فى عام 2014، حاولت ست وعشرون فتاة من خريجات كلية الحقوق الحصول على فرص للعمل مندوبات مساعدات بمجلس الدولة، بعد رفض المجلس تسليمهن ملف شغل الوظيفة نتيجة قانون المجلس الذى لا يسمح بتعيين الفتيات فى هذه المناصب، وما كان من الأمين العام للمجلس وقتها إلا أن طلب من الفتيات أن يتركن صور الهويات الشخصية للاتصال بهن فى حالة حدوث أمر جديد، تم رفع تظلُّم من خلال مكتب رئيس المجلس، وكذلك محضر فى قسم الدقى، ولكنهن لم يحصلن على رد، فاضطررن بعدها لرفع دعوى أمام القضاء الإدارى ضد المجلس لامتناعه عن تسليمهن الملفات، وجاء تقرير هيئة مفوضى الدولة مخيباً للآمال، حيث نصَّ التقرير على عدم أحقية المرأة فى التعيين بمجلس الدولة رغم كفاءتها، وسوف ينظر مجلس الدولة فى 11 نوفمبر الحالى القضية التى رفعتها المحامية أمنية جادالله الحاصلة على ماجستير فى القانون العام 2015 حول استحقاقها التعيين بمجلس الدولة مندوباً مساعداً يمكنها بالترقى لاحقاً الوصول لمنصة القضاء بمجلس الدولة، فالنساء يُعيَّنَّ فى كل من النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة دون النيابة العامة ومجلس الدولة حتى الآن.
تُذكِّرنا هذه الأحداث بما حدث مع عائشة راتب قبل أن تصبح أول معيدة فى كلية الحقوق، ثم أول سفيرة لمصر فى الخارج، وأول وزيرة فى عهد السادات، قامت فور تخرُّجها عام 1949 برفع دعوى قضائية ضد قرار استثنائها من التعيين فى وظيفة مندوب مساعد رغم اجتيازها اختبارات القبول، وتحمس عبدالرازق السنهورى لتعيينها ولإعجابه بنشاطها، إلا أنه أحال القضية إلى ما كان يُعرف بـ«دائرة الدوائر»، التى قررت بإجماع الآراء عام 1953 رفض تعيينها فى مجلس الدولة، وأعيد طرح المشروع عام 2007 ليواجَه بعاصفة من الرفض قادها عدد من أعضاء المجلس الخاص، أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة، وأصدر نادى قضاة المجلس بياناً بأغلبية أعضاء مجلس إدارته يرفض فيه التحاق النساء بالعمل فى المجلس.
وتلخصت أسباب الرفض التى جاءت على ألسنة عدد من شيوخ القضاة ورؤساء مجلس الدولة السابقين فى أن نظر القضايا يتطلب أن يتعايش القضاة مع القانون وأن يتقمصوا شخصيات القضية ويعيشوا أدوارها بالكامل بغية الوصول إلى الحكم الأقرب إلى العدالة، وإذا أدت المرأة هذا الدور فلن تؤدى واجبها كزوجة أو أم فى بيتها، فإما أن تهمل المرأة بيتها من أجل القضاء، أو أن تهمل القاضية عملها من أجل بيتها، وبالتالى ستمثل حملاً زائداً فى العمل على زملائها الرجال، أو سيتم توظيفها فى المكاتب الفنية للمحاكم أو الوظائف ذات الطابع الإدارى فقط دون تحمُّل مسؤولية حقيقية، كل هذه الأسباب هى أسباب ذكورية بامتياز تتناقض مع مبدأ المواطنة المتساوية للنساء والرجال، الذى نص عليه الدستور، فعدد القاضيات المصريات 80 قاضية من إجمالى 12 ألف قاضٍ، ولا يعقل فى هذا العام الذى أطلق عليه عام المرأة أن تكون نسبة القاضيات فى مصر نصفاً فى المائة من إجمالى عدد القضاة، فيما تصل نسبتهن إلى 33% فى تونس و38% فى الجزائر.
عزة كامل
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً