القانون لم يسلب محاكم مجلس الدولة الاختصاص بالفصل في قرارات مجلس تأديب أفراد هيئة الشرطة
الدعوى رقم 95 لسنة 40 ق “دستورية” جلسة 6 / 7 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من يوليه سنة 2019م، الموافق الثالث من ذى القعدة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيـم سليم والدكتور حمدان حسـن فهمى والدكتور عبدالعزيـز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 95 لسنة 40 قضائية “دستورية”، بعد أن أحالت المحكمة التأديبية بالبحيرة بحكمها الصادر بجلسة 28/6/2018، ملف الطعن رقم 102 لسنة 22 قضائية.
المقام من
سمير على على شامـة
ضــــد
1- وزير الداخليـة
2- مدير أمن البحيرة
3- مساعد أول وزير الداخلية لشئون الأفراد
الإجـراءات
بتاريخ الرابع عشر من أكتوبر سنة 2018، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقم 102 لسنة 22 قضائية، بعد أن قضت المحكمة التأديبية بالبحيرة بحكمها الصادر بجلسة 28/6/2018، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المواد (58، 59، 60، 61، 64، 77، 99) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة، والمادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسـائر الأوراق – في أن مدير أمن البحيرة كان قد أصدر القرار رقم 38 لسنة 2015، بإحالة المدعى في الدعوى الموضوعية إلى مجلس التأديب الابتدائي لأفراد الشرطة لمحاكمته تأديبيًّا، لإخلاله بمقتضى الواجب الوظيفي، بانقطاعه عن العمل الفترة من 1/4/2015 حتى 27/7/2015، بإجمالي مدة غياب (118) يومًا، بالمخالفة لقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة، وقيدت الواقعة برقم 92 لسنة 2016، وبتاريخ 17/12/2016، أصدر مجلس التأديب قراره بمجازاته بخصم ثلاثة أشهر من راتبه. لم يلق هذا القرار قبولاً لدى المدعى، فأقام الطعن رقم 102 لسنة 22 قضائية، أمام المحكمة التأديبية بالبحيرة، طالبًا إلغاء هذا القرار. وقد تراءى لمحكمة الموضوع أن نصوص المواد (58، 59، 60، 61، 64، 77، 99) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة، بما قررته من عقد الاختصاص بتأديب أفراد هيئة الشرطة إلى مجلس التأديب المنصوص عليه بالمادة (99) من القانون ذاته، تشكل انتقاصًا من الاختصاص المعقود لمجلس الدولة بموجب المادة (190) من الدستور، والذى صار بعد العمل بالدستور الحالى صاحب الولاية العامة – دون غيره – بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، وبالتالى أصبحت مجالس التأديب تُمثل اعتداءً على اختصاص محجوز دستوريًّا للمحاكم التأديبية بمجلس الدولة، وأضافت المحكمة أن نص المادة (46) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية تعدى على اختصاص هيئة النيابة الإدارية المنصوص عليه بالمادة (197) من الدستور، لما تمثله من الوقوف حجر عثرة أمام النيابة الإدارية، في ممارسة اختصاصاتها الدستورية في إجراء التحقيق، وإحالة أفراد الشرطة إلى قاضيهم الطبيعي ( المحكمة التأديبية المختصة) بمجلس الدولة، حال خضوعهم للمساءلة التأديبية، وهو ما يُمثل إهدارًا لضمانة دستورية للمخالفين بعدم إحالتهم لقاضيهم الطبيعي، وذلك كله بالمخالفة لنصوص المواد (94، 96، 97، 98، 184، 185، 186، 187، 188، 190، 197، 227، 242) من الدستور
وحيث إن المادة (58) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة تنص على أنه “يصدر قرار الإحالة إلى المحاكمة التأديبية من الوزير أو مساعد الوزير متضمنًا بيانًا بالتهم المنسوبة إلى الضابط وبعد أن يحدد رئيس المجلس موعد جلسة المحاكمة يُخطر الضابط بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول أو عن طريق رياسته مع توقيعه على الإخطار بالعلم وذلك قبل التاريخ المحدد لانعقاد المجلس بخمسة عشر يومًا على الأقل، كما يتعين إخطار قطاع التفتيش والرقابة بقرار الإحالة والتاريخ المحدد لانعقاد الجلسة في ذات الموعد المشار إليه.
ويترتب على إحالة الضابط إلى المحاكمة التأديبية صرف مرتبه الأساسي لحين صدور قرار نهائى من مجلس التأديب المختص، فإذا لم يصدر المجلس قراره خلال سنة من تاريخ الإحالة صرف له مرتبه كاملاً، وإذا اتضح عدم مسئوليته صـــــرف له الموقوف صرفـــــه، أما إذا ثبتت مسئوليته تأديبيًّا فيقرر مجلس التأديب ما يُتبع في شأن الموقوف صرفه.
وللضابط المحال إلى مجلس التأديب أن يطلع على التحقيقات التي أُجريت، وعلى جميع الأوراق المتعلقة بها وأن يأخذ صورة منها، وله أن يطلب ضم التقارير السنوية السرية عن كفايته أو أية أوراق أخرى إلى ملف الدعوى التأديبية وله كذلك أن يحضر جلسات المحاكمة وأن يُقدم دفاعه شفهيًّا أو كتابة وأن يوكل محاميًّا عنه، ويجوز له أن يختار من بين ضباط الشرطة من يتولى الدفاع عنه.
فإذا لم يحضر الضابط أمام المجلس رغم إعلانه، جاز للمجلس محاكمته غيابيًّا”.
كما تنص المادة رقم (59) من القانون ذاته على أنه “لمجلس التأديب أن يأمر باستيفاء التحقيق وله أن يعهد بذلك إلى أحد أعضائه، وللمجلس أن يغير في قرار الوصف القانوني للفعل المسند للضابط، وله تعديل التهمة بإضافة الظروف المشددة التي تثبت من التحقيق أو من المرافعة في الجلسة ولو كانت لم تذكر بقرار الإحالة، وعلى المجلس أن ينبه الضابط إلى هذا التغيير وأن يمنحه أجلاً لتحضير دفاعه بناء على الوصف أو التعديل الجديد إذا طلب ذلك.
ويصدر قرار المجلس متضمنًا الأسباب التى بُنى عليها ويبلغ إلى الضابط خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ صدوره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول أو عن طريق رئاسته وبعد توقيعه بالاستلام”.
وتنص المادة رقم (60) من القانون ذاته على أنه “لا يجوز الطعن في القرار الصادر من مجلس التأديب إلا بطريق الاستئناف، ويرفع الاستئناف بتقرير يقدمه الضابط كتابة إلى مساعد الوزير المختص خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغه بالقرار مسببًا، وعليه إبلاغ هذا التقرير إلى مجلس التأديب الاستئنافي خلال خمسة عشر يومًا.
وللوزير بقرار مسبب أن يستأنف قرار مجلس التأديب خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدوره.
ويحدد رئيس المجلس تاريخ انعقاد المجلس ويخطر به كل من الضابط ومدير الإدارة العامة للتفتيش على الوجه وفى الميعاد المبين بالفقرة الأولى من المادة (58)، وتسرى أمام المجلس باقي أحكام المادة (58) وكذلك المادة (59) من هذا القانون.
فإذا كان مجلس التأديب قد قضى بعزل الضابط من الخدمة اعتبر بمجرد صدور القرار وإلى أن يصبح نهائيًّا موقوفًا عن عمله ويصرف إليه نصف مرتبه، وعلى المجلس الاستئنافي إذا قضى بغير العزل أن يفصل في أمر نصف المرتب الموقوف صرفه عن هذه المدة إما بصرفه للضابط أو بحرمانه منه كله أو بعضه”.
وتنص المادة رقم (61) من القانون ذاته على أنه “يُشكل مجلس التأديب الاستئنافي بقرار من وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى لهيئة الشرطة من أحد مساعدي وزير الداخلية رئيسًا، وعضوية رئيس إدارة الفتوى بوزارة الداخلية، وأحد المحامين العموم.
وتسرى على أعضاء المجلس أحكام التنحي المُبينة في المادة (57) من هذا القانون، فإذا قام برئيس المجلس مانع حل محله مؤقتًا أحد مساعدي الوزير يختاره وزير الداخلية، أما إذا قام المانع بأحد العضوين الآخرين ندبت الجهة التي يتبعها بدلاً منه في ذات درجته.
ويُمثل الادعاء أمام مجلس التأديب الاستئنافي مدير إدارة عامة بقطاع التفتيش والرقابة أو وكيله.
ولا يجوز للمجلس تشديد العقوبة إذا كان الاستئناف مرفوعًا من الضابط وحده”.
وتنص المادة رقم (64) من القانون ذاته على أنه “لا تجوز ترقية ضابط محال إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو موقوف عن العمل في مدة الإحالة أو الوقف وفى هذه الحالة تحجز للضابط رتبة لمدة سنة فإذا استطالت المحاكمة لأكثر من ذلك وثبت إدانته أو عوقب بالإنذار أو بعقوبة الخصم من المرتب، أو الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز خمسة أيام في الحالتين وجب عند ترقيته حساب أقدميته في الرتبة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذى كانت تتم فيه الترقية لو لم يحل إلى المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية.
ويعتبر الضابط محالاً إلى المحاكمة التأديبية من تاريخ صدور قرار الإحالة”.
وتنص المادة رقم (77) من القانون ذاته على أنه “تسرى على أفراد هيئة الشرطة أحكام المواد (10، 13، 15، 17/1، 2، 21، 22، 23، 25، 26، 27/1، 2، 3، 32، 33/1، 2، 3، 34، 35 عدا الفقرة الأولى منها، 36، 39، 41، 42، 44، 45، 46، 47، 50، 51، 55، 56، 58، 59، 60، 64، 65، 71 عدا البند 2 منها، 72، 74، 75) وذلك كله فيما لا يتعارض مع أحكام هذا الباب.
ويقوم مدير المصلحة المختص أو من في حكمه بمباشرة الاختصاصات المقررة للوزير أو مساعد الوزير في تطبيق أحكام المادة (58) من هذا القانون، ويقوم مدير الإدارة العامة للانضباط والشئون التأديبية أو من يفوضه بمباشرة الاختصاصات المقررة للوزير ومساعد الوزير المختص في تطبيق أحكام المادة (60) من هذا القانون.
……………..”.
كما تنص المادة (99) من القانون ذاته على أن “يتولى مباشرة الدعوى التأديبية للأفراد مجلس تأديب ابتدائي يُشكل من اثنين من وكلاء المصالح ومن في حكمهم يختارهما وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة، ومن أحد أعضاء إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة، ويرأس المجلس أقدم الوكلاء رتبة، ويمثل الادعاء أمام مجلس التأديب الابتدائي أحد ضباط الإدارة العامة للانضباط والشئون الـتأديبية برتبة مقدم على الأقل.
ويصدر قرار تشكيل المجلس قبل أول أكتوبر من كل سنة ويتضمن اختيار عضوين احتياطيين.
ويشكل مجلس التأديب الاستئنافي برئاسة أحد مساعدي وزير الداخلية وعضوية أحد مديري المصالح أو من في حكمهم يختارهما وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة وأحد أعضاء إدارة الفتوى المختصة بمجلس الدولة.
ويمثل الادعاء أمام مجلس التأديب الاستئنافي أحد مساعدي مدير الإدارة العامة للانضباط والشئون التأديبية.
ويصدر قرار تشكيل المجلس قبل أول أكتوبر من كل سنة ويتضمن اختيار عضوين احتياطيين.
فإذا قام برئيس المجلس أو أحد الأعضاء سبب من أسباب التنحي المنصوص عليها في قانون المرافعات وجب عليه التنحي عن نظر الدعوى التأديبية وللفرد المحال طلب رده.
ويتمتع الفرد المحال بكافة الضمانات الواردة بالمواد أرقام (58، 59، 60، والفقرة الأخيرة من المادة 61) من هذا القانون.
