حكم المحكمة الدستورية باحقية المعلمات باستحقاق بدل السكن كاملا:
بالجلسة المنعقدة علنا بتاريخ 27 من صفر 1437هـ الموافق 9 من ديسمبر 2015 برئاسة السيد المستشار/ يوسف جاسم المطاوعة رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد جاسم بن ناجي وخالد سالم علي وخالد أحمد الوقيان وابراهيم عبدالرحمن السيف، وحضور السيد/ علي حمد الهملان أمين سر الجلسة
صدر الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة في سجل المحكمة الدستورية برقم 2 لسنة 2015 «دستوري» بعد ان أحالت المحكمة الكلية القضية رقم 3504/2012 إداري/ 6 المرفوعة من:
هادير أحمد السعيد أبوقمر
ضد
1 ـ وكيل وزارة التربية بصفته.
2 ـ رئيس ديوان الخدمة المدنية بصفته.
3 ـ رئيس مجلس الخدمة المدنية بصفته.
4 ـ رئيس ديوان الموظفين بصفته.
الوقائع
حيث ان حاصل الوقائع ـ حسبما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق ـ ان المدعية (هادير أحمد السعيد أبوقمر) أقامت على المدعى عليهم الدعوى رقم 3504 لسنة 2012 إداري/ 6 بطلب الحكم ـ حسبما استقرت طلباتها الختامية فيها ـ الى ما يلي:
أصليا 1 ـ بأحقيتها في صرف بدل السكن المقرر لدرجة وظيفتها ومقدارها (125 د.ك) شهريا اعتبارا من تاريخ تعيينها في 23/8/2005 حتى تاريخ تقرير الزيادة المقررة بموجب قرار مجلس الخدمة المدنية المتخذ باجتماعه رقم (1/2011) في 27/3/2011 والمعمول به اعتبارا من 1/4/2011.
2 ـ بأحقية المدعية في صرف بدل السكن ومقداره (150د.ك) شهريا اعتبارا من 1/4/2011 وصرف الفروق المالية الناجمة عن ذلك، واحتياطيا: بجدية الدفع بعدم دستورية نص البند (ثانيا) من قرار مجلس الخدمة المدنية المتخذ باجتماعه رقم (1/2011) بتاريخ 27/3/2011 والصادر بشأنه كتاب رئيس ديوان الخدمة المدنية رقم (م.خ.م/166/19/2011) في 11/4/2011 وبوقف الدعوى الموضوعية، وإحالة الأمر الى المحكمة الدستورية للفصل فيه.
وبيانا لذلك قالت انها عينت لدى وزارة التربية بوظيفة (مدرسة تربية موسيقية) بموجب احكام العقد الثاني المؤرخ في 28/4/2005 بمكافأة شهرية شاملة بلغت في تاريخ إقامة دعواها مبلغ مقداره (498.714) وذلك بعد اضافة بدل السكن اليها بواقع (60 د.ك) شهريا اعتبارا من 1/4/2011 وانه لما كان القرار رقم 2 لسنة 1996 بشأن وظائف وبدلات ومكافآت أعضاء الهيئة التعليمية بوزارة التربية قد أوجب منح جميع أعضائها الحق في الحصول على سكن حكومي أو بدل سكن نقدي، وجاء النص على ذلك عاما مطلقا دون تفرقة بين الاناث والذكور من أعضاء الهيئة التعليمية، ولم يشترط لذلك الا ان يكون الممنوح له بدل السكن النقدي غير متمتع بالسكن الحكومي، وانه على الرغم من ان بدل المسكن المقرر لدرجتها الوظيفية وقت تعيينها قد بلغ (125 د.ك) الا انها قد حرمت من هذا البدل حتى صدر كتاب ديوان الخدمة المدنية الموجه الى وكيل وزارة التربية بتاريخ 11/4/2011 والذي أفاد بأن مجلس الخدمة المدنية في اجتماعه رقم (1/2011) بتاريخ 27/3/2011 قد وافق على زيادة بدل السكن المقرر لأعضاء الهيئة التعليمية غير الكويتيين من الذكور ليصبح بواقع (150 د.ك) شهريا وذلك لغير المتمتعين بسكن حكومي، ومنح أعضاء الهيئة التعليمية غير الكويتيين من الاناث بدل سكن بواقع (60 د.ك) شهريا وذلك لغير المتمتعات بسكن حكومي، ويشرط عدم تقاضي أزواجهن العاملين بالجهات الحكومية لبدل السكن، وقد صرف لها اعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار بدل سكن بواقع (60 د.ك) شهريا، على الرغم من ان احكام العقد وقرارات وتعاميم الخدمة المدنية لم تفرق بين الذكور والاناث بشأن بدل السكن النقدي، مما يعد ذلك اخلالا صريحا بالحقوق الدستورية وقواعد العدالة والمساواة، ومنطويا على تفرقة تحكمية منهي عنها، لذا فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 9/12/2014 قضت محكمة الموضوع ـ بعد ان قدرت جدية الدفع المبدى من المدعية بعدم الدستورية ـ بإحالة الدعوى الى المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية نص البند (ثانيا) من قرار مجلس الخدمة المدنية المتخذ باجتماعه رقم (1/2011) بتاريخ 27/3/2011 لمخالفة هذا النص للمواد 7 و8 و20 و22 و29 و30 و41 و72 من الدستور.
وقد ورد ملف الدعوى الى إدارة كتاب هذه المحكمة، حيث تم قيدها في سجلها برقم 2 لسنة 2015 «دستوري» وجرى اخطار ذوي الشأن بذلك، وأودعت المدعية مذكرة طلبت في ختامها الحكم بعدم دستورية النص المطعون فيه، كما أودعت إدارة الفتوى والتشريع مذكرة برأي الحكومة طلبت في ختامها الحكم أصليا: بعدم قبول الدعوى لالتقاط شرط الصفة للمدعية، واحتياطيا: برفض الدعوى موضوعا.
وقد نظرت هذه المحكمة الدعوى على الوجه المبين بمحاضر جلساتها، وقررت إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 4/11/2015 وفيها قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم (أمس).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة
لما كانت المدعية قد ضمنت طلباتها امام محكمة الموضوع الحكم بأحقيتها في صرف بدل السكن اعتبارا من 1/4/2011 بواقع (150 د.ك) شهريا وصرف الفروق المالية الناتجة عن ذلك، حيث دفعت بعدم دستورية قرار مجلس الخدمة المدنية الصادر بتاريخ 27/3/2011 والذي منح أعضاء الهيئة التعليمية غير الكويتيين من الاناث بدل سكن بواقع (60 د.ك) شهريا بالمغايرة لأقرانهم من الذكور الذين تم منحهم ذلك البدل بواقع (150 د.ك) شهريا، واذ ارتأت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، ولزوم الفصل في المسألة الدستورية للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة عليها، فقد أحالتها لهذه المحكمة للفصل فيها، وبالتالي فإن مصلحة المدعية في الدفع بعدم الدستورية «توصلا» الى تأكيد طلباتها في دعواها الموضوعية تكون متحققة، كما توفر لها «تبعا» الصفة في اختصام النص التشريعي المطعون فيه، دون ان ينال من ذلك انتهاء خدمتها لدى الجهة الإدارية بتاريخ 23/6/2013 اذ تظل طلباتها الموضوعية المتعلقة بما تستحقه من بدل سكن حتى تاريخ انتهاء خدمتها قائمة، الأمر الذي يغدو معه الدفع المبدى من إدارة الفتوى والتشريع بانتفاء صفة المدعية في إثارة الدفع بعدم الدستورية على غير أساس صحيح، ويكون حريا بالالتفات عنه.
وحيث ان اجراءات الاحالة الى هذه المحكمة قد استوفت أوضاعها المقررة قانونا.
وحيث انه من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ ان نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق النص الوارد بحكم الإحالة، وفي الحدود التي ارتأت فيها المحكمة المحيلة وجود شبهة بعدم دستوريته لمخالفته نصا في الدستور.
لما كان ذلك، وكان الواضح من حكم الإحالة ـ في الدعوى الماثلة ـ انه قد انصب على قيام شبهة بعدم دستورية ما نص عليه البند (ثانيا) من قرار مجلس الخدمة المدنية رقم (1) لسنة 2011 المتخذ في اجتماعه بتاريخ 27/3/2011 من انطوائه على تفرقة تحكمية بين الاناث وأقرانهم من الذكور في الميزة الوظيفية المقررة لهم بموجب البند (أولا) من ذلك القرار، وهو ما يخل بمبدأ المساواة الذي كفله الدستور، وبالتالي فإن نطاق الدعوى الدستورية يكون مقتصرا على ما وجه من عيب في هذا الصدد الى هذا البند، دون مجاوزة ذلك النطاق.
وحيث ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على ان الدستور الكويتي حرص على التأكيد على مبدأ المساواة حيث تناوله في عدد من نصوصه، فنص صراحة في المادة 29 منه على ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او الدين، وهو النص المتمم لما جاء بالمادة 7 من الدستور التي تنص على ان العدل والحرية والمساواة من دعامات المجتمع، وللمادة 8 التي تنص على ان تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الامن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين، ولما كان مبدأ المساواة لدى القانون – وفقا لما نصت عليه المادة 29 سالفة البيان – يعد ركيزة اساسية للحقوق والحريات جميعا، ودعامة من دعامات المجتمع، وميزانا للعدل والانصاف، وقيدا في ذات الوقت على المشرع لا يتعداه فيما يسنه من الاحكام، والمقصود بهذا المبدأ هو ألا يفرق القانون بين الناس فلا يحرم احدا شيئا من الحقوق، ولا يقيل احدا من الواجبات العامة، او يضعه في أي الامرين موضعا خاصا، او يمايز بينهما، بل يعتبر الجميع في ذلك بمنزلة سواء، لا تفرقة بينهم او تمييز، وغاية هذا المبدأ صون الحقوق والحريات في مواجهة كافة صور التمييز واشكاله التي تنال منها، سواء كان ذلك بإنكار اصل وجودها او بتعطيلها او الانتقاص من آثارها بما يحول دون ممارستها او مباشرتها او الانتفاع بها على قدم من المساواة بين اصحابها.
لما كان ذلك، وكان البين من قرار مجلس الخدمة المدنية الصادر في اجتماعه رقم (1/2011) بتاريخ 27/3/2011 بشأن رواتب المعلمين غير الكويتيين بوزارة التربية انه قد اقر قاعدة تنظيمية عامة يتم تطبيقها على الاناث مؤداها منحهن بدل سكن بواقع 60 دينارا شهريا لغير المتمتعات بسكن حكومي، وبشرط عدم تقاضي ازواجهن العاملين بالجهات الحكومية لبدل سكن، وذلك على الرغم من النص في البند (اولا) من ذات القرار على زيادة بدل السكن المقرر لاعضاء الهيئة التعليمية غير الكويتيين من الذكور لتصبح بواقع (150) دينارا شهريا وذلك لغير المتمتعين بسكن حكومي، ومن ثم فإنه يكون قد غاير في المعاملة بين الخاضعين لنظام قانوني واحد، وأخل بمبدأ التكافؤ في الحقوق بين اصحاب المراكز القانونية المتماثلة، وأقام بذلك تفرقة دون مقتض بين الاناث والذكور، تنطوي على تمييز تحكمي منهي عنه على اساس الجنس، مخالفا بذلك مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (29) من الدستور، الامر الذي يتعين معه القضاء بعدم دستورية ما تضمنه قرار مجلس الخدمة المدنية بهذا الشأن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
بعدم دستورية نص البند (ثانيا) من قرار مجلس الخدمة المدنية رقم 1 لسنة 2011 المتخذ في اجتماعه بتاريخ 27/3/2011 وذلك فيما تضمنه هذا النص من تحديد فئة بدل السكن للاناث بواقع 60 د.ك شهريا بالمغايرة للفئة المقررة للذكور الواردة بالبند (اولا) من ذلك القرار.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً