احترام الاتفاقيات الدولية وسد النهضة بين مصر وإثيوبيا
أتمنى أن يكون حصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، على جائزة نوبل للسلام دافعاً قوياً له على تحقيق الاستقرار في القارة السمراء، والالتزام بالاتفاقيات الدولية للأنهار، وإنهاء حالة «المراوغة»، و«المماطلة»، و«التسويف»، في حسم الخلافات العالقة حول قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة، بما يؤدي إلى عدم وقوع أي أضرار بدولتي المصب (مصر والسودان).
البداية تكمن في احترام اتفاق المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان الذي أكد في ديباجته أهمية نهر النيل كمصدر للحياة، ومصدر حيوي لتنمية شعوب مصر وإثيوبيا والسودان.
وألزمت فيه الدول الثلاث نفسها بعشرة مبادئ أساسية، تؤكد جميعها عدم وقوع أي ضرر بالدول الثلاث، خاصة دولتي المصب مصر والسودان، وتفهم الاحتياجات المائية للدول الثلاث، واحترام مبادئ القانون الدولي في إطار من التعاون والتفاهم وحسن النيات.
للأسف الشديد منذ توقيع اتفاقية إعلان المبادئ ولم يكن هناك سوى المماطلة والتسويف من الجانب الإثيوبي، وتعمد تعطيل اللجان المنبثقة عن هذا الإعلان، وإذا حدث وانعقدت تلك اللجان، فإنها تنتهي كما بدأت، دون التوصل إلى خطوات عملية ملموسة، وظلت المحادثات هكذا تراوح مكانها، دون تقدم حقيقي حتى قدوم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي استبشرنا به خيراً.
حينما مد يده بالسلام إلى جيرانه في إريتريا والصومال، وقام بزيارة مصر في شهر رمضان قبل الماضي بعد توليه المسؤولية بعدة أشهر، وأكد خلال الزيارة بشكل قاطع وعلني حرص إثيوبيا على الحفاظ على حصة مصر من المياه، ليس هذا فقط لكنه أكد ضرورة العمل على زيادتها. ك
ان هذا تطوراً إيجابياً ملموساً وقتها، لأن الحديث كان واضحاً وصريحاً حول حق مصر في الحفاظ على حصتها من المياه، في إطار سعي رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي إلى السلام، ورفض لغة الصراع والتضارب بين الشعوب، وهي السياسة التي تتبناها مصر ويحرص عليها الرئيس السيسي منذ توليه المسؤولية.
وقام بفتح الجسور مع إثيوبيا، وترجم ذلك إلى توقيع اتفاق المبادئ بالخرطوم ليقطع خطوط الشك وعدم الثقة بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا)، وفي الوقت نفسه، فإن هذا الاتفاق كان ترجمة للاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
حيث أكد ضرورة اتفاق الدول الثلاث على الخطوط الإرشادية الرئيسية، وقواعد الملء الأول للسد، وقواعد التشغيل، وضرورة التزام الجانب الإثيوبي بإخطار دولتي المصب بالإطار الزمني للتنفيذ، وأي ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.
الموقف الإثيوبي يتعارض مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الأنهار، ويتعارض أيضاً مع اتفاق إعلان المبادئ الذي أكد في بنده الثاني مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن لأي دولة من الدول الثلاث، وأن الدولة المتسببة في إحداث الضرر، عليها اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتجفيف ومنع هذا الضرر، ليس هذا فقط بل إن هذا المبدأ تطرق أيضاً إلى مناقشة مسألة التعويض عن هذا الضرر كلما كان ذلك مناسباً.
اتفاق إعلان المبادئ هو إنجاز حقيقي إضافي لمصر وموقفها الدولي، لأنه وضع التزامات محددة على الجانب الإثيوبي تجاه دولتي المصب.
وأكد ضرورة احترام مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب للمياه، ومنذ توقيع اتفاق إعلان المبادئ في الخرطوم عام 2015 جرت مياه كثيرة بين الدول الثلاث، واتخذت المفاوضات أشكالاً عدة، وأطراً سياسية مختلفة عملت من خلالها مصر على إتاحة المجال للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة،
كل السيناريوهات الآن تشير إلى ضرورة تفعيل المادة العاشرة من إعلان المبادئ والتي تشير إلى قيام الدول الثلاث بتسوية منازعاتها الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقاً لمبدأ حسن النيات، وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول ورؤساء الحكومات.
رئيس مجلس إدارة «الأهرام» المصرية
اترك تعليقاً