم الزواج أمام ضابط الحالة المدنية ، وجب على هذا الأخير أن يسلم للزوجين دفترا عائليا يثبت إنعقاد الزواج ، أما إذا تم الزواج أمام القاضي وجب أن يثبت ذلك في وثيقة وأن يسلم إلى أصحابها شهادة بإنعقاد الزواج ، ثم يرسل إلى ضابط الحالة المدنية نسخة من عقد الزواج خلال 03 أيام ، وعلى هذا الأخير أن يسلم الزوجين دفترا عائليا (2) .
(1) عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 20 .
(2) عبد الله شناح ، المرجع السابق ، ص 05 .
كما منعـت نفس المـادة إقامـة حفـل الـزواج إلا بعد الإطلاع على الشهادة و الدفتر العائلي ، وأضافت المادة السادسة من نفس الأمر أن إنحلال الزواج لا يكون إلا بقرار من القضاء فيما عدا حالات الموت (1).
إن هذا الأمر كان يهدف إلى القضاء على الزواج العرفي و الطلاق العرفي الذي يتم أمام الجماعة ، كما أن الإستعمار الفرنسي كان يهدف من وراء ذلك إلى إحكام قبضته على الأسرة الجزائرية و إحصاء كل تصرفاتها .
وخلاصة القول أن هذا الأمر إنحصر تطبيقه في مناطق معينة على سبيل الحصر ، مما يجعل عقد الزواج في غير هذه المناطق خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية ، كما أنه نص على إجراءات تسجيل عقود الزواج المبرمة بعد صدوره ، ولم يتحدث عن كيفية تسوية عقود الزواج المبرمة قبله ، والأهم أنه فرق بين الزواج الذي يتم أمام ضابط الحالة المدنية والذي يتم أمام القاضي من حيث إجراءات تسجيله ، وخلص في النهاية إلى أن قيام الزواج يثبت بشهادة إنعقاد الزواج و بالدفتر العائلي ، وأن إنحلاله يكون بقرار من القضاء ، ومنه فلا يمكن الإحتجاج بخلاف ذلك .
2 – القوانين الصادرة بعد الإستقلال :
بعد الإستقلال إستمر العمل بالقوانين و المراسيم التي نظمت عقود الزواج والتي كانت سارية وقت الإستعمار ما عدا تلك التي تتعارض نصوصها مع السيادة الوطنية ، ثم صدرت عدة قوانين يمكن التطرق إليها كمايلي :
مرسوم 62-126 المؤرخ في 31/12/1962 نص هذا المرسوم في المواد الخمس الأولى منه على إمكانية وكيفية تقييد حالات الولادة و الزواج و الوفاة الواقعة داخل وخارج التراب الوطني خلال الفترة ما بين أول نوفمبر 1954 و خمسة جويلية 1962 .
(1) المرجع السابق ، ص 05 .
ونصت المادة السابعة منه على أن السجلات المتضمنة وثائق الزواج والولادة والوفاة والمحررة من قبل الهيئات التابعة لجبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني في الجزائر وتونس والمغرب تخضع إلى تأشيرة و موافقة وكلاء الدولة لدى المحاكم الإبتدائية الكبرى بالجزائر وقسنطينة ووهران الذين يأمرون بتقييد وثائق الميلاد والزواج والوفاة التي تضمنتها السجلات المذكورة في سجلات الحالة المدنية لبلديات الجزائر الكبرى وقسنطينة ووهران تبعا لآخر موطن في البلاد .
كما تنص المادة الثامنة على أن وثائق الولادة والزواج والوفاة المحررة في الخارج بشكل نظامي يمكن تقييدها في سجلات الحالة المدنية بمجرد طلب من وكيل الدولة المختص وبعد ذلك نصت المادة 14 على أن أحكام هذا المرسوم ستكون قابلة للتطبيق خلال مدة سنة إبتداءا من تاريخ دخولهم حيز التنفيذ (1) .
وبذلك يبقى الإشكال مطروح بالنسبة لعقود الزواج المبرمة قبل صدور هذا المرسوم و التي فاتها ميعاد السنة .
قانون 63-224 المؤرخ في 29 جوان 1963 والمتعلق بتعيين الحد الأدنى لسن الزواج ووجوب تسجيل عقود الزواج خلال أجل محدد ، وكان هدفه هو القضاء على الزواج العرفي أو التقليل منه .
بحيث نص في المادة الخامسة منه :” لا يجوز لأحد أن يدعي بأنه زوج و أن يطالب بما يترتب على ذلك من آثار ، مالم يقدم زواج مسجل بسجلات الحالة المدنية ” (2).
(1) عبد العزيز سعد ، نظام الحالة المدنية في الجزائر ، الطبعة الثانية ، دار هومه ، الجزائر ، ص 26 –27 .
(2) عبد الله شناح ، المرجع السابق ، ص 06 .
أما فيما يخص العقود غير المسجلة ، نصت الفقرة الثانية من المادة الخامسة على أنه :” يجب تسجيل عقود الزواج المبرمة قبل صدور هذا القانون خلال 3 سنوات ” ، ثم مدد هذا الأجل إلى 03 سنوات أخرى بمقتضى الأمر المؤرخ في 22/02/1968 إلى غاية 31 ديسمبر 1969.
غير أن هذا النص لم يبين كيفية التسجيل ولا شروطه وبقيت المحاكم تطبق الإجراءات التي نص عليها قانون 57-777 المؤرخ في 11/07/1957 .
أهم ما يمكن قوله أن هذا القانون كان يطبق بأثر رجعي بالنسبة لجميع عقود الزواج المبرمة قبل صدوره ، وبذلك فإنه يحل مشكلة العقود المبرمة بعد سنة 1962 وحتى تلك التي أبرمت بين الفترة الممتدة بين 01/11/1954 و 05/07/1962 وفاتها ميعاد السنة طبقا لما نص عليه المرسوم 62-126 .
لكن الإشكالية التي خلقها قانون 63-224 هي عدم إعترافه بالزواج الذي أبرم وفقا لتعاليم الشريعة الإسلامية ولم يسجل بسجلات الحالة المدنية وذلك بالنسبة للفترة ما بين صدوره إلى غاية صدور الأمر 69-72 .
ولما كانت المادة 223 من قانون الأسرة تنص على إلغاء جميع الأحكام المخالفة له ، فإن النتيجة هي أن المادة الأولى من القانون 63-224 تكون قد ألغيت إلغاءا ضمنيا ، أما غيرها من المواد الأخرى فإن الإلغاء لم يشملها لا ضمنيا ولا صراحة بأنها لا تخالف قانون الأسرة ، فنص المادة الخامسة مازال مطبق حيث لا يمكن لشخص أن يثبت أنه زوج بدون مستخرج عقد الزواج من سجلات الحالة المدنية (1) .
(1) عبد العزيز سعد ، الزواج و الطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، ص 29 .
كما أن الدكتور محمد محده و عبد العزيز سعد يذهبان إلى إمكانية معاقبة الزوجين وممثليهما الشرعيين وكل الأشخاص الذين يساهمون في إبرام عقد زواج لفتيان أو فتيات لم
يبلغوا السن المحددة في القانون ، وما يزال بالإمكان إعتبار زواجهما باطلا أو قابلا لإبطال
حسب الأحوال ، أو إعتباره زواجا صحيحا بعد البلوغ أو بعد حمل الزوجة ويمكن تسجيله هو نفسه كان قد أبرم خلال الفترة التي لم يبلغ الزوجان أو أحدهما فيها السن القانونية المحددة . (1)
الأمر 69-72 المؤرخ في 16/09/1969 قد تضمن هذا الأمر إستثناء لما نصت عليه المادة الخامسة من القانون 63-224 .
بحيث نص في المادة الأولى منه على : ” إستثناء لما نصت عليه المادة الخامسة من القانون المذكور أعلاه ، ودون المساس بما قررته النصوص الجاري بها العمل ، فإن جميع عقود الزواج التي وقعت وفقا للشريعة الإسلامية قبل نشر الأمر الحالي ، والتي لم تقيد أو تسجل في سجلات الحالة المدنية ، يمكن تسجيلها بمجرد الإستظهار بحكم صادر عن رئيس المحكمة (2) .
وحسب المادة الثانية من هذا الأمر فإن إجراءات تسجيل عقد الزواج المبرم قبل صدوره تكون بتوجيه طلب من المعني أو ممن له مصلحة في ذلك ، إلى رئيس المحكمة التي تم في دائرة إختصاصها إنعقاد الزواج على أن يتضمن الطلب الإعتراف قضائيا بالزواج إبتداءا من تاريخ عقده ، وبعد أن تقوم المحكمة بإجراء التحقيقات المناسبة تبث في الدعوى خلال 03 أشهر من تاريخ تقديم العريضة ، على أن الحكم الصادر غير قابل للطعن .
وطبقا للمادة الرابعة من الأمر فإن أثر الزواج يبدأ من تاريخ اليوم الذي إعترف فيه الحكم بأنه تاريخ عقد الزواج ، إلا أن مسالة تسجيل عقود الزواج في سجلات الحالة المدنية ظلت
(1) المرجع السابق ، ص 30 .
(2) المرجع السابق ، ص 20 .
قائمة ولم تنته ، إما بسبب إهمال المواطنين وعدم الإهتمام بمصالحهم ، وإما بسبب إهمال المسؤولين وعدم إهتمامهم بالمصلحة العامة والنظام العام ، الأمر الذي حتم على السلطات المسؤولة أن تعيد النظر وذلك بعد إصدارها للأمر رقم 71-65 .
الأمر 71-65 المؤرخ في 22/09/1971 و المتعلق بإثبات كل زواج لم يكن موضوع عقد مدون في سجلات الحالة المدنية ، وقد تضمن هذا الأمر تسعة مواد ، كما أنه ألغى ضمنيا الأمر 69-72 .
ونص في المادة الأولى منه على أن :” كل قران إنعقد قبل صدور هذا الأمر ونتج عنه أولاد ولم يكن موضوعا لأي إجراء ولا لأي عقد محرر أو منسوخ في سجلات الحالة المدنية يمكن أن يقيد في سجلات الحالة المدنية
وبينت المادة الثانية الإجراءات الواجب إتباعها حيث نصت على أنه :” يجوز لكل من يعنيه الأمر أن يوجه إلى رئيس المحكمة التي إنعقد القران في دائرة إختصاصها ، طلبا يرمي إلى جعل هذا القران معترفا به قضائيا ، وكذلك التاريخ الذي إنعقد فيه “.
ونفس الأمر نص على أنه إذا تعلق الأمر بقران بين الجزائريين أو بين الجزائريين و أجنبيات ليس لهم مسكن قار في الجزائر ، فإن الإختصاص بشأن الحكم بإثبات الزواج يعود إلى رئيس محكمة مدينة الجزائر ، وعلى المعني المقيم في بلد أجنبي إيداع طلبه لدى البعثات الدبلوماسية أو القنصلية الجزائرية التي يوجد المسكن في دائرة إختصاصها ، وفي هذه الحالة يقوم الأعوان الدبلوماسيين أو القنصوليين بإجراء تحقيق حول واقعة الزواج ، وإرسال الطلب مشفوعا برأيهم في خلال الشهر الموالي من إستلامهم للطلب إلى رئيس محكمة مدينة الجزائر .
والمحكمة التي يمكنها أن تأمر بجميع إجراءات التحقيق المفيدة تبث في القضية في ظرف الثلاثة أشهر الموالية ليوم تسليم الطلب ، والحكم الصادر غير قابل لأي طريق من طرق الطعن ، ثم ينسخ منطوق الحكم في سجلات الحالة المدنية التابعة لمكان الميلاد وفي سجلات القنصلية وذلك بطلب من وكيل الدولة .
وقد نص هذا الأمر على أنه يطبق بأثر رجعي بالنسبة لجميع عقود الزواج المبرمة قبل صدوره بشرط أن يكون قد نتج عنها أولاد ، وبذلك يكون هذا الأمر قد أغفل عقود الزواج العرفية التي لم ينتج عنها أولاد وهذا ما يعاب عليه .
الأمر 70-20 المؤرخ في 19/02/1970 المتضمن قانون الحالة المدنية ، والذي دخل حيز التطبيق خلال شهر جويلية 1972 ، فألغى جميع القوانين المخالفة له التي كانت مطبقة قبله .
هذا الأمر عالج جميع عقود الحالة المدنية بشكل شامل ومنها عقود الزواج التي تمت عرفيا و التي سماها ” بالعقود المغفلة ” ونص عليها في القسم الأول من الفصل الثاني تحت عنوان تعويض العقود المغفلة أو المتلفة (1) .
ويمكن تعريف العقود المغفلة بصفة عامة بأنها : العقود التي لا يصرح بها لضابط الحالة المدنية في الآجال المقررة أو تعذر قبولها ، أو عندما لا توجد سجلات أو فقدت لأسباب أخرى غير أسباب الكارثة أو العمل الحربي .
ومنه فإن عقد الزواج العرفي هو عقد مغفل لم يسع فيه الزوجين أو محرر العقد على تسجيله في الآجال المحددة قانونا .
(1) بداوي علي ، المرجع السابق ، ص 34 .
وقد نص الأمر 70-20 في المادة 39 منه على إمكانية تقييد كل عقود الزواج المبرمة بعد صدوره والتي لم تكن موضوع تسجيل أو تقييد في سجلات الحالة المدنية ، على أن التسجيل يتم بموجب أمر بسيط من رئيس المحكمة ، بناءا على طلب من وكيل الجمهورية ، إستنادا إلى طلب صاحب المصلحة و بالإعتماد على الوثائق و الإثباتات الماديـة .
هذا الأمر يطبق بأثر فوري و مستقبلي بالنسبة لجميع عقود الزواج المبرمة بعد دخوله حيز التطبيق .
و يمكن القول بأن المادة 39 من الأمر السابق ، أشمل مقارنة مع المادة الأولى من الأمر 71-65 إذ بأنها تضمنت تسجيل جميع حالات الزواج سواءا تلك التي نتج أو لم ينتج عنها أولاد .
بما أن الأمر 71-65 يطبق بأثر رجعي بالنسبة لجميع عقود الزواج العرفي المبرمة قبل صدوره ، وأن الأمر 70-20 يطبق بأثر فوري ومستقبلي بعد دخوله حيز التنفيذ في شهر جويلية 1972 ، فإننا نتساءل على كيفية تسوية وضعية العقود المبرمة بين الفترتين ؟
بالنسبة إلينا فإن تلك العقود تدخل ضمن العقود المغفلة و المنسية في مفهوم قانون الحالة المدنية ، وبذلك يمكن إخضاعها لأحكام المادة 39 من الأمر 70-20 .
قانون 84-11 المؤرخ في 09 جوان 1984 ، والمتضمن قانون الأسرة وهو آخر النصوص التي عالجت عقود الزواج ، حيث نص في المادة 22 على إمكانية تسجيل عقود الزواج العرفية ، وفيما يتعلق بإجراءات التسجيل فقد أحال على المادة 21 منه في تطبيق أحكام قانون الحالة المدنية .
وبذلك فإن قانون الأسرة يطبق بأثر فوري و مستقبلي بالنسبة لجميع العقود المبرمة بعد دخوله حيز التطبيق على أساس أنه لم ينص على تطبيقه بأثر رجعي ، وبالمقابل فإن المادة 39 من الأمر 70-20 تبقى سارية التطبيق بشأن تقييد وإثبات عقود الزواج التي أبرمت في الفترة ما بين صدور قانون الحالة المدنية وتاريخ صدور قانون الأسرة .
والملاحظ مبدئيا أن كل من قانون الأسرة وقانون الحالة المدنية تضمنا قواعد سبق وأن تضمنها الآخر ، ومنه تصبح النصوص والقواعد القانونية التي تضمنها الأول وشملها الثاني نصوص معدلة أو ملغاة ضمنيا بحيث تطبق قواعد قانون الحالة المدنية بشأن تحرير عقد الزواج وكيفية تسجيله أو تقييده في سجلات الحالة المدنية فيما لم يرد عليه نص مخالف في قانون الأسرة أو فيما يحيل عليه ، وتطبق نصوص قانون الأسرة فيما عدا ذلك من القواعد .
وأهـم نقطـة مـن نقـاط التلاقـي بيـن القانونيـن هي :
بيانات عقد الزواج تكون وفقا للمادتين 30-73 من قانون الحالة المدنية ويضاف إليها ما تضمنته المادة 15 من قانون الأسرة حيث جاء فيها وجوب تحديد مبلغ ونوع الصداق و إدراجه في وثيقة عقد الزواج سواءا كان معجلا أو مؤجلا ولكن عند تفحصنا لسجلات عقود الزواج ببلدية الجلفة لاحظنا بأنها مطبوعة وفق نموذج لا يسمح بإدراج مبلغ الصداق ضمن وثيقة عقد الزواج .
الخلاصة أن جميع النصوص القانونية التي تناولت عقود الزواج العرفية وعالجت كيفية تسجيلها وخاصة تلك التي صدرت بعد الاستقلال وإلى غاية صدور قانون الأسرة ، لم يستقر فيها المشرع حول الإجراءات الواجب إتباعها ، حيث نجده ينص في قانون على أن التسجيل يتم بموجب أمر ، وفي آخر يتم بموجب حكم .
والإشكال المطروح هو عدم تحكم المشرع في إستعماله للفظي الأمر و الحكم ، وهذا جعل تطبيق الإجراءات من الناحية الواقعية محل نقاش وجدال و إختلاف بين قضاة مختلف المحاكم وحتى بين قضاة المحكمة الواحدة ، فمنهم من يرى بأن إثبات الزواج وتسجيله يتم بموجب أمر بسيط من رئيس المحكمة ، ومنهم من يرى ضرورة صدور حكم عن قاضي الأحوال الشخصية يقضي فيه بإثبات الزواج العرفي .
وعليه فإن الإجابة عن هذا التساؤل تجعلنا نتعرض إلى الفرق بين العمل القضائي و العمل الولائي على أساس أن الأول ينتهي بصدور حكم و الثاني ينتهي بصدور أمر .
فالعمـل القضائـي : حسب ما يعرفه الأستاذ عمر زودة هو العمل الذي يهدف إلى إزالة العقبة المادية أمام تطبيق القاعدة القانونية ، هذا العمل يتضمن وجود نزاع فيه ، بحيث يمكن الطعن فيه بكافة طرق الطعن ، وكذلك الدفع فيه بسبق الفصل ، وأخيرا فهو يحوز حجية الشيء المقضي .
أما العمـل الولائـي : فهو يهدف إلى إزالة العقبة القانونية أمام إرادة الأفراد ، بحيث تنعدم فيه المنازعة ، كما أنه لا يخضع للطعن فيه ، غير أنه يمكن التظلم فيه ، أمام الجهة المصدرة له بدعوى البطلان المبتدأة ، وأخيرا لا يدفع فيه بسبق الفصل ولا يحوز حجية الشيء المقضي (1) .
من خلال ما تقدم يمكن القول بأن جميع إجراءات التسجيل الواردة في معظم القوانين الصادرة كانت تتم بموجب أوامر قضائية بدليل أن جميعها صدرت عن رئيس المحكمة وذلك رغـم أن المشرع إستعمل لفظي الأمر و الحكم معا، وذلك إلى غاية صدور قانـون
(1) الأستاذ عمر زودة ، محاضرات في قانون الإجراءات المدنية بالمعهد الوطني للقضاء ، 2003 .
الأسرة الذي فصل في الإشكال من خلال نصه في المادة 22 منه على أن :” الزواج يثبت بمستخرج من سجل الحالة المدنية ، وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم إذا توافرت أركانه وفقا لهذا القانون ويتم تسجيله بالحالة المدنية ” .
وعليه فإن معيار التمييز بين الأمر و الحكم يكمن في كون الزواج العرفي متنازع فيه أو غير متنازع فيه ، على أن النزاع في الزواج قد يتعلق بشأن وجوده كواقعة مادية أو بشأن صحته من الناحية القانونية أو الشرعية ، سواء بين الزوجين أو بين أحدهما وورثة الآخر ، أو بين ورثتهما بعد وفاتهما معا في وقت واحد أو في أوقات مختلفة .

وبذلك سنحاول التطرق إلى تسجيل عقد الزواج العرفي المتنازع فيه و الغير متنازع فيه .
تسجيل الزواج العرفي غير المتنازع فيه والمبرم خارج الوطن :
حسب المادة 99 من قانون الحالة المدنية و الخاصة بعقود الزواج التي تمت خارج الوطن بين جزائريين أو بين جزائريين وأجانب والتي لم يتم تسجيلها بسبب عدم التصريح بها أو إغفالها فإن الجهة القضائية المختصة في نظر طلبات إثبـات عقـود الـزواج هـو رئيس محكمـة مدينـة الجزائـر بحيث نصت على أنه :
إذا لم يسجل العقد بسبب عدم التصريح به فإنه إما أن يسجل إذا كان القانون المحلي يقبل التصريحات المتأخرة أو الحصول على حكم من رئيس محكمة مدينة الجزائر يقضي بتسجيله في سجلات القنصلية ” .
وبالنسبة لإجراءات التسجيل فإنه يتم تقديم طلب مكتوب من الزوج أو الزوجة أو الزوجين معا أو ممن له مصلحة إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة الجزائر العاصمة على أن يرفق الطلب بشهادة ميلاد الزوجين ، و شهادة شاهدين بالغين ممن حضرا مجلس العقد أو حفل الزواج ويتولى وكيل الجمهورية لدى محكمة مدينة الجزائر إعداد عريضة يقدمها إلى رئيس نفس المحكمة بعد إجراء التحقيقات اللازمة والمشار إليها سابقا ، يقرر هذا الأخير إصدار أمر بتسجيل عقد الزواج بسجلات الحالة المدنية للقنصلية أو السفارة الجزائرية .
أين يتولى وكيل الجمهورية بنفس المحكمة إرسال نسخة من الأمر إلى وزارة الشؤون الخارجية وهو ما نصت عليه المادة 60 في فقرتها الثالثة من قانون الحالة المدنية والتي جاء فيها بأنه :” إذا كان العقد الذي يجب أن يكتب في هامشه البيان قد حرر أو سجل في الخارج فإن ضابط الحالة المدنية الذي حرر أو سجل العقد الواجب قيده يقوم بإشعار وزير الشؤون الخارجية خلال ثلاث أيام .
وتجدر الملاحظة أن المشرع في هذه الحالة وبموجب المادتين 100 و 101 من قانون الحالة المدنية منح الإختصاص إلى محكمة الجزائر العاصمة دون سواها لأن الحالة المدنية للجزائريين المقيمين في الخارج تصحح على مستوى مكتب الحالة المدنية بوزارة الشؤون الخارجية الموجودة في الجزائر العاصمة .

تسجيـل الـزواج العرفـي غيـر المتـنازع فيــه
لقد نصت المادة 18 من قانون الأسرة على أن:”عقد الزواج يتم أمام الموثق أو أمام موظف مؤهل قانونا ” ، دون أن تذكر صراحة ضابط الحالة المدنية الذي ورد ذكره مع الموثق في المادة 71 من قانون الحالة المدنية .
وقبل الحديث عن تسجيل الزواج بسجلات الحالة المدنية يمكن الإشارة إلى أن المشرع في المادة 18 السابقة الذكر و بإستعماله لعبارة ” يتـم عقد الزواج … ” أراد تبيان الكيفية المتبعة لتسجيل عقد الزواج ، وليس إلزام المواطنين بالتسجيل ، على خلاف قانون الأحوال الشخصية الأردني الذي نص في المادة 17 منه ” يجـب على الخاطب مراجعة القاضي أونائبه لإجراء العقد ، على أن يجري عقد الزواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية ، وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الإستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضي القضاة ” ، وأكدت هذه المادة وجوب تسجيل عقد الزواج عندما إعتبرت عدم تسجيله مخالفة لأحكام القانون ، ورتبت على ذلك عقوبة .
بالرجوع إلى المادة 18 من قانون الأسرة والمادة 71 من قانون الحالة المدنية نجد بأن المشرع قد أسند مهمة القيام بإجراءات تحرير وثيقة عقد الزواج المبرمة داخل الوطن والمتعلقة بزواج المواطنيين الجزائريين لشخصين دون غيرهما وهما ضابط الحالة المدنية والموثق الذي يوجد بدائرة إختصاصه مسكن الخطيبين أو أحدهما أو الذي يوجد بدائرة إختصاصه محل إقامة أحدهما (1) .
أما إذا تعلق الأمر بعقد زواج الأجانب فإن الموظف المختص يمكن أن يكون أيضا الموثق أو ضابط الحالة المدنية الذي أقام الخطيبان أو أحدهما بدائرة إختصاصه إقامة مستمرة مدة شهر على الأقل حتى تاريخ إنعقاد الزواج (2) .
وعليه فحسب ما جاء في المادة 72 من قانون الحالة المدنية فإنه إذا وقع إنعقاد الزواج أمام ضابط الحالة المدنية ، يتعين على الزوجين تحضير ملف يتكون من :
نسخة من شهادة الميلاد الأصلية للزوجين لا يتجاوز مدتها 03 أشهر – شهادة عزوبة للزوجين – شهادة طبية بعدم حمل الزوجة – نسخة من بطاقة تعريف الطرفين ، وبعد أن يتأكد ضابط الحالة المدنية من الهوية الكاملة للطرفين ومن رضا الزوجة وسماع وليها و الشهود المرافقين لهما ووجود الصداق ، يقوم بتسجيل هذا الزواج في سجلات الحالة المدنية فورا بعد توقيع الطرفين و الولي والشهود على السجل ، ثم يسلم الزوجين دفترا عائليا يؤكد ويثبت صحة وشرعية العقد وتسجيله .
أما إذا وقع إنعقاد الزواج أمام الموثق فإنه يجب على هذا الأخير أن يحرر عقدا بذلك ويسجله في سجلاته المعدة لذلك ، ثم يسلم الزوجين شهادة تثبت إنعقاد زواجهما أمامه وفقا للقانون ، بعدها يرسل ملخصا عن وثيقة عقد الزواج إلى ضابط الحالة المدنية وذلك خلال
(1) عبد العزيز سعد ، نظام الحالة المدنية في الجزائر ، ص 128 .
[size=12](2) المرجع السابق ، ص 128 .
03 أيام أين يجب عليه أن يقوم بتقييد ملخص هذا العقد في سجلات الحالة المدنية المتعلقة بعقود الزواج وذلك خلال مهلة 05 أيام إبتداءا من تاريخ إستلامه ، ثم يسلم الزوجين دفترا عائليا ، و عليه أيضا أن يؤشر بهذا الزواج على هامش سجل شهادات ميلاد كل من الزوج والزوجة .
غير أنه إذا تم إبرام الزواج ولم يسجل بسجلات الحالة المدنية ضمن الآجال المقررة قانونا ، ولم يكن موضوع نزاع أو خلاف سواء بين الزوجين أو ممن له مصلحة في ذلك ، ففي هذه الحالة يمكن تثبيته و بالنتيجة تسجيله في سجلات الحالة المدنية ، وذلك بعد إستيفاء جملة من الإجراءات الواجب إتباعها ، والتي تبتدأ بتقديم طلب يتضمن إثبات الزواج العرفي وتنتهي بصدور أمر يقضي بالتثبيت مع الأمر بالتسجيل .
وتجدر الإشارة إلى أن إجراءات تسجيل عقد الزواج العرفي الغير متنازع فيه ، تختلف بإختلاف مكان إبرام العقد .
وعليه سنحاول التطرق في مرحلة أولى إلى إجراءات تسجيل عقد الزواج العرفي غير المتنازع فيه والمبرم داخل التراب الوطني ، وفي مرحلة ثانية نتطرق إلى ذلك المبرم خارج التراب الوطني.
1-تسجيل عقد الزواج العرفي غير المتنازع فيه و المبرم داخل الوطن:
إن المتزوجين عرفيا ، غير المتنازعين حول واقعة الزواج في كثير من الأحيان يلجؤون إلى الموثق من أجل التصريح أمامه بقيام الرابطة الزوجية بينهما ، بعد إثبات توافر أركانها .
تلك التصريحات يدونها الموثق ضمن وثيقة تعرف بالإقرار بالزواج أو تقارر بالزواج (ملحلق رقم 13 و14) إن هـذا الإقرار لا يرقى إلى مرتبة العقد ولا يمكـن أن يكـون وسيلـة لإثبـات الـزواج فهو مجـرد إقـرار غيـر قضائـي
أو تصريحات تتم أمام جهة رسمية ، تلزم الطرفين فقط ولكن عادة ما يستند إليها هؤلاء للمطالبة بتثبيت عقد الزواج .
وتطبيقا لأحكام المادة 39 من قانون الحالة المدنية فإن الجهة المختصة بنظر طلبات تثبيت الزواج هي محكمة الدائرة القضائية التي سجلت فيها العقود أو التي كان يمكن تسجيلها فيها ، بمعنى دائرة إختصاص مقر أحد الزوجين أو كلاهما أو محل إقامتهما.
وعليه يمكن لأحد الزوجين أن يرفع طلبا إلى رئيس المحكمة ، وذلك عن طريق تقديم عريضة بدون مصاريف ، على أن يكون طلبه مكتوبا على ورقة عادية يوجهه إلى وكيل الجمهورية ، يتضمن البيانات المتعلقة بعقد الزواج وبدواعي تسجيله ، ومرفوقا بالوثائق و الإثباتات المادية و المتمثلة في : شهادتي ميلاد الزوجين – شهادة عدم تسجيل الزواج بالحالة المدنية – شهادة عزوبة بالنسبة للزوجين – شهادة طبية بحمل أو عدم حمل الزوجة – نسخة من بطاقتي تعريف الزوجين – ووثيقة الإقرار بالزواج ، ووجود هذه الأخيرة لا يحول دون ممارسة القاضي لسلطته في مراقبة المعلومات المدلى أو المصرح بها أمام الموثق ، على أساس أنه بعد تكوين الملف يقوم وكيل الجمهورية بإستدعاء الأطراف ، وسماع الشهود والتأكد من صحة الوثائق المقدمة .
وزيادة على أركان الزواج التي يتطلبها القانون وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وكذلك المادة التاسعة من قانون الأسرة هناك شروط أخرى ، تتعلق بزواج فئة معينة من الأشخاص هذه الشروط منها ما نص عليها القانون ، ومنها ما نصت عليها تنظيمات داخلية .
بالنسبة لزواج القصر : فإن قانون الأسرة نص على أهلية الزواج وحدد سنه بالمـادة السابعة منه والتي جاء فيها بأن :” أهلية الرجل في الزواج تكتمل بتمام 21 سنـة
والمرأة بتمام 18 سنة ” ، وبذلك فإنه من جهة لا يمكن إبرام عقود الزواج دون بلوغ السن القانونية ، ومن جهة أخرى أقر المشرع بإمكانية وقوعه قبل ذلك ، أين أجاز للقاضي أن يرخص بالزواج لمصلحة أو ضرورة .(1)
بالنسبة للزواج المبرم مع الأجانب : على أن الأجنبي في نظر القوانين الوطنية هو كل شخص لا يحمل الجنسية الجزائرية جتى ولو كان ينتسب إلى الشعب الجزائري في عروبته أو ينتمي إليه في إسلامه أو يشترك معه في حضارته وسائر مقوماته وقد صدر قرار من وزارة الداخلية بتاريخ 11/02/1980 تضمن أنه لا يجوز لضابط الحالة المدنية بالبلدية ولا للموثق بالمحكمة إبرام عقد زواج أجنبي إلا بعد الحصول على رخصة أوموافقة مكتوبة من الوالي (2) .
بالنسبة لزواج موظفي الأمن ونفس الشيء لأفراد الجيش الوطني الشعبي: وكل واحد من العسكريين العاملين ضمن هيئة الدرك الوطني أو المجندين ضمن نظام الخدمة الوطنية وبموجب مناشير ومراسيم خاصة سواء تلك الصادرة عن الأمن الوطني أو عن الدفاع الوطني فإنه لا يمكنهم عقد زواجهم مع أي شخص آخر سواء كان جزائريا أوأجنبيا إلا بعد الحصول على موافقة كتابية أو رخصة صادرة عن الإدارة المستخدمة ، و إذا كان الزوج الآخر أجنبيا وجب أن يحصل هو الآخر على رخصة أو إذن بالزواج من والي الولاية وذلك وفقا للإجراءات المتعلقة بزواج الأجانب (3) .
وإذا كان العسكري قد أخفى صفته العسكرية وعقد زواجه دون رخصة مسبقة فإنه سيعرّض نفسه إلى المتابعة الجزائية بتهمة إرتكاب جريمة الإدلاء بتصريحات كاذبة بالإضافة إلى الإجراءات التأدبية التي يمكن أن تسلطها عليه الهيئة المستخدمة .
1) عبد العزيز سعد , الزواج و الطلاق في قانون الأسرة االجزائري, ص 53 .
(2) المرجع السابق ، ص 54 .
(3) المرجع السابق ،ص 60-61.

وعليه يمكن القول بأن الزواج المعلق على تقديم رخصة أو إذن بالزواج حسب الحالات السابقة الذكر ، زيادة على أركان العقد الشرعية والقانونية ، يمكن تسجيله بسجلات الحالة المدنية ، غير أن الطلب المرفوع أمام وكيل الجمهورية والمتضمن إثبات الزواج وتسجيله يختلف بين الحالتين وهما :
الحالة التي لا يعلق فيها الزواج على رخصة والحالة التي يعلق فيها على رخصة أو الإذن على أن تسجيلهما يختلف بين الحالتين .
فإذا أبرم الزواج مع توافر أركانه ولم يعلق على رخصة أو إذن مسبق ، وأن طرفيه لم يسعيا إلى تسجيله ضمن الآجال القانونية ، في هذه الحالة يقبل وكيل الجمهورية الطلب ويرفعه بموجب عريضة بطلب قيد زواج مع أمر إلى رئيس المحكمة ، فإذا تبين له بعد إطلاعه على العريضة المقدمة والمستندات المرفقة لها بأن الزواج المراد تسجيله كان قد تم وفقا للشرع و القانون فإنه يأمر بقيد الزواج المنعقد وتسجيله في سجل الزواج للسنة الجارية وذلك بالبلدية التي ينبغي أن يسجل فيها ( ملحلق رقم 15).
أما إذا تم الزواج بتوافر أركانه وعلق على رخصة أو إذن ، فإنه إذا توفرت هذه الأخيرة وكان غير مسجل ، يتم قبول الطلب من وكيل الجمهورية ، وبنفس الإجراءات السابقة يصدر رئيس المحكمة أمرا بتسجيله بسجلات الحالة المدنية .
أما إذا تم الزواج بدون رخصة رغم أن القانون نص صراحة على وجوب إستيفائها ولم يسعى الطرفين إلى تسجيله ، ففي هذه الحالة ورغم كون الزواج العرفي الواقع غير متنازع فيه من جهة ، ورغم صحة أركانه من جهة أخرى ، فإن وكيل الجمهورية يرفض الطلب المقدم إليه على أساس أن الطرفين خالفا أحكام تنظيمية علقت الزواج على شروط خاصة يتعين إحترامها . وهنا يوجه المعني إلى رفع دعوى أمام قاضي الأحوال الشخصية .
بعد صدور الأمر القاضي بتسجيل الزواج العرفي ، يظهر دور نيابة المحكمة (وكيل الجمهورية ) بصفته الهيئة المخول لها قانونا بتنفيذ الأوامر والأحكام القضائية الصادرة ، وتطبيقا لأحكام المادة 41 من قانون الحالة المدنية والتي تنص على أن يرسل وكيل الدولة فورا حكم رئيس المحكمة قصد نقل هذه العقود في سجلات السنة المطابقة لها ولجدولها إلى كل من رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية المكان الذي سجلت فيها العقود أو كان ينبغي تسجيلها فيها ، وكذلك نسخة إلى كتابة ضبط المجلس القضائي التي تحتفظ بنسخة من هذه السجلات .
كما يشار فضلا عن ذلك بصفة ملخصة إلى الحكم في هامش السجلات في محل تاريخ العقد وهو ما إقتضته المادة 42 من قانون الحالة المدنية .
وفي نفس الإطار نصت المادة 60 قانون الحالة المدنية على أنه ينبغي على ضابط الحالة المدنية الذي يحرر العقد أو يسجله ، أن يشير إليه في السجلات الموجودة لديه خلال ثلاثة أيام إذا كان العقد تابعا للقيد ، وإذا كانت النسخة الثانية من السجل التي يجب أن يتم فيها التسجيل موجودة بكتابة الضبط فيرسل إشعار الى النائب العام .
وإذا كان العقد الذي يجب أن يكتب في هامشه هذا البيان قد حرر أو سجل في بلدية أخرى فيرسل الإشعار في أجل ثلاثة أيام إلى ضابط الحالة المدنية لهذه البلدية الذي يشعر على الفور النائب العام إذا كانت النسخة الثانية من السجل موجودة في كتابة الضبط .

تسجيـل الـزواج العرفـي المتنـازع فيـه
إذا ما وقع نزاع حول واقعة الزواج بين الزوجين ، أو بين من لهم مصلحة شرعية وقانونية في ذلك ، وكان أحدهما يدعي قيام الزواج شرعا و قانونا ، والآخر يزعم نفيه ويطعن في قيامه أو في صحته ، فإن الطريق الوحيد لإثبات ما يدعيه المدعي هو إقامة دعوى إثبات الزواج أمام المحكمة المختصة ، وإذا تمكن المدعي من إثبات الزواج حكمت المحكمة بقيام الزواج وعندما يصبح الحكم نهائيا يستطيع الشخص المعني أن يستخرج نسخة من عقد الزواج من سجلات الحالة المدنية (1) .
وقد جاء في المادة 22 فقرتها الثانية من قانون الأسرة أنه : ” في حالة عدم التسجيل يثبت بحكم إذا توافرت أركانه وفقا لهذا القانون ويتم تسجيله بسجلات الحالة المدنية ” .
حيث ترفع دعوى إثبات عقد الزواج التي لاتختلف عن غيرها من الدعاوى المدنية الأخرى ، من حيث ما يتعلق بإجراءات رفع الدعوى ومن حيث ما يتعلق بأهلية المتنازعين وصفاتهم وإن كان قانون الأسرة على عكس الأمر رقم 70-20 لم يحدد صراحة الإجراءات الواجب إتباعها لإثبات واقعة الزواج العرفي والجهة القضائية المختصة.
فدعوى إثبات الزواج العرفي من دعاوى الأحوال الشخصية التي تتعلق بالنزاعات الناشئة بين أفراد الأسرة الواحدة بدءا من الزوجين إلى الأصول إلى الفروع .
وهي دعوى تقريرية يطلب فها المدعي تقرير وجود حق أو مركز قانوني دون إلزام الخصم بأداء معين .
وقد عرفها الأستاذ عمر زودة بأنها : دعوى تهدف إلى الحصول على حكم قضائي ، يؤكد في النهاية وجود أو عدم وجود الحق أو المركز القانوني ، وبهذا التأكيد يزول الشك حول
(1) عبد العزيز سعد ، الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، ص 369 .
هذا الوجود من عدمه .على أن هذه الدعوى لا تواجه إعتداء في شكل مخالفة لإلتزام ، وإنما تواجه إعتراض للحق أو المركز القانوني (1)
1 – إختصاص وإجراءات رفع دعوى إثبات الزواج :
القاعدة العامة أنه يؤول الإختصاص إلى المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها موطن المدعي عليه في جميع الدعاوى التي لم ينص فيها على إختصاص محلي خاص إذا لم يكن للمدعي موطن معروف يعود الإختصاص للجهة القضائية التي يقع في دائرتها محل إقامته حسب نص المادة الثامنة من قانون الإجراءات المدنية .
هذا وقد نصت المادة كذلك على أنه في دعاوى الطلاق أو العودة إلى مسكن الزوجية أمام المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها مسكن الزوجية وفي دعاوى الحضانة أمام المحكمة التي تقع في دائرة إختصاصها مكان ممارسة الحضانة.
وعليه فإن المشرع لم يحدد إختصاص محلي خاص لدعوى إثبات الزواج ومن ثمة بالرجوع إلى القاعدة العامة هي موطن المدعى عليه والإختصاص المحلي ليس من النظام العام وليس للقاضي إثارته تلقائيا ولأطراف النزاع الإتفاق على عرضه أمام أي جهة قضائية.
في حالة وجود عقد الزواج ويتعلق النزاع بصحته أو عدم صحته شرعا أو قانونا أو في حالة ما تعلق النزاع بعدم وجوده أصلا يعود الإختصاص إلى قاضي الأحوال الشخصية للمحكمة موطن المدعي عليه إذا لم يتفق طرفين على خلاف ذلك.
وإن كانت المحاكم تخلط بين الزواج المتنازع فيه وغير المتنازع فيه وترجعها جميعا إلى قاضي الأحوال الشخصية والذي يرفض عادة النظر في الدعاوى التي لا تتضمن نزاع لأن الحكم يفصل في النزاع القائم بين المدعي والمدعى عليه حول قيام الزوجية (ملحق رقم 16 و 17 ) .
(1) الأستاذ عمر زودة ، محاضرات قانون الإجراءات المدنية بالمعهد الوطني للقضاء ، 2003
ولإثبات الزواج العرفي أمام القضاء لابد من إتباع إجراءات حددها قانون الإجراءات المدنية لعدم وجود نص خاص بهذه الدعوى وكيفية رفعها و متابعتها وإصدار الحكم الفاصل فيها.
وتبدأ إجراءات رفعها بتقديم الطلب في شكل عريضة طبقا للمادة 12 من قانون الإجراءات المدنية مكتوبة ومؤرخة و موقعة من المدعي أو محاميه ومودعة لدى كاتب ضبط قسم الأحوال الشخصية مع مراعاة أحكام المادة 459 من قانون الإجراءات المدنية .
2 – شروط رفع دعوى إثبات الزواج :
يتعين على كل فرد يرغب في اللجوء إلى القضاء بدعوى معينة أن تتوافر فيه شروط محددة قانونا وهي شروط لابد من توافرها جملة وفي آن واحد فإذا تخلف شرط واحد فإن دعوى المدعى لا يمكن قبولها وتتمثل هذه الشروط فيما يلي :
1.2- الأهلية : وهي قدرة الشخص وصلاحيته لكسب الحقوق وتحمل الإلتزامات ومن لم يكن متمتعا بقواه العقلية أو كان صغير السن أو قد تم الحجر عليه فإن مثل هذه الفئات لا يجوز لها التقاضي بصفتها الشخصية .
وأهلية التقاضي تعني صلاحية الشخص لمباشرة الإجراءات أمام القضاء ، والقاعدة العامة أن يكون الشخص الطبيعي أهلا للتقاضي ببلوغه سن الرشد 19 سنة حسب المادة 40 القانون المدني ، ويجب أن تتوفر أيضا في الخصم الموجه إليه الإجراء لأنه يعرضه لمخاطر الحكم ضده مما يعني حرمانه نهائيا من حقه .
لكن الأهلية في التقاضي ورفع دعوى إثبات الزواج العرفي تختلف عن أهلية الزواج المحددة في قانون الأسرة بـ 21 سنة للرجل و18 سنة للمرأة وقد يرخص القاضي بالزواج قبل ذلك لمصلحة أو ضرورة .
بالرجوع للقواعد العامة فإن تخلف الأهلية يترتب عليها بطلان العمل القضائي فهي شرط لمباشرة الدعوى وليست شرطا لوجودها ويعد البطلان الناشئ عن تخلف أهلية التقاضي متعلقا بالنظام العام ، وقواعد الأهلية مقررة لحماية القصر وهذا لا ينفي إمكانية تصحيح هذا البطلان في أي مرحلة تكون عليها الإجراءات من الشخص المخول له ذلك فالأهلية ليست شرطا لقبول الدعوى وإنما لمباشرة إجراءاتها (1) .
وقد جاء في قرار المجلس الأعلى القاضي بنقض قرار صادر من مجلس قضاء المدية بتقريرها عدم جواز تأسيس قاصرة كطرف مدني بإسمها الخاص وعدم قبول إدعائها دون إدخال وليها في الدعوى (2) ، ومن ثمة وفي حالة نقص الأهلية أو إنعدامها فإن مباشرة الدعوى تكون من طرف من يمثل ناقص الأهلية أو فاقدها أو من ممثله القانوني .
2.2 – الصفة : صفة المتقاضي تتمثل في كونه على علاقة مباشرة بالشيء المدعى به فالدعوى ترفع من طرف أحد الزوجين ضد الآخر الذي ينكرها إذا كانا على قيد الحياة معا ، أو من الزوج الباقي على قيد الحياة ضد ورثة الزوج المتوفى ، أما في حالة وفاة الزوجين معا ترفع من ورثة أحد الزوجين ضد ورثة الزوج الآخر .
والصفة في دعوى إثبات الزواج وبإعتبارها دعوى تقريرية تثبت للورثة برمتهم وليس لأحدهم لأن تأكيد وجود الحق أو المركز القانوني لا يمكن أن يحدث آثاره إلا في مواجهة جميع أطراف الرابطة القانونية (الملحق رقم 18).
وإن كانت بعض المحاكم تقبل دعوى إثبات الزواج العرفي إذا رفعت من أحد الورثة فقط ، أو ضد أحد الورثة ولا تشترط أن تكون ضدهم أو من طرفهم جميعا لأنها تطرح العديد من الإشكاليات خاصة فيما يخص بالتبليغات وصعوبة جمع كل الورثة أطراف الرابطة القانونية .
(1) بوبشير محند آمقران ، قانون الإجراءات المدنية ، ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائر ، ص 76 – 79 .
(2) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 10/01/1984 ، مجلة قضائية ، 1989 ، العدد04 ، ص 323-325 .
ونشير هنا أنه في حالة وفاة أحد الزوجين أو كلاهما غالبا ما ترفع هذه الدعاوى من صاحب المصلحة ضد النيابة العامة وهذا غير جائز ، لأنه لا يوجد أي نص قانوني يقضي برفع دعوى في مثل هذه الحالات ضد النيابة ، وكذلك فإن النيابة ليست طرفا في العقد المراد إثباته ومن ثمة لا يمكن قبول الدعوى المرفوعة ضد النيابة لأن الصفة في دعوى إثبات الزواج العرفي تحقق في كل من الزوجين أو ورثتهما أما النيابة فلا تكون لها الصفة في الإدعاء أمام القضاء المدني كطرف أصيل سواءا مدعية أو مدعى عليها إلا استثناء بنص خاص (1).
وبغياب نص خاص في دعاوى إثبات الزواج العرفي فإنه لا يجوز قانونا رفع دعوى ضد النيابة في إثبات الزواج العرفي .

Share

1 Comment

  1. السلام عليكم
    اريد معرفة قضية في المحكمة لزواج امراة جزائرية باجنبي ( فرنسي مغربي )
    حيث تمت الجماعة على الحلال و المهر و شهود على ذلك
    وقد تم الوقوف في الجلسة الاولى و تم طلب رخصة زواج الاجانب من الوالي للولاية
    لكن تم رفض تسليمها ؟
    ماهي الوثائق التي احتاجها ؟ و ان لم تتوفر هذه الورقة من الوالي مذا سيكون الحكم ؟

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.