وتتولى الإدارة المختصة بقطاع الأفراد بالتنسيق مع الإدارة العامة للانضباط والشئون التأديبية متابعة تنفيذ قرارات الإحالة والجزاءات التى توقعها مجالس التأديب على الأفراد”.
وتنص المادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على أنه “لا تسرى أحكام هذا القانون على الموظفين الذين ينظم التحقيق معهم وتأديبهم قوانين خاصة”.
وحيث إن المصلحة في الدعـوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضـوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية للتثبت من شروط قبولهـا، ومؤدى ذلك أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل لازمه: أن هذه الدعوى لا تكون مقبولة إلا بقدر انعكاس النص التشريعى المحال على النزاع الموضوعي، فيكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في ذلك النزاع، وأنه لا تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع وتوافر هذه المصلحة، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النص الذى ثارت بشأنه شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إن من المقـرر في قضاء هـذه المحكمة كذلك أن الخطأ في تأويـــل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستـور لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه، إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية. كما جرى قضاء هذه المحكمة كذلك على أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته، وإنما إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النصوص المحالة أنها أفردت نظامًا موازيًّا للتأديب، حل محل المحاكم التأديبية بمجلس الدولة، بما يُمثل تعديًّا على الاختصاص المعقود لمجلس الدولة بموجب نص المادة (190) من الدستور، باعتباره صاحب الولاية العامة في الفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، وكان المطروح على محكمة الموضوع هو طعن بالإلغاء على قرار مجلس التأديب الابتدائي لأفراد هيئة الشرطة، وكان التنظيم الذى تضمنته النصوص المحالة لم يسلب محاكم مجلس الدولة الاختصاص بالفصل في قرارات مجلس تأديب أفراد هيئة الشرطة – بمراعاة قواعد توزيع الاختصاص النوعي بين هذه المحاكم – وذلك متى استوفت أوضاعها ومراحلها القانونية، والتي يُعد التحقق منها داخلاً في إطار شروط قبول الدعوى الموضوعية، التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحكمة الموضوع لا تشاركها فيها المحكمة الدستورية العليا، لاستقلال كل من الدعويين الدستورية والموضوعية، ليضحى ابتناء الإحالة وانحصار نطاقها فيما تضمنته النصوص المحالة من اعتداء وسلب لولاية مجلس الدولة كجهة قضاء في الإطار المتقدم بيانه، قائمًا في أساسه وسنده على الفهم والتطبيق الخاطئ لهذه النصوص، ولا يُمثل عيبًا دستوريًّا، مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، الأمر الذى تنتفى إزاءه المصلحة بالنسبة لهذه النصوص، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إنه عن النعي على نص المادة (46) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية من تعدٍ على اختصاص هيئة النيابة الإدارية المنصوص عليه بالمادة (197) من الدستور، لما يمثله من الوقوف حجر عثرة أمام النيابة الإدارية وممارسة اختصاصها الدستوري بإجراء التحقيق وإحالة أفراد الشرطة إلى قاضيهم الطبيعي بمجلس الدولة، فمردود بأن المادة (106) من القرار بقانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة سالف البيان تنص على أن “لا تسرى على فئات هيئة الشرطة القوانين الخاصة بالنيابة الإدارية، وينظم وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة قواعد التحقيق معهم ومن يباشره من أعضاء هيئة الشرطة”.
وحيث إنه لما كان هذا النص الأخير يُعد نصًا خاصًا مقارنًا بالنص العام الوارد بالمادة (46) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 سالف البيان، وكان عدم مباشرة النيابة الإدارية للتحقيقات التي تتم بالنسبة لأفراد هيئة الشرطة جاء تطبيقًا لنص المادة (106) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، وليس إعمالاً لنص المادة (46) من القرار بقانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الإشارة، ومن ثم فإن إبطال النص التشريعي المحال لن يحقق أى فائدة عملية، لأن النص القانوني الذى حال بين النيابة الإدارية ومباشرة التحقيق مع أفراد هيئة الشرطة هو نص المادة (106) من قانون هيئة الشرطة المشار إليه، وليس النص المحال، الأمر الذى تنتفى معه المصلحة في الطعن عليه، وهو ما يستوجب القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً