استعمال المحرر المزور في ضوء قرارات وأحكام محكمة النقض المصرية
الطعن 1949 لسنة 36 ق جلسة 9 / 1 / 1967 مكتب فني 18 ج 1 ق 9 ص 63 جلسة 9 من يناير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان, ومحمد محمد محفوظ, وحسين سامح, ومحمود عباس العمراوي.
—————
(9)
الطعن رقم 1949 لسنة 36 القضائية
(أ) تزوير. “تزوير المحررات الرسمية”.
لا يشترط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر. قد يكون عرفيا ثم ينقلب إلى محرر رسمي إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته. انسحاب رسميته على ما سبق من الإجراءات. مثال بالنسبة لصورة حكم مدني معلنة.
(ب) تزوير. إثبات. “إثبات بوجه عام”.
عدم رسم القانون الجنائي طريقا خاصا لإثبات التزوير.
(ج) تزوير. اشتراك.
الاشتراك في ارتكاب جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها اعتقادا سائغا.
(د و هـ) تزوير. “استعمال المحرر المزور”. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
(د) تحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور. غير لازم.
(هـ) إثبات وقوع التزوير من المتهم فاعلا أم شريكا. كفايته لإثبات توافر ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
(و) إجراءات المحاكمة. إثبات. “إثبات بوجه عام”. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
المحاكمة الجنائية. العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة, إلا إذا قيده القانون بذلك.
(ز) حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
النعي على الحكم عدم رده على دفاع لم يطرحه المتهم أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه. غير مقبول.
—————-
1 – من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر, فقد يكون عرفيا في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته, ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات, إذ العبرة بما يؤول إليه لا بما كان عليه. ولا محل بعد ذلك للتحدي بعدم صلاحية صورة الحكم المعلنة كأداة للتنفيذ لأن صفة المحرر من حيث رسميته أو عرفيته أمر يختلف عن صلاحيته واعتباره أداة تنفيذ جبري. ولما كانت علة استلزام إعلان السند التنفيذي للمحكوم عليه هى إحاطته علما به ليتسنى له من بعد مراقبة استيفائه شروط التنفيذ الجبري وما هو مطلوب منه حتى ينفسح له المجال لأدائه اختيارا فيتحاشى عنت التنفيذ الجبري أو يبادر بالاعتراض عليه بالوسائل التي شرعها القانون له, فإنه يلزم عن ذلك أن تكون الصورة المعلنة مطابقة لأصلها من بيانات أعدت لإثباتها وأي عبث متعمد فيها تتوافر به جريمة التزوير في المحرر الرسمي لما ينبني عليه من احتمال مبادرة المدين بوفاء ما لم يحكم عليه به بناء على هذا البيان المزور.
2 – لم يجعل القانون الجنائي لإثبات التزوير طريقا خاصا.
3 – من المقرر أن الاشتراك في ارتكاب جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه, ويكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
4 – الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت مدوناته تغني عن ذلك.
5 – إن إثبات وقوع التزوير من المتهم – فاعلا كان أو شريكا – يلزم عنه أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
6 – الأصل في المحاكمات الجنائية هى باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه, فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بدليل معين وهو يحكم بما اطمأن إليه من أي عنصر من عناصر الدعوى وظروفها المعروضة عليه.
7 – لا يقبل من المتهم النعي على الحكم عدم رده على دفاع لم يطرحه هو أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في الفترة من 2 يوليه سنة 1963 إلى 10 يوليه سنة 1963 بناحية قسم أول طنطا محافظة الغربية: (الأول) ارتكب تزويرا في محرر رسمي هو الصورة التنفيذية من الحكم في القضية رقم 1063 سنة 1962 مدني بندر طنطا والمعلنة إلى فايد خليل عبد المعطي وكان ذلك بزيادة كلمات بأن أضاف على غير الحقيقة إلى منطوق الحكم عبارة “ومع تسليمه المنقولات”. (الثاني) 1 – اشترك مع المتهم الأول بطريق الإتفاق والمساعدة في تزوير المحرر سالف الذكر بأن اتفق معه على تزويره وساعده بتقديم الصورة التنفيذية للحكم إليه وكلفه بنسخها مع إضافة عبارة (مع تسليمه المنقولات) إلى منطوق الحكم فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 – استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه إلى قلم محضري محكمة بندر طنطا لإعلانه مع علمه بتزويره. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 40/ 2 – 3 و41 و211 و212 و214 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 27 فبراير سنة 1966 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17و32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين, فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
)أولا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الأول عثمان أحمد هلال.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تزوير في محرر رسمي قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال كما أخل بحق الدفاع, ذلك بأنه اعتبر التزوير الحاصل في الصورة المعلنة من الحكم الصادر في الدعوى المدنية تزويرا في ورقة رسمية في حين أنها لا تعدو أن تكون ورقة عرفية إذ لا تتوافر فيها شروط الرسمية التي حددتها المادة 390 من القانون المدني, إذ يحررها أصحاب الشأن ولا تنقلب بتداخل المحضر بإعلانها إلى ورقة رسمية. يؤكد ذلك أن التنفيذ لا يجري بموجبها وإنما بالصورة التنفيذية من الحكم, وما عول عليه الحكم في إدانة الطاعن من أنه يعلم بالمنطوق الصحيح الذي تضمنته الصورة التنفيذية بوصفه كاتب المحامي الذي باشر الدعوى, هو مجرد افتراض واستنتاج لا تبني عليه الأحكام ينقضه أنه لم يقم بتحرير الصورة التنفيذية. وقد مضى على صدور الحكم المدني وتحرير صورته المعلنة أكثر من شهرين مما يقطع بعدم إلمامه بالمنطوق الحقيقي, كما أنه غير صحيح ما تضمنه الحكم المطعون فيه من أن التزوير في الصورة المعلنة كان تمهيدا للتنفيذ طبقا للمنطوق المزور لأن التنفيذ لا يكون إلا بموجب الصورة التنفيذية لا الصورة المعلنة طبقا لصريح المادتين 457, 458 من قانون المرافعات, هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على ما قرره المجني عليه في بلاغه وبتحقيقات النيابة والجلسة من أنه إثر إكتشافه التزوير في الصورة المعلنة إليه, طابقها على الأصل المودع بالملف بقلم المحضرين فوجدها مطابقة له, إلا أن موظفي المحكمة عمدوا إلى تمزيق هذا الأصل وحرروا آخر صحيحا بدلا منه درءا لمسئوليتهم, وعلى الرغم من جوهرية هذه الواقعة في نفي مسئولية الطاعن فإن المحكمة لم تعن بمناقشتها أو الرد عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: “إنه بتاريخ 11/ 5/ 1963 استصدر المتهم الثاني مصطفى حسن قاسم حكما من محكمة بندر طنطا الجزئية ضد أحمد إبراهيم المصري وفايز خليل عبد المعطي وقلم المحضرين في الدعوى رقم 1063 سنة 1962 قضى بأحقية المدعي “المتهم الثاني” للأشياء المحجوز عليها والموضحة بمحضر الحجز التحفظي المؤرخ 11/ 8/ 1962 وبصحيفة افتتاح الدعوى وإلغاء الحجز المتوقع عليها واعتباره كأن لم يكن وألزمت المدعي عليه الأول المصروفات ومبلغ مائة قرش مقابل أتعاب المحاماة, وتمهيدا لتنفيذ هذا الحكم حصل المتهم الثاني من قلم الكتاب على صورة تنفيذية منه في 2/ 7/ 1963 وسولت له نفسه أن يصور الحكم بأنه تضمن على خلاف الحقيقة أمرا بتسليم المنقولات المحكوم بأحقيته بها فعهد تنفيذا لهذا الغرض بتلك الصورة إلى المتهم الأول عثمان أحمد هلال واتفق معه على تحرير صورتين مطابقتين لها ويضيف فيهما على منطوق الحكم عبارة “مع تسليم المنقولات” حتى إذا ما أعلنت صورة الحكم المزورة إلى كل من المحكوم عليهما كانت شاهدة كذبا على صدور الحكم متضمنا ذلك الإلزام بالتسليم فقام المتهم الأول بإحداث تلك الإضافة بناء على ما كان قد اتفق عليه مع المتهم الثاني, وما أن تم التزوير على هذا النحو قدم المتهم الثاني هاتين الصورتين إلى قلم المحضرين لإعلانهما إلى المحكوم عليهما… المحضر حسن سمير إسماعيل بإعلان فايد خليل عبد المعطي بإحدى الصورتين المزورتين في يوم 10/ 7/ 1963 بمحل إقامته بدائرة قسم أول طنطا ففطن المعلن إليه المذكور إلى هذا التزوير فبادر إلى الإبلاغ بالحادث وتولت النيابة التحقيق وفيه اعترف المتهم الأول بإحداث هذا التزوير بتحريره عبارة “مع تسليم المنقولات” مضافة إلى منطوق الحكم في صورته المعلنة”. وأورد الحكم المطعون فيه على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من شهادة فايد خليل عبد المعطي وإقرار الطاعنين وما ثبت من الاطلاع على الصورة التنفيذية للحكم ومقارنتها بالصورة المعلنة إلى شاهد الإثبات. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره المدافع عن الطاعن بشأن حقيقة المحرر موضوع التزوير وخلص إلى أنه ما دام الثابت أن الطاعن عند تحريره الصورة المعلنة من واقع الصورة التنفيذية للحكم الصادر في الدعوى المدنية قد أضاف متعمدا في الأولى إلى منطوق الحكم عبارة “مع تسليم المنقولات” وهى عبارة لم تصدر أصلا عن قاضي الدعوى ولم تتضمنها الصورة التنفيذية الأصلية. ثم قام قلم المحضرين بإعلان هذه الصورة المزورة إلى المحكوم عليه فعلا, واعتبر الحكم أن التزوير الحاصل في هذه الصورة تزويرا في ورقة رسمية, فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا, ذلك أنه من المقرر أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا في محرر رسمي – أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومي من أول الأمر, فقد يكون عرفيا في أول الأمر ثم ينقلب إلى محرر رسمي بعد ذلك إذا ما تداخل فيه موظف عمومي في حدود وظيفته, ففي هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا في محرر رسمي بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ما سبق من الإجراءات, إذ العبرة بما يؤول إليه المحرر لا بما كان عليه. ولا محل بعد ذلك للتحدي بعدم صلاحية الصورة المعلنة كأداة للتنفيذ إذ هو قول – في صورة الدعوى – غير ذي موضوع لأن صفة المحرر من حيث رسميته أو عرفيته أمر يختلف عن صلاحيته واعتباره أداة تنفيذ جبري. ولما كانت علة استلزام إعلان السند التنفيذي للمحكوم عليه هى إحاطته علما بما ليتسنى له من بعد مراقبة استيفائه شروط التنفيذ الجبري وما هو مطلوب منه حتى ينفسح له المجال لأدائه اختيارا – فيتحاشى عنت التنفيذ الجبري أو يبادر بالاعتراض عليه بالوسائل التي شرعها القانون له, فإنه يلزم عن ذلك أن تكون الصورة المعلنة مطابقة لأصلها من بيانات أعدت لإثباتها, وأي عبث متعمد فيها تتوافر به جريمة التزوير في المحرر الرسمي لما ينبني عليه من احتمال مبادرة المدين بوفاء ما لم يحكم عليه به بناء على هذا البيان المزور. لما كان ذلك, وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت بأدلة سائغة في العقل والمنطق ارتكاب الطاعن للتزوير وأورد على ذلك أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وأعرض عن دفاع الطاعن بأنه حرر ما أملاه عليه المتهم الثاني عن غير علم منه بحقيقة منطوق الحكم ودلل على فساد ذلك الزعم. وإذا ما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هي بإقناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه أو بقرينة خاصة فيما عدا الأحوال التي قيده فيها القانون بدليل معين وهو يحكم بما أطمأن إليه من أي عنصر من عناصر الدعوى وظروفها المعروضة عليه، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات التزوير طريقا خاصا، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى وعناصرها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئا أمام محكمة الموضوع بشأن ما قرره المجني عليه من تمزيق صورة تنفيذية كانت مودعة الملف وأخذ منها الصورة المعلنة المزورة، أو يبين للمحكمة وجه إفادته من هذه الواقعة على فرض صحتها، فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن ذلك لما هو مقرر من أنه لا يقبل من المتهم النعي على الحكم عدم رده على الدفاع لم يطرحه هو أمام محكمة الموضوع أو يتمسك لديها بضرورة تحقيقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون هذا الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
(ثانيا) عن تقرير الأسباب المقدم من الطاعن الثاني مصطفى حسن قاسم.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد انطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يبين عناصر هذا الاشتراك أو يورد الأدلة الإيجابية اليقينية عليه وما استند إليه من أن الطاعن هو صاحب المصلحة في إحداث التزوير حتى يتمكن من استلام المنقولات وافتراض علمه بالمنطوق الصحيح للحكم المدني الصادر لصالحه هو استدلال غير سائغ لأن التنفيذ لم يتم بالصورة المعلنة المزورة وإنما بالصورة التنفيذية الصحيحة وهذه قد سلمها للمتهم الأول لتحرير الصورة – التي يجري تسليمها للمدعي عليه – منها وقد أعادهما إليه دون أن يدري هو شيئا من أمر التزوير الحاصل بتلك الصورة المعلنة فضلا عن أنها لا تعدو أن تكون ورقة عرفية لفقدانها الشروط اللازم توافرها في المحررات الرسمية كما عرفتها المادة 390 من القانون المدني كما أن الحكم المطعون فيه لم يدلل على علمه بالتزوير.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى على النحو السالف، أورد على ثبوتها في حق الطاعن الثاني أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستظهرا عناصر اشتراكه في التزوير وارتكابه تهمة استعمال المحرر المزور مع علمه بتزويره وذلك بقوله ” إن اشتراك المتهم الثاني مع المتهم الأول في إحداث التزوير ثابت في حقه مما ثبت من أن صورة الحكم التنفيذية جاءت خالية من العبارة المضافة إلى الصورة المعلنة وهو صاحب المصلحة الأصلية في إحداث هذا التزوير إذ بمقتضاه يتمكن من استلام المنقولات، ومما قاله المتهم الأول من أن المتهم الثاني هو الذي سلمه صورة الحكم التنفيذية الأمر الذي لم يجحده المتهم الثاني. ولا جدال في أن هذا المتهم الأخير يعلم بالمنطوق الصحيح للحكم وبأنه لم يتضمن أمرا بالتسليم كما أنه لا مراء بعد هذا في علمه لما في ورقة الإعلان من تزوير لمعرفته اليقينية بما حكم به. وحيث أن المتهم الثاني قد اعترف في التحقيق بأنه هو الذي قدم ورقتي إعلان الحكم مع صورته التنفيذية إلى قلم المحضرين لإعلانهما إلى المحكوم عليهما وقد تم إعلان المحكوم عليه فايد خليل عبد المعطي بإحداها بما فيها من تزوير، ومن ثم فإن تهمة استعمال المحرر المزور ثابتة في حق المتهم الثاني وعلمه بالتزوير قائم طبقا لما سبق بيانه “. وما أورده الحكم من ذلك سائغ وكاف في التدليل على قيام الاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير، إذ من المقرر أن الاشتراك في ارتكاب هذه الجرائم يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ويكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
ولما كان الأصل أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن ركن العلم في جريمة استعمال المحرر المزور ما دامت مدوناته تغني عن ذلك، وكان إثبات التزوير من الطاعن – فاعلا كان أو شريكا – يلزم عنه أن يتوفر في حقه ركن العلم بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. ولما كان باقي ما ينعاه مردودا بما سبق بيانه في معرض الرد على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
اعادة نشر بواسطة محاماة نت .
اترك تعليقاً